تقترب المفاوضات حول إخلاء الأحياء المحاصرة في مدينة حمص في وسط سوريا من مقاتلي المعارضة من "اتفاق نهائي"، في وقت تستمر وتيرة أعمال العنف التصعيدية في مناطق عدة في البلاد. وقال محافظ حمص طلال البرازي لوكالة فرانس برس السبت في اتصال هاتفي إن "البحث مستمر في استكمال بنود الاتفاق الذي يضمن بالنتيجة استلام المدينة خالية من السلاح والمسلحين، ونحن قريبون من الحل والتوصل إلى اتفاق نهائي كون الأمور قطعت شوطا طويلا".
ووصف المحافظ المفاوضات التي تجري بين ممثلين عن السلطات السورية ووجهاء من أحياء حمص بأنها "تتسم بالجدية".
وأشار إلى أن "وقف إطلاق النار الذي بدأ تطبيقه الجمعة الساعة 12 ظهرًا (9,00 ت غ) ما يزال ساريا"، معربا عن أمله "بأن يصمد حتى يتم الاتفاق نهائي".. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون أكدوا الجمعة بدء العمل بوقف للنار تمهيدا لخروج مقاتلي المعارضة من الأحياء المحاصرة من القوات النظامية منذ حوالى عامين. وقال أحد المفاوضين عن المعارضة المسلحة أبو الحارث لوكالة فرانس برس عبر الإنترنت إن "المفاوضات دخلت مرحلة جديدة معني بها لواء التوحيد، إذ يتم التفاوض معه من أجل الإفراج عن ضباط إيرانيين يحتجزهم في حلب" مقابل السماح "بخروج المقاتلين من حمص سالمين مع ضمانات."
ولواء التوحيد هو تشكيل عسكري كبير يشكل جزءا من الجبهة الإسلامية التي تضم تشكيلات عدة وتعتبر حاليا ابرز جهة عسكرية مقاتلة في المعارضة. وأتاح اتفاق أشرفت عليه الأممالمتحدة فى مطلع العام الجاري، إجلاء نحو 1400 مدني من هذه الأحياء. وخرجت في الأسابيع الماضية أعداد إضافية, وبحسب ناشطين، ما يزال حوالى 1500 شخص في احياء حمص القديمة، بينهم 1200 مقاتل و بينما يقطن عشرات الآلاف حي الوعر معظمهم من النازحين من احياء حمص الأخرى المدمرة بسبب اعمال العنف. وفي المقابل، قدر البرازي عدد "المسلحين" في حمص القديمة وحي الوعر بنحو 2800، مشيرا إلى أن بعضهم "سيغادر إلى الريف ومنهم من يرغب بالبقاء بعد تسوية وضعه في المدينة". وقتل ثلاثة أشخاص وجرح ثلاثة آخرون في دمشق اليوم السبت إثر سقوط قذيفة هاون على حافلة في حي يقع في جنوب شرق دمشق، حسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مصدر في وزارة الداخلية. ودارت السبت معارك عنيفة في المليحة حيث افاد المرصد عن تقدم لقوات النظام مدعومة من حزب الله اللبناني. وذكر مصدر أمني رسمي سوري من جهته لوكالة فرانس برس أن العمليات مستمرة منذ أسبوع في بلدة المليحة وأن "الجيش يحقق تقدماً ملحوظاً في بعض الأحياء". وتدور اشتباكات عنيفة في شمال البلاد "بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومسلحين من جنسيات عربية ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة ومقاتلي جبهة النصرة (تنظيم القاعدة) وجيش المهاجرين والأنصار الذي يضم مقاتلين غالبيتهم من جنسيات عربية وأجنبية وكتائب أخرى" من جهة أخرى، بحسب المرصد، في محيط مبنى المخابرات الجوية ومنطقة الزهراء في غرب مدينة حلب. وتتزامن مع اشتباكات تصاعدت منذ يومين الى شرق المدينة في محيط سجن حلب المركزي المحاصر من مقاتلي المعارضة منذ اشهر طويلة. وتحاول قوات النظام فك الطوق عن السجن. وقال المصدر الرسمي ان الجيش "سيتمكن من الانتهاء خلال وقت قريب من عملياته" في المنطقة، مشيرا الى انه حقق "تقدما ونجاحات خلال الايام الماضية خصوصا على الطريق الواصل بين حلب والمطار الذي تم تامينه شكل كامل". واشار المرصد الى وقوع خسائر بشرية في صفوف الطرفين. كما تحدث عن قصف جوي بالبراميل المتفجرة على حي الصالحين في شرق حلب تسبب بمقتل ستة اشخاص بينهم ثلاثة اطفال على الاقل، مقابل قذائف تساقطت في احياء محسوبة على النظام في حلب وطال بعضها جامعة حلب واوقع ثمانية قتلى بحسب المرصد، و12 قتيلا بحسب الاعلام الرسمي السوري الذي اشار الى اصابة مشفى ايضا، والى وقوع 22 جريحا من طلاب الجامعة. ومع استمرار العمليات العسكرية على وتيرتها التصعيدية، تستمر معاناة ملايين السكان في مناطق مختلفة بسبب نقص المواد الغذائية والادوية وحاجات اخرى اساسية، الامر الذي دفع مسؤولة العمليات الانسانية في الاممالمتحدة فاليري اموس اخيرا الى المطالبة بتحرك دولي للسماح بدخول المساعدات، مشيرة الى ان القرار الصادر قبل شهرين عن مجلس الامن في هذا الاطار "لا يعمل". وانتقدت صحيفة سورية اليوم السبت بشدة فاليري اموس، واتهمتها "بالنفاق"، معتبرة انها باتت "عبئا ثقيلا" على المنظمة الدولية و"تسيء إلى مصداقيتها."