تلقى الوسيط الدولي في مفاوضات جنيف 2 اليوم الخميس وعودا اميركية وروسية بالمساعدة على اخراج المحادثات بين وفدي النظام والمعارضة السوريين من الطريق المسدود، بعد انقضاء اربعة ايام من الجولة الثانية من التفاوض من دون اي احراز اي تقدم. على الارض، تستمر العمليات العسكرية على وتيرتها التصعيدية، وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان الغارات التي تنفذها قوات النظام بالبراميل المتفجرة على مدينة حلب في شمال سوريا، اوقعت اكثر من اربعمئة قتيل منذ بداية الشهر الحالي. وفيما تستأنف عمليات ادخال المساعدات واجلاء المدنيين من الاخياء المحاصرة في حمص غدا الجمعة، عبر ناشطون ودول غربية عن قلق شديد ازاء توقيف السلطات السورية الرجال الخارجين من المدينة. في جنيف، التقى الابراهيمي بعد الظهر على مدى ساعتين مساعدة وزير الخارجية الاميركي ويندي شيرمان ونائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف. وقال "قدمت لهما تقريرا مفصلا حول المباحثات التي اجريناها وما زلنا نجريها مع الطرفين السوريين، (...) وجددا تأكيد دعمهما ووعدا بالمساعدة هنا وفي عاصمتيهما على حلحلة العقد، لاننا حتى الآن لم نحقق تقدما كبيرا". وقال مسؤول اميركي في جنيف للصحافيين طالبا عدم ذكر اسمه ان الاجتماع الثلاثي بحث "في السبل الفضلى لتحريك مسار جنيف-2 قدما. هذا مسار صعب جدا". واشار الى ان "العمل الدبلوماسي الشاق مستمر، والولايات المتحدة ستستمر في دعم هذا العمل للمضي قدما". وتحدث الابراهيمي بدوره عن صعوبة التوصل الى قاسم مشترك بين طرفين يخوضان حربا مدمرة اوقعت في حوالى ثلاث سنوات اكثر من 136 الف قتيل ودمرت البنى التحتية والبلاد وهجرت الملايين. وقال "الفشل يحدق دائما في وجوهنا... في ما خص الاممالمتحدة، لن نترك حجرا واحدا من دون تحريكه اذا كان ثمة امكانية للتقدم. وفي حال عدم وجود هذه الامكانية، سنقول ذلك". ولم يحدد المبعوث المشترك للامم المتحدة وجامعة الدول العربية ما اذا كانت اي جلسات تفاوض مشتركة او منفصلة ستعقد الجمعة، وهو اليوم الذي من المقرر ان تختتم فيه الجولة الثانية من المفاوضات. واجتمعت شيرمان بعد اللقاء الثلاثي مع وفد المعارضة. وكان غاتيلوف التقى امس وزير الخارجية السوري وليد المعلم. ويكمن الخلاف الاساسي القائم منذ بداية الجولة الاولى في كانون الثاني/يناير حول اولويات البحث. ففي حين تطالب المعارضة بالتركيز على مسالة هيئة الحكم الانتقالي التي تكون لها الصلاحيات التنفيذية الكاملة وتعمل على قيادة البلاد نحو الاستقرار والديموقراطية، يتمسك النظام بان المطلوب اولا التوصل الى توافق على "مكافحة الارهاب" الذي يتهم به مجموعات المعارضة المسلحة، مؤكدا ان الحوار حول مستقبل سوريا يكون على الارض السورية وان مصير الرئيس يقرره الشعب السوري من خلال صناديق الاقتراع. ورأى كبير المفاوضين في الوفد المعارض هادي البحرة في حديث مع فرانس برس انه في حال تبين "ان المؤتمر لا يؤدي الى حلول ايجابية او الى توجه ايجابي، فهنا تقع المسؤولية على الوسيط الدولي السيد الاخضر الابراهيمي لارسال تقريره الدولي الى مجلس الامن والراعيين الاساسيين (واشنطن وموسكو) موضحا فيه اسباب عدم التوصل الى بداية تفاوضية ناجحة". وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد لوكالة فرانس برس ردا على سؤال عن احتمال قيام الروس بضغط على الوفد الحكومي خلال المفاوضات، ان "الاصدقاء الروس يعرفون جيدا اننا نمارس كل المرونة وكل الفهم والالتزام بوثيقة جنيف (...). نعتقد ان كل الضغط يجب ان يكون على الطرف الآخر الذي لم يعترف بوجود ارهاب في سوريا والذي يصر دائما على مناقشة بند واحد". ميدانيا، افاد المرصد السوري لحقوق الانسان مساء اليوم عن مقتل 421 شخصا بينهم 109 دون سن الثامنة عشرة و52 امرأة جراء القصف بالبراميل المتفجرة التي ألقتها الطائرات المروحية على أحياء مدينة حلب خلال اثني عشر يوما. وقال ان بين القتلى 34 مقاتلا معارضا. وجدد المرصد مطالبة المجتمع الدولي "بالتحرك العاجل لوقف هذه الحملة الهمجية"، مستنكرا "اصرار هذا المجتمع على التعامي والصمت عن هذه الجرائم التي ترتكب في حق أبناء الشعب السوري". وطالب "المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي والجهات الدولية والقانونية المختصة بالعمل على إحالة ملف مجازر البراميل المتفجرة الملقاة على مدينة حلب" الى المحاكم الدولية، "من أجل محاكمة العميد سهيل الحسن قائد الحملة ومنفذي أوامره". على صعيد آخر، عبرت باريس وواشنطن ولندن عن قلقها على مصير الرجال الذين خرجوا من الاحياء المحاصرة في حمص في اطار عملية الاجلاء المستمرة منذ السابع من شباط/فبراير. واعلن محافظ حمص طلال البرازي انه "تم توقيف 390 رجلا من الذين خرجوا (...) لاستجوابهم". وافاد وكالة فرانس برس بعد ظهر الخميس انه تم الافراج عن سبعين منهم بعد "تسوية اوضاعهم"، ما يرفع عدد المفرج عنهم الاجمالي من الرجال الى 181، على حد قوله. الا ان المرصد اكد بعد الظهر الافراج عن 111 فقط، بينما يقول ناشطون في حمص ان عدد المفرج عنهم اقل من ذلك بكثير. وقال ناشط يقدم نفسه باسم يزن لفرانس برس عبر سكايب "تم تجميع الخارجين من الذكور الذين تتراوح اعمارهم بين 15 و55 عاما في مدرسة الاندلس (في حي الدبلان في حمص)، وتم التحقيق معهم خلال اربعة ايام، ولم يتم حتى الساعة الافراج عنهم، باستثناء حالات قليلة، ليصل العدد الكلي للمحتجزين مع نهاية اليوم السادس من الهدنة الى 500 محتجز". واضاف "هناك تخوف من اعتقالهم جميعا مع مغادرة بعثة الاممالمتحدة مدينة حمص". واعلن البرازي الخميس انه تم تمديد الهدنة في حمص حتى مساء السبت، على ان يستانف ادخال المساعدات الغذائية واجلاء المدنيين الجمعة. وخرج حتى الآن اكثر من 1400 شخص من الاحياء المحاصرة منذ حزيران/يونيو 2012، من اصل حوالى ثلاثة الاف. واعلنت الاممالمتحدة والهلال الاحمر انه تم ادخال خمسمئة حصة غذائية الى الاحياء المحاصرة وحوالى 6000 كيلوغرام من الطحين. ويتم ذلك في اطار اتفاق تم بين السلطات السورية ومقاتلي المعارضة باشراف الاممالمتحدة.