«اقتناص الفرص في الأزمات»، هكذا تكون استراتيجية الأجانب مع كل أزمة سياسية تمر بها البلاد.. التجارب السابقة تشير الي أن القرار الاستثماري للمستثمرين الأجانب يتم اتخاذه بعقلانية وبصورة رشيدة لتكون محصلة هذا القرار أرباحا ومكاسب مستقبلية قصيرة وطويلة المدي. جلسة الأربعاء الماضي التي تزامنت مع فض اعتصامي رابعة والنهضة شهدت التعاملات عملية بيع هستيرية من المصريين دون مبرر لذلك، في الوقت الذي اتجه المستثمرون الأجانب الي الشراء المكثف من منطلق اقتناص الفرص لتحقيق الأرباح عند استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية في السوق المحلي. الأجانب وجدوا فرصة للدخول الي شراء الأسهم بعد وصولها الي أسعار متدنية، خاصة أن الأسهم فقدت نسبة كبيرة من قيمتها، والمراقب لحركة التعاملات يتبين أن إجمالي مشتريات الأجانب وصل الي نحو 60 مليون جنيه في الجلسة. التجارب السابقة تؤكد أن وقت الأزمات يصنع الأجانب ثرواتهم بالبورصة المصرية ويرجع ذلك بحسب تحليل وائل أمين، خبير أسواق المال الي أن المستثمر الأجنبي يحتفظ بسيولة بمحفظته قد تتراوح ما بين 20 و30٪ من إجمالي محفظة الأسهم ويكون ذلك بصورة دائمة ونسب هذه السيولة تتيح له فرصة اقتناص الفرص وقت الأزمات، وهبوط أسعهار الأسهم. وهذه الاستراتيجية تكون علي عكس وضع الأغلبية من المستثمرين المصريين الذين تكون أرصدة حساباتهم في معظم الأحيان مدينة بنسب تتراوح ما بين 40 و50٪ من إجمالي المحفظة طبقا لقول أمين. رغم تحذيرات المستثمرين المصريين من تداعيات هذه السياسة المتبعة في «الكريديت»، فإن الأفراد يصرون علي هذه السياسة التي تكون بدافع الطمع وتحقيق الأرباح السريعة وبذلك تحدث الأزمة لأنه في حالة هبوط الأسعار تطلب الشركات من العملاء غلق تلك المراكز المدنية وتسويتها، فيضطر المستثمر الي أن يقوم بالبيع في السوق أثناء هبوطه، وبالتالي فهو يبيع ويحقق خسارة ويشتري منه في تلك اللحظة بطبيعة الحال المستثمر الأجنبي الذي يحتفظ بسيولة دائما. هناك سياسة أخري ينتهجها الكثير من المتعاملين المصريين كما يقول «أمين» تتمثل في بيع أسهم قد حقق بها مكسبا يقوم بإجراء عملية شراء بعد دقائق لأسهم شركة أخري ويكون ذلك بدعوي أن تلك الشركة لم تشهد ارتفاعا بنفس الصعود الذي حققته شركات أخري وهي سياسة خاطئة ورغم فشلها فإنهم يكررونها لأن السوق قد يرتفع بمجموعة من الأسهم وبنسب كبيرة ولكن عندما يأخذ السوق مساره في الهبوط، فإن الغالبية الكبري من الأسهم تأخذ نفس المسار وتهبط. إذن علي المستثمرين المصريين الاحتفاظ بجزء من السيولة بمحافظهم الاستثمارية حفاظا علي أموالهم من التآكل وتوجيهها الي الاستثمار وقت انهيار الأسهم نتيجة تراجع الأسعار. «البورصة مرآة الاقتصاد ومؤشراتها انعكاس لحال الأوضاع السياسية في الدول»، هكذا قال عمرو صابر محلل أسواق المال إذ إن التجارب السابقة تشير الي أنه حال الأزمات يتخذ المستثمرون الأفراد اتجاهات بيعية وتخارجا من السوق رغم الخسائر التي قد يتعرضون لها وكشفت ثورة 25 يناير عن ذلك. وتابع: إن العشوائية في التعامل هي السمة السائدة لدي المستثمرين المصريين عكس عمليات الشراء المكثف للأجانب التي تقوم علي الأطر والأساليب العلمية في المتاجرة واستخدام التحليل المالي والفني في تحديد قراراته دون التأثر الكبير بالحالة السياسية. إذن علي البورصة توعية المستثمرين علي حد تعبير «صابر»، وإعداد تقارير دورية عن قيم الأسهم وإحجام التداول وفئات المستثمرين والعمل علي تنشيط دور الجمعيات العاملة في سوق المال لتزيد من توعية المستثمرين حتي يتم اتخاذ القرارات الاستثمارية بناء علي العلم لا المضاربة وذلك للمحافظة علي الاقتصاد المصري وقيم الأسهم. لم يستوعب الأفراد المصريون دروس التجارب الماضية بحسب تحليل صلاح حيدر خبير أسواق المال في أوقات الأزمات، ويضطرون الي البيع العشوائي، رغم أنه بمجرد استقرار الأوضاع تتحول الخسائر الي مكاسب، ووقتها يبكي المستثمرون علي اللبن المسكوب، كما أن المستثمرين الأجانب قاموا خلال كل الأزمات بعملية شراء ساهمت في تعزيز مكاسبهم خاصة بعد استقرار الأوضاع. وبمتابعة الأحداث التي شهدتها البلاد خلال فض اعتصامات متظاهري النهضة ورابعة العدوية وفقا لحيدر فإن الأجانب اتجهوا الي اقتناص الفرص والشراء المكثف لتحقيق المكاسب علي المديين المتوسط والطويل وعلي المستثمرين الأفراد استيعاب أن الاقتصاد اعتاد مثل هذه الصدمات. الدكتور محمد عمران، رئيس البورصة طالب مرارا وتكرارا المستثمرين بالعقلانية في اتخاذ القرار الاستثماري والاحتفاظ بالأسهم تفاديا للخسائر فهل يستجيب المستثمرون لنصائح «عمران» أنهم يواصلون البيع العشوائي في مقابل قيام المستثمرين الأجانب باقتناص الفرص لتحقيق المكاسب المستقبلية، هذا ما تحدده الجلسات القادمة في البورصة.