فى خطابه الأخير، الذى أقل ما يوصف به كما قلت بالأمس أنه خطاب «الغبراء»، فقد محمد مرسى ما كان قد تبقى من شرعية دستورية، وأعتقد أن هذا الخطاب هو النهاية الحقيقية للرئيس، فلا توجد مؤسسة وطنية إلا ونالها القسط الوافر من الاتهامات، التى تضعه تحت طائلة القانون.. والأمر لم يعد إسقاط «مرسى» أو رحيله، فهذا مسألة انتهت، لكن ما يجب فعله الآن هو محاكمته بتهمة التطاول وإحداث الفتنة والوقيعة داخل هذه المؤسسات.. الرئيس مُصِر على أن يعتبر الشعب المصرى «نعاجاً» يجب أن تُساق، وعليهم السمع والطاعة أسوة بما هو متبع فى جماعته التى ينتمى إليها. مسألة رحيل «مرسى» باتت قضية مفروغاً منها، لكن الأهم الآن هو تقديمه إلى العدالة بعد كيل الاتهامات التى رمى بها جميع مؤسسات الدولة والأشخاص من كافة الانتماءات السياسية والفكرية، والمؤسسات الوطنية ما بين رجال إعلام وقضاة وسياسيين ورجال أعمال، فالخطاب لم يكن سوى كلام سياسى غير مسئول، إنه صحيفة اتهامات تحتاج إلى الوقوع تحت طائلة القانون.. لا يليق أبداً من رئيس مصر أن ينزل بحديثه إلى هذا المستوى المتدنى من الرأى، ويتحدث بطريقة عشوائية، لم يسبق فى تاريخ البلاد ولا أى بلد آخر أن كان حديث الرئيس بهذه الشاكلة الشاذة والغريبة.. أما فى مسألة المؤسسة العسكرية وجهاز الشرطة، فراح الرئيس يردد أنه رئيس الجمهورية وأنه الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وأنه رئيس الجهاز الأعلى للشرطة، الرئيس لا يصدق أنه يحكم مصر، فراح يكرر منصبه ليذكر المصريين بأنه فوق الجميع، وسط تصفيق حاد وبله من أهله وعشيرته، من الآخر الرئيس لا يشعر باطمئنان على موقعه، ويدرك تماماً أنه مغادر الحكم ولاشك فى ذلك، فراح يخرج ما فى جعبته من رسائل تهديد ووعيد بزعم أنه رئيس شرعى جاء بالصندوق.. ألا يعرف أن الذين جاءوا به هم الذين يعزلونه الآن. هل من المنطق والعقل أن يرجع الرئيس أزمة البنزين والطوابير الطويلة على المحطات لأشخاص يملأون جراكن وخلافه؟!!.. هل يتصور أن يتصرف الرئيس فى خطابه إلى هذا الحد الغريب.. أم أن الطغاة المستبدين لا يرون إلا أنفسهم فقط.. ثم أن عملية حشد الرئيس أهله وعشيرته للتظاهر فى ميدان رابعة العدوية، للرد على حركة تمرد الشارع المصرى، إنما هى سقطة تضاف إلى سقطاته التى لا تعد ولا تحصى.. فمن غير المقبول أو الجائز أن يتسبب رئيس قادم بعد الثورة فى تقسيم المجتمع بهذا الشكل وتلك الكيفية.. إنه يقوم الآن بتنفيذ المخطط الشيطانى الأمريكى الصهيونى الداعى إلى تفتيت وحدة المصريين.. مصر هى الدولة العربية الواحدة التى لا طبيعة خاصة لم تكن فى يوم من الأيام تعرف الطائفية ولا المذهبية، ولكن يبدو أن حكم الإخوان جاء على حساب الوطن لإرضاء المخطط الأمريكى الذى يستهدف تحويل مصر إلى عراق آخر أو سوريا. ولا أعتقد أبداً مهما قال الرئيس ومهما خطب فى الجماهير بخطابات لا تسمن ولا تغنى من جوع، أن ينصاع المصريون لأفكاره وتصرفاته التى تصيب الوطن بالأذى والعباد بالمصائب.. فالمصريون ليسوا عراقيين ولا سوريين، وهم يدركون تماماً مدى الخطر القادم الذى يحيق بالعباد والبلاد.. ولن يفلح «مرسى» مهما فعل فى أن ينجح فى تنفيذ المخططات الأمريكية الصهيونية.. وغداً سيفرح المصريون بانقشاع حكم الإخوان وعودتهم مرة أخرى من الجحور القادمين منها.