خطاب الرئيس محمد مرسى أقل ما يوصف بأنه خطاب «الغبراء»، فبعد الإطالة غير الطبيعية، وبعد الأخطاء اللغوية الكثيرة وبعد المهاترات الكثيرة التى صدع رؤوسنا بها، لم يأت بجديد سوى توجيه كيل من الاتهامات لكافة مؤسسات الدولة، لم يترك الرئيس مؤسسة دون أن ينالها بوابل من الاتهامات، لم يسلم من الخطاب سوى المؤسسة العسكرية والجهاز الشرطى، ولكن الرئيس وجه إليهما رسالة شديدة اللهجة بأنه القائد الأعلى للقوات المسلحة والقائد الأعلى للشرطة. لقد وجه الرئيس تحذيراً شديداً للمؤسستين ظناً منه أنهما ستنصاعان لرغباته وأفكاره أو أنهما ستقبلان بهذا الوضع المرير الذى فاق كل الحدود والتصورات. ما فعله الرئيس طوال ثلاث ساعات إلا ثلثاً، يعد بحق استهزاء وسخرية من الشعب المصرى، حتى عندما تحدث عن أزمة البنزين، لم يأت بحل وإنما أرجع الأزمة إلى النظام السابق، فى حين أن البلاد لم تشهد أزمة بهذا الشكل طوال الحكم البائد. خطاب «مرسى» هو مزيد من سياسة الفشل الذريع التى تدار بها الدولة، ودائماً سياسة الفاشلين تلقى بالمسئولية على آخرين. فالرئيس اتهم بعض الأحزاب والقوى السياسية بالتآمر على الثورة ورفض التعاون مع الحكومة.. وزعم الرئيس أن يده ممدودة للمعارضة وأنها تفرض شروطاً مسبقة على التعاون مع حكومة الإخوان، فى حين أن «الجماعة» ومندوبها فى القصر الجمهورى هم الذين لا يعرفون سوى سياسة فرض الواقع ويصرون على سياسة الإقصاء والاستئثار.. خطاب الرئيس سخر فيه من المؤسسة القضائية وقال اتهامات خطيرة ضد القضاة، واتهم بعضهم بالتزوير وحدد اسماً محدداً واصفاً إياه بالمزور، وهنا ارتكب جريمة سب وقذف فى حق المؤسسة القضائية ثم إنه سخر من أحكام القضاء الصادرة ببراءة بعض رموز النظام السابق، وكأن الرئيس يطالب رجال القضاء بالعمل على مزاجه الشخصى، ضارباً بالقانون عرض الحائط.. فهل هذا يليق برئيس يحكم أكبر دولة فى المنطقة.. هل يستحق أن يكون رئيساً للمصريين من يكيل إليهم الاتهامات ويسخر من مؤسسات الدولة.. والذى فعله «مرسى» هو دعوة صريحة لهدم مؤسسات الدولة، لفشله الذريع فى سياسة الأخونة. خطاب «مرسى» اتهم فيه وسائل الإعلام والصحف الوطنية بالتحريض والمبالغة فى تغطية الأحداث والهجوم على النظام، بل من فرط ما يضحك فى هذا الخطاب أنه طالب وسائل الإعلام بالتغاضى عن مجريات الأمور والحديث فقط عن الإنجازات، ويبدو أنه لا يعرف أنه قام بتخريب وتجريف الدولة لحساب جماعة غاشمة لا تعرف سوى الفشل الذريع فى إدارة البلاد. خطاب «مرسى» تطاول فيه على شخصيات بعينها حتى لو كانت من النظام السابق، رغم صدور أحكام قضائية ببراءتهم من التهم المنسوبة إليهم، والرئيس الذى لا أعترف به كال الاتهامات وهو فى موقع المسئولية لشخصيات كثيرة وحددها بالاسم.. إن ما فعله مرسى لا يعدو سوى مسرحية هزلية كان الشعب المصرى يتفرج عليها ليلة أمس الأول.. لدرجة أنه اتهم منافسه فى الانتخابات الرئاسية باتهامات خطيرة ويؤثر على القضاء فى القضية المنظورة بشأن تزوير الانتخابات الرئاسية.. بل إنه طالب بعودة «شفيق» لمحاكمته.. ما يحدث هو هراء فى هراء، وعيب على رئيس مصر أن يتعامل بهذه الطريقة العجيبة والغريبة. خطاب «مرسى» هو ترجمة حقيقية لمشاعر جماعة الإخوان الحاكمة التى تعادى الشعب المصرى بأكمله طالما أن المصريين يرفضون سياسته فى الحكم.. خطاب «مرسى» هو النهاية له.. هو فعلاً يوم الخلاص ولذلك كان أشبه ما يكون بخطاب المصاطب، وسط تصفيق وبله كبير من أهله وعشيرته الذين أضاعوا البلد وأوصلوها إلى هذه الحالة التى لم تشهدها من ذى قبل.. يارئيس مصر.. ارحم مصر وشعبها، وارحل يرحمك الله، فلن يرحمك المصريون ولا التاريخ.