الحكام أنواع ، الأول يضع القانون تاجا على رأسه يأتمر بأوامره وينتهى بنواهيه ، فيحكم شعبه بالعدل , فتحمله الجماهير على الرأس وفى القلوب. النوع الثانى ، يصنع من القانون لباسا على مقاسه منتهجا قاعدة "حرام "إلا علينا، فيحل لنفسه ما يحرمه على شعبه. والعكس ويستخدم قاعدة "إذا سرق الفقير أقاموا عليه الحد وإذا سرق أحد أفراد الأهل والعشيرة أكرمناه، وهذا النوع من الحكام تضعه الجماهير تحت الأقدام. التاريخ لا يرحم أحد ، إلا أن "الزهايمر" الذى أصاب البعض أنساهم التضارب فى المواقف. فمنم كانوا يعارضون بشدة بالأمس القريب أصبحوا أشد المطالبين به اليوم. الأمر ببساطة يدلك على الفرق بين النائب المعارض "محمد مرسى" فى مجلس الشعب. والرئيس "محمد مرسى" فى قصر الاتحادية ، الأول مع الشعب ، والثانى ضد الوطن. ومنذ قدوم الأهل والعشيرة من السجون إلى عرش مصر خالفوا القاعدة الذهبية" أن أشد الناس حرصا على تطبيق العدل من ذاق الظلم !! وقرروا أن يذيقوا العباد ما لا يطيقون , وكان الأهم بالنسبة لهم الإجهاض على القانون والعدل حتى لا يجد الناس أمنا فى حصن العدالة التى أحتمى بها المصريون آلاف السنوات من جور الحكام الظالمين. وتوالت ضرباتهم دون رحمة فى محاولات مستمرة من خلال هجوم السلطة التشريعية على السلطة القضائية لإخضاعها وأخونتها والقضاء على أخر حصون الفقراء والمساكين والهاربين من جحيم التتار الجدد. بداية الصدام البداية كانت صدام مرسى مع قرار المحكمة الدستورية التى أصدرت حكما ببطلان مجلس الشعب السابق ، وبعد تولى مرسى الحكم أصدر قراره فى يونيو الماضى بعودة البرلمان المنحل فى تحدى واضح لدولة الدستور والقانون. استقبله مؤيدىه من جماعته وعشيرته وأولاد عمومتهم بالترحاب، بينما أعتبره التيار المدنى والشارع المصرى بمثابة هدم لدولة القانون وإهدار لأحكام القضاء , وخرج الشارع فى مظاهرات حاشدة تندد بموقف الرئيس. ووصف الحقوقيون والقانونين موقف مرسى بأنه جريمة قانونية ويعرضه للمساءلة ، لمخالفته للقسم الدستورى الذى أقسم فيه على احترام القانون والدستور, وهو ما لم يتوفر فى قراره بعودة مجلس الشعب بعد أن قضت الدستورية ببطلانه , وتوقع الكثيرون تصاعد خلاف سياسى بين مؤسسة الرئاسة والمجلس العسكرى. إلا أن المحكمة الدستورية برئاسة المستشار "ماهر البحيرى" قضت بتاريخ 11يوليو ، بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية محمد مرسى بدعوة مجلس الشعب للانعقاد ، كما أمرت بتنفيذ حكمها السابق (الصادر فى 14 يونيو الماضى) , ببطلان قانون انتخابات مجلس الشعب الذى جرت بموجبه الانتخابات ، بما يترتب على ذلك حل المجلس ، واعتباره غير قائم بقوة القانون". وبعد عدة أيام وفى تطور دراماتيكى ، تراجع مرسى عن قراره ، وأكد بيان صادر عن مؤسسة الرئاسة "أحترام المؤسسات ودولة القانون على أن يتم إجراء الانتخابات البرلمانية بعد الموافقة على الدستور الجديد ب 60 يوما "وهو ما لم يحدث حتى الآن. الأمر الذى أثبت للجميع أن مستشارى الرئيس وفقهاءه القانونين راسبى إعدادية ، ولم يصلوا لمستوى طلبة الثانوية. وحاولت مؤسسة الرئاسة حفظ ماء وجهها ، وبررت قرار الرئيس الفاشل بأنه صدر لتحقيق مصلحة الوطن والشعب والحفاظ على استمرار سلطات الدولة ، ولكن لم ينجح هذا الكلام مع المصريين الذين تاكدوا من خيبة الجماعة وغباء مرسى. "أنا الرئيس " جاء الصدام الثانى لمرسى مع دولة القانون فى 22 نوفمبر الماضى , بإصدار إعلانه الدستورى الثانى، وجاء الإعلان وكأن مرسى أراد أن يقول:"أنا الرئيس", بعد ظهوره أمام المصريين فى صورة الرئيس "الأستبن" الضعيف وتسبب هذا الإعلان فى تعالى الأصوات الداعية لإسقاط مرسى بدعوى ففقدانه للشرعية ، وذلك لمخالفة مرسى للقسم الذى أقسم عليه بحماية القانون والدستور، وإعطاء لنفسه صلاحيات غير التى انتخب على أساسها. جاء هذا الإعلان فى وقت تم فيه تبرئة جميع رموز النظام السابق وضباط الداخلية المتهمون بجرائم قتل متظاهرين فى ثورة الخامس والعشرين من يناير , إلا عددا قليلا من القيادات السياسية تحت ضغط الشارع فى 2011. وفى وقت حاولت فيه الجماعة إقالة النائب العام "عبدالمجيد محمود" من منصبه عن طريق ترشيحه وظيفة سفير فى الفاتيكان ، وحدثت على إثر هذا الموضوع بلبلة أدت إلى اتهام مرسى بالضعف وعدم القدرة على اتخاذ القرارات. وتصادم قطارى الفيوم وحادث قطار أسيوط الذى قتل فيه حوالى 47 تلميذا أدى إلى قلب الرأى العام ونقصان شديد فى شعبية مرسى فى الشارع ووصفه بالضعيف فى مواجهة الفساد المستشرى فى أجهزة الدولة - بالذات من طرف الإعلام الخاص. و تعرض المتظاهرون في ذكرى أحداث محمد محمود إلى البلطجة والإرهاب في نفس مكان حدوث مجزرة 2011 حيث ألقى مجهولون قذائف مولوتوف عليهم من على أسطح المباني المجاورة وذلك قبل صدور الإعلان بأيام، لذلك جاء إعلان مرسى متحديا القانون, مغلفا بغطاء الثورة وهو فى حقيقته أستيلاء وهدم لسيادة دولة القانون. وقد خطب مرسى أمام عشيرته التى جاءت إلى الإتحادية لتؤيده، بينما لم يهتم بأمر معارضيه بميادين مصر المختلفة وعلى رأسها ميدان التحرير,الأمر الذى أوضح للجميع أن مرسى لم يعد رئيسا للمصريين وأن "مصر كبيرة على الإخوان". الطاغية يفقد شرعيته هكذا كان الغلاف أما الباطن فغرضه إعلان مرسى فرعون فى الأرض يأمر فيطاع فجميع قرراته محصنة غير قابلة للطعن من أى جهة والمقصود هنا (المحكمة الدستورية )وذلك منذ توليه الرئاسة حتى انتخاب مجلس شعب جديد. ليس هذا فقط بل إقالة النائب العام واستبداله بنائب عام إخوانجى ، وتحصين مجلسى الشورى والجمعية التأسيسية لوضع الدستور ، ضد قررات المحكمة الدستورية ، لكى يستأثر الإخوان بوضع الدستور الذى تبين بعد فترة من وضعه عدم احترامهم له. . حاكموا مرسى استقبل المصريين الإعلان الدستورى الثانى لمرسى بسخط واضح , تجلى بوضوح فى المظاهرات التى خرجت تندد بقرار الرئيس الفاشل. وتسبب ذلك الإعلان فى اقتتال دار بين المصريين أمام قصر الاتحادية ، تحت سمع وبصر الرئيس وبيد جماعته وعشيرته وحلفائها من الجماعة الإسلامية وحازمون. وهنا بدأت الأصوات تتعالى فى المطالبة بمحاكمة مرسى على جريمة قتل الثوار أسوة بمبارك. حصار الدستورية تاكد الإخوان وحلفائهم أن قضاة مصر مؤسسة صعب أخونتها والسيطرة عليها ، لذلك قرروا كعادتهم مع خصومهم إرهاب قضاة مصر ، ضاربين بعرض الحائط كيان الدولة ومؤسسة القانون ، فهم الجماعة الحكم والسيطرة وفرم من يحاول صدهم ، لا أهمية للقانون أو الدستور، فشريعة الغاب تحكمهم. ولم يتحركا ساكنا لرئيس الجمهورية المفترض أن يحمى سيادة القانون حتى لا تنهار الدولة ، فالرجل لا يملك كلمته بل هو مجرد ديكور لأوامر الشاطر والمرشد ، ومع بداية شهر يناير من هذا العام بدأ آلاف من الإخوان والسلفين ومجرمى حازمون وبلطجية الجماعة فى حصار المحكمة الدستورية فى اليوم المقرر فيه نظر المحكمة لدعاوى بطلان الشورى والجمعية التأسيسية. ومنع التيار اليمينى قضاة مصر من ممارسة عملهم وتم توجيه الهتافات المهينة للقضاة ، ولم يستطع مستشارى المحكمة الدستورية العليا من الحضور إلى مقر المحكمة فى سابقة هى الأولى من نوعها ، وأرجأت المحكمة نظر تلك الدعاوى. من الدستورية لدار القضاء لم ينجح الإخوان فى السيطرة على مؤسسة القضاء ، ولم تفلح تهديداتهم مع قضاة مصر الشرفاء ، الذين أنصفوا الإخوان كثيرا فى عهد مبارك ولم يتجرأ عليهم مبارك كما تجرأ مرسى. لذلك توجهوا لمحاصرة دار القضاء فى محاولة جديدة لإهانة القضاء ومؤسسته الشامخة ، وذلك بعد قرار محكمة استئناف القاهرة بإلغاء قرار مرسى بعزل المستشار "عبد المجيد محمود" من منصب النائب العام وقضت بإعادته إلى منصبه , ولم يهتم مرسى كعادته بقررات المحكمة ، فدولة القانون آخر هم الرجل. مرسى فى صف المجرمين اتخذ مرسى منذ توليه الحكم عدد من القرارات التى تحدى بها دولة القانون لمصلحة عشيرته وأفرادها ، من ضمنها العفو الرئاسى الذى أصدره لصالح شقيق زوجته "محمود على" الموظف بحى النزهة والمسجون لمدة ثلاث أعوام لضبطه متلبسا فى قضية رشوة. وبعد هذا العفو الذى كشفه شهيد الصحافة "الحسينى أبو ضيف"والذى تسبب فى مقتله أما قصر الاتحادية , أصدر مرسى عفوا رئاسيا أخر ل"16 سجينا" من التيار اليمينى المتشدد ، بعضهم كان محكوم عليه بالإعدام أو السجن المؤبد بسبب تورطهم فى قضايا جنائية وإرهابية ، الأمر الذى اعتبره البعض مقابل الصفقة التى عقدتها الجماعة الإسلامية مع الإخوان مقابل الإشتراك معهم فى قتل متظاهرى الإتحادية، بينما فسره آخرون بأنها رغبة مرسى بكسب تأييد المتشددين من أولاد عمومة جماعته للوقوف بهم وبعصباتهم فى وجه شباب الثورة المعارضين لمرسى. لم يقف مرسى عند هذا الحد بل تعداه بعفو رئاسى آخر, وتنفيذا لأوامر الشاطر بالإفراج عن حارس الشاطر , متحديا قرار محكمة شمال بسجنه عام ، لضبطه متلبسا بسلاح نارى وذخيرة حية. لم تكن تلك فقط مواقف مرسى وجماعته ضد القانون ودولته , فالجماعة تاريخها حافل بعمليات القتل والإرهاب منذ نشاتها على يد "البنا" , والجميع منتظر موقف مرسى من "هشام قنديل" فى حال تأييد محكمة جنح مستأنف الدقى فى جلسة 5 يونيو المقبل ، الحكم الصادر بحبس "هشام قنديل" عام فى قضيه الامتناع عن تنفيذ حكم قضائى صادر من محكمة القضاء الإدارى. فهل يحترم مرسى القرار أم كعادته سينفذ أوامر الجماعة ويهين دولة القانون ؟