ما الفرق بين القاتل الاقتصادى والصكوك الإسلامية المزعومة التى يريد بها الإخوان تسليم مصر تسليم مفتاح لاستعمار القرن الواحد والعشرين والذى يسيطر على ممتلكات ومقدرات الشعوب ويحولها إلى عبيد عن طريق تحويل اقتصادها إلى اقتصاد تابع. إن تلك الصكوك هي الوجه الآخر لبيع مقدرات الدولة وتاريخها بالإيجار وتقديم ثروات أولادنا على طبق من فضة إلى قطر وأسيادها من الأمريكان والإسرائيليين.. ولا أعرف لماذا ظهر مشروع الصكوك، مرادفا لمشروع النهضة وتوابعها وجميعنا يذكر ال«20 مليار دولار» التى طالب القرضاوي من الناس التصويت بالموافقة على الدستور الإخواني للحصول عليها من دولة قطر!..وهذا الأسلوب نسخة معدلة سبق استخدامها من قبل فى خداع الشعوب، وبالطبع الوسيلة مختلفة ولكن النتيجة الحتمية واحدة.. وهى كالآتى القضاء على مستقبل البلاد اقتصاديا.. وفى السابق كانوا يستخدمون القروض وما يتبعها من فوائد وديون لا يمكن دفعها وبالتالى يكون المصير المحتوم هو الخضوع التام للدول الأجنبية الدائنة فمن لا يملك قوته لا يملك إرادته. والخطة كما تتم على عدة مراحل قريبة مما كان يفعله جون بيركنز المسمى بالقاتل الاقتصادى بإقناع البلد المستهدف بإقامة مشاريع تحت إشراف شركات أمريكية (وحاليا هناك زعم بإقامة مشاريع بالصكوك الإسلامية). ثم إقناع الدولة بالاستدانة من بنوك أمريكية، أو لها ارتباط بأمريكا وفى الحالة المصرية تلعب الدور قطر. ثم يقوم الأمريكيون بتأمين تلك الديون للبلد، ودمج اقتصاد البلد المستهدف بالمصالح الأمريكية عندما تتفاقم الديون، وأخيراً وضع البلاد أمام خيارين أما الخضوع التام لأمريكا، أو الإخضاع بالقوة في حالة المقاومة. إما بإثارة المعارضين كما فعلوا بشافيز، أو الاغتيالات كما هي حالة رئيس الإكوادور، أو الانقلاب كما في جواتيمالا، أو الغزو كما في العراق! أو ما حدث مؤخرا بثورات الربيع العربى ثم مساعدة التيار الإسلامى الذى تم السيطرة عليه من قبلهم سابقا للوصول للحكم، ثم إغراق البلاد فى تلك الأزمات الاقتصادية الطاحنة والتلويح للشعوب بأن الحل هو فى الصكوك الإسلامية أو القاتل الاقتصادى على الطريقة النهضوية الإخوانية.. ولقدربطت مايحدث بكتاب نشر في عام 2004 لجون بيركنز وصار في فترة قليلة أحد أكثر الكتب مبيعاً في الولاياتالمتحدةالأمريكية. الكتاب اسمه (اعترافات قاتل اقتصادي) أشار فيه إلى لعبة قاتلة نفذها الأمريكان فى معظم الدول وأورد الكاتب أمثلة كثيرة القضاء على محمد مصدق، رئيس الوزراء الإيراني المنتخب ديمقراطيا، وتنصيب الشاه محمد رضا بهلوي، إمبراطورا مستبدا على إيران، لسبب واحد أن مصدق أمّم نفط إيران، واغتيال الرئيس البنمي عمر توريجس، لإصراره على استعادة قناة بنما من السيطرة الأمريكية. وتستعين الولاياتالمتحدة لتنفيذ ذلك بالقتلة الاقتصاديين، لإقناع زعماء الدول المستهدفة بأخذ قروض ضخمة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنوك الأمريكية لتمويل مشاريع مبالغ فيها. فإن قبلت الدولة العرض، أحكمت أمريكا قبضتها على خناقها لأنها لن تستطيع سداد ديونها. فإن فشل القتلة الاقتصاديين، جاء دور تصفية الزعيم العنيد، أو الانقلاب عليه، كما حدث مع عمر توريجُس ومن قبله محمد مصدق. فإذا فشلت، تحرك الجيش الأمريكي نفسه لاحتلال البلد، كما حدث مع صدام حسين في العراق، ومن قبل مع الرئيس نورييجا في بنما، التي دمرها الجيش الأمريكي بلا مبرر.. وفى الحقيقة أن عند استعراضى للكتاب وقفت كثير أمام استخدام القاتل الاقتصادى مع السعودية خاصة أنه يقدم الوجه الأخرى للسيطرة اقتصاديا حتى على الدول الغنية، فالأمريكيون قاموا بالسيطرة علي السعودية لضمان خضوع الأوبك. فهي ليست فقط سيطرة سياسية. لأن السعودية هي أكبر منتج للنفط في العالم. إن فكرت إحدي دول الأوبك في الامتناع عن بيع البترول لأمريكا ولم تمتنع السعودية فإن هذه الدولة ستجد نفسها في مأزق اقتصادي. ولأن لعبة الديون المبالغ فيها لن تفلح مع السعودية بسبب ضخامة إنتاجها النفطي التي تعني عدم حاجتها لأي دين مهما كان حجمه. فلابد من تعديل اللعبة بشكل ما. والاتفاق الذي قام به القتلة الاقتصاديون هو أن يستثمر السعوديون أموال البترول في سندات الخزانة الأمريكية وهي الأموال التي بلغت عدة مئات من المليارات حالياً. أرباح هذا المال سيتم الإنفاق منها علي مشروعات التنمية والتحديث في السعودية الذي ستقوم به شركات أمريكية – من ضمنها شركة بيركنز. في المقابل تضمن الولاياتالمتحدةالأمريكية الحكم لآل سعود ما داموا ملتزمين بجانبهم من الاتفاق، وهو الاتفاق الذي ما زال سارياً حتي اليوم حسب قول بيركنز.. وإذا عدنا إلى مصر الآن نجد أن التفكير فى الصكوك الإسلامية ما هو إلا صورة معدلة وقابلة للتنفيذ لأفكار بيرنكز. لأن الحاجة أم الاختراع.. أو كما يرى وزير المالية السابق د. سمير رضوان أن الصكوك الإسلامية ما هى إلا مشروع خصخصة جديد بعباءة إسلامية، وأن هذا المشروع يعيد مصر لعصر الخديو إسماعيل عندما خسرت مصر أسهمها في قناة السويس واضطرت الدول الكبرى لإرسال مندوبين لها في وزارة المالية لجباية الديون. وأن خطورة هذه الصكوك إنها «مقابل حق على أصل عيني»، و«الدولة إذا لم تتكمن من سداد قيمة الصكوك، فحينها سيكون الأصل من حق صاحب الصك.. وهذا بالطبع هو القول الفصل فى تلك القضية التى تحتاج تضافر الشعب المصرى بأكمله للوقوف ضدها. وفى الواقع أن تلك الصكوك أكثر خطورة لكونها تلعب على وتر المشاعر الدينية.