عاجل.. رئيس الوزراء: الدولة حريصة على زيادة الصادرات لسد الفجوة الدولارية    «المؤتمر»: مصر أول دولة إفريقية تستضيف المنتدى الحضري العالمي منذ 20 عاما    نقيب أطباء لبنان: الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب طالت القرى    مجلس الوزراء: الموافقة على إنشاء 10 كليات أهلية    أحمد عيد عبدالملك يحذر لاعبي الزمالك من «خدعة كولر»    بمجموعة من الإعفاءات.. «الضرائب»: النظام المتكامل للممولين يتميز بالتعامل مع كافة الأوعية    الوكالة اللبنانية: غارة معادية استهدفت شقتين في مبنى بالضاحية الجنوبية    تين هاج: أنا مشجع لفريق تفينتى ولم أرغب فى مواجهته    وزير العمل: مصر تدعم كل عمل عربي مشترك يؤدي إلى التنمية وتوفير فرص العمل للشباب    ممتاز محمد قائمًا بأعمال عميد قطاع الهندسة والعلوم الأساسية بجامعة بني سويف الأهلية    مصدر من اتحاد الكرة يكشف ل في الجول مواعيد مباريات السوبر المصري    بعثة الزمالك تطير إلى السعودية استعدادا لملاقاة الأهلي في السوبر الإفريقي    اتحاد الكرة يعلن عن تشكيل الجهاز الفني لمنتخب الشباب بقيادة روجيرو ميكالي    23 ديسمبر.. نظر استئناف إسلام بحيرى على حبسه 3 سنوات في شيكات بدون رصيد    نقابة السينمائيين تشيد بمسلسل «ليلة السقوط»    رئيس جامعة القاهرة: لدينا علاقات قوية مع الجامعات الصينية ونبحث تبادل الزيارات والبرامج المزدوجة    لصحة أطفالك.. فوائد ممارسة الرياضة أثناء الدراسة    حياة كريمة: الكشف على 688 مواطنا خلال قافلة جامعة القناة فى فايد بالإسماعيلية    رابط إعلان نتيحة تقليل الاغتراب والتحويلات لطلاب الشهادات الفنية 3 و5 سنوات    وزير الرياضة يستقبل السفير الإيطالي لهذا السبب    تقرير: صناعة التكنولوجيا المالية أصبحت ثاني أكثر صناعة للشركات الناشئة بعد البرمجيات    بالأسماء.. 11 مصابًا في تصادم ميكروباصين ونصف نقل على زراعي البحيرة    «هل حدث تسريب من مصنع «كيما» في مياه النيل؟».. محافظ أسوان يكشف الحقيقة    روسيا تعرب عن قلقها إزاء التصعيد العسكري على لبنان    وزيرة التضامن تتوجه إلى جنيف للمشاركة في فعاليات الدورة ال 57 لمجلس حقوق الإنسان    "بردا وسلاما على لبنان".. درة تدعم الشعب اللبناني    هيكل.. الجورنالجي الذي لم يتكرر!    وزير الخارجية: قضية المياه وجودية لمصر ولن نسمح لأي دولة بالتصرف وفق أهوائها    المشاط تلتقي ممثلي «منتدى الشباب» ضمن قمة المستقبل 2024 بنيويورك    عوض تاج الدين: الرئيس السيسي يتابع لحظة بلحظة تقارير الحالات في أسوان    توسيع نطاق الأعمال بمبادرة ابدأ.. كيف يمكن للصناعات المصرية الوصول للسوق الفنلندي؟    المواطنة والهوية الوطنية.. كيف تؤثر القيم الإنسانية في مواجهة الفكر المتطرف؟    إيمي سمير غانم تكشف سر تعاونها مع حسن الرداد في رمضان 2025    «إلغاء الوجبات المجانية على الطائرات».. توجه عالمي لشراء المأكولات قبل السفر (تفاصيل)    الجيزة تزيل 13 كشك و"فاترينة" مقامة بالمخالفة بالطريق العام في المنيب    الشلماني يثير حفيظة القطبين قبل موقعة السوبر    طقس الفيوم.. انخفاض درجة الحرارة والعظمى تسجل 33°    عاجل| السيسي يصدر توجيها جديدا بشأن تنمية جنوب سيناء    CNN: استراتيجية ترامب فى إثارة مخاوف الناخبين بشأن الاقتصاد تحقق نجاحا    حبس عاطل ضبط وبحوزتi مواد مخدرة قبل ترويجهم على المتعاطين بالمنوفية    صوت الإشارة.. قصة ملهمة وبطل حقيقي |فيديو    المغرب يحصد ذهبية الفيلم القصير في مهرجان الغردقة السينمائي    خبير: الإفراط في استخدام المكملات الغذائية يؤدي لتوقف القلب    ضبط مخزن في طنطا لإعادة تعبئة المبيدات الزراعية منتهية الصلاحية باستخدام علامات تجارية كبرى    النزلات المعوية.. مستشار الرئيس: نستنفر لخدمة المرضى دون تأخير.. ده واجب قومي علينا    ضغوطات وتحديات في العمل.. توقعات برج الحمل في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2024    شوبير يعلق على قائمة الأهلي للسوبر الأفريقي: لا صحة لوجود حارسين فقط    الإسماعيلي ينتظر رد «فيفا» اليوم لحسم ملف خليفة إيهاب جلال (خاص)    وزير الخارجية: لا يمكن الحديث عن تنمية اقتصادية واجتماعية دون أمن واستقرار    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية لمشروع مراكز القيادة الاستراتيجي التعبوي التخصصي    الصحة تعلن حصول 3 مستشفيات على شهادة اعتماد الجودة من GAHAR    ما حكم الخطأ في قراءة القرآن أثناء الصلاة؟.. «اعرف الرأي الشرعي»    بالفيديو.. أسامة قابيل للطلاب: العلم عبادة فاخلصوا النية فيه    الإفتاء: الإسلام حرم نشر الشائعات وترويجها وتوعد فاعل ذلك بالعقاب الأليم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-9-2024 في محافظة قنا    مريم الجندي: «كنت عايزة أثبت نفسي بعيدًا عن شقيقي واشتغل معاه لما تيجي فرصة»    أضف إلى معلوماتك الدينية| دار الإفتاء توضح كيفية إحسان الصلاة على النبي    جيش الاحتلال الإسرائيلي: صفارات الإنذار تدوى جنوب وشرق حيفا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. حسن أبوطالب مدير معهد الأهرام للصحافة فى حوار مع "الوفد":
الإعلام لعب دوراً كبيراً فى حماية "الإخوان" خلال عصر مبارك "الجماعة" تتبع نفس سياسة النظام البائد فى تقييد حرية الإعلاميين
نشر في الوفد يوم 01 - 04 - 2013

يعيش الإعلام والإعلاميون فى مصر وسط أجواء ملتهبة، حيث يتهمه البعض بالتهويل وإثارة الفتن حتى وصلت الاتهامات إلى حد إلقاء مسئولية المظاهرات والاحتجاجات العنيفة فى الشارع المصرى ضد النظام الحالى، على عاتق الصحف والفضائيات، الإعلاميون يؤكدون أنهم يواصلون رسالتهم المقدسة فى سبيل الدفاع عن الحقيقة والحرية، بينما يتهمهم خصومهم الموالون للتيارات الإسلامية على وجه التحديد بأنهم يحركون الأحداث ويحرضون على الجرائم وفق مخطط سياسى من رموز النظام البائد لإسقاط النظام الحالى.
الدكتورحسن أبوطالب، الخبير الإعلامى والباحث السياسى، يحلل فى هذا الحوار رؤية كل من الطرفين للآخر ويشرح مواطن الخلل وأسباب الأزمة، خاصة فى هذه الفترة التى شهدت محاولات عديدة لتقييد حرية الإعلام لدرجة وصلت إلى حد سقوط شهداء وجرحى من الصحفيين.
لماذا جاء المؤتمر السنوى لكلية الإعلام واستضافته «الأهرام» تحت عنوان «إعلام الأزمات وأزمة الإعلام»؟
- المؤتمر هو تعاون علمى مشترك بين معهد الأهرام الإقليمى للصحافة وجامعة الأهرام الكندية حول الأوضاع الإعلامية فى مصر والعالم العربى وإلى أى مدى تأثر الإعلام بالثورات الشعبية التى حدثت فى محاولات للبحث عن المخارج فى أزمة الإعلام فى هذه الدول.
هل حاول الإعلام البحث عن حلول لهذه الأزمات؟
- الإعلام فى الدول العربية سواء التى قامت بها ثورات شعبية أو لم يحدث بها هذا الأمر يبحث عن دور جديد ومزيد من الحريات، ويحتاج إلى مؤسسات ذات طابع وطنى تدمير الإعلام بعيداً عن تدخلات الحكومات والنظم السياسية وهذه أهداف نبيلة وجميلة، ولكن لم تسمح ظروف القلاقل والاضطرابات السياسية والاجتماعية بالتفكير فى المنظومة الإعلامية بشكل هادئ وعقلانى.
لكن هذه الاضطرابات السياسية أثرت على المنظومة الإعلامية؟
- بالفعل وهذا ظهر بعد انتخاب الرئيس «مرسى»، حيث تأثر الإعلام بالتدافع بين الإعلام والإعلاميين وبين النظام السياسى من جهة أخرى، وبدأ الحديث عن أن تعثر أداء الرئيس «مرسى» له سبب خارجى وجزء منه يرتبط بالأداء الإعلامى غير المنضبط من الناحية المهنية والسياسية ومن ثم ترتب على هذا عدة أزمات واتهمهم البعض الإعلام بأنه أصبح يصنع الأزمات.
هل الإعلام يصنع أزمات أم يواجه الأزمات؟
- الإعلام يواجه أزمة مهنية تتعلق بزيادة ورفع مهارات العاملين به، وأيضاً يواجه أزمة التنافس مع التقنيات الحديثة، مثل الإنترنت ووسائل الاتصال وصحافة المواقع الإلكترونية والإخبارية التى يمكنها التأثير على الصحافة المكتوبة، بالإضافة إلى مشكلة جذبه القراء لهذه الصحف من الأجيال الجديدة التى تلجأ إلى التعامل مع الإنترنت، ولهذا فالإعلام يواجه تحديات مهنية قاسية ومنافسة شرسة، وأيضاً يوجد خلط بين العمل الإعلامى والعمل الدعائى السياسى، وفى الوقت نفسه يوجد تضييق على الإعلام واعتداءات على الإعلاميين والصحفيين، وصلت إلى سقوط شهداء ومصابين من الإعلاميين أثناء تأدية عملهم، حينما يتعرضون للمضايقات والاعتداءات سواء مع مؤسسات أمنية أو مع قوى سياسية معينة.
ما تقييمك لوصف الوزير صلاح عبدالمقصود للإعلام بأنه إعلام الفتنة والانفلات والهدم؟
- طبعاً تراجع الوزير عن توجيه هذا الاتهام لكل الإعلام، وقال إنه يستخدم فكرة البعض التى يمكن أن يتهمه بما جاء على لسانه، وهذا يؤكد أهمية بحث هذه العلاقة وفقاً لرؤيتين حادتين بين مؤيد ومعارض للإعلام مع أن الرؤيتين كل منهما ليست صحيحة إنما يوجد مزيج بينهما وفى بعض الأحيان نجد إعلاميين «مؤدلجين» يتبعون أيديولوجية معينة، وهذا لا يقتصر فقط على الإسلاميين والمدنيين، بل على الجميع، وفى الوقت نفسه الإعلام الذى يدافع عن الحكومة لا يصل بكفاءة إلى المواطنين، إذن هناك فجوة موجودة لكن من الصعب أن نصفها بالهدم والتخريب، كما وصفها الوزير.
لكن الاعتداء على الإعلاميين والصحفيين وصل إلى القتل؟
- نعم ولهذا نحن فى حاجة إلى منظومة إعلامية جديدة، فيما يتعلق بالمجتمع خاصة كل الذين لهم صلة بالمنظومتين الإعلامية والسياسية، لأننا رأينا فى بعض الأحيان من يصف الإعلاميين بأوصاف فى منتهى القسوة مثل «سحرة فرعون» وما أدراك ما سحرة فرعون، وفقاً لما جاء فى القرآن الكريم، وأيضاً اتهامهم بأنهم السبب المباشر لتراجع الأداء الاقتصادى مع أنه مرتبط بمنظومة اقتصادية فاشلة تغيب عنها الحكمة والقرار السليم فى اللحظة المناسبة، وعلى الإعلاميين أن يتدارسوا فيما بينهم الوضع الراهن لأن استمراره يكلفهم أعباء عديدة بسقوط مصابين أو شهداء وتعرض بعض المؤسسات الإعلامية للاعتداء، كما حدث لجريدتى «الوفد» و«الوطن» وتعرض الإعلاميين بين الحين والآخر للاستدعاء إلى القضاء والدخول فى المتاهات القانونية والقضائية لا لشىء إلا لأن لديهم رأياً ربما لا يخالف البعض.
إذن على الإعلاميين أن يهادنوا السلطة أو يرضخوا لبطشها؟
- لم أقصد هذا. بل أقول إن بعض الممارسات لبعض الإعلاميين تحتاج إلى الضبط وليس الانفلات وإذا كانوا لابد وأن يستخدموا السخرية فليجعلوها فى وضعها الطبيعى دون مبالغة نحو الشخصيات المقصودة بالسخرية، ويكون التعامل مع قراراتها ومواقفها ولا داعى للتعرض للأشخاص.. ولكن أحياناً يوجد خلط بين هذه الأمور بطريقة تفصل بين النقد المسموح به والمتعارف عليه محلياً ودولياً وما بين السخرية المضرة والتى لا تضيف جديداً للمجتمع، وإذا تمت الاستعانة بالأفكار التى تنطلق من المسئولية المجتمعية التى يجب أن يتحلى بها القائمون بالعملية الإعلامية فقد يتم حل جزء كبير من هذه الإشكالية.
اتهمت جماعة الإخوان الإعلام بأنه يؤجج الفتنة.. ألم يكن هذا الإعلام الذى يساندها ويؤيدها خلال عهد النظام السابق؟
- كل من يصل إلى السلطة يريد من الإعلام أن يكون إيجابياً تجاهه، فإذا كان ناقداً بدأت المشكلات وهذا أمر طبيعى، فعندما كانت جماعة الإخوان المسلمين فى المعارضة وتتعرض للضغوط كانت تلجأ إلى الإعلام ليدافع عنها، والإعلام لعب دوراً كبيراً جداً فى إبقاء جماعة الإخوان المسلمين على قيد الحياة ومن يقول غير ذلك ينكر دور الإعلام والإعلاميين وكثير من الإعلاميين والصحفيين دافعوا عن ضرورة إدماج الجماعة فى الحياة السياسية، نكاية فى النظام السابق، وإدراكاً بأن الإخوان المسلمين جزء من النسيج الوطنى، ولكننا وجدنا جماعة الإخوان المسلمين منذ حصولها على أغلبية برلمانية وفى البرلمان المنحل وفى ظل رئاسة د. مرسى تنتهج السياسات نفسها، التى كنا ندينها ونفتقدها من الحزب الوطنى ونظام «مبارك» بمحاولة التضييق على الإعلام وعدم الاستجابة لتقبل النقد وبعض أنصار الإخوان المسلمين يتعاملون مع الإعلام بطريقة فجة ويتصورون أنهم لا يخطئون، وإنما الآخرون هم المخطئون!! لأنهم يتصورون ما ليس موجوداً فى الحكم وهذه آفة السلطة، وسيعانى منها المجتمع المصرى لفترة، لأننا لم نصل بعد إلى مرحلة ما نسميه الإيمان بقواعد اللعبة الديمقراطية، وهذه طبيعة المراحل الانتقالية.
وكيف يتم تقليص الفترة الانتقالية؟
- نحن الآن نعيش صراعاً بين قوتى جذب متناقضتين إحداهما تتمسك بالقديم وتشدنا إلى الخلف والأخرى تتوافق مع تطلعاتنا نحو الديمقراطية وتجذبنا إلى المستقبل والأمام.. والعقلاء هنا من يدرسون تجارب الدول التى مرت بمثل هذه الفترات الصعبة والدقيقة والحساسة ليعرفوا جيداً أن هناك آليات نجحت فيها هذه الدول لكى تخفف من النتائج السلبية على الجميع، وهذا من خلال فكرة الحوار السياسى، والبحث عن التوافق الوطنى، وتطبيق مفهوم العدالة الانتقالية، دون انتقام، وضرورة محاسبة المخطئ على قدر خطئه ودون مبالغة، فهذه الآليات قد أفادت المجتمعات فى تقصير الفترة الزمنية والانتقالية وخففت من المعاناة وبالتالى أسرعوا فى عملية التحول الديمقراطى ونحن فى حاجة إلى هذه الآليات، ولكن حتى هذه الحظة أؤكد أن المجتمع بأسره سواء من يعمل فى الإعلام أو السياسة بوجه عام لم يجرب فكرة التوافق الوطنى التى ستقلل الفترة الانتقالية.
وما القضايا التى يمكن أن نبنى عليها فكرة التوافق الوطنى؟
- القضايا المهمة التى يمكن أن نبنى عليها التوافق الوطنى كثيرة ومتعددة على سبيل المثال قضية التعليم الذى يفرز لنا أجيالاً تلو أجيال، لا تتوافق تماماً مع متطلبات أى تطور اقتصادى أو صناعى أو تقنى فى المجتمع، أو قضايا الصحة العامة والبيئة ولكن الأهم وما يجب أن يشغلنا هو الحالة الاقتصادية التى لا يختلف عليها أحد لأننا فى أزمة اقتصادية كبيرة جداً، ويوجد تراجع اقتصادى فى كل لحظة تمر، وهذا يؤثر على جميع طبقات المجتمع، فالجميع يشكو.. إذن هناك مصلحة عامة لكى نوقف التدهور الاقتصادى، وهذا لا يتعلق بالرئيس «مرسى» و«جماعة الإخوان المسلمين» أو الحكومة ولا المعارضة أو رجال الأعمال، فهذه قضية عامة فلماذا لا نبحث فيها عن توافق وطنى ونبدأ بحوار حقيقى حول مخارج معينة لهذه الأزمة، ويسعى الجميع إلى تطبيقها؟!
هل ترى أن هناك صراعاً على هوية مصر؟
- طبعاً وبلا جدال يوجد صراع حقيقى حول هوية الدولة الوطنية المصرية التى اعتدنا عليها منذ عصر محمد على والتى تقوم على فكرة الجيش لكل أبنائه والسلطة لكل أبناء مصر، ونظام قانونى ومالى يطبق على الجميع دون تفرقة ودون أى تدخل فى مؤسسات بعينها باعتبار أن لها الهيمنة والسيطرة على توجيه حركة الأحداث، إنما تترك الأمور للمؤسسات ذات الطابع الوطنى، ولكن مصر الآن يتنازع عليها تياران أحدهما يتمسك بمدنية الدولة بحيث تتمتع بديمقراطية حقيقية والتيار الآخر يرى أن الديمقراطية والمدنية والليبرالية هى الكفر بعينه، وأن مصر بلد المسلمين ولابد أن يوجد بها نظام له مرجعية إسلامية يؤثر فيه رجال الدين، وأن يكون جزءاً من مشروع الخلافة وهذا موجود فى أدبيات الإخوان المسلمين، والسلفيين ومعظم القوى السياسية ذات التوجه الدينى.
من هذا المنطلق هل الصراع حول هوية مصر سياسى أم دينى؟
- بهذا المعنى أصبحت هوية مصر قضية سياسية وليست دينية لأن المصريين بطبيعتهم متدينون، ولكننا أمام أفكار ذات طابع سياسى تستخدم الأبعاد والشعارات والمنظورات الدينية وهنا الخطورة الشديدة من هذا الصراع السياسى المغلف بالأفكار الدينية.
تقصد خطورة خلط الدين بالسياسة؟
- نعم وبعض الدعاة الذين انخرطوا فى العملية السياسية من السلفيين بعد الثورة اكتشفوا أنها تتناقض مع فكرة الدعوة لأن الداعى يدعو إلى الله وإلى الحكمة والصدق واليقين، ولكن السياسة تتطلب الكثير من المناورات والتحالفات والتراجعات، وهذه قضايا لا علاقة لها بالدعوة، لأن السياسة صراع على الموارد والسلطة، وبالتالى فالسياسى الذى يصارع على السلطة ويمزج بها الدين، تعود الكارثة على الدين والمجتمع والحياة السياسية ككل، وهذا ما نراه الآن،حينما تخرج علينا التيارات الإسلامية ويريدون أن يشكلوا ميليشيات أو تجمعات شعبية لحفظ الأمن، ولا يستدعون لها إلا أنصارهم فهذه قضية تمس تماسك المجتمع وتؤثر على فاعلية المؤسسات الموجودة فيه.
وما أهم المؤسسات التى تمثل خطورة حقيقية على مدنية الدولة إذا تمت أخونتها أو تخريبها سياسياً؟
- فعلاً توجد مؤسسات يجب أن تبعد تماماً عن أى تأثير سياسى أو حزبى وفى مقدمتها القوات المسلحة والقضاء والشرطة والخارجية التى تدافع عن المصلحة العليا للدولة والمخابرات العامة وهذه المؤسسات تمثل أعمدة الدولة الحديثة، وإذا تم تسييسها أو تخربت لم تعد مؤسسات للدولة، وإنما أصبحت مؤسسات للحزب أو للتيار وفى هذه الحالة تفقد مصداقيتها ويحدث الانفصال بينها وبين الشعب وبالتالى تضيع الدولة وهذا ما نحذر منه الآن.
هل توجد بالفعل أخونة للدولة من خلال السيطرة على هذه المؤسسات؟
- نحن نرى الإخوان المسلمين يستخدمون تعبير التمكين بمعنى التغلغل فى مؤسسات الدولة بمستوياتها القيادية المختلفة ونرى تعيينات كثيرة فى مواقع مختلفة من الوزارات والمحافظات بوضع شخصيات بعينهم ينتمون إلى الإخوان المسلمين بغض النظر عن كفاءتهم لدرجة أننا نرى تعيين طبيب فى مجال هندسى!! إذن المسألة بالنسبة لهم لا تتعلق بالكفاءة بل بالثقة والانتماء والبعد السياسى وهذه وصفة لتخريب المجتمع.
إلى أى مدى نجحت جماعة الإخوان المسلمين فى التغلغل داخل المجتمع المصرى؟
- هناك محاولات لهذا التغلغل ويوجد بعض العناصر حصلت على مناصب إدارية أو تنفيذية والأمر إلى هذه اللحظة يدل على توجه فى إطار التمكين والانتشار الأفقى والرأسى، ولكن هناك عمليات فضح تحدث لهم أولاً بأول مما يساعد على تخفيف هذه العملية، لكن ما نراه أن البعض كان يتصور أن لديها خبرات وكوادر ميدانية وإدارية ولكن أداء قيادات الإخوان ليس جيداً وثبت أنه أداء متواضع، ولهذا ننصح الإخوان المسلمين النظر إلى المصلحة الوطنية بمنظور عام، أى أن المنصب يكون لمن تتوافر لديه الكفاءة الحقيقية وليس بمنظور الانتماء الدينى أو الأيديولوجى للجماعة والعشيرة حتى يستطيعوا النجاح فى أى مجال، لأن عملية الأخونة تشعر بها من خلال التراجع الذى يهز تماسك المجتمع ويهز المؤسسات وتجعلها واقعة تحت ضغوط شديدة، وهذا له نتائج عكسية على الجميع.
هناك مخاوف من التأثر بالتجربة الإيرانية خاصة بعد طرح فكرة اللجان الشعبية التى يمكن أن تتحول إلى حرس ثورى؟
- التجربة الإيرانية نأمل ألا تحدث فى مصر وسنقف ضدها جميعاً، لأننا نرفض البعد العقائدى فى المجال الشيعى أى أن إيران لديها الحق فى أن تدافع عن كل شيعى مهما كانت جنسيته، وبالتالى هذا له بعد هجومى يجعل الدولة الإيرانية دائماً فى محل شك من جيرانها ومن المجتمع الدولى وأيضاً قامت إيران ببناء مؤسسات بديلة وموازية للمؤسسات الوطنية، مثلاً إلى جانب الجيش هناك حرس ثورى يخضع مباشرة إلى سلطة الفقيه، وأيضاً المتطوعون «الباسيج» الذين يماثلون الشرطة ويقومون بأعمال تتنافى مع الأداء الشرطى بمعناه القانونى والحقوقى وهذا أدى إلى أن المجتمع دائماً عليه ضغوط وفى حالة من حالات عدم التوازن الداخلى ولهذا نحن سنقف ضد تطبيق التجربة الإيرانية فى مصر لو حاولوا تطبيقها، ومحاولة البعض تشكيل لجان شعبية تذكرنا بالتجربة الإيرانية التى يوجد بها مؤسسات بديلة لا نعلم عنها شيئاً، وهذه المؤسسات تكون تحت سلطة أصحابها وبالتالى البعد الوطنى لن يتوفر فى هذه المؤسسات ومنها تبدأ مرحلة انتهاء الدولة.
كيف ترى أداء الرئيس «مرسى»؟
- الرئيس حتى هذه اللحظة نجح فى أن يفقد كل من ساندوه حتى يصل إلى منصبه سواء كانوا قوى مدنية أو سلفية، والجميع كانت تحفظاتهم شبه مشتركة وتقوم على فكرتين أن الرئيس ليس رئيساً لكل المصريين وإنما رئيس لجماعة الإخوان المسلمين، وأنه لم ينجح فى هذا التحدى بأن يعمل لمصر كلها، ثانياً أن الرئيس حركته مترددة وفيها شىء من عدم الوضوح وبالتالى هذان الأمران بالتأكيد أفقداه الرصيد الشعبى شيئاً فشيئاً، وكلنا نرى زيادة حجم الغضب والرفض الشعبى، إضافة إلى عدم الثقة فى أداء جماعة الإخوان المسلمين، ومن هنا أصبح الرئيس فى محنة.
ما هذه المحنة التى أصبح الرئيس فيها؟
- هو رئيس منتخب نعم ومن حقه أن يستمر ولكن نحن أيضاً من حقنا كمصريين أن يحقق برنامجه على الأقل وأن يحقق دوره كرئيس لنا وأن نشعر بأنه يدافع عن مصالحنا، وأنه يعمل لمصلحة الوطن ككل وأن نرى فى أدائه ما يدفع البلاد خطوة إلى الأمام.. وللأسف لا نرى ذلك.
الذين يدافعون عن الرئيس يرجعون هذا التردد إلى مستشارى الرئيس الذين يوجهون له معلومات خاطئة؟
- هذه تفسيرات تدخل فيما يسمى بالتفسيرات التكتيكية محاولين إظهار أن هناك أسباباً خارجة عن الإرادة، ونرد عليهم بقولنا: من الذى اختار هؤلاء المستشارين أليس الرئيس نفسه؟ يجب على الأقل أن يحقق الرئيس ما وعدنا به وأن يفى بوعوده فقط لأنه وعدنا بمشروع النهضة وتم التراجع عنه فوراً، وقالوا إنه لم يكن هناك مشروع للنهضة وإنما كانت مجرد أفكار.. ولا أعرف طالما لم يكن لديهم مشروع فلماذا خدعوا الشعب؟ وإذا لم تكن لديهم رؤية مستقبلية للوطن فلماذا وضعوا أنفسهم فى هذا الابتلاء الكبير الذى سيحاسبون عليه أمام الناس وأمام الله سبحانه وتعالى.
هل ترى أن جماعة الإخوان المسلمين عبء على الرئيس؟
- نحن نشعر دائماً بأن جماعة الإخوان المسلمين تفكر بطريقة والرئيس يفكر بطريقة أخرى، ونظراً لتكوين الرئيس وعلاقته بالجماعة فهى دائماً تحاصره بالمستشارين غير الأكفاء وقصيرى النظر أو تنصحه ببعض التحركات القانونية والدستورية التى جلبت الوبال عليه وعلى المجتمع وزادت الانقسام والاستقطاب وأدت بالوضع الاقتصادى إلى الانهيار، ولكن المسئولية الأولى والأخيرة على الرئيس.
هل من الممكن أن تضحى الجماعة بالرئيس «مرسى»؟
- وفقاً لتقديرات الجماعة فكل شىء وارد للإبقاء على جماعة الإخوان المسلمين، ولكن هل إذا تمت التضحية بقيادة ما أو شخص ما سيؤدى هذا إلى إنجاز ما للجماعة؟ لا أعتقد هذا والمشكلة أن الإخوان المسلمين ليس لديهم إبداع أو انتقاء سياسى أو حسن التعرف على طبيعة الأزمة الموجودة لأنهم خلال 8 أشهر دفعوا المجتمع للاستقطاب السياسى، ولا مخرج من هذا الاستقطاب إلا بقبول فكرة الحوار التى تقوم على المشاركة وليس المغالبة وحتى هذه اللحظة هم يسعون إلى المغالبة والسيطرة الهيمنة وكل المؤشرات تقول إنها سكة الندامة والرئيس الآن فى تحد أمام نفسه، إما أن يكون رئيساً لكل المصريين أو يظل ينتظر التعليمات والقرارات فى الأفكار من جهة أخرى.
هل هذا هو ما أوصل البعض إلى تقديم توكيلات إلى المجلس العسكرى لقيادة البلاد مرة أخرى؟
- إدخال الجيش مرة أخرى فى العملية السياسية فيه ضرر على المجتمع وعلى العملية الديمقراطية، وقيادات القوات المسلحة الآن تدرك هذا الأمر، وتعرف أن مستنقع الأحداث الحالية ليس له آخر، وهذا يضر بمسئولية القوات المسلحة ودورها فى حماية البلد، فلنترك القوات المسلحة تقوم بدورها الدستورى والوطنى ولنساعدها على هذا، ويجب ألا ننسى أن القوات المسلحة كانت تحكم فى الفترة الانتقالية والذين يطالبون بنزولها الآن كانوا أكثر الناس فى مهاجمتها.
ما الدور الأمريكى فى مصر بعد وصول الإخوان إلى السلطة؟
- أمريكا ستتعامل مع أى فصيل يأتى إلى الحكم فهى تتعامل مع الحكومات الموجودة إذن فلا لوم على أمريكا، فاللوم علينا نحن فى تنفيذ ما تطلبه أمريكا هل هذا فى صالحنا أم لا.
هل تراهن الجماعة على أمريكا فى استمرارها فى الحكم؟
- ولم لا..؟ من حقهم أن يراهنوا على ذلك طالما هى فى السلطة ويراهنوا على أن أكبر قوة فى العالم تقوم بدعمهم وترضى عنهم وتساعدهم فى حل بعض المشكلات الاقتصادية وفى علاقاتهم الخارجية مع بعض الدول أوفى الاتفاقيات والمعاهدات وأى فصيل يصل إلى السلطة عليه أن يتعامل مع أمريكا، وأمريكا أيضاً تفعل هذا، مع أن المساعدات معروف عنها أنها آلية ضغط سواء فى الظاهر أو فى الباطن وأمريكا تريد من مصر أن تكون نموذجاً للتحرر الديمقراطى لأن هذا يدعم مصالحها فى العالم العربى ويدعم صورتها فى العالم أنها تساعد الدول فى التحول الديمقراطى.
هل لها مشروع خاص فى مصر بعيداً عن الشرق الأوسط الجديد؟
- الشرق الأوسط الجديد انتهى لأنه كان يتبع الجمهوريين الجدد فى وقته وكان هدفه تفتيت المنطقة وإدخالها فى بؤرة ما يسمى بالقرن الأمريكى الجديد أو بؤرة الهيمنة الأمريكية، ولكن الثورات العربية خلقت متغيرات جديدة وقوى سياسية لم تكن موجودة ولكنها خرجت إلى السطح، فى مصر وتونس واليمن وسوريا، إذن المجتمعات العربية فرضت حقائق وتفاعلات جديدة بينها وبين نفسها وبين المجتمعات الأخرى، والمهم أن نعى أن المنظومة التى نبنيها يجب أن تنجح فى بناء ديمقراطية حقيقية، وفى إيجاد اقتصاد قوى، وأن يظل جيشنا قادراً على ردع التحديات التى تواجه الوطن، وللأسف الشديد نحن متعثرون فى الاقتصاد والسياسة، يستكثر البعض أن يكون جيشنا قوياً ويؤثر عليه معنوياً إذن فاللوم علينا نحن وإن لم نكن واعين لذلك سندفع الثمن غالياً.
بطاقة شخصية
خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية 1977.
حاصل على الماجستير والدكتوراه أوائل التسعينيات.
باحث وخبير ونائب لمدير مركز الأهرام الاستراتيجى حتى 2009.
رأس تحرير «التقرير الاستراتيجى العربى» منذ 1999/2007.
نائب رئيس تحرير جريدة «الأهرام» 2005/2011.
مشرف على صفحة الرأى فى «الأهرام».
عضو الهيئة الاستشارية لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية.
يقدم برامج التدريب للصحفيين والقائمين على المؤسسات الصحفية فى مجال الإدارة والتنمية البشرية ومجالات المحاسبة.
له العديد من المؤلفات منها: الثورة اليمنية، الوحدة اليمنية، السياسات الخارجية السعودية، نظام الحكم فى السعودية، العلاقات المصرية العربية، الأحوال المصرية قبل الثورة وبعدها، والصراع على الهوية المصرية.
يقوم بالتدريس فى بعض الجامعات.
يشرف على العديد من رسائل الدكتوراه فى العلوم السياسية.
مدير معهد الأهرام الإقليمى للصحافة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.