أكد الخبير الاقتصادي الدكتور حسين صالح المستشار بالمعهد العربي للتخطيط أن الوضع الراهن للاقتصاد المصري يظهر أنه يعاني من عدة اختلالات منها اختلال داخلي للموازنة العامة للدولة يتمثل في عجز الموازنة بسبب الزيادة المستمرة في المصروفات حتى بلغت 484 مليار جنيه. والانخفاض المستمر والحاد في الإيرادات حتى بلغت 350 مليار جنيه. وتزايد العجز في الميزانية العامة للدولة حتى بلغت134 مليار جنيه. حتى بلغ 11٪ ومن الناتج المحلي الإجمالي للسنة 2011. وأضاف صالح خلال ندوة عقدت في المكتب الثقافي المصري تحت رعاية السفير عبد الكريم سليمان سفير مصر في الكويت ان الاختلال خارجي يتمثل في عجز الميزان الجاري بنسبة 7.7٪ من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2011 بسبب تراجع قيمة الصادرات وزيادة قيمة الواردات تزايد العجز في ميزان المدفوعات. وأيضا اختلال في ميزان القوى العاملة وزيادة البطالة والتي بلغت 13٪ من القوى العاملة ويرجع ذلك إلى أن العرض من مخرجات التعليم أكبر من احتياجات الطلب أو احتياجات سوق العمل ينتج عن ذلك بطالة بجميع أنواعها. وقد عقدت الندوة بعنوان "الفرص الحقيقية في الاقتصاد المصري" وجاءت بهدف التأكيد على ان الاستثمارات الكويتية المصرية مازالت بخير ولا تتأثر مستقبلا فضلا على ان الاستثمارات الكويتية داخل الاراضي المصرية تتطور بشكل مباشر وغير مباشر. واشار صالح الى وجود اختلال في العلاقة بين الادخار والاستثمار نظرا لأن الادخار أقل من الاستثمار ودعا الى ضرورة الاقتراض من الداخل والخارج حيث بلغ حجم الدين العام الداخلي والخارجي 1260 مليار جنيه، وبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي 1300 مليار جنيه، أي أن الدين العام بلغ 99٪ من الناتج المحلي الإجمالي. ولفت صالح إلى أن اختلال هيكل الموارد يشمل الإنتاج المحلي الإجمالي، فضلا عن ان اختلال هيكل الاستخدامات والذي يشمل الإنتاج المحلي الإجمالي وتوزيعها بين الاستهلاك والاستثمار والصادرات. واوضح ان تلك الاختلالات تسببت في خسائر متتالية في البورصة وهي مرآة للاقتصاد الوطني وانخفاض الاحتياطي من النقد الأجنبي من 36 مليار دولار قبل ثورة 25 يناير 2011 إلى 15 مليار دولار حاليا وانخفاض سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الرئيسية بنسبة 10٪ في الفترة الأخيرة وضعف التصنيف الائتماني لمصر من B إلى B- ، والانخفاض المستمر لمعدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي من 7٪ قبل ثورة 25 يناير إلى 2.2٪ حاليا. بالاضافة الى انخفاض نصيب الفرد من الدخل وانخفاض مستوى المعيشة، والارتفاع المستمر في أسعار السلع والخدمات وانخفاض القوة الشرائية للسكان، واختلال في عدالة توزيع الدخل بين السكان وزيادة الفوارق بين الفقراء والأغنياء، واختلال في توزيع ثمار التنمية بين الأقاليم والمحافظات، وتواضع مستوى خدمات التعليم والصحة والإسكان والمرافق العامة. واشار صالح الى ان الاقتصاد المصري خلال الثلاثين سنة السابقة لثورة 25 يناير المجيدة عانى من النمو غير متوازن وتواضع مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.وان استشراء الفساد والمحسوبية والظلم كانت ثمار التنمية لصالح المنتفعين، ولذلك زادت الفوارق بين الناس. اوضح الخبير الاقتصادي ان مقدار قرض صندوق النقد الدولي 4.8 مليار دولار بسعر فائدة 1.5٪ وشروط صندوق النقد الدولي تتمثل في علاج العجز في الميزانية العامة للدولة عن طريق ترشيد المصروفات، وترشيد الدعم وعلاج العجز في ميزان المدفوعات عن طريق ترشيد الواردات بصفة عامة والاستهلاكية بصفة خاصة، وزيادة الصادرات وتنويعها، وتعويم الجنيه، وخفض سعر الصرف. وأوضح صالح ان شروط الصندوق ليست إجبارية، ومن حقنا رفضها، ويلاحظ أن شروط صندوق النقد الدولي متوافقة مع النظرية الاقتصادية، ولكن التطبيق يحتاج التدرج ومراعاة الظروف الاقتصادية والاجتماعية ومحددي الدخل، ورغم موافقة الصندوق على قرض لمصر في بداية ثورة يناير رفضت مصر!!.. وتساءل لماذا؟ حاليا.. وقال ان الأمور تغيرت بسبب الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر. وقال صالح ان مصادر الإيرادات تتوزع بين صادرات نفطية وغير نفطية زراعية وصناعية وخدمات، والسياحة وبلغت إيراداتها أكثر من 8 مليارات دولار سنويا، وتحويلات المصريين للخارج »زادت من 9 مليارات دولار 2008 إلى 18 مليار دولار 2012«. واوضح ان من المشروعات القومية الكبرى مشروع شرق بورسعيد حيث يمكن زيادة إيرادات قناة السويس من 5.3 مليار دولار حاليا إلى 54 مليار دولار عن طرق تقديم خدمات لوجيستية، يمكن تحويل قناة السويس إلى منطقة صناعية ومشروعات تجارية وخدمات وتخزين وإعادة شحن، وإصلاح سفن، تداول حاويات، مركز سياحي متكامل بالتنسيق مع محافظات الإسماعيلية وبورسعيد وسيناء، لتقديم خدمات النقل متعدد الوسائط مثل النقل البري والبحري والجوي والسكك الحديد، وخطوط أنابيب لنقل البترول. ومشروع توشكا حيث يمكن الاهتمام بالتنمية الزراعية ويمكن أيضاً إعادة دراسة اتفاقيات الانتفاع بالأراضي واسترداد حقوق مصر بالوسائل القانونية، ومشروع شمال غرب خليج السويس والذي يوفر 250 ألف فرصة عمل، وإنشاء منطقة صناعية على 176.5 كم2، وإنشاء موانئ وخدمات لوجيستية. واقترح صالح عدة نقاط للخروج من الازمة الحالية منها تقنين وضع الصناديق الخاصة وضمها إلى الموازنة العامة للدولة، وذلك يوفر 1.2 تريليون جنيه، وتعديل اتفاقيات الغاز المصري إلى أسبانيا، وإسرائيل، وتركيا وغيرها يوفر 52 مليار جنيه، وترشيد استخدام الطاقة للمصانع كثيفة استخدام الطاقة للجزء المصدر للخارج مثل الحديد، الاسمنت، الأسمدة، الألومنيوم، السيراميك يوفر 22 مليار جنيه، وسداد مستحقات الدولة لدى الغير، وسرعة معالجة مشاكل المصانع المغلقة لأنها طاقات إنتاجية معطلة، وسداد مستحقات المقاولين لدى الدولة وتشجيع الشركات الكبرى بالذات على تشغيل المواطنين مقابل مزايا وإعفاءات مناسبة، واستكمال المشروعات الصناعية والزراعية والتجارية والخدمات المفتوحة للاستفادة من الاستثمارات المعطلة، وتشغيل المصانع المتوقفة عن الإنتاج، وإعادة النظر وهيكلة باب المرتبات في الموازنة العامة للدولة، ووضع حد أدنى وحد أقصى للمرتبات، والعمل على تحقيق العدالة بين المواطنين رأسيا وأفقيا، وإلغاء مخصصات المستشارين في الحكومة والقطاع العام وقطاع الأعمال والوحدات المحلية، حيث يقدر عددهم ب 180 ألف مستشار، والاستفادة من مخصصاتهم في تعيين الشباب، وإنشاء هيئة كفؤة لإدارة أموال التأمينات الاجتماعية وفصلها عن وزارة المالية لأنها أموال خاصة، والاهتمام بالتعليم والتدريب وزيادة مخصصاته والارتفاع بالإنتاجية، حيث يعتبر التعليم وسيلة لتحقيق العدالة وتوزيع الدخل، وتشجيع القطاع الخاص، وتنفيذ مشروعات B.O.T و PPP، وذلك لتوفير الاستثمارات وخلق فرص عمل حقيقية ومنتجة، وتعديل العقود والتصالح مع المستثمرين المواطنين والأجانب، وقال انه قد أمكن توفير مبلغ 20 مليار جنيه نتيجة التصالح مع المستثمرين، ودعا الى ضرورة ترشيد دعم الطاقة والصناعات كثيفة الاستخدام كالاسمنت والسيراميك والألومنيوم، وضرورة الالتزام بمنهج التخطيط لأنه الوسيلة المثلى لإدارة البلاد بناء على أسس علمية سليمة، وقال ان هذا يتطلب وضع استراتيجية طويلة المدى حتى عام 2025 لعلاج الاختلالات الهيكلية المشار إليها أعلاه في المحور الأول، ويشتق من هذه الاستراتيجية خطة متوسطة المدى يتم تحديد نصيبها من هذه الاختلالات الهيكلية.