رأت صحف أمريكية أن نتائج التصويت على الاستفتاء على الدستور التي جاءت متقاربة إلى حد كبير وصبت في صالح الموافقة عليه، رغم إشعالها نزاعا بين المعسكرين المتنازعين على صحتها، إلا أنها علامة على انهيار فكرة سيطرة جماعة الإخوان على صناديق الاقتراع، لأن أغلب الذين صوتوا ب"لا" كانوا يصوتون على الجماعة وليس الدستور فقط وهو دليل على انخفاض شعبيتها منذ توليه سدة الحكم وعدم وفائها بالتزاماتها. وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن أنصار ومعارضي الرئيس محمد مرسي اشتعلت بينهم المنافسة على نتائج الاستفتاء على مشروع الدستور، والتي تحركت في اتجاه الموافقة عليه في التصويت الذي اتسم بالطوابير الطويلة، ولكن بانخفاض الإقبال، فقد قالت جماعة الإخوان أن حوالي 57 % صوتوا لصالح الدستور في الجولة الأولى، مستندة إلى إحصاءات غير رسمية، ومن المقرر عقد جولة ثانية من التصويت على الدستور السبت القادم في المحافظات التي لدى التيار الإسلامي نفوذ قوي فيها. وأوضحت إنه في حين أشاد الإخوان ب"النضج السياسي" للناخبين، شكك قادة المعارضة في النتائج، وقالوا إن عمليات التصويت شابها مخالفات، رغم توقع العديد أن يتم الموافقة على الدستور، فإن الإقبال كان ضعيفا حيث بلغ فقط 31 %، وفقا لتقديرات الإخوان، وفيما أثيرت الشكوك حول ما إذا كان الموافقة على الدستور يعني توافق الآراء بشأن هوية مصر ووضع الأساس لشرعية الحكومة الجديدة التي فازت في الاستفتاء، وقال البعض إن نسبة المشاركة المنخفضة تشير لتراجع قوة الإخوان في الشارع، الذين كان لديهم قاعدة شعبية واسعة مكنتهم من الفوز في الانتخابات السابقة بجدارة منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك. وأشارت الصحيفة إلى أن بعض مسؤولي الإخوان فوجئ النتائج، وقال جهاد الحداد أحد قادة الإخوان:"إنها بالتأكيد أدنى كثير من التوقعات"، وارجع البعض السبب في ذلك إلى أن معركة الاستقطاب السياسي بين مؤيدي مرسي والمعارضين أصابت شريحة واسعة من المصريين بخيبة أمل جعلتهم يرفضوا المشاركة. وشددت الصحيفة على أن الكثير ممن قال "لا" للدستور لم يأت لرفض مسودة الدستور، ولكن للتعبير عن غضبه من جماعة الإخوان، مشيرة إلى أن التقييم لم يكن على المنتج بل كان على المنتجين"، وقد نما الاستياء ضد الإخوان في الأسابيع الأخيرة بعد أصدر الرئيس مرسي مرسوما منح نفسه صلاحيات واسعة وهمش القضاء ثم دعا على عجل للاستفتاء على الدستور، كما اتهم كثير من المصريين الإخوان بالتسبب في الاشتباكات الدامية التي وقعت خارج القصر الرئاسي قبل أسبوعين. وأشادت بعض شخصيات المعارضة بنتائج الاستفتاء الذي اعتبر انتصارا صغيرة لجماعة التيار السياسي، وقال "عمرو حمزاوي" إن التقارب النسبي لنتائج أنهى فكرة أن جماعة الإخوان لا تقبل المنافسة في الانتخابات، وأن التيارات الديمقراطية التي ليس لديهم شعبية انهوا سيطرة الجماعة على صناديق الاقتراع، وأن جماعة الإخوان وحلفائهم سقطوا في صناديق الاقتراع. ومن جانبها، قالت صحيفة "كرستيان ساينس مونتيور" إن الهامش الضئيل الذي أعلنت جماعة الإخوان المسلمين فوزها به في الاستفتاء على الدستور أشعل معركة جديدة بين المعسكرين المتصارعين منذ فترة، حيث قالت المعارضة إن الانتخابات شابتها انتهاكات خطيرة. وقالت إن النتائج المعلنة والتي تشير لفارق بسيط بين الرافضين والمؤيدين للدستور والنزاع عليها تعكس الفجوة العميقة في مصر على الدستور الذي كان يأمل كثيرين أن يكون نتاج توافق في الآراء، وليس سببا للانقسام، وجاء التصويت بعد أسابيع من الاحتجاجات ضد الرئيس مرسي وقراره باستبعاد القضاء وطرح الدستور للتصويت بعد تم الانتهاء منه بشكل مفاجئ، مخالفا بذلك وعوده القديمة بعد تقديم الدستور للتصويت من دون توافق، وهو ما دفع البعض للقول إن هذه الاستفتاء سيكون بداية النهاية لاحتكار الجماعة لصناديق الاقتراع.