4 محاور مطلوب تنفيذها لنجاح اتحاد الأوراق المالية إذا كنت قد استطعت أن ترى أبعد من غيرك، فلأنك تعاملت مع الحكماء، والعظماء، فالحكيم ليس هو الذى يعرف أشياء كثيرة، ولكن الذى يدير الأمور بتوازن، وكذلك محدثى إيمانه أن العمل يضعك فى صفوف الناجحين، والعون والمعرفة يضعانك فى مصاف الحكماء. اليأس يحمل طعم الموت، والشجاعة تحمل معنى الحياة، والشجاع من يخلق من اليأس أملًا، هكذا مشوار الرجل عندما أراد الأفضل اعتمد على نفسه، حمل بداخله إرادة هائلة تفوق فى حجمها كل الصعاب المتوقعة. عونى عبدالعزيز عضو اللجنة التأسيسية لاتحاد الأوراق المالية ورئيس مجلس إدارة شركة وديان لتداول الأوراق المالية.. فلسفته النفس الراضية هى جناح السعادة، مد يد العون للآخرين هو ما يسعده، ربما لأسمه سرًا فى ذلك، حاول تغيير مساره إلى الأفضل، ونجح. لوحة تستحوذ على المساحة الأكبر من المدخل الرئيسى المؤدى إلى مكتبه، تحمل بعض آيات القرآن الكريم، تحث على النعم والشكر، ممر طويل اتسمت ألوانه بالبساطة، ونفس الحال فى حجرة مكتبه، لا تختلف كثيرًا، كل شيء بسيط، سطح مكتبه يحمل بعض الأوراق المبعثرة، وأجندة ذكريات ترك عليها الزمن بصماته، تحمل سطورها ذكريات والده ونصائحه، قصاصات ورقية سطر بها ذكرياته، وعلاقته بوالده، ومواقف عصيبة غيرت فى شخصيته، وشكلت مسيرته من جديد. هدوء ورضاء كامل يبدوان على ملامح الرجل، واثق فيما يقول، حريص على حسن انتقاء الكلمات حينما يتحدث، متفائل بطبعه، وهو سر تحليله الإيجابى، يبرهن بأرقام، ويستند على حجم الأموال التى ضخت مؤخرًا فى شريان الاقتصاد، سواء من خلال الاستثمار المباشر أو غير المباشر، وهذا نتاج طبيعى لمسار الإصلاح الاقتصادى، الذى انتهجته الحكومة منذ وقت مبكر، وتكشف معه قدرتها فى التعامل مع فيروس كورونا، مما منحها قوة كبيرة، وجعلها فى قائمة الدول المرشحة لاستقبال الاستثمارات، بعد تلاشى جائحة كورونا. عليك أن تؤمن بأن ما تفعله، حتى تحصل على ما تريد.. من خلال هذا المنطق ووفقًا لتحليل محدثى سارت الحكومة، فى استكمال إصلاحاتها رغم التباطؤ الذى واجهها بسبب جائحة كورونا ولكن متوقع تحقيق نمو للاقتصاد، رغم تراجعه إلا أنه إيجابى، إذا ما تمت المقارنة بالعديد من اقتصاديات الدول المتقدمة. لكن لا يزال رجل الشارع رغم كل المؤشرات الجيدة للاقتصاد لم يشعر بتداعياته الإيجابية. بقناعة وثقة يرد قائلًا إن «نتائج الإصلاح الاقتصادى التى مرت بها تجارب اقتصاديات الدول تشير إلى أن ثمار هذه الإصلاحات تستغرق وقتًا، حتى يحصدها المواطنون، خاصة أن الحالة التى مر بها الاقتصاد الوطنى استغرقت وقتًا طويلًا بسبب تداعيات ثورة يناير 2011، ثم تمدد وانتشار فيروس كورونا عالميًا، أثر بالسلب، وهو ما دعا الحكومة إلى تقديم الدعم إلى أكثر من 4 ملايين مواطن من العمالة المؤقتة». من يمتلك الحكمة يكون أكثر رؤية بالمستقبل، ونفس المشهد للرجل عندما يتحدث عن السياسة النقدية لا يخف رضاه عمى تحقق من خلال البنك المركزى فى تحقيق الاستقرار، والتحفيز للاقتصاد مع أزمة كورونا، لكن هذا النجاح لا ينسى محدثى أنه خلال عمليات التنفيذ فى بعض الملفات، لم تطبق بعدالة، ومنها الدعم للعديد من الصناعات، بفائدة نظريا جيدة، إلا أنه عند التنفيذ تغير الأمر تمامًا، حيث وجهت لغير المستهدفين، بل وصلت الفوائد لمستحقيها إلى نسب عالية. رغم عمليات خفض أسعار الفائدة بمعدلات 3% مع جائحة كورونا، بهدف العمل على نشاط الاقتصاد، إلا أن ذلك لم يتحقق بالقدر الكافى، مما أثار جدلًا بين المحللين والمراقبين حول مدى الاستفادة التى تحققت للاقتصاد بصورة عامة وليست قطاعات محددة، ولمحدثى له رؤية خاصة فى هذا الصدد تبنى على أن الأموال التى سحبت من البنوك بعد خفض أسعار الفائدة تم توجيهها إلى الاستثمار فى الذهب كونه من القطاعات الأكثر أمانًا ويحتفظ بقيمته. إذن.. هل لا تزال معدلات أسعار الفائدة فى حاجة إلى عمليات خفض جديدة؟ يجيبنى وقد بدأ أكثر اهتمامًا أن «أسعار الفائدة ليست فى حاجة إلى عمليات خفض أو ورفع، ومن المصلحة العامة، ومراعاة البعد الاجتماعى أن تظل مستقرة فترة تتراوح ما بين 6 أشهر، وحتى عام، بسبب اعتماد قطاع عريض من شرائح المجتمع على عوائد مدخراتهم بالبنوك». مخاوف الاستمرار فى عملية الاقتراض ووصول الدين الخارجى إلى أكثر من 125 مليار دولار، يثير الكثير من الجدل.. لكن محدثى لديه رؤية محددة فى هذا الشأن، يؤسسها على أن أزمة كورونا فرضت على الدولة مواصلتها عملية الاقتراض من خلال أذون الخزانة، والسندات، وهذا يعتبر حلا أمثل بسبب التكلفة الكبيرة التى يمكن تكبدها فى حالة اللجوء للاحتياط النقدى، بالإضافة إلى أن جزءًا من هذه الأموال طويلة الأجل توجه إلى الاستثمارات، وتحقق عوائد تسدد منها أعباءها. الرجل ليس من هواة التفاصيل، إلا إذا تطلب الأمر ذلك، حينما يتحدث عن استقرار سعر الصرف يرجعه لعدد من الأسباب، أهمها التراجع الكبير فى عمليات الاستيراد، وإحلال محل الواردات، وكذلك القفزات الكبيرة التى شهدتها عمليات التصدير خاصة للسلع الزراعية، للخارج بسبب أزمة كورونا، وحاجة دول الاتحاد الأوروبى للمنتجات والسلع الوطنية، بالإضافة إلى تراجع الطلب على الدولار، وهو ما أسهم فى استقرار أسعار الصرف، بل وتراجع الدولار أمام العملات الأخرى، ومنها العملة الوطنية. رغم الأداء الجيد للسياسة النقدية فإن السياسة المالية لم تشهد توافقًا بين الخبراء والمراقبين ودائمًا تواجه انتقادات مستمرة.. فلماذا؟ لحظات تفكير وعلامات حيرة ارتسمت على ملامح الرجل قبل أن يجيبنى قائلًا إن «الاعتماد بصورة كبيرة على الضرائب بنسبة تصل إلى 85% أمرًا يضر بالاستثمار، خاصة فى ظل الضرائب المتعددة التى تتحملها شريحة واحدة، تتمثل فى الطبقة المتوسطة، وهنا ليس أمام مسئولى السياسة المالية سوى مواجهة التهرب الضريبى، بدلًا من الضغط المستمر على فئة محددة، وأيضاً التوجه نحو ضم القطاع الموازى إلى القطاع الرسمى، كونه قطاعًا سوف يحقق إيرادات ضخمة». تابع أن «التحول الرقمى الذى تنتهجه الحكومة والسياسة النقدية سوف يكون له الدور الأكبر فى حصر هذا القطاع، ودخوله فى منظومة القطاع الرسمى خلال السنوات القليلة القادمة، ولكن يتطلب ذلك تعزيز الثقة وتوفير حزمة محفزات للعاملين بهذا القطاع للالتحاق بمنظومة القطاع الرسمي». «التخطيط بكل جرأة وإقدام، والتنفيذ بكل حماس» هذا ما يراه فى ملف الاستثمار الذى لا يزال يعانى، حيث إن الملف بات ليس فى حاجة إلى تشريعات جديدة، أو قوانين، ولكن أصبح فى حاجة إلى تدريب الموظفين الذين يتعاملون مع العملاء، حيث لا يزال يسودهم سلوك وثقافة الروتين، مما يدفع العديد من المستثمرين إلى إعادة النظر فى استكمال إجراءات ضخ أموال من خلال تأسيس مشروعات، بالإضافة إلى العمل على الترويج بصورة أكثر احترافية مثلما يحدث فى ملف السياحة، مما يسهم فى جذب رؤوس أموال أجنبية، وكذلك العمل على دعم المستثمر المحلى، وتقديم المزيد من المحفزات، وتذليل العقبات أمامه، كونه العامل الرئيسى فى جذب المستثمر الأجنبى. التفكير الجيد يصيب هدفًا لا يمكن لأحد أن يراه، ونفس المشهد حينما يتحدث الرجل عن دور قطاع التشييد والبناء كونه قاطرة للنمو الاقتصادى، ويمثل النسبة الأكبر فى هذا النمو خلال السنوات الماضية، ويعمل على توفير العديد من فرص العمل، وكذلك أيضاً قطاع الزراعة والتصنيع الزراعى الذى يستحوذ على نحو56% من العمالة، ودوره الكبير فى التصدير، خاصة مؤخرًا، بالإضافة إلى قطاع الصناعات المغذية، التى تعمل على مساندة الصناعات الرئيسية، مثلما نجحت هذه الصناعات فى أمريكا وإيطاليا. واستشهد فى هذا الصدد بما حدث فى مصانع الأحذية، والتى حققت إنتاجية كبيرة فى مطلع الألفية، لكن لم تجد التسويق الجيد، واضطرت الحكومة إلى الاستعانة بشركات تسويق محترفة نجحت فى التسويق لهذه المنتجات، وتغطية تكلفتها، وتحقيق مكاسب. لا يخفى الرجل انحيازه للقطاع الخاص، كونه من العاملين فى هذا القطاع، ويواجه العديد من الصعوبات، رغم الدور الذى يلعبه القطاع فى توفير فرص عمل، وخفض معدلات البطالة، لذلك على الدولة دعم القطاع حتى يستكمل مسيرته فى التنمية، من خلال إعادة النظر فى أسعار الكهرباء، خاصة أن الفاتورة الشهرية التى تضم كل الأعباء المفروضة على القطاع الخاصة باهظة، ولا يتمكن القطاع الخاص فى استمرار تحملها. رغم الجدل المثار حول الطروحات الحكومية منذ أكثر من 5 سنوات، حول مدى جدوى عملية الطرح من عدمه، لكن بخبرة الرجل الطويل فى المجال يقدم رؤية من نوع خاص، تعتمد على أن السوق بات فى حاجة ملحة إلى طروحات جديدة، وشركات حكومية تحمل قصصًا جديدة، وقادر على استيعابها، مثلما حدث مع طرح المصرية للاتصالات منذ سنوات، على أن يتم مع الطرح المزمع صرف كوبونات نقدية وأسهم مجانية فى الأسابيع الأولى من تداول أسهم الشركة، وهو ما سوف يحقق للطرح النجاح، خاصة أن السوق بات مهيأ للاكتتابات. تظل مشكلات صناعة سوق المال الهم الأول والشاغل للرجل، حيث ظل سنوات طويلة يحمل على عاتقه هموم الصناعة، إلى أن كان الاتحاد المصرى للأوراق المالية، والذى سوف يكون له دور كبير فى تحقيق الاستقرار وتنمية سوق المال ونجاحه، يتطلب 4 محاور رئيسية لنجاح الاتحاد، كما يراها، تتمثل فى تشكيل لجان قوية تضم كوادر وخبرات من السوق لديها خبرة واسعة فى المجال، وكذلك التأكيد على ميثاق شرف العضوية، والتعامل مع العمولات الصفرية بتقنينها وضبطها، خاصة أن تعامل بعض الشركات بهذه العمولات، تسبب فى ضرب العديد من شركات السمسرة الصغيرة، وأيضاً العمل على تحقيق البعد الاجتماعى، من خلال الرعاية الصحية للعاملين بالسوق، وتأسيس صندوق تكافل عند الإحالة للمعاش. هموم صناعة سوق المال، ومشكلاتها لم تنس الرجل خططه المستقبلية الخاصة بشركته، حيث يربط تنفيذ هذه الخطط بتعافى السوق، وفى مقدمتها زيادة رأس مال الشركة من 7 ملايين جنيه، إلى 10 ملايين جنيه، وكذلك العمل على التوسع فى التداول الإلكترونى، والتوسع فى قاعدة العملاء الأفراد والمؤسسات، وإعادة فتح فروع الشركة الذى سبق وتم غلقهم بسبب تداعيات ثورة يناير، خاصة فرعى ميت غمر، ومصر الجديدة. فى رصيد الرجل كنز لا يمكن تعويضه، حكم ونصائح والده، لكن يظل شغله الشاغل المساهمة فى تحقيق الاستقرار والعمل على تطوير صناعة سوق المال.. فهل يستطيع تحقيق ما يتمناه؟