إذا كانت تأسيسية الدستور تقرر مبادئ المساواة بين المصريين وتؤكد في نصوص الدستور المصري الجديد على قيمة المواطنة دون تمييز لعرق أو جنس أو نوع أو فئة داخل المجتمع فإن كوتة المرأة بالرغم من أهميتها في المرحلة السياسية القادمة ليس لها مبرر في التواجد داخل نصوص الدستور مثلها مثل نسبة ال 50٪ عمال وفلاحين التي أنجزتها ثورة 23 يوليو 1952 حتى تضمن اعادة تركيب شرائح وطبقات المجتمع المصري وتوزيع الثروة ومعها توزيع السلطة واتخاذ القرار السياسي والمشاركة في بناء وطن اشتراكي ديمقراطي حر لا يستأثر فيه الاقطاعيون بالمال والحكم ولهذا اختفت ألقاب «الباشا» و«البيه» من داخل المجالس النيابية وأيضاً من أروقة المجتمع حتى جاءت ثورة 25 يناير 2011 وإذا بالمجلس سواء الشعب أو الشورى قد أصبح أعضاؤه ليس فقط من العمال والفلاحين، ولكن من أصحاب مهن غير مألوفة أو معروفة منها 15 سائق «توك توك» وهو وسيلة انتقال غير مرخصة حتى اليوم ومن ثم فإن سائقها لا يحمل رخصة قيادة موثقة بالاضافة الى العديد من السادة المقرئين أو الوعاظ وهى أيضاً وظائف لا تستوجب أي مؤهل علمي أو دراسي أو حتى شهادة تؤكد على وظيفة عامل في مصنع أو فلاح في حقل يزرع ويفلح ويقلع ويحصد ويضيف الى الاقتصاد القومي للوطن. فلجنة التعليم في مجلس الشعب المنحل كان من بين أعضائها عدد من سائقي التوك توك وعدد من مقرئي القرآن الكريم باعتبار أن هذه مهن عمالية أو فلاحية وأصبح هؤلاء هم من يقررون مستقبل التعليم في مصر وهى معلومة موثقة من أحد نواب مجلس الشعب المنحل على سبيل المثال لما وصل اليه حال المجلس بعد الثورة فإذا كان مجلس 2005 و2010 في عهد مبارك به تجار مخدرات وسلاح ولصوص أراضي وفاسدون سياسيون ومحتكرون لثروات مصر وحكمها فان مجلس ثورة 25 يناير كان مجلساً نظيفاً شفافاً لكنه كان أيضاً مجلساً لا يعبر عن مختلف فئات المجتمع وليس من المنطقي أن يحرك الوطن اعضاء تم اختيارهم على أساس السمعة والاخلاق والتدين فقط ولا مجال للعلم والخبرة والفكر تحت دعاوى أن هذا هو اختيار الشعب المصري. وإذا كانت تأسيسية الدستور تلغي وترفض كوتة المرأة وتصفها بكوتة «سوزان» فإن لأهل وأعضاء التأسيسية الذين غابت عنهم قراءة وثائق المشاركة السياسية للمرأة وقوانين العالم العربي والغربي والافريقي أن يعرفوا أن المغرب والاردن وتونس وحتى السودان ورواندا وموزمبيق والسويد وهولندا وحتى فرنسا أقرت جميعاً بضرورة تخصيص كوتة للمرأة في البرلمان حتى ينهض المجتمع ويتقبل فكرة ضرورة تواجد المرأة في دائرة صنع القرار والتشريع ودخول معارك الانتخابات كما أكد العديد من خبراء القانون الدولي أمثال: الدكتور «فؤاد رياض» على ضرورة إتاحة الفرصة للمرأة العربية من خلال كوتة ومقاعد في البرلمان القادم لتأخذ مكانتها مثلما كان حال العمال والفلاحين بعد ثورة 52 كرد على سياسة الاقطاع ورأس المال والطبقية التي حرمت عمال مصر وفلاحيها التعليم والعمل والحكم. لكن التيارات السياسية الاسلامية بداية من الجماعة حتى السلفية والجهادية ترفض بشكل قاطع أي مقترح بشأن إلغاء 50٪ عمال وفلاحين، كما تهاجم بشراسة وضراوة تخصيص مقاعد للمرأة في الدستور وأي نسبة تخص تواجد المرأة على الساحة السياسية وهو أمر يعني الكيل بمكيالين وثلاثة وعشرة لأن مبدأ المواطنة والمساواة وعدم التمييز ينطبق على جميع فئات وشرائح المجتمع لا فرق بين نوع وفئة وإلا فإن المعلمين والسائقين والتجار ورجال الأعمال والشحاذين والزبالين لهم علينا حق في تخصيص نسبة لهم في الدستور لخوض الانتخابات ناهيك عن المعاقين والمصابين والمهاجرين والبدو، ولا ننسى الاقباط والنساء والشباب ولاعبي الكرة والألتراس فكل فئة وشريحة ونوع يحتاج الى نص دستوري يكفل له نسبة تواجد داخل البرلمان.. لذا فإن دور منظمات المجتمع المدني والإعلام الخاص والمستقل وكذلك دور المجالس والهيئات والنقابات أن تنشر الوعي بأن أي نسبة أو كوتة هي هدم لمبدأ المواطنة وكسر لمفهوم المساواة وإقرار للتمييز النوعي أو الفئوي.. لذا فإن الدستور والتأسيسية يجب أن يقرا عدم دستورية نسبة 50٪ أو الكوتة المخصصة للمرأة وإلا فإن الدستور سيكون باطلا مثل زواج عتريس من فؤادة.. باطل باطل باطل..