سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مرشحا الرئاسة يتبادلان التصريحات.. الفيلم المسيء لعبة "أوباما" و"رومني" لكسب الناخب الأمريكي
المرشح الجمهوري حاول استقطاب الناخبين علي جثة سفير واشنطن في ليبيا
دخان القنابل المسيلة للدموع يبدد الرؤية الواضحة للموقف أمام السفارات الأمريكية في عدة بلدان إسلامية.. تحولت تلك المبانى ذات الحراسات المشددة إلى هدف قريب لدى الغاضبين من الفيلم المسىء للرسول عليه الصلاة والسلام. ورغم تبرير الكثيرين لمشاعر الغضب التى حركت الجماهير للتظاهر ومحاولات اقتحام سفارات الولاياتالمتحدة، بل وقتل السفير الأمريكى فى ليبيا، إلا أن المدقق في طبيعة الظرف السياسى الذي تمر به واشنطن قبل شهرين من اجراء الانتخابات الرئاسية، يسهل عليه الاقتراب من أحد محركات تصاعد الأزمة، خاصة مع معرفة أن مقاطع من الفيلم المسىء عرضت قبل ثلاثة أشهر على موقع الفيديوهات العالمى «يوتيوب» دون أى ضجة إعلامية يعقبها صدمة إسلامية. الحزب الجمهورى المعروف بعدائه للإسلام وموقفه المؤيد والداعم للعمليات العسكرية فى أفغانستان والعراق، وجد فى عنف المسلمين أمام سفارات دولتهم مبرراً لفشلهم فى تمرير وهم الحرب على الارهاب الذى استمر طيلة عشر سنوات منذ أحداث 11سبتمبر؛ ليبدأ فى استغلال الأزمة على حساب الحزب الديمقراطى منافسه فى الانتخابات المرتقبة. ميت رومنى مرشح الحزب الجمهورى فى الانتخابات الرئاسية والمنافس للديمقراطى باراك اوباما لم يجد فرصة مميزة أكثر من أزمة العنف أمام سفارات الولاياتالمتحدة في بلدان اسلامية ليضرب الرئيس الحالى فى أهم محاور برنامجه الانتخابى وهو التعايش مع العالم الإسلامى. بدأ «رومنى» فى انتقاد رد فعل «أوباما» تجاه قتل سفير بلدهما فى ليبيا ومحاولات اقتحام سفاراتهم فى بلدان الربيع العربى، ليصفه بالمخزى والمتعاطف مع المهاجمين فى بيان أصدره قبل أيام، ليرد بن لابولت المتحدث باسم حملة اوباما الرئاسية بوصف حديث المرشح الجمهورى بأنه «هجوم سياسى». وعلى ما يبدو، فهم مرشح الحزب الديمقراطى لعبة «رومنى» فى استقطاب الناخبين الأمريكيين على جثة سفير واشنطن فى ليبيا والعنف أمام السفارات، ليبدأ هو الآخر فى الإدلاء بتصريحات تقطع الطريق أمام المرشح الجمهورى، وأهمها اعتباره مصر ليست حليفاً أو عدواً، ثم ما جاء في خطاب هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية فى حكومته الذى أكدت فيه أن شعوب الربيع العربى استبدلت بطغيان الديكتاتوريات عصابات الغوغاء، فى اشارة الى المتظاهرين الغاضبين من الإساءة للرسول عليه الصلاة والسلام. لكن ربما وجد الرئيس الأمريكى أن رد فعله غير كاف لإقناع الناخب الذى سيقف بعد شهرين أمام صندوق الاقتراع، فأرسل مدمرتين بحريتين إلى ليبيا بعد مقتل سفير بلده، ليكون ذلك ذريعة لتواجد أمريكى على أراضى تاسع دولة تمتلك «احتياطى نفطى». ويبرز الربط بين الانتاج اليهودى للفيلم المسىء للرسول الكريم واستغلال «رومنى» أحداث العنف أمام سفارات واشنطن، إذا ما ألقى الضوء على موقف المرشح الجمهورى المؤيد للسياسات الاسرائيلية وزيارته الأخيرة لتل أبيب مع رفضه لقاء مسئولى السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية، إلى جانب تأييده الهجوم على ايران والتدخل العسكرى فى سوريا. ويجلس الناخب الأمريكى على مسافة بين المرشحين، ليشاهد عبر شاشة تلفازه مسلمين يحاولون اقتحام سفارات بلده، ليعيد حساباته فى مرشحه الذى يستطيع التعامل مع العالم الاسلامى بعدما فشلت تجربتى الاحتلال والتقارب، بعيداً عن تقدير موقف الغاضبين بسبب الاساءة لرسولهم. يقول الدكتور سعيد اللاوندى خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدرسات الاستراتيجية والسياسية إن أزمة الاساءة للرسول الكريم جاءت فى توقيت ملائم لاستغلالها فى الدعاية الانتخابية من جانب المرشح الجمهوري «رومنى»، مشيراً إلى احساس المواطنين الأمريكيين بكراهية العالم كله لهم وليس الدول الإسلامية فقط. ولفت «اللاوندى» إلى سلبية باراك اوباما فى إدارته للعلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامي قائلاً: «لم يفعل سوى إلقاء خطاب في جامعة القاهرة فى بداية فترة توليه الرئاسة وفيما عدا ذلك لم يسع لتقارب حقيقى بين الجانبين يؤهل المسلمين للتفريق بين إهانة الولاياتالمتحدة وبعض الأفراد الذين أنتجوا الفيلم المسىء للرسول». ويؤكد خبير العلاقات الدولية نجاح «رومنى» فى كسب أصوات العديد من أصوات الناخبين الامريكيين الذين ينظرون للمسلمين كأعداء، مضيفاً أن قتل السفير الأمريكى في ليبيا وظهور شعوب العالم الإسلامي فى ثوب الهمجية يعطى فرصة أكبر للجمهوريين فى حسم المعركة الانتخابية لصالحهم بمنطق «كنا على حق فى تأييد العمليات العسكرية فى العراق وأفغانستان» بحسب قول اللاوندى. ويتابع: «فى الوقت نفسه حاول أوباما الرد على انتقادات الجمهوريين بإرسال قوات المارينز إلى ليبيا»، موضحاً أن موقفه أحدث رد فعل عكسياً وقوبل باستنكار البلدان الإسلامية والجاليات المسلمة فى الخارج. ويوضح الدكتور محمد السعيد إدريس رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب المنحل، أن اتهامات الحزب الجمهورى الذى يرفع شعار الحرب الاستباقية لأوباما بالتخاذل والعجز فى إدارة الأزمة الأخيرة، إلى جانب الخروج عن مسار المشروع السياسى لخدمة الولاياتالمتحدةالأمريكية، تصب فى مصلحة مرشحهم «رومنى». ويشير «إدريس» إلى أن موقف «رومنى» الداعى إلى التدخل العسكرى فى سوريا والاستجابة لمطالب اسرائيل بشن هجوم على ايران، لقى استهجان قطاع كبير من الأمريكيين وصب فى صالح «أوباما» المؤيد للانسحاب من أفغانستان والعراق. ويضيف أن الأمريكيين كانوا مقتنعين بسياسة «أوباما» المناهضة للحروب والتعايش السلمى مع دول العالم لضمان استقرار الاقتصاد الذى واجه أزمات فى السنوات الأخيرة لحكم الرئيس الجمهورى السابق جورج بوش، ويتابع: «الكفة الانتخابية مالت بشكل كبير فى الأسابيع الأخيرة لصالح أوباما الذى لم يستجب لضغوط تل أبيب فى إعلان موقف واضح ضد طهران، على حساب رومنى». ويؤكد رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب المنحل أن مقتل السفير الامريكى في ليبيا وأحداث العنف أمام سفارات واشنطن في عدة بلدان اسلامية قلب الموازين الانتخابية، واستغلها «رومنى» لكسب الناخبين. ويوضح «ادريس» أن برامج كلا المرشحين «زائفة» وتتضمن تضليلاً للرأى العام الأمريكى، لافتاً إلى أن الظروف هى التى تحكم قرارات الرئيس بعد الفوز في الانتخابات، وليس الشعارات الحماسية التى تصاحب الحملات الانتخابية. ويرى السفير ابراهيم يسرى المدير السابق لادارة الاتفاقيات الدولية بوزارة الخارجية أن «أوباما» يبدو متخوفاً من اتخاذ رد فعل قوى تجاه الاعتداءات على السفارات الامريكية، كونه داعماً للتقارب مع العالم الاسلامى. ويقول «يسرى» إن المعركة الانتخابية ستستمر سجالاً بين الجمهوريين والديمقراطيين مع ثبات موقفهما، فالأول معاد للإسلام والثانى سلبى، مؤكداً أن الدعاية الانتخابية للطرفين لا تعبر عن سياسات استراتيجية قائمة لديهما. وحول تأثير مواقف «أوباما» و«رومنى» على الناخب الأمريكى، يوضح المدير السابق لإدارة الاتفاقيات الدولية بوزارة الخارجية، أن المواطنين الأمريكيين جاهلون بالسياسات الخارجية لبلدهم ويعتمدون على وسائل الاعلام فى اتخاذ مواقف منها، لافتاً إلى سيطرة رجال أعمال يهود على الإعلام الذى يصور الاسلام كدين ارهابى. ويصف الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق، موقف «رومنى» من الأحداث الأخيرة بالاستغلال البشع لأزمة صنعها اللوبى الصهيوني بهدف إحداث وقيعة بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية، ويؤكد أن المرشح الجمهورى يحاول استفزاز «أوباما» لوضعه فى موقف حرج أمام الناخب الأمريكى من جهة والعالم الاسلامى من ناحية أخرى، ليفوز الجمهوريون بمقعد الرئاسة.