فوز أحد المرشحين لرئاسة الجمهورية بالمنصب من الجولة الأولي بعد إجراء الانتخابات يومي 23، 24 مايو المقبل، في هذه الحالة فإنه سيؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الشعب قبل أيام من صدور حكم محكمة الجنايات ضد الرئيس السابق حسني مبارك والذي سيوافق يوم 2 يونيه المقبل، قد يأتي الحكم الذي سيصدره المستشار أحمد رفعت بالإعدام أو المؤبد أو السجن بضع سنوات وقد يأتي بالبراءة، المهم أن الرئيس الجديد سيبدأ مهمته في ظروف بالغة الصعوبة، والمصريون مشتتون ما بين المستقبل الذي يبدأ من قصر العيني عندما يستمعون إلي أول بيان من رئيس جمهورية أمام البرلمان وبين الماضي في أكاديمية الشرطة الذي سيعلن عن غروب شمس مبارك بالإعدام المادي أو المعنوي. مبارك تولي السلطة بعد اغتيال السادات، والرئيس القادم يتولاها بعد إعدام أو سجن مبارك ومصر بين خطابين ماذا يقول الرئيس الجديد في بيانه الأول كما قال مبارك بعد أدائه اليمين الدستورية أمام مجلس الشعب يوم 14 أكتوبر عام 81 لقد صدر لي الأمر من شعب مصر وأنا استلهم مواقف السادات التي اختار فيها قدره أو اختار له قدره، استلهم القوة والارادة من مواقفه، أن أمر الشعب لي بالمضي في الطريق هو أمر لنا جميعاً، أمر أن تكون فجيعتنا في فقد السادات هي قوة الانطلاق لنا جميعاً لكي نعلو فوق كل الآلام ولكي نثري البناء الشامخ. ثم تحدث مبارك في بيانه عن الجدية والطهارة التي أثبت انها ليست من خصاله قال: أهم ما يتعين علينا أن نوفره للعمل الوطني في هذه المرحلة هو الجدية والطهارة فلا هزل ولا جدل ولا تضليل ولا استخفاف بعقول الجماهير ولا تناقض بين القول والعمل ولا نفاق ولا رياء ولا فساد ولا اتجار بقوت الشعب ولا حاكم ولا محكوم فكلنا مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، لا فضل لأحدنا إلا بالتقوي والعمل الصالح، لا عصمة لأحد من سيف القانون القاطع الذي لا يفرق بين قوي وضعيف، وبين غني وفقير، وقريب، وبعيد، ولابد أن يشعر كل مواطن أنه يستطيع أن يحصل علي حقوقه دون وساطة أو شفاعة، وأن يؤدي ما عليه من واجبات دون ملاحقة أو مطالبة. كلام مبارك ردت عليه خالتي أم حسين في البلد قالت له: «أشوف كلامك أصدقك أشوف أمورك استعجب»! وكان مبارك صادقاً حين قال: أعلن لكل من يفكر في العبث بمقادير هذا الشعب وحقه في الأمن والأمان أن قرار الشعب لن يرحم، أعلن لكل من انحرفت به الأطماع والأهواء إلي منزلق الجريمة والغدر أن واحدا منهم لن يفلت من ردع قاطع وحساب عسير واستشهد مبارك بالآية الكريمة: «الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمرا لله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون». وفعلا قامت ثورة 25 يناير لتطهير البلاد من العابثين بمقادير الشعب بعد قيام مبارك بنقض عهد الله وسقطت عصابته وفي مقدمتها ولداه وينتظرون قرار الشعب عندما يصدر حكم الجنايات. وتنبأ مبارك بمصيره منذ أكثر من 30 عاماً، عندما قال إن قرار الشعب لن يرحم حيث قال من فوق منبر البرلمان في أول بيان له بمناسبة تنصيبه رئيساً: أعلن لكل اللاعبين بالنار، العابثين بحياة هذا الشعب وحريته أن نار الشعب هي الأقوي، وأن سيادة القانون تعني في المقام الأول احترام القانون، أعلن لكل من يفكر في العبث بمقادير هذا الشعب وحقه في الأمن والأمان أن قرار الشعب لن يرحم، وأعلن لكل من انحرفت به الأطماع والأهواء إلي منزلق الجريمة والغدر أن واحداً منهم لن يفلت من ردع قاطع وحساب عسير، إذن تنبأ مبارك لنفسه بحساب عسير لأنه عبث بمقادير الشعب، وانحاز لفئة تحولت إلي عصابة استولت علي ثروات البلد وهربت أمواله، وحاول مبارك توريث الحكم لابنه ليستكمل مشواره في تركيع المواطنين وإذلالهم. نحن في انتظار خطاب الرئيس الجديد، وأنصحه بقراءة خطاب مبارك الذي ألقاه في أول مواجهة له مع الشعب، وأن ينتقي كلماته ويطبقها علي نفسه أولاً قبل أن يفرضها علي الشعب، لأن الشعب لا ينسي وذاكرة التاريخ تسجل كل كبيرة وصغيرة ولن يرحم من ينقض عهده.