ابتداءً.. تحية إلى أرواح الشهداء العظام الذين لولاهم ما كان الشعب المصري ليعيش تلك اللحظات التاريخية، وما كان ليسطر واقعًا جديدًا من الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية. دماء الشهداء لم تذهب هدرًا. هي أغلى دماء في مصر. كل الشهداء لأجل تحرير تراب الوطن ولأجل حريته، هم جميعًا فوق الرؤوس وفي مستقر الفؤاد. تحية إلى أسر الشهداء، ولتهدأ قلوبهم الآن. تحية إلى الجرحى والمصابين الذين ضحوا بكل جسارة من أجل عزة ورفعة الوطن، فلتندمل الآن جراحهم ببلسم فرحة الانتصار. تحية لمن فقدوا عيونهم من أجل أن ينيروا لنا طريق الثورة والوطن. لهم منا حبات عيوننا. وهم المبصرون ببصيرة الثورة. تحية إلى الثوار الأنقياء الذين كانوا يقبضون على الثورة بأياديهم كأنهم قابضون على الجمر الأحمر طوال أكثر من عام ونصف العام فلم يهنوا ولم يلينوا. تحية إلى الثوار الأطهار الذين لم يرتدوا أقنعة ولم يضعوا مكياجا سياسيًا ولم يتحولوا ولم ينافقوا ولم يدلسوا ولم يخدعوا ولم يخربوا من الداخل ولم يبحثوا عن مصالح ومنافع ومناصب. إن هذه النوعية الفريدة هم أولو العزم من الثوار. تحية إلى فتيات وشباب ونساء ورجال مصر الشرفاء الذين لم يفقدوا الأمل يومًا في أن الثورة مستمرة وأنها لن تنكسر أبدًا رغم كل عوامل الإحباط التي تعرضوا لها وكانت كفيلة بتدميرهم. الأحد 24 يونيو2012.. يوم تاريخي في مسيرة مصر، فيه أعلن فوز الدكتور محمد مرسي بالرئاسة، لكن الفائز الأكبر هو مصر الوطن. المنتصر الأكبر هو مصر الشعب من أيّد أحمد شفيق قبل من انتخب مرسي. من قاطع ومن أبطل صوته ومن لم يفكر في الذهاب إلى اللجان. انتصرت الديمقراطية في أول انتخابات رئاسية حرة نزيهة في تاريخ مصر. انتصرت الحرية التي جلبتها ثورة 25 يناير العظيمة التي تحميها يد الله. انتصرت الثورة في معركتها الثانية بعد انتصارها الأول يوم أسقطت مبارك وأجبرته على الرحيل. انتصرت الثورة على الثورة المضادة التي تضم خليطًا من كارهي الثورة والتغيير وتحالفات المصالح والفساد والاستبداد والتضليل الإعلامي والثقافي والفكري. كما نزل الشعب المصري إلى الشوارع يوم 11 فبراير 2011 للاحتفال بالانتصار الأول للثورة فإن المصريين نزلوا أيضًا وبشكل عفوي يوم 24 يونيو للاحتفال بالانتصار الثاني، حتى من لم يكن مؤيدًا لمرسي ومن قاطع ومن أبطل صوته ومن كان مترددًا فإنه شعر في لحظة إعلان النتيجة بالفرحة لأن ثورته مستمرة وتتقدم للأمام ولأنه قريب من مرسي وتياره شريك الثورة وشعر بفرحة أخرى لهزيمة الثورة المضادة. لا يستطيع أحد أن يزعم أن الملايين التي في ميادين التحرير وشوارع مصر من أقصاها إلى أقصاها تم إخراجهم للاحتفال إنما هم بادروا من أنفسهم للتعبير عن تمسكهم بثورتهم وبطريقها وبأهدافها إلى أن تكتمل مهما كانت مخططات التآمر عليها لإجهاضها وجعل الشعب ينفضّ من حولها. الثورة حية لم تمت ولن تموت إن شاء الله فهي صنعها الله والله يرعاها ويحفظها. كل المصريين اليوم يجب أن يكونوا على قلب رجل واحد، انتهت المنافسة الانتخابية الشريفة الديمقراطية الحرة وعاد المختلفون سياسيًا إلى الوعاء الجامع الواحد الموحد وهو الوطنية المصرية وحب البلد والولاء والانتماء له. لابد أن تتكاتف الأيادي وتأتلف القلوب وتفكر العقول دون النظر إلى الماضي أو اللجوء لتصفية الحسابات أو استدعاء أوصاف وتصنيفات وتقسيمات راجت خلال الفترة الماضية من أجل بناء النهضة التي تضع مصر وشعبها في المكانة اللائقة بهم. مصر عادت إلى شعبها ونفسها في 11 فبراير، وكادت تضيع خلال رحلة الثمانية شهرًا الماضية لكنها عادت مجددًا يوم 24 يونيو ولن يسلبها أحد مرة أخرى ممن لا يريد لها أن تستكمل ثورتها. جاءت كلمة الرئيس محمد مرسي موفقة ومطمئنة وتحمل لغة ومضامين جديدة على الخطاب الرئاسي المصري طوال ال 60 عامًا الماضية واللافت أنه استدعى من التراث قيم العدل والعدالة والحاكم الخادم الأجير عند الشعب الذي بلا حقوق لكن عليه واجبات تجاه مواطنيه ثم هو يتعهد بأن يحلّ الشعب من طاعته إذا لم ينفذ التزاماته تجاهه. وجاءت أيضًا تهنئة المرشح الخاسر أحمد شفيق للرئيس مرسي خُطوة طيبة وِفاقية متحضرة. تهنئة لمصر وشعبها وكل من يحبها في العالم.