هذه رسالة من صميم القلب إلى ملايين من ثوار شعبنا العظيم، أولئك الذين خرجوا إلى شوارع مصر وميادينها يطالبون بالحرية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية. إنهم ليسوا ثوار مصر الجاهلة الجائعة الخانعة، ولكنهم ثوار شعبنا المتعلم الحر الأبي الكريم. كم أحببتهم وهم يواجهون بشجاعة مدهشة قوات الأمن المركزي المدججة بالسلاح، يواجهون السلاح المشروع في وجوههم بهتافهم الحضاري: «سلمية.. سلمية». تعرضوا للضرب بالقنابل، والرصاص المطاطي، وطلقات الخرطوش، واستشهدوا برصاص حي من البنادق الآلية للقناصة، ولكنهم لم يقتلوا أحدا. لا ضابط ولا مخبر ولا عسكري قتل في أي شارع، ولا في أي ميدان في مصر! فشهداء الشرطة -ونحن نحتسبهم عند الله، ولا نزكي على الله أحدا- استشهدوا جميعا عند أقسام الشرطة وفي السجون. هؤلاء الثوار الأبطال هم أعظم وأجمل وأروع ما في مصر المحروسة. هؤلاء الثوار هم الرجاء، وهم الأمل، فهم من أسقطوا الطاغية وحاشيته من فوق عروشهم، وهم من سيغيرون نظام الحكم في مصر. كثيرون من المصريين لا يفهمون حقيقة ما يجري على أرض الوطن، إذ إن أكثرهم جالسون في البيوت، أو في أماكن العمل، أو بعيدون عن نبض الشارع، لم يروا المعجزة وهي تتحقق أمامنا على الأرض، معجزة انتصار شعبنا المسالم على جنود حسني مبارك وقوات حبيب العادلي. فكيف انتصر شعبنا الأعزل على كل هذه القوات المدججة بكل أنواع الأسلحة الحديثة؟! هذه قوات كان يُصرف عليها ثلث ميزانية الدولة المصرية على مدى عشرات السنين، من أجل سحق شعبنا الصبور، إذا ثار يوما في وجه حاكمه، فكيف تغلبنا عليها؟! إنها حقا معجزة إلهية، ومن لم يرها بعينيه وهي تحدث أمامه، لن يصدق أننا تغيرنا، وسنغير مصر إلى الأفضل، فمصر ستصبح دولة ديمقراطية متقدمة، ترعى الحريات العامة، وتحافظ على حقوق الإنسان، ومن عاش لحظات النصر يدرك صحة كلامي، أما من كان بعيدا عن أرض المعركة، ولم يعاين المعجزة، فسيتخبط بين كلام يقال هنا، وكلام آخر يقال هناك! نحن جميعا غير راضين عما يحدث في مصر الآن، لكن كل ما لا يعجبنا سنغيره تماما، وكل الفاسدين الذين ما زالوا متشبثين بكراسي الحكم سنزيلهم عن كراسيهم، كما نزع الله سبحانه الملك عمن شاء. أنتم أيها الثوار الذين شاركتم في تحقيق المعجزة، وحملتم على أياديكم مئات الشهداء، وآلاف المصابين.. أنتم الذين ستواجهون قوى الثورة المضادة، فالمعركة لم تنته بعد، فمعركتنا ما زالت ممتدة وطويلة، ودماء شهدائنا لن تذهب هباء، وأشقاؤنا المصابون سيأخذون حقوقهم كاملة. صحيح ما زال الفساد موجودا، ومعششا في كثير من النفوس والعقول، والفاسدون يحتلون الكثير من مقاعد الحكم، لكن ثورتنا مستمرة، والثوار جاهزون للتضحية من أجل الوطن، وكفاحنا متواصل حتى نحقق لشعب مصر كله الخبز، والحرية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية