شعر الشعب المصري بصدمة شديدة وبإهانة بالغة عندما تقدم المطرب الشعبي سعد الصغير إلى منصب الرئاسة، ظن المصريون أن هناك من يحاول إهانتهم، وأن هناك من يخطط للتسفيه من كل قيمة أو رمز احترموه: من هو سعد الصغير لكى يتقدم لهذا المنصب؟، وكيف تتركه الحكومة يترشح؟، ولماذا ترك الباب مفتوحا للحلاق والنقاش وسائق التوك توك والميكانيكى والراقصة وسعد الصغير؟، لماذا لم يتم وضع شروط تتوافق وحجم وقامة منصب الرئيس المصرى؟، هل الشعب المصرى رخيص إلى الحد الذى يحكمه المنجد وجامع القمامة وبائع الكبدة وتاجر المني فاتورة والحداد والنجار ومبيض المحارة والراقصون والعوالم؟، لماذا يهينون أرفع منصب فى نظام الحكم؟. قبل أسابيع، ربما منذ شهرين أو أكثر، كتبت هنا ونبهت إلى العوار الموجود فى المواد الخاصة بترشح رئيس الجمهورية، سواء فى الدستور المصري أو فى القانون الخاص بانتخاب رئيس الجمهورية، وأكدت أنها لا تتضمن أهم شرط يجب أن يتوفر في المتقدم لمنصب الرئاسة، وهو المؤهل الدراسي، حيث لم تشترط المواد حصوله على مؤهل جامعي أو حتى على شهادة الإعدادية. المادة 75 من الدستور الدائم اشترطت فيمن يترشح لرئاسة الجمهورية: «أن يكون مصريا من أبوين مصريين، وأن يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية، وألا تقل سنه عن أربعين سنة ميلادية»، وهذه الشروط نقلت حرفيا إلى الإعلان الدستوري في المادة(26)، وقد أضاف لها المجلس العسكري شرطين جديدين وهما: «ألا يكون قد حمل أو أي من والديه جنسية دولة أخرى، وألا يكون متزوجا مًن غير مصري». هذا عن الدستور وعن الإعلان الدستورى الذى أصدره المجلس الحاكم العسكرى، لكن المتابع قانونيا يعلم أن هناك قانوناً خاصاً بانتخاب الرئيس ينظم عملية الترشح ويضع الشروط التى يجب توافرها، وهذا القانون يحمل رقم 174 لسنة 2005، هذا القانون الذي عرف بقانون انتخاب رئيس الجمهورية، تم تعديله بعد قيام ثورة يناير بمرسوم أصدره المجلس الحاكم العسكري، وقد صدر قبل فتح باب الترشح بأيام تحت رقم 12 لسنة 2012 . المادة رقم 13 من القانون ومن المرسوم بقانون تضمنت المستندات التي يجب أن يقدمها المرشح للرئاسة، وقد جاءت على النحو التالي: 1 النماذج الخاصة بتأييد طالب الترشيح أو ترشيح الحزب له. 2 شهادة ميلاد طالب الترشيح أو مستخرج رسمي منها. 3 إقرار من طالب الترشيح بأنه مصري من أبوين مصريين، وبأنه لا يحمل جنسية أخري . 4 إقرار من طالب الترشيح أنه غير متزوج من غير مصرى(أضافه المرسوم بقانون) 5 شهادة بأنه أدي الخدمة العسكرية أو اعفي منها طبقا للقانون . 6 إقرار الذمة المالية طبقا لأحكام القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير مشروع . 7 بيان المحل المختار الذي يخطر فيه طالب الترشيح بكل ما يتصل به من عمل اللجنة. هذه المستندات كما ترون لا تتضمن المؤهل الدراسي، وهو ما يعنى أن القانون والمرسوم بقانون فتحا باب الترشح للمتعلم ولغير المتعلم، وبات من الممكن أن يتقدم لهذا المنصب الأمي والحاصل على شهادة الابتدائية أو الإعدادية أو المؤهل المتوسط أو ما هو دونها، وهو ما يعنى أن القانون والمرسوم يسمحان لأي صاحب مهنة التقدم وتمثيل مصر كرئيس لها، النقاش والحلاق والخباز وبائع الخضار وغيرها من المهن التى نجل لأصحابها كل احترام وتقدير. مرت الأيام وتم فتح باب الترشح للرئاسة، وتقدم كما توقعت كل من هب ودب، العجلاتى والنقاش وسائق توك توك وغيرهم من أصحاب المهن الدنيا التى نجلها ونحترمها ونقدر أصحابها، فكتبت مرة أخرى وأشرت مرة ثانية للعوار الموجود فى المادة(رقم75) بالدستور وفى المادة (رقم 13) بالقانون وبالمرسوم بقانون وقلت بالعامية: ليه؟، وبالفصحى: لماذا؟، لماذا تجاهل المشرع فى الدستور والقانون عدم تحديد المؤهل الدراسي؟، لماذا تشترط الشهادة الجامعية في أصغر الوظائف وتترك في وظيفة ومنصب مثل هذا؟، هل لم يتم تحديدها من باب الديمقراطية لإتاحة الفرصة أمام الطبقة العاملة لتولى منصب رفيع؟، هل لاعتقادهم أن أبناء هذه المهن لن يفكروا في التقدم لتولى الوظيفة، أم أن هناك من يتعمد عدم تصحيح العوار للتسفيه وإهانة أرفع منصب في مصر؟ مذيعة بالتليفزيون المصرى(مها عثمان) كتبت على «الفيس بوك» تعترض على منح الدولة الأمي حق التصويت في الوقت الذي منعته فيه من استخراج رخصة قيادة بسبب جهله».. هذا عن التصويت، فما بالك بتقدم الأمي وسعد الصغير لمنصب الرئيس؟، أظن أن هناك من يتعمد التسفيه من منصب الرئيس وإهانة الشعب المصري.