المتابع لترشيحات رئيس الجمهورية لفت انتباهه تقدم العديد من أصحاب الحرف لسحب أوراق الترشح، وأن بينهم الحلاق والحانوتي والميكانيكي ومبيض المحارة والعجلاتى وغيرها من المهن التي نجل ونقدر أصحابها كل التقدير والاحترام، وقد يندهش البعض لتقدم بعض أصحاب هذه المهن إلى أرفع منصب في البلاد، والدهشة هنا ليست في لماذا تقدموا؟، لأن الواقع يقول من حق كل إنسان أن يحلم بتولى منصب الرئاسة، ربما ليحقق بعض مما حرم منه خلال حياته، وربما ليطبق العدل كما يفهمه، وربما ليشبع رغبة ملحة في التسيد والسلطة، بل ان الدهشة الحقيقية تأتى ممن سمح لهم بالترشح؟، كيف يتقدم لمنصب مثل هذا من لا يحملون شهادة جامعية؟، من الذي سمح لغير المتعلمين الترشح لمنصب الرئاسة؟، هل الذين وضعوا الدستور أم الذين صاغوا الإعلان الدستوري أم الذين وضعوا القانون الخاص بالرئاسة؟. المادة 75 من الدستور الدائم اشترطت فيمن يترشح لرئاسة الجمهورية: « أن يكون مصريا من أبوين مصريين، وأن يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية، وألا تقل سنه عن أربعين سنة ميلادية»، وهذه الشروط نقلت حرفيا إلى الإعلان الدستوري في المادة(26)، وقد أضاف لها المجلس العسكري شرطين جديدين وهما: «ألا يكون قد حمل أو أي من والديه جنسية دولة أخرى، وألا يكون متزوجا من غير مصري»، وهذه الشروط كما هو واضح لم تحدد جنس المرشح، كان ذكرا أم انثى، واستخدم المشرع جملة» فيمن ينتخب» إشارة للمرشح بشكل عام, كما أن المادة لم تشترط درجة التعليم للمرشح، ربما تركت هذه التفاصيل إلى القانون. والذي يعود إلى القانون رقم 174 لسنة 2005، الخاص بانتخابات الرئيس، وإلى المرسوم بقانون الخاص بتعديله رقم 12 لسنة 2012 ، والذي أصدره المجلس الحاكم العسكري منذ فترة قصيرة، يتضح له أن المادة رقم 13 من القانون ومن المرسوم بقانون، حددت المستندات التي يجب أن يقدمها المرشح للرئاسة، وقد أضاف المرسوم بقانون للمستندات المذكورة في القانون 174، مستندا جديدا وهو: إقرار بأنه غير متزوج من غير مصري، وقد جاءت المستندات المطلوبة على النحو التالي: مادة13: .. يجب أن يرفق بالطلب المستندات التي تحددها اللجنة وعلي الأخص: 1 النماذج الخاصة بتأييد طالب الترشح أو ترشيح الحزب له . 2 شهادة ميلاد طالب الترشح أو مستخرج رسمي منها . 3 إقرار من طالب الترشح بأنه مصري من أبوين مصريين، وبأنه لا يحمل جنسية أخري . 4 إقرار من طالب الترشح بأنه غير متزوج من غير مصري. 5 شهادة بأنه أدي الخدمة العسكرية أو أعفي منها طبقا للقانون . 6 إقرار الذمة المالية طبقا لأحكام القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع . 7 بيان المحل المختار الذي يخطر فيه طالب الترشح بكل ما يتصل به من عمل اللجنة وتعتبر الأوراق التي يقدمها والمستندات المذكورة هنا لا تتضمن المؤهل الدراسي للمرشح للرئاسة، وهو ما يعنى أن القانون والمرسوم بقانون فتحا باب الترشح لمنصب الرئاسة للمتعلم ولغير المتعلم، وبات من الممكن أن يتقدم لهذا المنصب الأمي والحاصل على شهادة الابتدائية أو الإعدادية أو المؤهل المتوسط أو ما هو دونها، وهو ما يعنى أن القانون والمرسوم يسمحان لأى صاحب مهنة التقدم وتمثيل مصر كرئيس لها، النقاش والحلاق والخباز وبائع الخضار والحانوتي والسباك والبواب وغيرها من المهن التي نجل لأصحابها كل احترام وتقدير. أداة الاستفهام الوحيدة التي تطرأ فى ذهنك بعد الانتهاء من قراءة الدستور والإعلان الدستوري والقانون الخاص بانتخابات الرئيس، هى: بالعامية: ليه؟، وبالفصحى: لماذا؟، لماذا تجاهل المشرع فى الدستور والقانون عدم تحديد المؤهل الدراسي؟، لماذا تشترط الشهادة الجامعية في أصغر الوظائف وتترك فى وظيفة ومنصب مثل هذا؟، هل لم تحدد من باب الديمقراطية لإتاحة الفرصة أمام الطبقة العاملة لتولى منصب رفيع؟، هل لاعتقادهم أن أبناء هذه المهن لن يفكروا في التقدم لتولى الوظيفة؟، ربما سهي عليهم.