المشكلة ليست في أن المرسوم بقانون الخاص بانتخابات الرئيس قد أصدره المجلس العسكري في وجود أو غياب مجلس الشعب، لأن هذه المشكلة بسيطة وتحلها المادة رقم 147 من الدستور، والتي تقضى بعرض المراسيم بقوانين على مجلس الشعب حين انعقاده، المشكلة الأكبر بهذا المرسوم في العوار الذي تتضمنه بعض مواده، وهذا العوار يصل إلى حد مناقضة إحدى مواد المرسوم بقانون لمواد الدستور الدائم وللإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس الحاكم العسكري، وقام بتعديله في شهر مارس 2011، ويتمثل هذا العوار في أنه قصر الترشح للرئاسة على الذكور دون الإناث، كما انه لم يشترط المؤهل الدراسي فى المرشح لرئاسة الجمهورية. المادة 75 من الدستور الدائم اشترطت في من يترشح لرئاسة الجمهورية: « أن يكون مصريا من أبوين مصريين، وأن يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية، وألا تقل سنه عن أربعين سنة ميلادية»، وهذه الشروط نقلت حرفيا إلى الإعلان الدستوري في المادة (26)، وقد أضاف لها المجلس العسكري شرطين جديدين وهما: «ألا يكون قد حمل أو أي من والديه جنسية دولة أخرى، وألا يكون متزوجا من غير مصري»، وهذه الشروط كما هو واضح لم تحدد جنس المرشح، كان ذكرا أم انثى، واستخدم المشرع جملة «فيمن ينتخب» إشارة للمرشح بشكل عام, كما أن المادة لم تشترط درجة التعليم للمرشح، ربما تركت هذه التفاصيل إلى القانون. الذي يعود إلى القانون رقم 174 لسنة 2005، الخاص بانتخابات الرئيس، وإلى المرسوم بقانون الخاص بتعديله رقم 12 لسنة 2012 ، والذي أصدره المجلس الحاكم العسكري منذ أسبوعين، المادة رقم 13 من القانون ومن المرسوم بقانون، تضمنت المستندات التي يجب أن يقدمها المرشح للرئاسة، وقد أضاف المرسوم بقانون للمستندات المذكورة في القانون 174، مستندا جديدا وهو: إقرار بأنه غير متزوج من غير مصري، وقد جاءت المستندات المطلوبة على النحو التالي: مادة13: .. يجب أن يرفق بالطلب المستندات التي تحددها اللجنة وعلي الأخص: 1 النماذج الخاصة بتأييد طالب الترشيح أو ترشيح الحزب له . 2 شهادة ميلاد طالب الترشيح أو مستخرج رسمي منها . 3 إقرار من طالب الترشيح بأنه مصري من أبوين مصريين, وبأنه لا يحمل جنسية أخري . 4 إقرار من طالب الترشيح بأنه غير متزوج من غير مصرى. 5 شهادة بأنه أدي الخدمة العسكرية أو أعفي منها طبقا للقانون . 6 إقرار الذمة المالية طبقا لأحكام القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير مشروع . 7 بيان المحل المختار الذي يخطر فيه طالب الترشيح بكل ما يتصل به من عمل اللجنة. وتعتبر الأوراق التي يقدمها والمستندات المذكورة هنا لا تتضمن المؤهل الدراسي للمرشح للرئاسة، وهو ما يعنى أن القانون والمرسوم بقانون فتحا باب الترشح لمنصب الرئاسة للمتعلم ولغير المتعلم، وبات من الممكن أن يتقدم لهذا المنصب الأمي والحاصل على شهادة الابتدائية أو الإعدادية أو المؤهل المتوسط أو ما هو دونها، وهو ما يعنى أن القانون والمرسوم يسمحان لأى صاحب مهنة بالتقدم وتمثيل مصر كرئيس لها، النقاش والحلاق والخباز وبائع الخضار وغيرها من المهن التى نجل لأصحابها كل احترام وتقدير. والأخطر من الشهادة الدراسية، أن المستندات المطلوبة تضمنت بندا يتعارض تماما مع ما جاء فى الدستور، وهو البند رقم (4) فى القانون 174، ورقم (5) في المرسوم بقانون، من البنود الخاصة بالمستندات المطلوبة من المرشح للمنصب، فقد خص هذا البند الذكور فقط بالتقدم إلى الترشح لمنصب الرئيس، وذلك بنصه على التالي: «شهادة بأنه أدي الخدمة العسكرية أو أعفي منها طبقا للقانون»، وهذا المستند يخص الرجال فقط، لأن المتفق عليه قانونا ودستوريا أن خدمة التجنيد إجبارية على الذكور، وأذكر أن الدولة كانت تأخذ بفكرة الخدمة العامة، وهى فترة مساوية لفترة التجنيد، تؤديها الفتيات، وكانت فى الغالب تؤدى فى تعليم الكبار (محو الأمية)، وكانت القوى العاملة لا تسلم الخريجين العمل قبل استيفاء جميع المستندات، وكان ضمن هذه المستندات موقفه من التجنيد أو الإعفاء منها للذكور، والانتهاء من الخدمة العامة للفتيات ولمن أعفى من التجنيد من الذكور. وصياغة البند الخاص بأداء الخدمة العامة على حالته هذه يعنى أن قصر الترشح على الذكور فقط، وكان يجب أن تضاف للصياغة جملة: «والخدمة العامة للنساء»، حتى لو كانت الدولة قد ألغت الخدمة العامة في الوقت الحالي، لأن المتقدم للترشح حسب الشروط لا تقل سنه عن 40 سنة، وهؤلاء الأشخاص كانوا من الذكور أو الإناث أدوا الخدمة العامة.من هنا نطالب مجلس الشعب بأن يعيد النظر في شرط المؤهل التعليمي، لأنه ليس من المقبول ولا المعقول أن يتولى أمور هذه البلاد أحد الأميين أو شخص يحمل إعدادية أو مؤهلا متوسطا، فالذي نعرفه أن رخصة القيادة تشترط الإلمام بالقراءة والكتابة، فما بالك بمنصب رئيس الجمهورية، كما نطالب مجلس الشعب بأن يعيد صياغة البند رقم 4 من القانون، ورقم 5 من المرسوم العسكري بالمادة رقم 13، بما يتيح الفرصة لترشح النساء لمنصب الرئيس بشكل صريح وواضح، لأن الصياغة الحالية تتعارض وما جاء بالمادة 75 بالدستور، و26 من مرسوم العسكري.