فيما كان الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمين", بمدينة بنى سويف , وخلال مؤتمر جماهيرى هناك , لجماعته أو حزبه الحرية والعدالة أو كليهما - لا فرق- , وبينما هو مزهواً منتشياً بمن حوله , والنِعَمْ التى أسبغها الله عليه من جاه وسلطان , بعد أن تملكت "جماعته" البرلمان بغرفتيه ( مجلسى الشعب والشورى) , وأختطفت لجنة المئة التأسيسية ,وسيطرت عليها , ولم يبقى سوى تنصيب رئيس "إخوانى",و كتابة الدستور بيد رجاله المخلصين ,الذين يدينون له بالسمع والطاعة , تأصيلا لسلطة دينية كهنوتية ,على الطريقة الإيرانية , تكون بيد المرشد نفسه , أو هكذا يحلم ويتمنى , مع أن الإسلام لا يعرف الكهنوتية ,وفيما هو يمد بصره ,ويرى نفسه قاب قوسين أو أدنى من كرسى الخلافة ,خليفةً للمسلمين وأميرا للمؤمنين , هبط عليه الوحى , أو هكذا توهمَ , وتصور نفسه سيدنا موسى عليه السلام ,وقد بُعثَ من جديد , مع أنه يعلم ,مثلنا , بأن سيدنا محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وسلامه , هو خاتم النبيين والرسل عليهم جميعا سلام الله . للإنصاف وقبل الإسترسال , وللأمانة أيضاً , فإن المُرشد لم يقل ذلك نصاً , وإنما ترك لنا أن نفهم هذا من مضمون كلامه وصريح عباراته .. فقد نشرت جريدة "الأخبار" فى عددها الصادر صباح الأربعاء (28 مارس) ,خبراً كتبه الصحفى حمدى على من بنى سويف , تغطية للمؤتمر الجماهيرى المنعقد للمرشد بميدان "المديرية"هناك , وجاء فى الخبر بأن مرشد الجماعة " أتهم وسائل الاعلام والاعلاميين بأنهم ك"سحرة فرعون" الذين جمعهم فرعون لسِحر الناس وبث الرعب والرهبة في قلوبهم من دعوة موسي عليه السلام " , أضاف المرشد قائلاً : "إن الشيطان يوحي للاعلاميين بأن يصوروا للشعب ان الاخوان هم بديل الحزب الوطني المنحل وانهم سيدمرون البلد" , وأستشهد المرشد فى كلمته بالرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر , إذ قال له كارتر بأن "الشعب المصرى يحب الإخوان".. مع أنه وإذا لم تَخونى الذاكرة , وهذا أمر وارد مع مرض الزهايمر الذى يعيشه الكثير منا, فإن "أمريكا", كانت حتى وقت قريب هى "الشيطان الأكبر" من وجهة نظر الإخوان , المتطابقة فى ذلك مع النظرة الإيرانية للولايات المتحدةالأمريكية , وهى نظرة لازالت كما هى لم تتغيرإيرانياً.. فإن السؤال الذى يدق على الرأس بعنف , ماذا يقصد المرشد بالإستعانة فى كلامه ب"شهادة" كارتر , وهو من أبناء الشيطان الأكبر الذى هو أمريكا ؟ , ألم تكن أمريكا والذى منها هم ال"طواغيت" أو "رؤوس الضلال" فى رؤية الإخوان , بما يقدمونه من دعم بلا حدود , وحماية للصهاينة الذين يحتلون فلسطين ويعيثون فيها تقتيلا وظلما وتشريدا لإهلنا هناك وتدنيسا للقدس الشريف؟ , ولماذا هذه القداسة والفضيلة التى يضفيها المرشد على "كارتر رضى الله عنه" , خاصة ان هذه الكلمات يقولها المرشد بعد ان تقمص شخصية سيدنا موسى عليه السلام , مع أن الأزهر الشريف , يحرم تقمص شخصيات الأنبياء والرُسُل؟, أنا أفهم أن يستعين المجلس العسكرى بشهادة الأمريكان, على أعتبار أن العسكرى مشغول بمرضاة الأمريكان, لما بينهم من مصالح وعلاقات , لكنى لا أفهم لماذا هذه التغيرات السريعة فى مواقف الإخوان ؟ هل لأنهم أصبحوا فى السلطة ويحتاجون إلى الشرعية من الأمريكان؟ وإذا كان الامر كذلك .. فما هو الفرق بينهم, ومبارك المخلوع ؟ , الذى لم يكن يعنيه الشعب فى شئ , بل كان رأى الأمريكان فيه هو الاهم. وعودة لكلام المرشد عن "سحرة فرعون" الذين هم الإعلام والإعلاميين , وقوله عنهم بأنهم يشيعون ب"وحى" من الشيطان , بأن الإخوان هم بديل الحزب الوطنى المنحل , ومع أن لى ملاحظات مهنية كثيرة على"أداء" بعض زملاء المهنة فى الصحافة والإعلام , وهم قلة , إلا أن الإنصاف يقتضى أن نبرئ "الشيطان" من جريمة "الوحى" أو الإيحاء للإعلاميين بتصوير الإخوان للشعب على أنهم بديل الوطنى المنحل , ولعل أسبابى فى براءة الشيطان مما نسبه المرشد إليه هى بسيطة جدا , وتتلخص فى أن الحزب الوطنى كان أرحم بكثير, إذ لم يكن بهذا "التبجح" الذى نلمسه فى الطريقة التى تمت بها عملية إختطاف لجنة المئة لكتابة الدستور , والتى تضم 58 عضوا من المئة , منتمين تنظيمياً للإخوان والسلفيين, بخلاف 12 عضواً آخرين بلجنة المئة ينتمون فكرياً للإخوان والسلف ,واصواتهم مضمونة فى هذا الجانب, وبينما كان الحزب الوطنى يلعب على المكشوف , فإنه لم يفعل مثل الإخوان , بمعنى أن أحدا من الوطنى لم يدعى يوما أو يزعُم أنه يعمل ب"وحى من السماء" (!!)..كما صرح المرشد فى عبارة بليغة من كلمته بمؤتمر بنى سويف , التى وصف بها الإعلامييم بأنهم ك"سحرة فرعون الذين جمعهم فرعون لسحر الناس وبث الرعب فى قلوبهم من دعوة سيدنا موسى عليه السلام", ومع أننا لا نعرف من هو فرعون هنا الذى جمع الإعلاميين , للقيام بهذه المهمة الشيطانية , إلا أن يكون المجلس العسكرى الذى لايوجد وئام أصلا بينه وبين الإعلاميين ,ويتعرض منهم لملايين الحروف كل يوم نقدا وتجريحا وربما سباباً فى بعض الأحيان , ومع ذلك لم يصف الإعلاميين وهو "العسكرى" , بأنهم عملاء الشيطان , كما فعل المرشد الذى وضع نفسه مكان سيدنا موسى عليه السلام ودعوته , وإذا كنت كصحفى لا أتوقع من ممدوح الولى نقيب الصحفيين أن يدافع عنا فى مواجهة المرشد , كون "الولى" ممن ينتمون للجماعة ومن المختارين عضوا بلجنة المئة التأسيسية لكتابة الدستور , فإن الواجب يحتم علىَّ أن أعتذر لسيدنا ومولانا الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ,عليه السلام , عن تطاولى على دعوته ومراجعة كلامه , وليلتمس لى العذر , فماذا ينتظر من واحد مثلى من سَحَرة فرعون , الذين يكتبون "بوحى" من الشيطان, لعنة الله عليه.