تحقيق: محمود إسماعيل: اشراف- نادية صبحى «عزيمة.. إيمان.. مجد» هى شعارات تزين وتنتشر على جدران الكليات العسكرية ويحلم بها كثير من الشباب. ومع فتح باب القبول بالكليات العسكرية تبدأ الأحلام تراودهم، وهنا تبدأ مراكز التدريب والتأهيل البدنى العبث بهذه الأحلام والظهور عبر الإعلانات فى الشوارع والطرقات لإقناع الطلبة بأنها أقصر طريق لتحقيق الحلم. ولكن الأمر لم يقف عند ذلك، بل تواصل هذه المراكز عملها للتدريب فى فترة الشتاء أيضًا أثناء اختبارات الضباط المتخصصين والتى تعلن عنها الكليات العسكرية كل عام، وتعود فكرة هذه المراكز مع بداية عام 2000 ومع ازدياد الإقبال على التقدم للكليات العسكرية وانتشرت بشكل سريع فى القاهرة والمحافظات المختلفة لتحقق أكبر المكاسب المادية. وتكشف «الوفد» ملف بيزنس التأهيل للكليات العسكرية وتحدثت إلى أسرة أحد الضحايا وأحد رواد هذه المراكز المتقدمين للقبول بالكليات العسكرية فى قسم الضباط المتخصصين، كما التقت «الوفد» بعض الخبراء المتخصصين. فى البداية، قال منصور سعداوى، حاصل على بكالوريوس علوم قسم كيمياء حيوية، احضر إلى المدرسة السعيدية بالجيزة لحضور تدريبات التأهيل البدنى من أجل الاستعداد واجتياز الاختبار البدنى فى شعبة الضباط المتخصصين، والتحقت بأحد المراكز للتأهيل البدنى، ويتم تدريبنا بدنيًا عن طريق الجرى حول ملعب المدرسة، وبعض التمرينات «السويدي» ودفعت 450 جنيهًا نظير التدريب لمدة شهر ولكن أخبرتنى إدارة المركز بأنها لا تشمل مصاريف قفزة الثقة والتى سيتم تحديدها فى آخر أيام التدريب بأحد الأندية الرياضية ومصاريف القفزة هى مائة جنيه. وتابع «سعداوى» بأن سر رغبته فى التدريب بمركز للتأهيل البدنى هو محاولته تحسين لياقته البدنية بسبب صعوبة الاختبار البدنى للكليات العسكرية، وهذه هى المراكز المتاحة، ولكن العدد قليل حاليًا لأن معظم الزحام يكون فى الصيف فى فترات التقديم للكليات العسكرية بعد إعلان نتيجة التنسيق بالجامعات. وأكد يوسف فؤاد، طالب بكلية الحقوق الفرقة الأولى وكانت له تجربة سابقة مع أحد أكبر مراكز التأهيل البدنى، قائلًا: قدمت العام الماضى بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة ودفعت 550 جنيهًا نظير التدريب لمدة أسبوعين، ولكنى فوجئت بأن معظم التدريبات التى حضرتها كان بها عدد كبير جدًا وكنا نذهب يوميًا عدا الجمعة والسبت لملعب نادى السكة الحديد بمدينة نصر، ويتم التدريب هناك بالجرى والإحماء أولًا ثم تبدأ تدريبات القفز والضغط والعقلة ولكن معظمها كان يتم بشكل سريع لكثرة العدد، أما بالنسبة لقفزة الثقة فتتم فى نادى الشرطة الرياضى لمدة يوم وندفع لها 100 جنيه نظير القفزة ويقوم مدرب بالوقوف بأعلى المنط ومدرب داخل الحمام وهناك كثير من الطلبة يأتون عند حافة السور وترفض القفز بسبب الخوف من مسافة عالية وهى عشرة أمتار. وأضاف «فؤاد»: المراكز كلها أهم حاجة عندها إنهم يقنعوا الواحد بأنك هتتقبل بنسبة كبيرة لما تتدرب عندهم، وده بيخلى ناس كتير تعتقد إنهم تابعين للكليات العسكرية أو مراكز معتمدة، ولكن ده غير صحيح فتدريبات القبول مختلفة نهائيًا عن الاختبارات. وقال منتصر سلطان، مدرب بأحد كبار مراكز التأهيل البدنى بالقاهرة، إن مهمتنا هى الوصول إلى أعلى مستوى للتدريب للطالب ليتمكن من الالتحاق بالكليات العسكرية، التى يرغب فيها، إضافة إلى التدريبات الرياضية التى تساعده على الثقة بالنفس والوصول إلى اللياقة البدنية المرجوة، وبالتالى مراكز التأهيل مهمتها هى التدريب والتأهيل فقط وليست ضمان الدخول والمبلغ الذى يقوم الطالب بدفعه يتم الاتفاق معه على التدريب وغالبًا فى فترة الصيف يكون مكثفاً لمدة شهر بسبب كثرة العدد وهى فترة التقديم للكليات العسكرية، أما فى فترة الشتاء وهى فترة تقديم للضباط المتخصصين تكون ثلاثة أسابيع للتأهيل قبل الاختبار. وتابع سلطان حديثه: نجتاز مع الطالب أصعب التدريبات والاختبارات، وأهمها قفزة الثقة التى يخشاها الكثيرون من الطلبة، ولذلك نتبع معهم برنامجاً ابتداءً من القفز من 2 متر حتى يصل المتدرب إلى القفز من 12 متراً وبذلك يكون تعدى المسافة الأساسية التى سوف يمر بها فى الكلية العسكرية وهى 10 أمتار فقط وهى أهم نقطة قى الاختبار البدنى ولا بد من اجتيازها لمواصلة باقى الاختبارات بالكليات العسكرية وتتراوح أسعار فترة التأهيل لمعظم المراكز وتبدأ من 500 جنيه وتصل إلى 800 جنيه. وقال محمد حسن قراعة عميد كلية التربية الرياضية بجامعة أسيوط، عند تقديم الطالب للاختبار بكليات التربية الرياضية لدينا رياضات مختلفة، مثل الملاكمة والجودو وكمال الأجسام وغيرها، ولها معايير تختلف نهائيًا عن بعضها وعن طريق الموقع الإلكترونى يتم إعلان شروط وقبول الاختبارات لكلية التربية الرياضية ويتم قبول الطالب لعدة شروط وأهمها تصنيفه: هل هو لاعب دولى أو محلى وهل القوة البدنية تؤهله واللياقة الطبية وهل هو ممارس جيد للعبة أى موهوب وينقصه التدريب وبالتالى كل هذه الاختبارات تحتاج إلى مدربين على مستوى عال وخبرة كبيرة وهو ما تفتقده مراكز التدريب والتأهيل البدنى. وأضاف عميد كلية التربية ل«الوفد» تحتاج هذه المراكز لرقابة مشددة من قبل الدولة لأنها لا تتبع المعايير العلمية فى التدريبات ومعظم تدريبات هذه المراكز تعتمد على الجرى والإحماء وليست تدريبات متخصصة للألعاب المختلفة وفى مراحل التقديم للكلية فى فترة الصيف أكثر ما تعانيه الكلية فى اختبار الطلبة يكون فى لعبة كمال الأجسام نجد كثيراً من الطلبة قد نصحهم مدربو مراكز التأهيل البدنى بتناول عقاقير تضخيم العضلات من أجل اجتياز وقبولهم بالاختبار وهو ما له أثر كبير على صحة الطالب. وتابع «قراعة» أن المواصفات المطلوبة لأن يكون المركز معتمدًا هى أن يضم نخبة من القادة الرياضيين الأكاديميين من خريجى كليات التربية الرياضية، وأصحاب المؤهلات الرياضية المناسبة للعمل به تمارين الرياضية وألعاب القوى، إضافة إلى ضبط الوزن والعمل على تنمية العضلات، كما يجرى المركز الكشف الطبى على أيدى أطباء متخصصين. ومن جانبه، أكد اللواء هانى عبداللطيف، مساعد مدير أكاديمية الشرطة السابق لشئون التدريب، بأن أكاديميات التأهيل البدنى تخضع لوزارة الشباب والرياضة ولا يوجد أى شىء يربط بينها وبين وزارة الداخلية وكل ما يتردد حول وجود أفضلية للطلاب المتدربين داخل الأكاديمية للالتحاق بكلية الشرطة غير صحيح بالمرة وهو نوع من البيزنس تمارسه تلك الأكاديميات للتلاعب بأحلام الشباب الطامحين فى فرصة لدخول الكليات العسكرية. وأضاف عبداللطيف ل«الوفد»: أطالب أولياء الأمور والطلبة بعدم الانسياق وراء الدعاية والإعلانات الباهظة التى تقوم بها أكاديمية التأهيل البدنى لتحقيق مكاسب كبيرة خاصة فى فترة التقديم بعد نتيجة الثانوية وفتح باب التقديم وإعلان نتيجة التنسيق للكليات العسكرية، وفى النهاية تكون النتيجة واحدة، حيث يكون التدريب مصحوبًا بالإهمال وعدم الخبرة، وأعداد كبيرة فى التدريب لا تساعد على استيعابه، فضلًا عن عدم جاهزية الأماكن المعدة للتدريب البدنى. لكن خطايا مراكز التأهيل لا نقتصر على عدم جاهزيتها للتدريب والاختبار لتحقيق أحلام رواده ففى أواخر مارس العام الحالى، شد محمد بدر ابن مركز أشمون بمحافظة المنوفية رحاله إلى أكبر مراكز التدريب لتحقيق حلم يراوده وهو الالتحاق بالكلية الحربية وكان هناك تدريب على قفزة الثقة بإستاد القاهرة ولكن أحلام محمد انتهت بعد القفزة وتوفى داخل حمام سباحة الاستاد وأثارت وفاته الرأى العام ووسائل الإعلام المختلفة وهو ما يبين عن إهمال وتقاعس وقلة خبرة مراكز التأهيل البدنى فى مصر وتواصلت الوفد مع أسرة الضحية. وقال بدر على والد الضحية: «مقدرش أنسى اليوم ده، خرج محمد من منزله في الساعة الثامنة صباحاً يوم الحادث، وسافر إلى القاهرة بعد أن تلقى اتصالًا هاتفيًا من إدارة الأكاديمية يطالبه بالحضور إلى مقر استاد القاهرة، للتدريب على وثبة الثقة اتصل بيا وقالي أنه هيسلم التليفون للكابتن، عشان ماينفعش ياخده في حمام السباحة، وبعدها فضلنا نتصل عليه، وتليفونه خارج نطاق الخدمة، قعدنا يوم وليلة كاملة ما نعرفش حاجة سألنا في كل حتة، وبالصدفة كان أرسلنا أحد أقاربنا بالقاهرة إلى الاستاد اتصل بينا قالنا في شاب لاقوه ميت في حمام السباحة تعالوا شوفوه عشان ملامحه ضائعة، وأنا مش هعرف أتأكد ووجدناه ملقى على الأرض ومغطى بالأكياس داخل الاستاد وعرفنا أن المدرب دفعه بالعافية من فوق المنط وبعديها بثانية رمى واحد تاني فنزل على رقبة محمد كسرها وفضلت الجثة تحت المياه، وبدل ما يبلغوا سرقوا كل حاجته حتى لا يكون هناك دليل على قدومه للمكان، وعرفنا بعد العثور على الجثة أنهم تركوه في المياه لحد تاني يوم! وطالب والد الضحية بمحاسبة المقصرين وغلق المراكز التأهيلية للكليات العسكرية حتى لا يكون هناك ضحايا آخرين، فهذه المراكز لا تستطيع توفير الحماية والأمان لطلابها ومعظم تركيزها على تحقيق أكبر المكاسب دون مراعاة الطلاب.