«لا تكن على هامش الحياة، بل ابحث عن شىء تترك به بصمة.. الحياة ليست هرولة لجنى الأرباح وإنما صناعة سعادة الآخرين» هكذا الحكمة.. وهكذا صاغ مسار حياته. لا تصدق غير نفسك ويقينك، وازرع الصدق تحصد الثقة والأمانة، وللنجاح قوة مصدرها المثابرة، والإرادة القوية تمحو صعاب المشوار، كلمات تلقاها من والده فى سنوات عمره الأولى، ليستمد منها وقوداً يصل به إلى القمة. «عليك بالجد والتعب والإصرار لتقف على أرض قوية وإياك أن تكون عاجزًا مهزومًا» تلك الحكمة غرستها بداخله والدته، لتفتح له طاقة نور يسير عليها. حسام هنداوى رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة الأولى للاستثمار والتنمية العقارية صادقاً مع نفسه، يعلم إمكانياته جيداً، يتطلع للمستقبل بعين الأمل والتفاؤل، ليس لطموحاته سقف، يسعى دائماً للعمل، ولا يهتم بالنتائج طالما يؤدى دوره بإخلاص. «العلاج دائماً مر، والفاتورة باهظة، والإصلاحات تأخرت سنوات، لكن ما باليد حيلة، والأهم أن الثمار الطيبة سوف يحصدها الجميع «هكذا بادرنى.. على مقهى بسيط جلسنا، بدأت ملامحه أكثر تفاؤلاً وإقداماً، بأن نتائج الاصلاح تحمل الخير، رغم استغراقها وقتاً، قال إن «المراقب للمشهد يتكشف أن الجميع أمام إصلاح جديد، وتحول اقتصادى غير مسبوق، سوف يغير الخريطة للأفضل، يكفى إعادة هيكلة الاقتصاد وتنوع محاور الإيرادات، بعدما ظل قائماً على قطاع السياحة فقط. «المؤشرات الاقتصادية تدعو للاطمئنان، بعد تعافى، الصادرات، ونموها، وتراجع الاستيراد، والتوسع فى المشروعات القومية التى سوف تقود الاقتصاد للمستقبل، مع بدء الإنتاج فى مشروعات الغاز وتنمية محور قناة السويس، وهو ما يؤكد أن النصف الثانى من العام القادم سوف يشهد انفراجة كبيرة»، هكذا كان رده حينما سألته عن مبررات تفاؤله. الشاب الثلاثينى له رؤية خاصة فى السياسة النقدية، تقوم على دفع فاتورة التشوهات خلال 5 سنوات الماضية، والدعم غير المبرر للعملة المحلية، مما ساهم فى استنزاف موارد الدولة، وهو لم يكن وضعاً طبيعياً، شهد مزيداً من عمليات طباعة للنقود، مما اضطر بعد ذلك إلى استخدام أدوات رفع سعر الفائدة لمواجهة غول التضخم. أقاطعه قائلاً لكن لا يزال الجدل قائماً حول موعد عملية التعويم رغم مرور قرابة العام على القرار. يجيبنى قائلاً: «كل فريق يرى بوجهة نظره، لكن قرار التعويم فى نوفمبر الماضى الأنسب بسبب حالة عدم الاستقرار السياسى الذى شهدته البلاد عقب ثورة 2011، ويكفى أنه يحسب للنظام الحالى اتخاذ مثل هذا القرار الذى يعتبر موعده الأساسى قبل الثورة». النجاح لا يتحقق إلا بفريق متكامل، وروح العمل، وبدونهما لن تصل إلى الهدف، حينما يتحدث «هنداوى» عن قرار الصدمة فى تعويم الجنيه، يعتبرها أنها السياسة الأفضل، حيث إنه لم يكن هناك وقت للرفاهية، ومواجهة المشكلة بحلول جذرية وفعالة، أمر مطلوب رغم مرارتها. الصدق مع النفس يشكل شخصية قوية تستطيع مواجهة كل العقبات، لذا يرى أن للسياسة المالية دوراً فى تحسين منظومة الضرائب، والعمل على تطوير السياسة الضريبية معمول به فى جميع العالم، لذلك بدأت الحكومة بالاهتمام بالشمول المالى، والعمل على استقطاب القطاع غير الرسمى، بمحفزات مبتكرة، مثل العديد من اقتصاديات الدول الكبرى. أسأله قائلاً لا يزال الاختلاف حول مدى إمكانية فرض ضرائب تصاعدية قائماً فلماذا؟ يرد «الضرائب أحد موارد الاقتصاديات المتقدمة، وتعد أمراً ضرورياً للحكومة، لكن تتطلب مراعاة تقديم الخدمات بصورة جيدة، وفرض ضريبة تصاعدية تحقق العدالة بين الثروات، حيث إنه غير مقبول تتم مساواة أصحاب الثروات مثل المواطن العادى». الصراع بين السياسة المالية والنقدية يشهد تصاعداً كبيراً، حيث يعتبرها المراقبون أن السياسة النقدية تسير عكس الاتجاه، وبصورة لا تخدم السياسة المالية، إلا أن «هنداوى» فى هذا الصدد يبرر بأن السياسة النقدية مؤقتة هدفها السيطرة على التصخم، وسرعان ما سوف يتم الاهتمام بالسياسة المالية بمجرد تراجع معدلات التضخم. اليأس لا مكان له فى قاموس الشاب الثلاثينى, من أنصار مدرسة تحقيق التكامل، بين بيئة وقانون الاستثمار، وليس الأمر قوانين، حيث نجح قانون 8 لسنة 97 فى جذب استثمارات بنحو 10 مليارات دولار، فالتكامل بين القانون بيئة الاستثمار مطلوب، خاصة أن القانون الجديد حقق المساواة بين المستثمر المحلى والأجنبى، وحدد الشخصية الاعتبارية بصورة أكثر وضوحاً، وكذلك عملية التخارج دون أية عراقيل. أقاطعه مرة أخرى لكن هناك ملاحظات على المناطق الحرة فى القانون باعتبار أنها لم تحقق العوائد المتوقعة مقابل المحفزات التى حصلت عليها. يرد على بقوله إن «المناطق الحرة وسيلة لجذب الاستثمارات الأجنبية، ومعمول بها فى العديد من اقتصاديات العالم الكبرى، ونجحت فى الإمارات والصين على تحسين الوضع الاقتصادى لهذه الدول، وسوف يكون له الدور الأكبر فى السوق المحلى». «هنداوى» حددت له والدته مسار حياته العلمية والعملية، حينما تنبأت بحبه للأرقام، والتحق بكلية التجارة، لذا حينما يتحدث يتذكر دور والدته فى صنعه، وعندما يتحدث عن الاستثمارات يحدد محورين يتصدرهما تنمية الصعيد مفتاح النمو الاقتصادى، وما يحظى من قدرة بشرية وعاملة، وكذلك محور قناة السويس والمثلث الذهبى وتنميتهما، باعتبارهما قاطرة المستقبل، إلا أنه يتطلب خريطة تسويقية لتحقيق الأهداف. رؤية الشاب للمستقبل تقوم على محاور خاصة، حيث يعتبر أن قطاع تكنولوجيا المعلومات هو المستقبل، وتم مراعاة ذلك فى قانون الاستثمار، بالإضافة إلى قطاع الصناعة متمثلاً فى الصناعات التصديرية، التى تمنح الأفضلية للمنتج المحلى، وكذلك قطاع العقارات الذى تبنى عليه أكثر من 90 مهنة وحرفة. تظل بورصة النيل الملف الذى يحمل له الرجل نظرة خاصة، من خلالها سوف يتغير وضع هذه الشركات إلى الأفضل مع دعم قيد المزيد من الشركات بالسوق، خاصة الشركات التى لديها فرص استثمارية للنمو، والعمل على إيجاد صناديق استثمار خاصة ببورصة النيل، وكلها تجارب سوف تحقق النجاح مثلما حدث ببورصة ناسداك، وكذلك قيام شركات نايلكس يتحديد خطة استراتيجية كل 6 شهور. مراحل متعددة مر بها كان أصعبها فقدان والدته التى غيرت من شخصيته 180 درجة، ليبدأ صفحة جديدة أكثر إصراراً وعزيمة، وليبدأ أيضاً الطموح بدون سقف مع تأسيس شركته ومجموعة من الشركاء برأس مال مصدر 5 ملايين جنيه، معتمداً من المحاور، منها العمل على التوسع فى حجم أعمال الشركة، والتطوير العقارى بالصعيد، سواء بالمشاركة مقابل التنفيذ، أو الاستثمار المباشر بشراء الأراضى، ثم إعادة تطويرها وتنفيذها، ووصل إجمالى قيمة الاستثمار المباشر مشروعات تحت التنفيذ حتى الربع الأول من 2017 إلى 4.46 مليون جنيه، وبلغت التدفقات النقدية من الأنشطة التشغيلية حتى مارس الماضى نحو 5.8 ملايين جنيه، ليس هذا فقط من ضمن المحاور، وإنما تطوير المبانى، بما يتلاءم مع البيئة، والمحافظة عليها، وقبل هذا وذاك توفير ألف فرصة عمل غير مباشرة حتى مارس الماضى. للتفاصيل أهمية خاصة فى حياة الشاب الثلاثينى من خلالها يتمكن من اتخاذ القرار السليم، لذا يعمل على تحقيق المستهدف فى مشروع العز تاورز بأسيوط بعدما رفع حصة الشركة إلى 25%. أكثر من شخصية كان لها الأثر الأكبر فى مسيرة «هنداوى» فلا ينسى دور صديقه فى الحياة العملية، ولا ينكر فضل زوجته فى كل نجاح يحققه، شغوف بقراءة الاقتصاد والسياسية، مغرم بالرياضة وممارسة لعبة الشطرنج لما تمنحه من قدرة على التفكير السريع واتخاذ القرار، محب للألوان التى تميل إلى الصفاء والنقاء، لكن يظل شغله الشاغل الوصول بشركته إلى القمة والانتقال للسوق الرئيسى بالبورصة.. فهل ينجح فى تحقيق ذلك؟