من لا يجد فى نفسه الشجاعة الكافية للمخاطرة لن يحقق شيئاً فى حياته، وبالمغامرة تصل إلى النجوم على هذا الأساس حدد مشواره.. توقف والده أمام تصرفاته فى سنواته الأولى، قرارات مصيرية لا يتحملها إلا صاحب خبرة طويلة فى الحياة، حينما سأله والده عن سر ذلك رد قائلاً: «سأمضى وما على الفتى عاراَ»... هنا أدرك والده مستقبله، وكان قادراً على تخيل وتوقع ابنه للأمور ونتائجها قبل حدوثها، لتكون نصائحه بالتعلم والبحث والوصول إلى الأهداف بالتخطيط، لا يشغله المال، وإنما النجاح مهما كلفه عناء. المهندس عادل أبوعويلى، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة الصخور العربية للصناعات البلاستكية من حديثه يشعرك بأنك أمام ابن بلد، رسمت له الصدفة تفاصيل مستقبله، تمسك بها، عندما استقل أول طائرة فى عمر مبكر، ترى كيف يكون حاله لو درس الهندسة، لتكون بالفعل البداية، ويصبح للورقة والقلم المعادلات سحر خاص فى حياته. «فتش فى التاريخ سوف تجد كل المقومات التى تضعك على خريطة العالم اقتصادياً، القوة التى منحتك الريادة بين اقتصاديات العالم، ترتبط بالقطاع الزراعى والخلفية التاريخية للقطاع من خلال القطن، الذى قام عليه العديد من الصناعات المتنوعة» من هنا كانت نقطة الحوار. نعم، الزراعة تظل القطاع الوحيد القادر على تغيير خريطة مصر اقتصادياً، بابتسامته التى لا تفارق وجهه، وملامح تحمل الكثير والكثير من مشاعر القناعة، استقبلنى الرجل بحرارة وشد على يدى مرحباً، وقبل ردى للتحية بادرنى قائلاً: «نحن حالياً فى وضع انكشافى بمعنى أن العملة الوطنية كان يتم تدعيمها منذ سنوات دون وجه حق وتم استنزاف موارد الدولة دفاعاً عن العملة». ليس مسموحاً من وجهة نظر الرجل الاستمرار فى عجز الميزان التجارى، وتحميل الموازنة بأعباء ثقيلة، ولذا كان الأفضل التعامل مع عملية التعويم بسياسة الصدمات التدريجية وهى السياسة التى انتهجها هشام رامز محافظ البنك المركزى السابق، والمختلفة تماماً عن الإجراءات العنيفة للمحافظ الحالى طارق عامر. أقاطعه قائلا: إذن رؤيتك ضد سياسة الصدمات الفجائية. يجيب قائلاً: إن «نظام الصدمات لا يصلح فى مواجهة الاقتصاد، فالمستثمرون تعرضوا للخسائر ورجل الشارع، منذ التعويم، لا يشعر بالراحة، فالسياسة النقدية هدفها إصلاح الاقتصاد، لكن الوقع مختلف تماما». أسأله، إذن تفاؤلك بالمشهد الاقتصادى مشروط؟ يرد: «التفاؤل يبنى على أساس رئيسى يعتمد على سرعة العمل على تخفيض أسعار الفائدة من أجل استقطاب الاستثمارات، على غرار ما تقوم به الدول الأوروبية، التى قامت باتباع سياسة تسبب فى وصول الفائدة البنكية إلى زيرو بالاقتصاديات الأوروبية، فى الأزمة المالية العالمية، ونجحت فى تعافى اقتصادياتها بعد ذلك». لأشعة الشمس دلائل للرجل فهى تعنى البداية التى من خلالها يضيف جديداً لعمله وحياته الخاصة، حينما تم تخفيض الجنيه أدرك الرجل أنها فى صالح الاقتصاد الوطنى، ولكن ذلك يتطلب عملية إنتاج، وضرورة الاهتمام بالقطاعات التى لديها تاريخ ويتصدرها القطاع الزراعى، والغزل والنسيج الذى لا يتطلب جهداً فى التسويق الخارجى بسبب سمعته الجيدة فى اقتصاديات العالم. لا يتوقف الجدال حول مدى الرضا عن السياسة المالية بين المراقبين، إلا أن «أبوعويلى» له رؤية خاصة فى هذا الصدد تبنى على ربط الجنيه بسلة عملات مختلفة، وليس بعملة واحدة تتعلق بالدولار، وكذلك العمل على نقل تجارب الدول الأجنبية فى عملية سعر الفائدة، كما هو معمول به فى كل دول العالم، فليس سهلاً رفع سعر الفائدة بنسبة 1%، ومثل هذا الأمر يستغرق وقتاً طويلاً وشهوراً عديدة لاتخاذ مثل هذه الخطوات. العمل والتوكل منهج الحياة لديه والفشل أمر لا يقبله، يتكشف هذا الشعور حينما يتحدث عن السياسة المالية، والسياسة الضريبية التى لا تشجع على الاستثمار، لإيمانه أن رفاهية المجتمعات لا تتحقق إلا بضرائب مخفضة، وأسعار فائدة غير مرتفعة، مستشهداً فى هذا الصدد بدولة اليابان وغيرها من اقتصاديات الدول المتقدمة. ما زال المشهد بين السياسة النقدية والمالية يمثل تعارضاً لفريق وتكاملاً لآخر، وللرجل نظرة خاصة فى هذا الملف تحمل مسئولية كاملة على الحكومة فى العمل على تطفيش الاستثمار نتيجة رفع أسعار الفائدة المتتالى منذ تعويم الجنيه، ما يزيد من تكلفة الاستثمار ولا يصنع تنمية، وهو فى غير مصلحة الاقتصاد. تحمل القرار وتداعياته مؤشراً لقدرة الرجل على النجاح، هكذا يعتبر الحكومة فى التعامل مع القطاع غير الرسمى الذى يتطلب العمل على ضمه للقطاع الرسمى وتقديم إجراءات تحفيزية من شأنها تفيد الاقتصاد. يظل الشغل الشاغل ل«أبوعويلى» المحفزات الاستثمارية، وتطبيق قانون الاستثمار بعد الانتهاء من اللائحة التنفيذية للقانون، الذى يعمل على استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وكذلك الاهتمام بإنشاء المدن المتخصصة فى كافة المجالات باعتبارها القادرة على تنوع الاستثمارات واستقطابها من الخارج. الإقدام والمخاطرة والمغامرة والتجربة العملية منحت الرجل أفضلية بين أبناء جيله، ومن هذا المنطلق ينحاز الرجل إلى قطاع المنسوجات باعتباره العصا السحرية، وصورته الذهنية الجيدة خارجياً، والذى منح العملة المصرية قوة توازى قيمة العملة الأجنبية، وكذلك قطاع الطاقة الذى سوف يكون له دور مهم خلال الفترات القادمة، والدور الكبير لقطاع السياحة والعمل على الاهتمام بالمناطق الأثرية، والترويج لها بصورة جيدة. سألته عن مصير طروحات الشركات الحكومية بالبورصة ومدى إمكانية نجاحها من عدمه. أجابنى قائلاً: «فى ظل ارتفاع ضريبة الدمغة وأسعار الفائدة، فإن مصير هذه الطروحات الفشل، حيث إنه غير مقبول أن ننتظر استثمارات، فى ظل مناخ غير مناسب». لبورصة النيل اهتمام خاص للرجل، لكن لا تزال فى احتياج للترويج وزيادة عدد الشركات ووصولها إلى 100 شركة خلال الفترة القادمة، لكونها النواة الحقيقية للاقتصاد، بالإضافة الى إجراء اختبارات للشركات المتقدمة للقيد. تظل رحلته فى مقبل حياته إلى الخارج وخوض تجربة العمل بالخارج نقطة تحول فى حياة الرجل رأساً على عقب، وتؤسس لحياته المستقبلية ويؤسس شركته التى تحمل الوصف الذى أطلقه عليه أصدقاؤه بالصخور العربية، لمثابرته وإصراره على تحمل العقبات طول مشوار حياته. أسس الرجل شركته التى يبلغ رأسمالها 20 مليون جنيه باستراتيجية تقوم على 4 محاور تتصدرها زيادة المبيعات والتى حققت فى الربع الأول 3.6 مليون جنيه، والعمل على إضافة أنشطة جديدة تعزز من منتجات الشركة، والعمل على الاستفادة من صالات الإنتاح، والعمل على دعم سياسة التصدير. تجربته الخارجية فى الأسواق المختلفة أكسبته الخبرة والتعلم من المدارس المختلفة الدقة والتكنولوجيا، لذا ينظر إلى المستقبل بفتح أسواق جديدة فى العراق وليبيا والسودان واليمن، على أن تكون المنتجات بجودة ومواصفات عالمية، لكن ذلك مرهون بتحسن الأوضاع الأمنية والاستقرار السياسى فى هذه الدول. يتسم برد الفعل غير المتوقع، لكن يظل يحمل الخير للجميع بقلبه وهو سر قبوله لدى أصدقائه، شغوفاً بتجارب الآخرين الناجحة والفاشلة للتعلم من أخطائها، محباً للقراءة والاطلاع، عاشقاً للورد بكل أنواعه، ملهماً بالرياضة وممارسة التنس التى تضيف له تركيزاً وسعادة، يميل إلى الألوان التى تتسم بالنقاء التى يجدها فى الأزرق والأصفر، لكن يظل مشغولاً بالوصول إلى شركته للريادة فى السوق.. فهل يحقق ذلك؟