الحب أساس كل نجاح، وللأرقام سحر فى العقل، لغة تؤدى إلى الابتكار، حركة متناغمة غرست بداخله منذ سنوات عمره الأولى، ينتمى إلى مدرسة النظام، والترتيب، وللتفاول دور فى مسيرته، إيمانه بأن فقدان الأمل يعنى ضياع كل شىء، غرس بداخله عدم اليأس، والإصرار على تحقيق الهدف. الأفضلية فى قاموس حياته ببساطة لا تتحقق بعمل ما هو مطلوب فحسب، بل بما هو أعلى وأكثر لا يرضى بأى شىء إلا الأفضل على الإطلاق، من هنا كان الاختلاف والبحث عن الذات من خلال لغة الأرقام. محمد عبدالفتاح، العضو المنتدب لشركة أسطول لتداول الأوراق المالية.. النظام والترتيب والدقة ثالوث فى حياته، والفوضى عدوه الأول، عند مدخل غرفة مكتبه، أول ما يلفت الانتباه كل محتويات الغرفة منظمة لدرجة أن كل ملف له رقم.. «طاقة نور متمسك بها وسوف نحصد ثمارها» هكذا تبدى فى ملامح الرجل تفاؤل ليس له حدود، وأن المستقبل للمشهد الاقتصادى فى مساره الصحيح. «لا تقلق» كانت مفتاح الحوار، المؤشرات تمنح الاطمئنان والعوامل متعددة حجم الصادرات شهد زيادة بنحو 3 مليارات دولار والاستيراد تراجع بنحو 7 مليارات دولار، والاكتشافات البترولية والغاز الطبيعى تتصدر المشهد، والسندات الدولارية حققت نجاحات، والطروحات الحكومية لشركاتها على خط البداية.. ما يؤكد وضوح الرؤية. أليس كل ذلك كافيًا للتطمين وشعاعًا للأمل والتفاؤل.. هكذا تكون رؤية الرجل. نشأته فى بيئة تربوية صحية، غرست بداخله أن السعى فى العمل القاعدة التى يبنى عليها النجاح، وأن الصدق والأمانة عملة نادرة، عندما يتحدث ويحلل ملف السياسة النقدية يضعها فى مكانها الصحيح، وكان الأمر سوف يختلف لو تم تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2015، ولم يصل إلى المستويات المبالغ بها حاليًا، لكن الرجل ليس من مدرسة البكاء على اللبن المسكوب. «هذا ليس معناه الرضا عن السياسة النقدية، ويكفى رفع أسعار الفائدة التى لا تشجع على الاستثمار، خاصة أن السيطرة على التضخم تنجح إذا كان الكاش كثير والمعروض من السلع محدود».. هكذا كان تعقيب الرجل حول مدى رضاه عن السياسة النقدية. أقاطعه قائلاً: إن التضخم السائد بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج. يجيبنى قائلاً: نظرة البنك المركزى تركزت على استقطاب العملة الصعبة، ونجح فى ذلك بالقفزات التى سجلها احتياطى النقد الأجنبى فوق 31 مليار دولار، بل والوصول إلى مستويات ما قبل ثورة يناير، وها هو يتحقق من خلال تدفقات الاستثمارات الأجنبية. التفاؤل يمنحك هدوء الأعصاب هو ما يؤمن به الرجل، وهذا لا يتحقق إلا مع اهتمام الحكومة بالمستثمر المحلى وتحقيق المساواة بينه والأجنبى، حيث إن الاهتمام بالمستثمر المحلى سوف يساعد فى استقطاب المؤسسات والمستثمرين الأجانب. دار بداخلى علامة استفهام حول كيف يمكن الاهتمام بالمستثمر المحلى، ويبدو أنه شعر بما داخلى وقبل طرح السؤال.. بادرنى قائلاً: «تذليل الحكومة العقبات أمام المستثمر المحلى، بمثابة الترويج المناسب للاستثمار، خاصة العمل على حل مشاكل المستثمرين المقترضين بالدولار، وتضاعفت عليهم تكلفة الاستثمار نتيجة ارتفاع الدولار أمام العملة الوطنية، وكل ذلك يصب فى مصلحة الاستثمار والاقتصاد». الرجل الأربعينى له وجهة نظر خاصة فى السياسة المالية التى لم تشهد توافقاً من المراقبين، حيث لا تزال تجربة يوسف بطرس غالى فى تجربة تخفيض نسبة الضريبة الأوفر حظًا فى الضرائب، والتى سمحت لكافة الشرائح بالحرص على الانضمام إلى المنظومة وتحقيق أكبر إيرادات ضريبية. أسأله قائلاً: إذن، هل من أنصار فرض ضريبة تصاعدية؟ يرد قائلاً: «لا يحتاج الأمر لفرض ضريبة تصاعدية، ولكن على الحكومة العمل على تشجيع القطاع غير الرسمى، ودخوله ضمن القطاع الرسمى، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال محفزات، والحد من استخدام الكاش والاعتماد على الفيزا كارت، باعتبارها أنسب الطرق فى السيطرة على الكاش، على أن تحدد قواعد تحظر التعامل النقدى». للأرقام فى حياة الرجل أسرار منذ نعومة أظافره، وكان لها الدور الأكبر فى تحديد مساره الدراسى، ومن هنا يكون شغله الشاغل ضرورة تشجيع الحكومة على الاهتمام بشركات قطاع الأعمال التى قد تلعب دورًا رئيسيًا فى التنمية الاقتصادية، والعمل على تشجيع رجال الأعمال بتقديم تسهيلات وتوفير بيئة مناسبة، بما يحقق التوسع فى مشروعاتهم ومواجهة غول البطالة. يظل ملف الاستثمار صداعًا بالرأس ولم يلق توافقًا من المراقبين، إلا أن «عبدالفتاح» لديه فلسفة خاصة تقوم على أن الملف فى مساره الصحيح بعد صدور قانون الاستثمار الجديد الذى منح الاستثمار محفزات بالجملة، خاصة المناطق الحرة، وبخروج اللائحة التنفيذية إلى النور سوف تكتمل المنظومة، بما يساهم فى تحقيق المزيد من التنمية. أقاطعه قائلاً: لكن، يرى بعض المراقبين أن العائد من المناطق الحرة لا يتناسب مع الحوافز التى تحصل عليها. يرد: «إن المناطق الحرة تساهم بشكل كبير فى استقطاب الاستثمارات الأجنبية، مستشهدًا فى هذا الصدد، بدولة الصين وجبل على فى الإمارات، التى تستقطب استثمارات بمليارات الدولارات». الالتزام والدقة فى العمل يمنح الرجل أفضلية بين أبناء جيله، وحينما يتحدث عن القطاعات القادرة على جذب الاستثمارات، فيضع السياحة والبورصة على قائمة الجدول، باعتبارهما القطاعين الأقصر طريقًا لاستقطاب الاستثمارات، ولكن ذلك يحتاج اهتماماً من الحكومة بالترويج الجيد للسياحة وتنويع مصادرها، وكذلك الاهتمام بقطاع الطاقة التى يشير الواقع أن المخزون الكبير من البترول والغاز الطبيعى بحرًا وبرًا فى أنحاء المحروسة، سيعمل على تغيير خريطة الاستثمار والتنمية، بالإضافة إلى التركيز على قطاع الموانئ واللوجستيات لكونه الطريق للمستقبل مع تنمية محور قناة السويس. الإيمان بالعمل والقدرة على السعى المستمر من المكتسبات التى أستمدها من والده، وتكشف ذلك فى رحلة حياته العملية التى بدأها عاشقًا لمجاله حينما قرر دراسة البيزنس، وصقل خبرته إلى أن نجح فى المساهمة بتكوين كيان مالى يسعى مع مجلس إدارته إلى التوسع والوصول به إلى المقدمة. حرص الرجل منذ مارس 2015 على انطلاقة الكيان مع مجموعة من المستثمرين، بدأ بالاستحواذ على شركة مصر الشرق الأوسط، ليحدد بعدها مع مجلس الإدارة استراتيجية شركة أسطول للأوراق المالية التى يبلغ رأسمالها 33.5 مليون جنيه، معتمدًا على 4 محاور بتكوين كيان مالى كبير، والعمل على استقطاب عملاء ومؤسسات مالية من الوزن الثقيل، والاهتمام بالعنصر البشرى والحفاظ عليه بالعمل على تطويره وتنميته بصورة مستمرة باعتباره العمود الفقرى فى منظومة النجاح، بالإضافة إلى الاهتمام بالتوسع فى التداول الإلكترونى فيما يتعلق بقطاع السمسرة. الرجل لديه طموحات كبيرة بعد أن حقق 40% من استراتيجية الشركة، ويسعى مع مجلس الإدارة إلى تكوين بنك استثمارى متكامل خلال 3 سنوات والعمل على زيادة رأسمال شركة السمسرة إلى 50 مليون جنيه خلال 2017/2018. إيمانه بأن العمل الجماعى هو سر نجاح أى منظومة، ومن هنا كان قرار ترشحه لانتخابات البورصة لتحقيق ما يخدم سوق المال من خلال برنامج متكامل يعتمد على 3 محاور رئيسية تتلخص فى زيادة عدد الشركات، بما يعمل على تعويض الشركات التى تخارجت من السوق، بالإضافة إلى تبنى فكرة تمويل البنوك لصناديقها والسماح للجان التظلمات بالبورصة، بحيث إن البورصة تختص فى توقيع العقوبة وليس الرقابة المالية، وكذلك إعادة النظر فى بورصة النيل، حيث يتم دمج للشركات المتوافقة فى الأنشطة ونقلها إلى السوق الرئيسى. الرجل شغوف برياضة المشى لما تمنحه من صفاء وسعادة وقدرة على التفكير، عاشقًا للموسيقى الهادئة والاطلاع، محبًا للألوان التى تمحنه الراحة ويجدها فى الألوان البيضاء واللبنى، لا ينسى كل من قدم له يد العون فى مسيرته، لكن يظل الرجل يبحث عن مرحلة الرضاء والوصول بالمجموعة إلى كيان مالى كبير ورائد بالسوق.. فهل ينجح فى تحقيق ذلك؟