إغلاق السفارة وتنكيس الأعلام وحظر مقابلة أى مسئول قطرى ووقف الملاحة والطيران بعد نحو أربع سنوات من التوتر الحاد في العلاقات بين مصر وقطر قررت، أمس، القاهرة قطع العلاقات مع الدوحة. وأرجعت وزارة الخارجية قرار قطع العلاقات لإصرار الحكم القطري على اتخاذ مسلك معاد لمصر، وفشل كافة المحاولات لإثنائه عن دعم التنظيمات الإرهابية والتدخل في الشئون الداخلية لدول المنطقة بصورة تهدد الأمن القومي العربى. ولم يقتصر قطع العلاقات على المستوى الدبلوماسي، فشمل التنقل والتبادل التجاري. وأوضحت وزارة الخارجية في بيان أصدرته أمس، غلق الأجواء والموانئ البحرية المصرية أمام كافة وسائل النقل القطرية، لافتة إلى أنها ستتقدم بالإجراءات اللازمة لمخاطبة الدول الصديقة والشقيقة والشركات العربية والدولية للعمل بذات الإجراء الخاص بوسائل نقلهم المتجهة إلى الدوحة. وعلى الصعيد نفسه، أعلنت ثلاث دولة خليجية قطع العلاقات مع الدوحة وهي السعودية والإمارات والبحرين، وإن كان بشكل أكثر توسعاً من القاهرة إذ أمهلت المواطنين القطريين الموجودين على أراضيها مهلة 14 يوماً لمغادرة البلاد وحظرت على مواطنيها السفر إلى قطر أو الإقامة فيها أو المرور عبرها، كذلك منعت دخول أو عبور المواطنين القطريين إليها. ولحقت بالأربع دول المقاطعة للبلد الخليجي كل من الحكومة الشرعية في اليمن بقيادة عبدالهادي منصور والحكومة الليبية المؤقتة في شرق ليبيا، إلى جانب جزر المالديف، وهو ما يكشف عن جدية القرار، وأن أسلوب المقاطعة سيتجه نحو تطبيق النموذج الإيرانى فى المقاطعة الشاملة. وشرح خبراء في العلاقات الدولية ل«الوفد» خطوات قطع العلاقات مع الدول وفقاً للاتفاقيات الدولية، موضحين أن العلم المصري سيتم تنكيسه من أعلى السفارة المصرية بالدوحة، وسيتم استبدال السفارة والقنصلية بمكتب رعايا يكون تابعاً لإحدى الدول صاحبة التمثيل الدبلوماسى في قطر، مع تأكيدهم على بقاء الاستثمارات بين البلدين. من جهته، قال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن قطع القاهرة لعلاقاتها مع الدوحة سيترتب عليه من الناحية الدبلوماسية إغلاق السفارة المصرية هناك واستبدالها بمكتب رعاية مصالح يتولي استخراج التأشيرات والأمور الخاصة بالاستثمار. وأوضح أن مكتب رعاية المصالح سيكون عبارة عن قسم تابع لإحدى سفارات الدول صاحبة التمثيل بالدوحة كالكويت مثلاً، مشيراً إلى تخفيض عدد الدبلوماسيين والموظفين المصريين بالمكتب الجديد. ووفقاً لاتفاقية فيينا فإن الدولة المعلنة بقطع العلاقات تحظر على دبلوماسييها مقابلة أي مسئول من البلد المقَاطَع، حسب توضيح حسن. وتابع: «إذا اضطر مسئول مصري مقابلة دبلوماسي قطري فيلزم ذلك حضور ممثل عن الدولة التي ستختارها مصر لتكون راعية لمكتبنا في قطر». ومن الناحية التجارية والاقتصادية، أكد الدبلوماسي السابق، أن غلق الموانئ البحرية ربما يحتاج بعض الوقت، مشيراً إلى أن قطع المجال الجوي يكون أسرع، وأردف: «من السهل أن يستبدل المسافرون تذاكر الطيران من الشركات القطرية لشركات أخرى أما بالنسبة للسفن فالمسألة أعقد من ذلك». أما الاستثمارات بين البلدين فلن تتأثر بالقطيعة المصرية لقطر، حسب تأكيده، مدللاً بالقطيعة مع طهران وأنقرة والتي لم يترتب عليها وقف الاستثمار معهما. وعن امتناع مصر عن مطالبة القطريين بمغادرة أراضيها على خلاف السعودية والإمارات والبحرين، قال «حسن» إن كل دولة حرة في مستوى القطيعة طبقاً لمبدأ المواءمة، ومصر تتعامل بشكل موضوعى وبرجماتي مع الأمور، وتابع: «هناك حوالي 500 طالب قطرى يدرسون في الجامعات المصرية ونحن في فترة امتحانات ومن غير الإنساني مطالبتهم بالمغادرة إلى جانب عشرات الآلاف من المصريين الموجدين بقطر والتي يمكنها التعامل بالمثل حال اتخذنا إجراء طرد مواطنيها». وبدوره قال الدكتور محمد حسين، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن قطع العلاقات يأخذ مستويات تبدأ بسحب السفير للتشاور ثم قطع العلاقات الدبلوماسية ويليه قطع العلاقات الاقتصادية والذي يكون بمثابة قطيعة نهائية. وأوضح أن قطر يمكنها وفق القانون الدولي استخدام مبدأ التعامل بالمثل في إجراءات القطيعة، مضيفاً أن المسألة تتعلق بمدى أهمية الدولة المُقاطِعة، وأردف: «قطر ستقيّم الموقف وترى أهمية الدول التي أصدرت قرار مقاطعتها وبناء عليه ستتخذ إجراءاتها». وفيما يخص الرعايا المصريين في قطر، أكد «حسين» وجوب إصدار بيان من وزارة الخارجية المصرية يشرح فيه وضعهم بعد القطيعة ليوفقوا أوضاعهم خلال الفترة القادمة.