توحه في الأربعين من عمرها.. جميلة.. كحيلة.. وحيدة، أصل جوزها سابها وطفش.. حد يا ناس يسبب الجمال ده ويطفش!!؟.. عندها أربعة أولاد وهو كان بياع حمص الشام ع الكورنيش. المصاريف كتير.. والأكل قليل والصحة مش ولابد.. زهق وقرف وحرمان.. ولاد الحرام ع الكورنيش، صياع الليل وآخره، عرفوه طريق البانجو والترامادول وكملت بأنه قابل هنومة بياعة الدرة المشوي. هنومة بنت صايعة، لا عيل ولا تيل.. تبيع كيزان الدرة وآخر الليل تنام في حضن صاحب النصيب اللي عنده مطرح.. والأيام بتمر ما بين ضحكة ونكتة ومقلب ولقمة حلال أو حرام.. متفرقش!! المهم آخر الليل تجد الفرشة اللي تلم أشلاء جسدها مهما كان الثمن. أبو السيد جوز الكحيلة الجميلة توحه، اتعرف علي هنومة الصايعة في ليلة بانجو عند صاحبه عويس اللي كان عليه الدور الليلة ليريح جسد هنومة.. وكانت ليلة ولحظة ونظرة وارتباط.. يا عالم هو الحب له مكان حتي في قاع المدينة؟!.. طبعا له دا الإنسان كله مشاعر وأحيانا تطفو وتسمو المشاعر الجميلة وسط طين البرك. تلاقت العيون وتلاطفت الكلمات وتلامست الأيادي وكان القرار بالفرار وباظت الليلة علي عمنا عويس.. منك لله يا أبوالسيد.. خطفت هنومة وطفشت.. ده كان مكتوب لك منين يا توحة؟! أصل الحب أعمي يهرب من الكحيلة ويطفش مع المفضوحة. محدش عارف راحوا فين لحد النهاردة؟!.. يا حلاوة الحب يا ولاد!!.. بس ده رمي كل شىء وراه توحة المخلصة وولاده الصغار؟!.. يا سيدي ما هو فلس بفلس.. وضياع بضياع.. اتمتع بشوية مشاعر وحب بعيد عن مشاكل وطلبات توحة وولاد توحة.. ما هي خربانة خربانة!! دا هوه اللي قال!!! هو ده حال المصريين الغلابة سكان العشوائيات وعشش الغاب والصفيح بين بحور المجاري الطافحة والزبالة اللي مكومة كأنها معارض تشهد علي عصر الفساد والانفلات وظلم الإنسان لأخيه الإنسان.. ربنا ينتقم من العسكر حكام مصر طوال الستين عام اللي خربوا فيها مصر. قامت توحة من النوم مفزوعة علي صوت ابنها السيد وابن السبع سنين وهو يصرخ من باطنه، لفته في جلابية أبوه وهي بتسأله.. كلت إيه يا منيل من الزبالة؟!.. وجريت بيه علي استقبال المستشفي الميري.. الممرضة التخينة اللي كانت قاعدة بتاكل محشي وبصل.. قالتلها بقرف انت جاية المستشفي قبل الفجر؟!.. دا الدكتور في السكن!.. لما أطلع أصحيه من النوم. قعدت توحة.. والواد بيصرخ بين ايديها، إلي أن تعطف البيه حكيم زمانه النوبتجي ونزل من السكن.. شخط ونطر في الواد وقال له بلاش دوشة!! عندك إيه؟!!.. ده بيسأله؟!.. يا عم طبطب ع الواد وسايسه ده طفل وبني آدم.. إيه ما فيش رحمة؟!.. ده رد توحة علي عجرفة سي الحكيم الحقنة دي حتخليخ يسكت لحد الصبح لما المستشفي تفتح نعمله تحاليل .. بسلامته الحكيم قالها كدة. وجري طلع يكمل نومه!! توحة شالت الواد وهو شبه نائم وركبت تك تك.. طلع السواق عارفها وسألها عن بسلامته أبوالسيد.. يوه!! هو ده وقته!! فرد عليها وعينيه حتاكل منها حتة.. أمال إمتي؟!.. يقطعك إنت وأبوالسيد في ليلة واحدة.. روح دك وجع في عينك إنت وحكيم الغبرة!! سمت ع الواد جنب إخواته في ركن الحجرة الضيقة وقعدت تنظر إليهم وغلب عليها البكاء.. طوال النهار ولحد نص الليل بتلف بعربية حمص الشام عشان تجيب يادوب ثمن وجبة أكل للعيال وتدفع أجرة الحجرة المظلمة، وترجع مهدودة.. وحيدة.. ترمي جسمها تحت أقدامهم لتنام كام ساعة، وتعود ريمة لعادتها في سحب العربية واللف بيها.. يا عالم ده حرام.. يقطع الفقر وسنينه. افتكرت جمالها ودلعها ومعاكساتها من رجالة الحتة وزبائن حمص الشام.. الشيطان بيغازلها.. ارحمي نفسك واتمتعي بجمالك وإكسبي قرشين.. دا طريقهم سهل.. ظلت تبكي وتندب حظها.. يا سلام يا ولاد تصوروا إن لسه فيه ناس في الظروف دي عندها شرف وبتخاف ربنا.. حرمان بحرمان.. وفقر بفقر.. لكن لأ.. أغلي من الشرف ما فيش!!! طلع النهار وزاد صراخ السيد.. ذهبت به إلي المستشفي وصوته كان يملأ الحارة الضيقة الغرقانة في المجاري والزبالة والبلطجية.. طبعا بلطجية.. حيعمل إيه الشاب من دول يا ولداه؟!.. جهل وتخلف وفقر وحرمان ولا شغلة ولا مشغلة .. وعشش ليس بها كسرة خبر.. لازم يبلطج ويرسم الخطط ويضحي بكل المبادئ.. ده إن وجدت أصلا.. لكي يحصل علي قوت يومه بأي طريقة، شايفين ظلم المجتمع. الشباب ضايع وصايع وبنلومه وبنقول إن عندنا خمسة ملايين بلطجي.. يا سلام والله العدد ده قليل علي كل اللي عايش فيه المواطن المصري.. فأكثر من 45٪ منه تحت مستوي خط الفقر.. يا عيني ع المصريين، ومصر أم الدنيا. --------- المنسق العام لحزب الوفد