تحدثنا فى المقال السابق عن المؤشرات السياسية التى على أساسها صُنّفت مصر باعتبارها دولة فاشلة فى عهد نظام مبارك، وقد استعرضنا قبل المؤشر السياسى المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية وذكرنا جانباً مهماً من العوامل السياسية التى على أساسها صُنّفت مصر كدولة فاشلة ونستعرض الآن الجزء الأخير من هذا الجانب وفقاً للتقارير الدولية وإحصاءات المنظمات الدولية: تدخل دول أخرى أو فاعلين سياسيين خارجين (التدخل العسكرى أو شبه العسكرى داخلياً فى الدولة أو جيشها أو جماعات فرعية بها، وتدخل قوات حفظ السلام والقوات الدولية. على الرغم من انتفاء صورة التدخل العسكرى الأجنبى المباشر فى مصر عدا جزيرة سيناء التى تخضع لقوات حفظ السلام الأجنبية إلى اليوم لإبقاء الوضع مستقراً بيننا وبين إسرائيل، إلا أن تبعية النظام المصرى لأمريكا لا تخطئه عين منذ ثلاثين عاماً. ومن أشكال التبعية العسكرية المصرية لأمريكا التدريبات العسكرية المشتركة التى يجريها الجيش المصرى معها، وهى بعنوان (النجم الساطع) وإلام تشير هذه المناورات أو بالترجمة الدقيقة هذه (التدريبات)، بالطبع لا تشير إلى قوة جيش مصر، بل إلى تبعيته لأمريكا، وهى دليل على التحالف العسكرى الوثيق وهو نوع من المراقبة الأمريكية للجيش المصرى وتدريباته وتحركاته، كما أن ال12 دولة منها دولة غربية استعمارية بغيضة ومعظمها ضمن حلف شمال الأطلنطى «الناتو». هذه العلاقة الوطيدة عسكرياً والمميزة مع مصر تتبع من الأهمية التاريخية الجيوسياسية لمصر التى يتيح موقعها الجغرافى ووضعها التاريخى أيضاً التحكم فى حركة التجارة فى البحر الأحمر، وتأمين منابع النفط فى منطقة الخليج، والحفاظ على أمن إسرائيل، والسيطرة على القرصنة والحركات المتطرفة فى خليج عدن والصومال من هنا فقد قدم السادات فرصة ذهبية للأمريكيين بتوقيعه معاهدات التعاون العسكرى المشترك معهم، بعدما أعلن أن (99٪ من أوراق حل الصراع ومشكلة الشرق الأوسط تكمن فى يد أمريكا)، استسلم السادات لهم بالكامل للأسف واستمر النظام اللاحق على منهجه نفسه، لقد تداخلت السياسة العسكرية الأمريكية مع السياسة العسكرية المصرية فى أعقاب حرب 1973، وتزايد هذا التداخل بشكل مطرد منذ ذلك الوقت بحيث أصبحت تحتل مكاناً متقدماً فى السياسة الدفاعية الأمريكية. وقد عقدت فى مصر فى عام 1981 اتفاقية تمكن الولاياتالمتحدة من استخدام القواعد العسكرية المصرية، وحسب الكاتب والصحفى الأمريكى وليم أركن فى الجزء الخاص بمصر فى مجلده الضخم الأسماء المشفرة: حل شيفرة الخطط والبرامج والعمليات العسكرية الأمريكية فى عالم ما بعد 11 سبتمبر، فإن العلاقة الأمنية حميمية جداً بين المخابرات المصرية و«السى آى إيه»، وتعتبر مصر أحد الشركاء العرب الصامتين، الذين يستضيفون القوات الأمريكية خفية، ويتعاونون مع المؤسسة العسكرية والأمنية الأمريكية، ويدعمون العمليات الأمريكية دائماً تقريباً. ووفق تقرير أركن فإنه كانت توجد وقت أحداث 11 سبتمبر قاعدتان عسكريتان تابعتان للقيادة الوسطى فى مصر، بالإضافة لعشرين مرفقاً عسكرياً مصرياً تحت تصرف القيادة الوسطى الأمريكية، وقد خزن العتاد الأمريكى بصمت فى مصر، وأبقيت قواعد جوية وبحرية بأفضل حال لحساب القوات الأمريكية منها قاعدتا القاهرة شرق والقاهرة غرب الجويتان، وقاعدة وادى قنا. وفى عام 2001، منحت مصر حق المرور لأكثر من 6250 طلعة جوية أمريكية ولحوالى 53 رحلة للبحرية الأمريكية وتقوم البحرية والغواصات الأمريكية بزيارات منتظمة للإسكندرية، رأس التين وللغردقة وبورسعيد والسويس. حمزة قناوى