لعلنا نستوعب هذا الدرس في ذكري هجرة الرسول صلي الله عليه وسلم.. حدث خلاف بين المهاجرين والأنصار، وكاد أن يدخلوا في اشتباك وقال أحدهم: يالا الأنصار.. وقال آخر: يالا المهاجرين.. وبلغ الرسول صلي الله عليه وسلم الخبر فغضب بشدة وقال قولته الشهيرة: دعوها فإنها فتنة.. نعم دعوا الفتنة فإن رائحتها تزكم الأنوف.. تدمر ولا تبني.. تفرق ولا تجمع.. تغرق ولا تنجي.. إن الذين يرغبون في تشتيت المجتمع في مصر ويرفضون الرأي والرأي الآخر ويدعون أنهم هم زعماء الثورة وأنهم هم الذين أشعلوها ونصروها وحموها وحدهم مخطئين.. الثورة يا سادة أطلق شرارتها شباب شرفاء ودعمها ونصرها وقواها جميع أطياف الشعب المصري رجال ونساء وشباب حتي صبيان صغار. مازلت أذكر يوم 28 يناير كانت «جمعة الغضب» تضم جميع الأعمار وليس الشباب فقط.. كان الجميع يسعي لإسقاط النظام الفاسد وعودة مصر إلي مكانتها الطبيعية.. مصر أم الدنيا حاملة لواء الكفاح ضد الديكتاتورية في أرجاء الوطن العربي.. مصر الذي تحتضن الشرفاء والأحرار والثوار وأصحاب الرأي.. مصر الكبيرة برجالها الذين يضرب بهم المثل في كل مكان.. المصري بطبيعته يحمل كل صفات الخير والشجاعة والمروءة والكرم، وهم - كما وصفهم الرسول صلي الله عليه وسلم - خير أجناد الأرض. ما يحدث الآن من فتن يثيرها أصحاب الأجندات الخاصة يجعلنا نعاود القول: دعوها فإنها فتنة.. لابد أن نتكاتف لمواجهة هؤلاء الأقزام الكارهين لمصر والمدعين أنهم حماه الشعب وهم ليسوا كذلك.. خرجت إحداهم منذ يومين علي إحدي الفضائيات لتطالب بإقالة المشير وعودة الجيش إلي ثكناته وخرج أبناء الشعب المخلصين في ميدان العباسية ليؤكدوا أن الجيش والشعب إيد واحدة.. نحن لسنا ضد من يجلس في ميدان التحرير يطالب باستكمال الثورة حتي نهايتها، ففيهم الشرفاء الذين نكن لهم كل الاحترام والتقدير والإجلال وندرك أنهم يضحون من أجل هدف سامي، ولكن هناك أيضاً في التحرير مندسون يريدون أن يشعلونها ناراً.. يريدون أن يحرقوا هذا البلد بمن فيه من أجل مصالح لا نعرفها.. هناك من يحرك هؤلاء سواء من داخل السجون أو خارجها.. يا سادة دعونا نتكاتف وندرك أن الجيش المصري هو الذي حمي هذه الثورة وأنه سيقوم بتسليم السلطة لمدنيين في مواعيد حددها وأن عودة الجيش إلي ثكناته معناها أن مصر ستتحول إلي مرتع للبلطجية ستتحول إلي دولة فوضوية سنمنح الفرصة لخفافيش الظلام أن تعبث بمقدارات هذا الوطن في عز النهار.. دعوها فإنها فتنة.. نحن لا نريدها فتنة وإنما نريدها اتحاد وقوة.. ويكفي ما عانته مصرنا الحبيبة التي يجب أن نطلق عليها أنها فعلاً «أم الصابرين».