إبراهيم عيسى: أزمة الكهرباء يترتب عليها إغلاق المصانع وتعطل الأعمال وتوقف التصدير    مقتل شخصين في ضربة جوية إسرائيلية على جنوب العاصمة السورية    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على شمال قطاع غزة    الحكم على رئيس هندوراس السابق بالسجن 45 عاما بسبب المخدرات والسلاح    لبنان.. قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف منطقة "اللبونة" عند أطراف الناقورة    تفاصيل مشاجرة سعد الصغير ومحام بشارع جامعة الدول العربية    ضبط متهم بابتزاز سيدة خليجية ووالدتها بمقطع فيديو في العجوزة    "الوطنية للإعلام" تعلن ترشيد استهلاك الكهرباء في كافة منشآتها    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    نوفو نورديسك تتحمل خسارة بقيمة 820 مليون دولار بسبب فشل دواء القلب    ثورة 30 يونيو.. انطلاقة وطن    عن مؤتمر صراعات القرن الأفريقي.. الأحزاب تتفق على دور مصر في تحقيق الأمن والاستقرار    عُرس ينتهى بمأساة داخل الترعة .. أم وبناتها الثلاث لقين مصرعهن غرقًا    فشل التمرد في بوليفيا.. قوات الجيش تنسحب من القصر الرئاسي بأمر القائد الجديد    حظك اليوم| برج الثور الخميس 27 يونيو.. «يوم لتنمية المواهب»    شل حركة المطارات.. كوريا الشمالية تمطر جارتها الجنوبية ب«القمامة»    يورو 2024| تعرف على نتائج مُباريات دور المجموعات    لإنهاء أزمة انقطاع الإنترنت.. توصيل 4000 خط تليفون جديد بالجيزة (تفاصيل)    انقطاع الكهرباء عرض مستمر.. ومواطنون: «الأجهزة باظت»    الكنائس تخفف الأعباء على الأهالى وتفتح قاعاتها لطلاب الثانوية العامة للمذاكرة    رئيس قضايا الدولة يُكرم أعضاء الهيئة الذين اكتمل عطاؤهم    ملخص وأهداف مباراة جورجيا ضد البرتغال 2-0 فى يورو 2024    إجراء جديد من جيش الاحتلال يزيد التوتر مع لبنان    وزراء سابقون وشخصيات عامة في عزاء رجل الأعمال عنان الجلالي - صور    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. الزمالك في ورطة والأهلي ينهي صفقة دفاعية وتركيا وجورجيا إلى ثمن نهائي يورو    شوبير يُطالب بعدم عزف النشيد الوطني في مباريات الدوري (تفاصيل)    ميدو: الزمالك «بعبع» ويعرف يكسب ب«نص رجل»    انتهت.. الأهلي يضم يوسف أيمن من الدحيل القطري (خاص بالتفاصيل)    بسبب عطل فني.. توقف تسجيل الشحنات ينذر بكارثة جديدة لقطاع السيارات    أخبار × 24 ساعة.. "التعليم" تعلن نتيجة الدور الأول للطلبة المصريين فى الخارج    الحكومة تحذر من عودة العشوائية لجزيرة الوراق: التصدى بحسم    هيئة الدواء المصرية تستقبل وفد الشعبة العامة للأدوية باتحاد الغرف التجارية    مصرع طفل وإصابة شخصين في انهيار حائط بأسيوط    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    نجاة 43 أجنبيا ومصريًا بعد شحوط لنش فى «مرسى علم»    الطاعة.. معارك زوجية أمام محاكم الأسرة    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 27 يونيو 2024 في البنوك (التحديث الأخير)    أصحاب ورش باب الشعرية: إنتاجنا تراجع 40٪.. واضطررنا لتسريح عُمّال    آخرأعمال مصطفى درويش.. آروى جودة تروج لمسلسلها الجديد حرب نفسية    أحمد سعد يطرح أغنيته "الكيميا راكبة" مع شقيقه عمرو سعد (فيديو)    3 أبراج تتوافق مع «العذراء» على الصعيد العاطفي    أبطال مسرحية «ملك والشاطر» يقرأون الفاتحة قبل دقائق من بداية العرض (فيديو)    مدير مكتبة الإسكندرية: استقبلنا 1500 طالب بالثانوية العامة للمذاكرة بالمجان    عباس شراقي: المسئولون بإثيوبيا أكدوا أن ملء سد النهضة أصبح خارج المفاوضات    الاستعلام عن شقق الاسكان الاجتماعي 2024    يورو 2024.. تركيا تخطف بطاقة التأهل لدور 16 بعد الفوز على التشيك    تعرف على سبب توقف عرض "الحلم حلاوة" على مسرح متروبول    حدث بالفن | ورطة شيرين وأزمة "شنطة" هاجر أحمد وموقف محرج لفنانة شهيرة    يورو 2024، تركيا تفوز على التشيك 2-1 وتصعد لدور ال16    يورو 2024 – تعرف على كل المتأهلين لدور ال16.. مواعيد المباريات والطريق حتى النهائي    محافظ بني سويف يكلف التأمين الصحي بتوجيه فريق طبي لفحص سيدة من ذوي الهمم    بالفيديو.. أمين الفتوى: العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة عليها أجر وثواب    حكم استرداد تكاليف الخطوبة عند فسخها.. أمين الفتوى يوضح بالفيديو    سماجة وثقل دم.. خالد الجندي يعلق على برامج المقالب - فيديو    في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات- هل الأدوية النفسية تسبب الإدمان؟    بتكلفة 250 مليون جنيه.. رئيس جامعة القاهرة يفتتح تطوير مستشفي أبو الريش المنيرة ضمن مشروع تطوير قصر العيني    الكشف على 2450 مواطنًا وتقديم الخدمات مجانًا بقافلة القومى للبحوث فى أطفيح    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قانون التجاذب ورمضان خاطر
نشر في الوفد يوم 01 - 12 - 2011

ليس في العنوان أي خطأ، فإنني أتحدث عن الممثل المصري (شبه) النجم رمضان خاطر، رحمة الله تعالى عليه، ولم استطع البكاء عليه إلا بعد نهاية هذا المقال، ويشهد الله تعالى ويعلم، صدق كلماتي، فالراحل ابن بلدتي القابعة في أحضان الصعيد، أو مصر الوسطى كما يحلو للاصدقاء من الجنوبيين (الحقيقيين)
أن يعايرونا فيقولون إن أبناء محافظة المنيا ليسوا(صعايدة)، في إشارة إلى قربنا من العاصمة القاهرة، وبين مدينتي الأثيرة إلى قلبي بفعل أصدقائي المتنوعين الذين من النادر أن أؤجر مكاناً في القلب لأمثالهم، كما حدث معي في مسقط رأسي وأحب المدن لدي، فمن النادر أن أؤجر مكاناً في القلب لأحدهم فيتبرأ مني المكان ويعلن إنضمامه لمن ظننته مجرد مستأجر، ومنهم رمضان خاطر، رحمه الله تعالى، وقبل أن أروي عن رمضان أسمحوا لي أن أروي لكم عما جال بخاطري، وأشهدت البارئ عليه، ففي وسط تفكيري المتناثر أمس وجدت اسمه يخطر فوق سطح الذاكرة، هذا قبل أن ألمح اسمه الثلاثاء (الأمس) على مقدمة فيلم (عين شمس)، ولأن في القوى التي وهبها رب العزة لأحدنا ما يعجز عن فهمه أحدنا فضلاً عن العلم المعاصر لا الحديث فقد وجدتني اندفع في خيط ذكريات طويل جداً بالرغم من إنه يعود للفترة الزمنية ما بين عام1991م وحتى عام 1996 م على الأرجح حيث كانت آخر مرة ألتقيت فيها رمضان خاطر ومجموعته المتنوعة، أو استمعت لصوته، بل علم الله تعالى أني فكرت في كتابة مقال عن رجل لمحت فيه بوادر إنسانية رائعة وأحب الفن، وعشق التمثيل لدرجة إنه هجر العائلة الغنية والعمل السهل وهجر بلدتي للقاهرة منذ سني ما قبل تعرفي إليه، وقد كنت ألتقيه أوان إجازاته الخاطفة، وحسبما يسمح مدى انشغالاته العاجلة، وانشغالاتي الذاهبة لعمق الكتابة القصصية، ثم كان أن استضافني في البيت الذي كان يركن إليه في القاهرة قبل أن أشد أنا الآخر الرحال إليها في سابقة تبرز شهامة لا حد له كما سآتي على ذلك بعد قليل، وأمس قررت كتابة المقال عن رمضان كشخص غزا قلبي، وقلت لنفسي ربما (زعل مني) لأنني أعرف مقدار حساسيته للكلمات، فقلت فليكن باسم آخر، ثم اليوم الأربعاء وفي خضم متابعاتي لمجريات ما يحدث في مصر، ورغبتي في كتابة مقال عن عالم الانتخابات قفز لذهني من جديد رمضان، ولم أكن قد علمت الخبر بعد، وصدق أحمد شوقي إذ قال عن يوم وفاة مصطفى لطفي المنفلوطي: اخترت يوم الهول يوم وداع، لرحيل الاخير في يوم وفاة سعد باشا زغلول، على ما أذكر، وفيما(الأمة المصرية منشغلة بتوديع زعيمها ومفجر ثورة 1919م مات الأول)، وللحقيقة فقد اختار رمضان ايام الهول الحالية من انتخابات لم تشهد لها مصر مثيلاً على مدار تاريخها، وفراري من قراءة أي تحليل خلال الأيام الماضية، ورحيلي خلف الاخبار فقط، والبرامج التلفزيونية، ومن قبل صفحات الفيس بوك، ولذا فلم أكن أدقق في الصحف على أمل أن يتكون لدي حس رائق عما يجري أخطط لكتابته لكن ليس على عجل، ومنذ ساعات تذكرته ثانية فكتبت اسمه على رأس صفحتي في الفيس بوك باحثاً عن صفحة له، وحسدت نفسي إذ نادراً ما يجئ مثيل يفكر في صديق بعد قرابة خمسة عشر سنة من الغربة عن بعضيهما، وسررت جداً لما وجدت صفحة باسمه وتحتها صورته وإن كانت مغلقة على الأصدقاء الذين يقبلهم فقط، ولكني قلت يعيدني بموافقته لزمن العذوبة الاول، وقت انطلاق البرئ بداخلي يتلمس الحياة ويحب الجميع ويثق فيهم، ويخلص لهم النصح زمن البراءة الأول ألا طيب الله ثراه وتقبل عزائي فيه ومن قبل في رمضان خاطر.
تعرفت عليه عبر صديق رائع مشترك هو المعلم الازهري بمعهد مطاي الديني ثم بني مزار الازهري الآن، ومن قبل كاتب السيناريو والمؤلف المسرحي والشاعر المبشر، حينها، بكثير أحمد فرغلي، ولما كانت فترة عصيبة في حياتي وحياته، إذ كنت حديث التخرج من كلية لم أحبها يوماً وساقني إليها لا التنسيق وحده بل الأخير وملابسات لا داعي لتذكرها، وكان الأول يبحث عن موطأ قدم خارج مصر عبر الإعارة الازهرية التي كانت تتطلب من المؤلف المسرحي والشاعر حفظ القرآن الكريم بدقة، وقد نجح في فعلها، ولما كان احمد فرغلي ابن إحدى معلماتي في زمن التعليم الابتدائي فقد كنت أذهب لأرى ابتسامة والدته، ولم أكن أعلم أني على موعد مع ابتسامة مماثلة، فقد هب علينا ذات ليلة شتوية، وليس فيكم من يعرف ليل الصعيد، برغم أبناء اسيوط وسوهاج وقنا، الشديد إذ كنت ألزمه خلال ساعات ليلة بعد ليلة وفي غرفته التي كانت ولم تعد كان يعد لي طقوس الترحيب الشديد من أكواب الشاي والعجوة بالخبز، حتى جاء من عانقه الصديق أحمد فرغلي بشدة لم أرها من قبل بل كاد يبكي على كتفه وهو يقول بعذوبة لا مثيل لها:
رمضان كدت أنزل لأبحث عنك في شوارع القاهرة، أو أبحث في استديو مصر عمن يعرف الفنان المغامر رمضان خاطر.
ومن هذا اللقاء فتح لي باب عالم لم أر مثله لا في القاهرة ولا في اي مدينة أخرى، رمضان خاطر ابتسامة شديدة البساطة، وكلمات متلاحقة عن ابواب عالم الفن، وقصص عن أحمد زكي وسعاد حسني ، رحمهما الله تعالى معه، وكيف أنكره آخرون من أبناء بني مزار لما ألتقاهم في أفراح بفنادق خمس نجوم ومع ذلك لم (يزعل منهم) وقال لهم:
لو راجل أطلع لي بره قابلني في بلدنا وأنا هاوريك!
وفيما كان أحمد يضحك لحد الجنون كنت أتعجب من هذا الرجل الذي يتكلم بعذوبة ويقول بعد ما ذكر من موقف سخيف:
ده غلبان يا أحمد فاكر النجومية عنتزة على قفا الناس.. ده بايع أول ما بيبع ولاد حتته لحمه ستره وغطاه
كدت أبكي حينها، وتوغلت في ملابسه (الكاسكتة) أو (الكاب) يخفي صلعة لم تكتمل، والقصر غير الشديد، والأسنان البراقة رغم عدم بياضها، والملابس الصوفية البسيطة، وعمق الحكايات عن محاولته الدراسة ومعاندة المناهج والدكاترة معه، وحب بعض الزميلات له، وقوله لإحداهن:
عشت حياة.... وأحلامي أطول مني وواقعي قد يكفيك ولكني لا أرضى أن تتعذبي معي .
وهل تركتها؟
آمال أخدعها يا احمد نصفي في بني مزار ونصفي في القاهرة، وانا صعيدي كح عانى حتى النخاع أو آتي بها إلى هنا أم اتركها هناك؟
لم يكن رمضان يستحيي من أن يتكلم أمام مثلي من يعرفهه للمرة الأولى فقد كان يكفي ان يقول له أحمد:
هذا محمد ابن المرحوم الأستاذ فلان وكاتب قصة جميل (زيك).
نظر إلي نظرة خاطفة قم غافلني ليراني بدقة فيما احتسي الشاي الذي قارب البرودة من فرط إنصاتي وقال:
وأي تعب؟!
ولست في حل من راحل عن الحياة ولا من صديق قبلها لأقول عن رمضان ما لا يعرفه أحد ولا يهم أحداً ويهمني، إذ إنه لم يكن الفنان الممثل المعروف بالسائق في فيلم (عين شمس) واظنها أكبر مساحة نالها رمضان في فيلم في حياته القصيرة(48 عاماً هي عمر وفاة والدي أو أكثر قليلاً) أو البواب في فيلم (آخر الدنيا) و (مصر الجديدة) وللحقيقة فلم اعرفه في هذه الأفلام لما شاهدت طرفاً منها قريباً، ويال ما تفعله بنا الأيام تتوهنا حتى عمن ملكوا حبات قلوبنا، كم جبت معه بني مزار وأهلها الرائعون نائمون؟ كم قال بعينيه ليتني استطيع النوم لتهدأ نفسي من مغبة الطموح؟ كم اشتكى الإهمال الشديد؟ وكم ألتقطت أذني كلماته الخافتة على كتف أحمد:
لا أريد أن أفعل ما يفعلون يا أبو حميد.. شئ ما يرفض هذا بداخلي.
وكم ألتمعت عيناه وهو يحكي لي ولأحمد فرغلي وللصديق نبيل فولي، الأستاذ الجامعي الذي لا مكان له بمصر حتى اليوم، كم قال لنا ومثل وألف سيناريو مبسط، وكلما استمتعنا بالحكاية صرخ في عنف وهز رأسه في لطف طفولي: نمتم ولا إيه كت( قطع بلغة السينما).
وفي كل مرة حينما كان يولينا ظهره ماضياً في الطريق كان جزء من قلبي عزيز علي يسير خلف صديق يتمنى قبل المجد والشهرة الاستقرار والدفء، ولا يقبل لنفسه أن يحيا (عالة) شعورية على فتاة تعلقت به، بصراحة لم أكن أملك لنفسي حلاً فضلاً عنه، وإذ يسير كنت أتمنى أن أكون ملكاً على أم الدنيا، أو رئيساً للجمهورية لأحكم عليه أن تتركه القاهرة، إذ لا يملك أن يفعل، وأن يظل في مشروعات أبيه التجارية الناجحة في بني مزار، فقط أهبه قلباً يبادله المحبة في مدينة بلورية لا احزان لعظماء المشاعر من البشر فيها، روى لي أحمد فرغلي ما لن أذكره حباً في رمضان وأحمد معاً مما يزيد الآخون محبة فيهما لو علموه.
وفي ليلة أشد شتاء قلت لصديقنا المشترك:
لكي يصل قد يضيع فقل له..........
غضب مني أحمد غضباً شديداً، ولا أعرف اوصلت كلماتي لرمضان، ولكن حينما كنت أختلف معه لأمر ما لم يكن كعادته يرد ويترك المهمة لأحمد.
ودارت الأيام دورة قصيرة فنشرت المقال الأشهر في حياتي ضد الرئيس المخلوع، غير من مسار حياتي أو صححها الله اعلم، وطاردتني مباحث أمن الدولة، وما أدراكم ما مباحث أمن الدولة في المنيا محافظتي عام 1993م فاقتحموا بيتنا مرات في غير وجودي، وأرهبوا إخوتي، ولم يراعوا حرمة لغرفة نوم أمي، وكادوا يحطمون أبواب بيوت الجيران بفعل القوات الخاصة القادمة من القاهرة للقبض علي، إذ كنت قد نسيت نسخة مماثلة من المقال بالتأمين الصحي الرئيسي في 6 أكتوبر فأبلغ عني الطبيب المعالج في محاولة منه لنيل رضا السلطات كما كان يجري العرف ولا أدامه االله ولا ابقاه، واضطررت للهرب، إذ كانت فترة الاستفتاء وقيل لي من يؤخذ هذه الأيام لا يعود، واضطررت للنزول للقاهرة وهناك بت ليالي في سكن رمضان، أو لعله بعدما انتهى الأمر أيهما لا أدري بالتحديد؟ في مكان خاص لا يغيب عنه ونس البشر، ولم يهتز له طرف، ولم يتلجج ولم يقل لي لم لم تذهب لأصدقائك المقربين منك عني، كما صرخ في وجهي بها آخر، بل قال في ثقة:
كلما ثائرون يا محمد وكلنا مظلومون لكن يجب أن نتعلم الثبات مهما بذلنا.
كان كريماً في تبديد أثر الانتظار، قادني ذات مرة لأتوبيس وحكى لي بين البشر عن طرائف لا تعد مع موظفين وشوارع لا تنتهي في القاهرة وهموم دفنها الملايين من قبلنا هنا من أبناء الأقاليم، وقد جاء الدور علينا.
عام 1996م ألتقاني عرضاً فلم يكن لي هاتف محمول ولا أرضي في القاهرة الواسعة ولم يكن له فأخذ هاتف مقر عملي، وسألني:
هل تحب المشاركة معنا في عمل مسرحي على نحو معين؟
أجبت بالإيجاب ونسيت إني كنت مقيماً في طرف بعيد عن وسط البلد في الجيزة، وإن كان عملي في شارع القصر العيني ولعله ظن إني أقيم هناك، جاءني الصوت متحمساً كالعادة:
عرض مسرحي حدثتك عنه..
اعتذرت بلطف ولم أكن أعرف إنها آخر محادثة ما بيني وما بينه لأبد الحياة الدنيا، فقد تهت في حواري البلاد وتاه هو الآخر، والآن صار لدي صديق أرسلت له دعوة على صفحة التواصل الاجتماعي لدخول صفحة حياته من جديد فلم يجبها، لا لأنه سيرد على عدم معرفتي له في أفلامه بمثلها، تغير رمضان وبدا عليه الجهد فيها فاستسهل المنتجون والمخرجون وتركوه لهذه العينة ولم يحاولوا اكتشاف الموهبة بداخله كامنة لا تزال، كما إنني أثق في إنه لم يتخل عن عذوبته وحرصه على عدم صدمة أحد من البشر.
والليلة اكتشفت خبر وفاته قدراً، دونما ترتيب من جريدة سعودية توافيني بنسخة إلكترونية على إيميلي، فبحثت عن قانون الجذب الذي ذكرني به بعد أكثر من خمسة عشرة سنة من الغياب، فقلبت في هاتفي باحثاً عن رقم أعزيه في وفاة رمضان فلم أجد، ولم أعرف كيف أعزيه في ليل الغربة، فهاتفت نفسي:
كم تقسو علينا الحياة؟
ويا صديقي رمضان:
تداعت أحداث الحياة، بل تتداعى فوق رؤسنا للأسف فلا نكاد نعرف حتى أنفسنا، ولحين ألتقيك، في ظل رحمة الله بك وبي، متأخراً ستأتيك كلماتي فإننا نفيق من تقصيرنا بعد فوات الأوان بعد الوفاة، ليت كل الاصدقاء يعون، سأجد ملامحك فيهم، وحتى أجدك أنت تقبل مقالي هذا ربما اعتذاراً بسيطاً عن قطيعة مع صديق قبل أن يفصلنا لأبد الحياة:الموت.
رحم الله الجميل الإنسان النجم قبل الممثل: رمضان خاطر.
وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.