رغم مؤشرات التراجع الحادة التي تشهدها بورصة مسرح القاطع الخاص في مصر منذ نهاية التسعينيات والتي تزايدت بشكل متواز مع ارتفاع أسهم السينما الشبابية والانتعاشة المؤقتة التي صنعها نجوم الكوميديا الجدد إلا أنه في السنوات الخمس الأخيرة برزت بعض المحاولات من بعض صناع المسرح لمحاولة بث الروح في جسد المسرح الخامد أملا في إعادته للحياة مستخدمين بعض الأساليب والحيل لمواجهة طوفان الأزمات والمشاكل التي تواجه صناعة المسرح الخاص في مصر. أبرز هذه المحاولات هي قيام المنتج التليفزيوني محيي زايد باستئجار مسرح ليسيه الحرية وإعادة تجديده وتطويره بعد غلقه في بداية التسعينيات مستغلا موقعه المميز خلف الجامعة الأمريكية بالتحرير وتواجد جراج خاص به وقام منذ ثلاث سنوات بإنتاج مسرحية «ترا لم لم» لنجم الكوميديا سمير غانم تأليف أحمد عوض وإخراج د. هاني مطاوع، بطولة مروي وندي بسيوني ومحمد محمود وغسان مطر وبالفعل حقق نجاحا في عدة مواسم متتالية بالقاهرة والاسكندرية وأعاد افتتاحه بعد توقف تسعة أشهر منذ قيام الثورة في أول أيام عيد الأضحي ويمتلك زايد علي أجندة مسرحه العديد من المشاريع المؤجلة لبعض النجوم والتي لم يتحدد مصيرها بعد أبرزها: «عندما يأتي المزاج» تأليف أحمد عوض وإخراج أشرف زكي بطولة أحمد عز ونور اللبنانية. وبعد معركة شرسة وطاحنة وقضايا في ساحات المحاكم استعاد المخرج جلال الشرقاوي مسرح الفن ليعيد افتتاح مسرحية «دنيا أراجوزات» تأليف محمود الطوخي بطولة مجموعة من الشباب في محاولة للهروب من سطوة نجوم الشباك وشروطهم المالية المعوقة للإنتاج وتم عرض المسرحية بعد الثورة في شهر مايو الماضي دون إيرادات كبيرة علي الرغم من انخفاض سعر التذكرة ولا يزال جلال الشرقاوي يملك أكثر من مشروع لتقديمها مع بداية العام الجديد. أما المنتج أحمد الابياري فيظل هو الوحيد في منظومة منتجي القطاع الخاص الذي لم يتخل عن تقديم عروضه سواء علي مسرح الريحاني أو حتي علي مسرح الزمالك الذي كان يستأجره من القوات المسلحة وقدم العديد من التجارب كان أبرزها في السنوات الأخيرة مسرحية «سكر هانم» والتي حققت نجاحا لافتا أثناء عرضها ربما لنجاح مخرجها أشرف زكي في صنع توليفة جمعت بين نجوم شباب ومخضرمين من أجيال مختلفة مثل عمر الحريري ولبني عبدالعزيز وطلعت زكريا وروچينا وأحمد رزق وأحمد السعدني وإدوارد ومروة عبدالمنعم وإنچي وجدان، وينتظر الابياري استقرار الأمور الأمنية من أجل ظهور مشروعه الجديد للمسرحية المأخوذة عن «سيدتي الجميلة» والمرشح لبطولتها سمية الخشاب، وخارج سياق مسرح القطاع الخاص التقليدي تبرز مسرحية «براكسا» التي قدمها المخرج والمؤلف نادر صلاح الدين من عامين كمحاولة لتقديم تجربة بمفردات مسرحية «برودواي» في أمريكا بتجربة غنائية مستندة إلي مسرحية لتوفيق الحكيم ولكن للأسف عرضت في ليالي محدودة بدار الأوبرا نظرا للتكلفة العالية فتم تأجير مسرح «قصر النيل» وقدموا ليلة عرض واحدة بعد تغيير بطلة العرض ولم يتحدد مصيرها حتي الآن. وفي نفس الإطار يشهد مسرح الهوسابير حاليا تجربة مغايرة عن المألوف حيث يساهم أبطال المسرحية بأجورهم في إنتاجها كمحاولة لدفع عجلة الإنتاج المسرحي من خلال مسرحية «البدروم» التي تنتجها أروي قدورة، بطولة سميرة محسن وأشرف مصيلحي وشمس ودعاء طعيمة ومحمودحافظ ومحمد نصر وعبدالمنعم رياض ورشا العدل وأحمد عبدالقوي وعمرو عبدالعزيز، تأليف مصطفي سليم وإخراج سامح بسيوني. وتظل هذه المحاولات رغم أهميتها غير كافية لإحياء مسرح القطاع الخاص من جديد وينقصها تكاتف جميع منتجي القطاع الخاص وتحملهم الأعباء ومشقة المخاطرة من أجل عودة القطاع الخاص من جديد لتقديم مسرحيات ناجحة، وأولي الخطوات تتمثل في إعادة افتتاح المسارح من جديد وترميمها مثل مسرح قصر النيل الذي يملكه المنتج محمد فوزي ومسرح الفردوس الذي يملكه المنتج عماد الباشا ومسرح مدينة نصر الذي يملكه المنتج عصام إمام بالإضافة الي مسارح رومانس وراديو ونقابة المهندسين ومسرح الهرم الذي يملكه المنتج فاروق صبري بعد انتهاء فترة إيجار فرقة الفنانين المتحدين ومسرح هيلتون رمسيس الذي يملكه المنتج وائل عبدالله وغيرها من المسارح التي لو تم افتتاحها من جديد بعروض مهمة وفي توقيت واحد ربما يساهم هذا في عودة الروح مرة أخري لهذا المسرح الذي يعد من أهم روافد المسرح المصري منذ نشأته حتي الآن.