هل أعلن المسرح المصرى وفاته؟ أم أنه مازال يحتاج إلى قدرة إلهية ترسل إليه من يمنحه قبلة الحياة ويعرضه لبعض الصدمات الكهربائية ليعيد إلى قلبه النبض من جديد؟ المسرح المصرى يحتاج إلى من يعيده إلى عصره الذهبى الذى كان. فبعد أن كانت تضاء المسارح العامة والخاصة بالنجوم وأنصاف النجوم والوجوه الجديدة والكومبارس. وبعد أن كنت تجد عشرات المسرحيات ذات الأسماء الرنانة والتى مازالت محفوظة فى ذاكرتنا حتى الآن نفاجأ خاصة فى هذا الموسم بالتحديد بضعف هائل أصاب العروض المسرحية وإقبال النجوم على المسرح، فبعد أن كان فى الموسم الواحد يعرض أكثر من 23 عرضاً مسرحياً لكبار نجومنا المسرحيين والسينمائيين، أصبح الآن لا يقدم إلا بضعة عروض لاتزيد على عدد أصابع اليدين، فهذا الموسم مثلاً لا يوجد لدينا سوى ستة عروض مسرحية منها بودى جارد لعادل إمام - ورغم أن هذا العرض بلغ عامه الحادى عشر - ولكن لو حسبت عدد العروض الفعلية للمسرحية لن تزيد على العامين - أى 022عرضاً - باعتبار أن المسرحية تعرض شهرين فى الموسم الشتوى وثلاثة أشهر فى الموسم الصيفى، وإن كانت لا تعرض فى كل أيام هذه الشهور، بل تعرض يومين - فقط - فى الأسبوع، ولو تصادف أن أحد هذين اليومين ليس به إقبال جماهيرى يؤجل وترحل التذاكر المحجوزة بناء على موافقة أصحابها إلى يوم آخر، وذلك نظراً لقلة الإقبال الجماهيرى على المسرح بشكل عام وعلى المسرح الخاص بشكل خاص والذى وصل فيه ثمن التذكرة إلى 005 جنيه، رغم أن »عادل إمام« وصل به الأمر فى وقت من الأوقات - قبل عشر سنوات - إلي قيامه بعرض مسرحياته أثناء مباريات كأس العالم لكرة القدم ويمتلئ مسرحه عن آخره!! المسرحية الأخرى المعروضة حالياً وتتبع المسرح الخاص ترالم لم لسمير غانم، أما مسرحيات القطاع العام فهى أربعة فقط: النمر ل محمد نجم ، و يادنيا ياحرامى ل ماجد المصرى ، و السلطان الحائر ل محمد رياض ، و سى على لمحمد الحلو ، و محمود الجندى ، و فايزة كمال ، هذا بخلاف بعض المسرحيات الفقيرة إنتاجياً وتسمى بلغة المسرح مسرحيات صغيرة مثل وهج العشق ، و العانس ، و الغولة ، إلى جانب ثلاث مسرحيات للأطفال هى »فركش لمايكش«، و»كوخ الطيبين ، و»عالم أقزام إذن هناك خلل فى منظومة المسرح المصرى سواء على المستوى العام أو المستوى الخاص، الأمر الذى يطرح تساؤلاً مهماً وهو: هل نجوم المسرح الخاص وقفوا عند عادل إمام ، و سمير غانم فقط؟ والمسرح العام لم يعد يستقطب نجوماً سوى محمد نجم ، و ماجد المصرى ، و محمد رياض ، و محمد الحلو ؟! أين بقية نجوم مصر من المسرح العام والخاص؟! ربما يكون السبب هو ضعف الإقبال الجماهيرى على المسرح نظراً لارتفاع سعر التذكرة الذى يتراوح الآن ما بين 03 -001 جنيه فى المسرح العام وما بين 001– 005 جنيه فى المسرح الخاص؟ ارتفاع الأجور يمكنك القول إن سبب غياب النجوم عن المسرح هو ارتفاع أجورهم التى لا تجد من يستجيب لها سواء على مستوى المسرح العام أو مستوى المسرح الخاص الذى هرب معظم منتجيه، إن لم يكن كلهم؟ فى الوقت نفسه الذى تجد فيه النجوم الشباب مكبلين بقيود إيرادات السينما الفلكية التى أصبح من الصعب الفكاك منها.. خاصة أن مشاكل المسرح كثيرة ومتراكمة وتحتاج إلى سنوات لحلها، وأولها قلة عدد المسارح، وسوء مستوى المسارح الموجودة، ورفض كثير من النجوم التعامل مع مسرح الدولة إما بسبب ضعف الميزانيات والأجور أو بسبب الشللية. غياب الخطة الكاتب »محفوظ عبدالرحمن« بدأ حديثه عن المسرح المصرى قائلاً: فعلاً الله يرحمه!! ويضيف: المسرح المصرى منذ فترة وهو يعانى من هبوط حاد فى الدورة الإنتاجية، وليس معنى أن يظهر عرض ناجح مثل قهوة سادة أن تكون هناك طفرة مسرحية، الطفرة المسرحية أن تجد هناك عشرات الأعمال التى تحتار فى اختيار أحدها لمشاهدته، نحن لدينا مأساة حقيقية فى الحركة المسرحية ككل - التأليف والإخراج والتمثيل - حالة من التخبط الشديد يشهدها المسرح المصرى وهى النهاية الحقيقية له، فنحن لم تعد لدينا خطة إنتاج ثابتة أو واضحة كما كان فى أيام الخمسينيات والستينيات وحتى السبعينيات، لدرجة أنى أذكر عندما تولى أحمد حمروش إدارة المسرح القومى المصرى لم يكن رجلاً مسرحياً، ولم يكن لديه مشروع مسرحى موجود فى الدرج، لكنه كان إداريا ناجحا، فتح الباب أمام كل الكتاب والمخرجين والممثلين، ولذلك صنع المسرح وقتها جيل الخمسينيات والستينيات من المسرحيين الذين يعيش المسرح على عبقهم حتى الآن، أما الآن فلا ندرى لماذا قدم هذا العرض؟! وما الهدف منه؟ وليه ده بيشتغل وليه دول ما بيشتغلوش؟ غياب دعم الدولة الكاتب »أحمد حمروش« - أول رئيس للمسرح القومى - يؤكد أن ما نراه الآن فى المسرح المصرى مهزلة مسرحية ويقول: كنا فى الخمسينيات والستينيات والسبعينيات نضع خطة مسرحية سنوية وهو ما يحدث فى كل دول العالم الغربى الآن، أما الآن فالمسألة أصبحت مزاجية، اللى دمه خفيف من بكره يعمل العرض بتاعه، واللى دمه تقيل تظل عروضه مركونة فى الأدراج لسنوات ويضيف حمروش : لابد من عودة الدولة لرعاية فنونها مثلما كان يحدث فى أيام العصور الذهبية للفنون، عندما كان يتولى »نجيب محفوظ« مؤسسة السينما، وكنت أتولى أنا و على الراعى مؤسسة المسرح.. لابد من رعاية الدولة لفنونها - ولا أقول فناً واحداً على حساب فن آخر أو إهمال فنون على حساب فن واحد، هذا غير مقبول.. الرعاية ستساهم فى تأكيد الدور التنويرى سواء للمسرح أو السينما أو حتى التليفزيون والغناء. العيب فى »الوزارة« عزت العلايلى أحد النجوم الكبار الذين ظهروا من خلال مسرح التليفزيون فى الستينيات، وقدم عشرات الأعمال المسرحية الناحجة فى تلك الفترة وصولاً إلى أهلاً يابكوات« يلقى باللوم والعتاب فى أسباب انهيار المسرح المصرى على وزارة الثقافة قائلاً: العيب فى الوزارة ، فوزارة الثقافة مثلما ضيعت السينما فى طريقها الآن إلى ضياع المسرح
إن لم تكن ضيعته بالفعل - الوزارة فالحة بس تعمل مهرجان تجريبى ، و رقص حديث تصرف عليهما الملايين دون فائدة منهما فى الوقت الذى كان من المفترض أن تصرف هذه الملايين على صناعتى السينما والمسرح للنهوض بهما، المسرح لم تعد أمامه سوى فرصة واحدة للعودة إلى الحياة وإلا فليحضر كفنه استعداداً لدفنه والترحم عليه! إنقاذ مايمكن إنقاذه د. هدى وصفى حزينة على المستوى الذى وصل إليه المسرح المصرى الآن، خاصة على مستوى دور العرض المسرحى التى تتقلص يوماً بعد يوم، فهى المسئولة عن مركز الهناجر الذى عبثت به أيدى وزارة الثقافة عن طريق عملية صيانة وتطوير مركز الهناجر فتوقف المشروع منذ أكثر من ثلاث سنوات، والمركز بلا مقر ولا مسرح تجرى عليه البروفات أو تقام عليه العروض، لقد تطوعت - والحديث لدكتورة هدى - وقمت بإجراء بعض الإصلاحات بالجهود الذاتية فى جزء من المركز لممارسة النشاط المسرحى عليه وهو ما حصدنا ثماره من خلال فوزنا بخمسة جوائز من مهرجان المسرح القومى عن مسرحيتين تحت التهديد - 4 جوائز - و فيفا ماما جائزة