مع بداية البث التليفزيوني قدمت الشاشة المصرية للمشاهدين عرضاً خاصاً لمشاهدة " مسرح التليفزيون" الذي سجل براءة إختراع جيل من الفنانين العمالقة أمثال العظيم الراحل فؤاد المهندس والعملاقة سميحة أيوب .. تأجج نشاط وتألق هذا المسرح في ستينات القرن الماضي واختفي مع بداية " خصخة الفن" التي قتلت كل ماهو جميل في هذا المجال الإبداعي الذي أصبحنا نطلق عليه " صناعة الفن" و"النجم" و"الشباك" .. تفاصيل البداية وفصول النهاية ترصدها الأهالي في تحقيقنا التالي. في البداية قال محمد الروبي الناقد الفني إن بداية التليفزيون الضخمة لم تكن تحظي بتجهيزات للمواد المقدمة مما اضطر المسئولين للجوء إلي تقديم عروض مسرح فكان مسرح التليفزيون الذي تشكلت في بداياته مجموعة من الفرق سميت فيما بعد بفرق مسرح التليفزيون . ويضيف " الروبي" أن مسرح التليفزيون بالفعل ملأ فراغ ساعات البث التليفزيوني وأرضي جمهور التليفزيون وخرج عدد كبير من الفنانين علي خشبته ولكنه لم يقدم شيئاً منذ ثلاثين عاماً لأن الدور الذي خلق من أجله انتهي وانتفت أسباب وجوده ومع وجود ضغط كبير واكتظاظ ساعات البث بالمواد الإعلامية والإعلانية لم يعد هناك مكان لمسرح التليفزيون كما أن المسرح في حد ذاته يجب أن يقدم علي خشبة المسرح وليس علي شاشة التليفزيون . بينما أكد " جرجس شكري " الناقد الفني أن بداية المسرح هي في الحقيقة محاولة لشغل ساعات البث التليفزيوني ، وفي عام 1962 تم إنشاء 3 فرق مسرحية بمسرح التليفزيون هي النهضة والحرية والسلام وانضمت لها في 1963 الكوميدية والشعب والنصر والتحرير وقدمت أكثر من 18 مسرحية في ذلك الموسم الشتوي فقط و16 في موسم الصيف وهذا صنع منافسة كبيرة بين الفرق ومن هنا بدأت الأزمة الارتفاع في أجور الفنانين هو السبب في احتراق خشبة المسرح وفقدانها للتوازن وخاصةً في حالة مسرح التليفزيون الذي أدي تنافسه مع المسرح الخاص ومسرح وزارة الثقافة إلي ارتفاع حاد في أجور الفنانين وبدأت مع ظهور فرق مسرح الحكيم والعالمي والفرق الإستعراضية حرب اختطاف النجوم مابين مسرح التليفزيون ومسرح وزارة الثقافة علي طريقة الأهلي والزمالك وتحول المسرح لتجارة خاصة، وأذكر أنه في عام 1966 كانت مصروفات مسرح التليفزيون لفرقه قد تجاوزت ال2 و نصف المليون جنيه وكانت هذه ثروة قومية . وقال الكاتب " محفوظ عبد الرحمن" ان مسرح التليفزيون قدم الكثير من النجوم إلي الشاشة وصنع منهم علامات في تاريخ الفن المصري بداية من محمد عوض إلي فؤاد المهندس ولكن الحقيقة أن إختفاء مسرح التليفزيون كان سبباً في تراجع المسرح المصري بدرجة كبيرة خاصةً مع تقدم " الفنون التشكيلية" بين قوسين علي رأس اهتمامات وزارة الثقافة التي أسند اليها العمل المسرحي في مصر والتي لم تقدم الجديد فيه فيومياً نري مسارح تغلق ولا تفتح وتحرق ولا ترمم علي عكس ما كان يحدث في الستينات حيث عرفت مسارح مغمورة علي رأسها الهوسابير وبدأت مسارح المدارس مثل مسرح الليسيه في الظهور ، أما الآن فالمسرح يتلاشي... بينما يتقدم في دول أخري ففي تونس علي سبيل المثال لا يوجد شارع ليس به مسرح أما نحن الآن فلا يوجد حي به مسرح " يوحد ربنا". وفي حادثة طريفة وحصرية للأهالي قال محفوظ عبد الرحمن إنه كان يبحث مع مجموعة من النجوم فكرة عمل مسرحي جديد ولكن الأزمة التي واجهوها كانت سؤال " أين نعرض المسرحية ؟!!!"، وفي ختام حديثه أكد " محفوظ عبد الرحمن" أن هناك بصيصا من الأمل في فرق المدن والقري الصغيرة وفرق الشباب تقوم بعرض أعمالها وبدأ جمهور الشباب يهتم بحضور هذه العروض وهو ماقد يمثل للمسرح " عودة الروح".