«يفعلون عكس ما يقولون» هكذا أصبح حال شيوخ الدعوة «السلفية» فى مصر، الذين لا يتوانون عن إطلاق قنابلهم «الموقوتة» من الفتاوى الدينية المحرضة على العنف وبث الفتنة والكراهية بين مواطنى الدولة الواحدة، بهدف ضرب النسيج المجتمعى لوحدة المصريين وزعزعة الأمن والاستقرار. الفتوى «السلفية» المتعلقة بتهنئة الأقباط بأعياد الميلاد تعتبر فتوى «موسمية» نظراً لإثارتها كل عام بالتزامن مع احتفالات رأس السنة الميلادية، وعلى الرغم من أن حزب «النور» الذراع السياسية للدعوة السلفية سمح للأقباط بالترشح على قوائمه الانتخابية، فإن ذلك لم يشفع عند شيوخها، الذين عادوا يطلقون تلك الفتاوى غير عابئين بما يحدث من إرهاب بسبب الفتوى بغير علم المتناقضة فى الرؤى. الإفتاء: يجوز تهنئة غير المسلمين أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية أكدت جواز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، شريطة ألا تكون بألفاظ تتعارض مع العقيدة الإسلامية، وقالت الفتوى: إن هذا الفعل يندرج تحت باب الإحسان الذى أمرنا الله عز وجل به مع الناس جميعاً دون تفريق، مذكرة بقوله تعالى: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً» وقوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ». وقالت الفتوى إن أهم مستند اتكأت عليه هو النص القرآنى الصريح الذى يؤكد أن الله تبارك وتعالى لم ينهَنا عن بر غير المسلمين، ووصلهم، وإهدائهم، وقبول الهدية منهم، وما إلى ذلك من أشكال البر، وهو قوله تعالى: «لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ».. غير أن أعضاء الدعوة «السلفية» لا يعتبرون بما تشهده المنطقة من عمليات إرهابية بسبب تلك الفتاوى الشاذة التى لا تستند إلى دليل من القرآن والسنة، ويواصلون فتاواهم المحرضة على العنف، حيث أطلق عضو الدعوة السلفية الشيخ ناصر رضوان عضو فتوى قال فيها: «إن تهنئة الأقباط بأعياد الميلاد أو الاحتفال بها حرام شرعاً».. واصفاً «الكريسماس» ب «عيد شتم رب العالمين» على حد قوله. السلفيون يسيئون للأديان وانتقد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، فتاوى تحريم الاحتفال بأعياد «الكريسماس» وتهنئة الأقباط التى صدرت عن التيار السلفى، قائلاً: المفروض يقيم شيخ الأزهر دعوى ضد السلفيين بتهمة ازدراء الأديان بسبب هذه الفتاوى، وعلى وزير الداخلية أن يقيم دعوى أيضاً ضدهم بتهمة تكدير السلم العام بسبب هذه الفتاوى التى تثير المشكلات والاحتقان الطائفى بين المواطنين. وأضاف، أن مرجعية المسلمين القرآن والسنة، وقد قال الله تعالى «أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين»، كما أن النبى صلى الله عليه وسلم ذهب لعيادة شاب يهودى وهو يحتضر فى بيته. وقال: «رسول الله احتفل بنجاة موسى بالصيام»، مضيفاً: أما الدليل العقلى على تهنئة النصارى فالقاعدة تقول حيثما كانت المصلحة فثم شرع الله، فلا مانع من تهنئة النصارى، والمسيحيون بأخلاقياتهم احتفلوا معنا بمناسبة المولد النبوى وحضروا الاحتفالات الرسمية والشعبية والقرآن يقول: «وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها». وطالب خطيب وإمام جامع عمر مكرم، مجلس النواب بإصدار قانون يجرم الفتوى لغير علماء الأزهر الشريف ويجرم كل الذين يفتون يغير علم، واصفاً شيوخ السلفية بالفشلة الذين يسعون إلى فرض وصايتهم على الشعب قائلاً: «ابحثوا عن شغلانة تانية غير الدعوة»، رداً على تصريحات أعضاء الدعوة السلفية. واستنكرت الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب، الفتاوى التى خرجت من أحد أعضاء الدعوة السلفية بتحريم تهنئة الأقباط بأعياد الميلاد قائلة: «كفاكم البراجماتية استعنتم بالأقباط فى استكمال القائمة الانتخابية، لابد أن يكون الإنسان صاحب مبدأ ثابت». وقالت «نصير»: إن السلفيين لا يخجلون من الحديث فى هذه المسألة ولديهم إصرار أن يسبحوا خارج إطار الوطن بأفكار هدامة لا صحة لها من الأساس.. ونتمنى من الله أن يديم علينا الأعياد ونحن إخوة متحدون فى وطن واحد». وأضافت «نصير»: كفاكم إشاعة الفتن واتقوا الله.. متابعة: أريد أن أرى منهم من يحرم الزواج من النساء الأقباط ولا الزواج حلو.. متسائلة: أليس من حق المسلم الزواج منهن؟ وقال الشيخ مظهر شاهين، إمام وخطيب جامع عمر مكرم بالتحرير: إن تصريحات «السلفيين» تنم عن جهل وغباء وعدم فهم هؤلاء لصحيح الدين والأدلة التى يستند إليها السلفيون فى فتاواهم خاطئة وتدعو إلى الخلاف والتحريض على العنف والكراهية بين ابناء الوطن الواحد. وأكد «شاهين» أن الاسلام يأمر أهله بالتعامل مع الأقباط من منطلق البر والعدل، مستشهداً بقول الله تعالى فى سورة الممتحنة «أن تبروهم وتقسطوا إليهم»، مضيفاً أن البر اسم جامع لفعل الخير وتهنئة الأقباط بأعيادهم هو فعل من أفعال الخير. وأوضح «شاهين» أن شيوخ السلفية يستدلون على أن التهنئة حرام، استناداً إلى قوله تعالى: «لكم دينكم ولى دين»، مشيراً إلي أن تلك الآية الكريمة تعنى شيئاً آخر غير ذلك، وهو أن كل إنسان يتصرف طبقاً لعقيدته ولا يجوز فرض وصية على عقيدة الآخرين أو الانتقاص منها، على حسب قوله. وقال الدكتور كمال حبيب، الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية: إن العقل السلفى هو عقل بسيط وجزئي يميل فى تدينه إلى الارتكاز على الشكل أكثر من المضمون ولديه قضايا موسمية يروجها سواء فى المولد النبوى الشريف أو أعياد الميلاد وغيرهما من المناسبات. واعتبر «حبيب» أن كل ما يطلق فى وسائل الإعلام من جانب السلفية تعبير عن العقل السلفى ذي الانطباع الريفي ويتنافى مع رؤيتهم السياسية، مؤكداً أن تلك الفتاوى تؤدى إلى الانقسام والتفرقة بين النسيج الوطنى المصرى.. وقال: إن الإسلام وضع قواعد للتعامل مع غير المسلمين وفرق بين المستويين العقائدى والسياسى، وبالتالى ما يروجه السلفيون هو لخلق أزمة بين الآخرين مثل الصوفية ويسعى لحشد وتعبئة أنصاره.