لم يتردد أهل القانون والرأي والخبرة في اعتبار الإعلان الدستوري المكمل الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة انقلابا عسكريا، يرتدى ثوب الإعلان الدستوري، ولم يكن متوقعا أن يأتي الإعلان الدستوري المكمل بمثل هذه الفجاجة. فهناك نصوص اشتمل عليها الإعلان الدستوري المكمل تمثل عدوانا سافرا على اختصاص الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، لأن إنشاء وانتخاب الجمعية بواسطة البرلمان المنتخب، يغلَّ يد الجميع عن إصدار أي بيان أو إعلان دستوري، كما أنه عدوان سافر على المسار الديمقراطي، وكأن المجلس ساءته فرحة الشعب المصري بالانتخابات الرئاسية. وقد وجد كثيرون في الإعلان الدستوري المكمل أسبابا موضوعية لرفضه شكلا وموضوعا، لأنه قيد صلاحيات كافة المؤسسات لصالح المجلس العسكري، وأدى إلى تغوله على كافة مؤسسات الدولة، بما في ذلك صلاحيات الرئيس المدني المنتخب، وجعل من المجلس العسكري سلطة فوق كافة سلطات الدولة. ففي المادة 53 مكرر، اختص المجلس الأعلى للقوات المسلحة نفسه بتقرير كل ما يتعلق بشئون القوات المسلحة، وسلب صلاحيات الرئيس القادم بكل ما يتعلق بأمور القوات المسلحة، وجعلها في يد المجلس العسكري، بما في ذلك حالة إعلان الحرب، فالرئيس القادم لا يستطيع إعلان حالة الحرب إلا بموافقة المجلس، ولا يمكنه أن يأمر القوات المسلحة بالتدخل في حالة حدوث أية اضطرابات بالبلاد، إلا بموافقته أيضا، وفقا لما نصت عليه المادة 53 مكرر2. كذلك، أعطت المادة 56 للمجلس الأعلى للقوات المسلحة حق التشريع، بينما كان يتعين أن يمنح السلطة التشريعية لصاحبها الأصيل وهو مجلس الشعب، مما يجعل قرار حل المجلس منعدم ويتعين عدم حل مجلس الشعب، بل كان ينبغي الإبقاء عليه لحين وضع الدستور وإجراء انتخابات مجلس شعب جديد، كما أن معظم الدساتير والأعراف تعطى سلطة التشريع لرئيس الجمهورية فى حالة حل البرلمان. والمادتان 60 مكرر و60 مكرر 1 المتعلقتان بالجمعية التأسيسية لوضع الدستور، تجعل المجلس العسكري يتغول على كافة السلطات بما فى ذلك الجمعية التأسيسية التي انتخبت انتخابا شرعيا، مما يعني تكوين جمعية تأسيسية جديدة غير شرعية، كما أنه لا يمكن وضع دستور دولة من قبل جمعية تأسيسية يشكلها مجلس عسكري لأن استفتاء 19 مارس 2011 نص صراحة على انتخابها بواسطة الأعضاء المنتخبين بمجلسي الشعب والشورى. كما منح الإعلان الدستوري المكمل للمحكمة الدستورية سلطة الفصل فيما يتعلق بالجمعية التأسيسية، وهو ما يخالف كافة الدساتير والأعراف لأنه لا علاقة للمحكمة الدستورية بوضع الدستور، إذ أن ذلك يمثل خطورة كبيرة، ويصادر حق الشعب في تقرير مصيره ووضع دستوره.