لو أُسدِل الستار على الثورة المصرية، لا قدر الله، سواء بصعود شفيق أو بإعلان الحرب على مرسي والانقلاب على نتائج الصندوق في حالة فوز الأخير، وإدخال مصر في دوامة تتمثل في معركة نزع السلطة من العسكري وتفجر الصراع العلماني الإسلامي دون وجود آلية لحسمه سواء بالتوافق أو بالغلبة وغرق سفينة مصر؛ وقتها وحينها لا أريد أن استمع إلى هذه الكلمات ولا العبارات من الأطراف الآتية: «الإسلاميون»: لا أريد أن استمع إلى حديثكم عن التمكين والغايات الكبرى والاستقلال الحضاري والقيمي و«عدالة» الشريعة، لأن الفرصة جاءتكم لتثبتوا أنكم لا تكيلون بمكيالين، وأنكم تقفون بالمرصاد للظلمة، فتحولتم إلى فرق وشيع، بعضها منبطح والآخر متردد مرتعش والآخر ثوري إلى درجة الطيش، وضيعتم أمانات كثيرة منذ بداية الثورة، واستطاع العسكري أن يروضكم ويجعلكم بلا مخالب، لأنكم ركنتم إليه بل جعل كثرتكم الكثيرة كغثاء السيل، فرضيتم. «العلمانيون»: لا أريد أن استمع من أحدهم إلى عبارة «حرية الفكر» و«التنوير» و«الديمقراطية»، لأني أصبحت أشد الناس كفرا بهذه المصطلحات التي انقلبتم عليها وأصبح المراد بها هي حرية معاداة الدين و«تضليل» العقول، أما الديمقراطية فثبت بالدليل القاطع وبما لا يحتمل ذرة شك أن الديمقراطية في مصر والعالم العربي ما هي إلا صنم العجوة، لو جاع العلمانيون التهموه التهاماً. كما أنهم لم يقدموا حلولا على مدار العقود الفائتة رغم تسيدهم الإعلام والتعليم ومفاصل الدولة والتحافهم بالأنظمة البوليسية، لم يقدموا سوى البؤس والشقاء والتبعية والانبطاح لأعداء هذه الأمة، وهم الآن في اللحظات الحاسمة للثورة بدأوا بالتملص منها وقرروا إضاعتها بابتداع «المقاطعة»، وادعاء أن المشهد السياسي يأخذ من الديمقراطية «شكلها» فقط مثلما قال كبيرهم. «الليبراليون»: متى تعلنون وفاة الليبرالية المصرية، وخلو مصر من التيار الليبرالي، وأن ما يوجد عندنا ما هم إلا نخبة مستبدة، تكيل بمكيالين، وتتبع سياسة ازدواج المعايير، مثل سياسة أمريكا في العالم. «الأقباط»: لو أثبتت نتائج التصويت أن أصوات الناخبين الأقباط في مصر وحول العالم دعَّمت أحمد شفيق، أو أعلنوا رفضهم لنتائج الديمقراطية في مصر وانقلابهم عليها، كما فعل ساويرس في تأسيسية الدستور، عليهم أن يخرجوا ويعتذروا لبقية المصريين عن العقود التي أمضوها يتحدثون عن «ملف الأقباط» و«اضطهاد الأقباط» في عهد مبارك واضطهاده لهم، لأنهم هم نفس الأشخاص الذين هرولوا لإعاده انتخاب نظامه من جديد ضاربين عرض الحائط بالثورة وبأبناء الشعب المصري الذي سالت دماءهم لنيل الحرية. أما «الثوار الشرفاء» الأحياء منهم والأموات، فأدعوا الأحياء منهم، وعلى رأسهم الإسلاميون الثوريون، أن يبحثوا عن بقعة أخرى من بقاع الأرض فأرض الله واسعة ليهاجروا فيها، ويحققوا فيها أحلامهم الجميلة «عيش- حرية-عدالة اجتماعية»، أما الأموات منهم فأسأل الله أن يؤتيهم الأجر ضِعفين لأنهم ماتوا لأجل أن ينال الحرية من لا يستحقها.