ركزت معظم التحليلات التي تناولت تبادل الأسرى بين الكيان الصهيوني وحركة حماس على الفوائد والتحديات بالنسبة لحكومة غزة بقيادة حماس، وللسلطة الفلسطينية بقيادة حركة فتح في رام الله. لكن المحللة السياسية الفلسطينية ليلى الحداد نظرت إلى الصفقة من منظور مختلف وبناء على الخطوات التي يسلكها فاعلٍ من الفاعلين على الساحة لاتخاذ موقع في الجغرافيا السياسية للمنطقة . فبالنسبة لحكومة الكيان الصهيوني، لم يكن تبادل الأسرى مجرد محاولةٍ لكسب الشعبية في الداخل والتغلب على العزلة في الخارج. بل كان أيضًا بادرةَ حسن نية تجاه تركيا التي لا تزال مغتاظةً منذ الهجوم على أسطول الحرية في مايو 2010 وبسبب غطرسة إسرائيل الرافضة لتقديم اعتذار رسمي. وكان تبادل الأسرى كذلك غصن الزيتون الذي قدمه الصهاينة لمصر بعد مقتل ستة جنود مصريين في أغسطس، والأهم أن تبادل الأسرى كان محاولةً للتقرّب من المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصري واستعادة العلاقة التعاونية والتواطؤيَّة التي كانت قائمة مع نظام مبارك في السنين الخالية. ولعلّ التبادل ينمّ أيضًا عن وعي الكيان بأن أي الحكومة المصرية المستقبلية قد تكون أكثر عدائية وبأنه من الأفضل له أن يتفاوض مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة عوضًا عن الانتظار لفترةٍ أطول. وبالنسبة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصري، فقد كان تواقًا للخلاص من أسبوعٍ دامٍ تخلله احتجاجٌ انقلب إلى مذبحة ذهب ضحيتها أكثر من عشرين مدنيًا مصريًا كثيرٌ منهم أقباط. إنّ نجاح المجلس الأعلى للقوات المسلحة في التوسط في إطلاق سراح الأسرى ساعده في إرساء شرعيته من جديد محليًا وإقليميًا. كما إن مصر منخرطةٌ في صفقةٍ تخصها لتبادل الأسرى تنطوي على إطلاق سراح إيلان جرابيل، المحتجز منذ يوليو، مقابل إطلاق سراح 22 مصريًا من السجون الصهيونية وبالمثل كانت سوريا التي قبلت باستقبال نحو 15 مُبعدًا، سعيدةً بإشاحة الأضواء بعيدًا عن الانتفاضة الشعبية التي ما فتئ بشار الأسد يقمعها بوحشية متزايدة. وعقب صفقة التبادل تلقت أنقرة إشادةً علنيةً بجهودها من شيمون بيريز. وسعيًا لاغتنام هذا الزخم وبذل جهدٍ أكبر للحد من الضرر، قال إيهود باراك واصفًا مساعدات الإغاثة الصهيونية المتمثلة في البيوت المتنقلة المرسلة إلى المناطق الشرقية من تركيا التي ضربها الزلزال والتي تقطنها أغلبية كردية بأنها محاولة "لفتح صفحة جديدة" في علاقتهما المتوترة. وخلصت ليلى الحداد في تحليلها إلى أن الكيان الصهيوني استخدم صفقة شاليط لخدمة جميع الأطراف مع إعطاء مصر النصيب الأكبر، حيث لا تزال مصر هي المفضلة المتعاونة التي يمكن التنبؤ بها وذات القوة والتأثير على تركيا ذات النفوذ والهيمنة الأكبر. وعلى المستوى الداخلي، تمثلت الآثار على المدى البعيد في إثبات حماس بأنها لا تزال فاعلا ذا هيبة فكانت الصفقة شبيهة بالنصر الذي حققته حماس عندما أمَّنت إطلاق سراح مراسل هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، آلان جونستون، الذي اختطفته عصابات مسلحة قبل أن تدحر حركةُ حماس حركةَ فتح من غزة في عام 2007. فقد أظهرت حماس، من خلال تأمين الإفراج عنه، بأنها كانت قادرةً على فرض القانون والنظام في وقت كانت تحتاج فيه لمجابهة صور المعارك الطاحنة. وبإطلاق سراح شاليط، برزت حماس كقوةٍ منضبطةٍ قادرةٍ على الإمساك بجندي صهيوني، والاحتفاظ به أسيرًا، والمفاوضة على إطلاق سراحه لقاءَ ثمن باهظ مفاوضةَ الأنداد. وفي كلتا الحالتين، أثبتت حماس بأنها عصيةٌ على التهميش والتغييب. وفي غضون الأحداث المتلاحقة، وصف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، بأنه لا علاقةَ لاتفاق تبادل الأسرى بالسياسة الحزبية الضيقة، ووصف عملية التبادل بأنها "إنجازٌ وطني." أمّا مروان بشارة، المحلل السياسي بقناة الجزيرة، فقد وصف الأسرى المحررين بأنهم "الوجوه المفقودة في هذا الصراع" نظرًا لطول المدة التي قضوها في السجن جراء مقاومتهم الاحتلال.