\r\n وكانت تصريحاته، التي أدلى بها في ميونيخ، الأكثر صرامة وحدة في مسيرة أسبوع من التحذيرات من واشنطن بأن أفغانستان ستسقط بشكل أعمق في الفوضى إذا لم تخصص أوروبا مزيدا من القوات لقوة حلف شمال الأطلنطي\" الناتو\" هناك. \r\n وفي حين انتشرت التحذيرات والتقارير عبر الأطلنطي، وضعت الأممالمتحدة تقريرا كبيرا لم يحظ بملاحظة وعناية كثيرا ولكنه يمكن أن يكون له تأثير مباشر أكثر على المشكلة الأمنية من عمليات نشر الجند أو استراتيجيات محاربة الإرهاب. فقد وجد مكتب مكافحة المخدرات التابع للأمم المتحدة أن محصول الخشخاش (الذي يُتحذ منه الأفيون) في أفغانستان - بكلمات مدير المكتب التنفيذي - قد عاد مرة أخرى مرتفعا ارتفاعا مذهلا. ولم يذكر أي من جيتس أو المسئولين الآخرين المعنيين والمشاركين في المناقشة العامة التي جرت في الأسبوع الماضي حول مستقبل أفغانستان، مشكلة الخشخاش - فيما عدا مرة واحدة، في إجابة على سؤال. ويبدو أنهم كانوا مشغولين بمسألة وضع مزيد من القوات على الأرض. \r\n على أن ما لا يبدو أن أحدا يدركه أو يريد أن يعترف به هو أن مشكلة الأفيون قد ساعدت في إقامة ودعم وبقاء حركة \"طالبان\" المسلحة. فبدونه، كان يمكن لطالبان أن يكون لديها مشاكل ومتاعب في الاحتفاظ بهجومها. غير أنه بينما تستمر الولاياتالمتحدة وأوروبا في المعاناة بشدة من الوضع المتدهور، فإن القليل يُفعل بشأن الخشخاش. \r\n ويذكر ذلك التقرير الأممي بوضوح ما يقوله معظم الناس في الحياة العامة: وهو أن \"طالبان\" تحصل على المال من مزارعي الخشخاش. لقد أجرى العاملون في الأممالمتحدة مقابلات مع عشرات من هؤلاء المزارعين ثم أحصوا الأعداد. وفي الأسبوع الماضي، أعلن المدير التنفيذي للوكالة الأممية التي نشرت التقرير الخاص بالأفيون، وهو أنطونيو ماريا كوستا، خلاصة ونتيجة التقرير على الملأ. \r\n وقال كوستا:\" إن الأفيون هو مصدر هائل للدخل بالنسبة ل\"طالبان\".. هم يفرضون ضرائب على المزارعين، وتُسمى بالمنفعة، ومحددة تقريبا بنسبة 10 %، وتدر ما يقرب من 100 مليون دولار سنويا\". مائة مليون دولار في السنة! كم من المتفجرات والأسلحة التي يمكن أن يشتريها قادة \"طالبان\" بذلك المبلغ؟ كم عدد عائلات المهاجمين الانتحاريين الذي يمكن أن تعيلهم وتدفع لهم مالا؟ وبكل هذا المال، ما مدى شغفهم إلى الحفاظ على الحركة المسلحة مستمرة وماضية قدما والحفاظ على السيطرة على الأقاليم الجنوبية والجنوب - الغربية حيث يُزرع جل الخشخاش؟ إن هذا المال، بالطبع، غير محسوب كليةً. وقادة \"طالبان\" يمكنهم أن يفعلوا به ما يريدون. فبكل هذه الثروة، ليس من المرجح أن يشتروا سيارات \"بي إم دبليو\" أو منازل فاخرة بها حمامات بخار ومسارح منزلية. ولكن ربما هم يخبئون الأموال في بنوك أجنبية للمستقبل. إن الشخص النادر - بصرف النظر عن استقامته - هو الذي لا يقدر ويثمن الثروة. وتجارة الأفيون هي قاطرة خطيرة موثوقة - لحركتهم المسلحة الإرهابية وربما لهم أنفسهم. \r\n إن التقدير الذي قوامه 100 مليون دولار قد يكون فيه تحفظ. فطالبان تحتفظ أيضا بمختبرات تنقية هيروين على امتداد أفغانستان. والهيروين المنقى يساوي أكثر من الأفيون الخام بكثير. وما هو أكثر أن أفغانستان أصبحت - في العام الماضي فقط - أكبر زارع للمارجيوانا (القنب الهندي) في العالم. \r\n ولذلك، أليس إنهاء تجارة الأفيون والقنب الهندي تضير الحركة المسلحة، وتشل \"طالبان\"؟ هذا يبدو سهلا، ولكن السيطرة على إنتاج المواد المخدرة أثبت أنه صعب للغاية حول العالم. فيما عدا في مكان واحد - أفغانستان. \r\n ومما يدعو للمفارقة بما يكفي، هو أنه عندما كانت \"طالبان\" في السلطة، تمكنت في سنة واحدة من القضاء فعليا على تجارة الخشخاش في أفغانستان ببساطة عن طريق حض ونصح الناس، محذرةً إياهم بأن زراعة الخشخاش ضد تعاليم الإسلام - وبالقيام بحرث محاصيل أي فرد يعصي ذلك. \r\n كان ذلك في ربيع عام 2001، وانتهى المطاف بمئات من مزارعي الخشخاش في مخيمات اللاجئين أو الدول المجاورة التي كانت أكثر تسامحا مع تجارتهم. ولكن بالطبع جاءت أحداث 11 سبتمبر والغزو الأميركي. ومع رحيل \"طالبان\" عن السلطة، عادت محاصيل الخشخاش. ومنذ ذاك الحين زادت ونمت المحاصيل أضعافا مضاعفة. وتنتج أفغانستان الآن 90 % من الأفيون في العالم. وقد قدمت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التعليق الوحيد بشأن هذا في الأيام الأخيرة، في إجابة على سؤال. \r\n قالت:\" إن الأفغان عليهم أن يتصدوا للفساد.. وعليهم أن يتصدوا للتكتلات والمجموعات الخارجة على القانون\". ولكن الولاياتالمتحدة تتشارك في بعض المسئولية. فالبنتاجون ينفق 2.5 مليار دولار هذا العام لتدريب وتجهيز وإعداد الشرطة الأفغانية. ولكن هذه الشرطة - بالرغم من الاعتراضات القوية من وزارة الخارجية الأميركية - يتم إرسالها لمقاتلة \"طالبان\" - وليس إلى تجار ومروجي المخدرات. \r\n على أنه بالرغم من ذلك تقع المسئولية في النهاية على حامد قرضاي، الرئيس الأفغاني. إن الأميركيين يعبرون بهدوء عن الإحباط فيما يتعلق بامتعاض قرضاي وكرهه شن حملة صارمة على مزارعي الخشخاش. غير أنه يبدو أنه يفهم الرهانات والمخاطر. سألتُه ذات مرة، في زيارة لي لكابول، عن مكافحة تجارة الأفيون. \r\n وقال مؤكدا :\" لو فشلنا، سنفشل كدولة، سنسقط في النهاية مرة أخرى في أيدي الإرهابيين\". قد لا يكون قرضاي رئيسا فعالا بشكل خاص. ولكن لا أحد يمكن أن يحاج ويجادل فيما يتعلق ببصيرته. \r\n \r\n جويل برينكلي \r\n مراسل خارجي سابق لصحيفة \" نيويورك تايمز \" حائز على جائزة \" بوليتزر\" الأميركية وأستاذ الصحافة حاليا بجامعة \" ستانفورد\" \r\n خدمة \" إم سي تي \" - خاص ب\" الوطن