\r\n فعلى ضوء اهمية تجارة المخدرات للاقتصاد الافغاني، فان مطالبة قرضاي بشن حرب على مزارعي الخشخاش أو الأفيون بمثابة دعوته لارتكاب انتحار سياسي. \r\n وليس من المدهش ان واشنطن تريد ان تجفف مصدرا مهما للاموال التي تتدفق على (القاعدة) و(طالبان). \r\n ولكن اولئك (أي القاعدة وطالبان) ليسوا هم الفصائل الوحيدة المعنية بتجارة المخدرات. فكثير من حلفاء قرضاي السياسيين هم لوردات الحرب الذين يسيطرون على تجارة المخدرات في مناطقهم. وهم يستخدمون العائد من تلك التجارة في دفع رواتب لرجال الميليشيا الذين يبقون عليهم في السلطة في اقطاعياتهم ويعطونهم سطوة وشهرة سياسية وطنية. وبعض هؤلاء الافراد ساندوا (طالبان) عندما كانت في السلطة. \r\n وغيروا اتجاههم وانحيازهم فقط عندما شنت الولاياتالمتحدة هجومها العسكري على افغانستان في شهر اكتوبر عام 2001. ان حملة مكافحة المخدرات القوية يمكن ان تجعلهم يغيرون تحالفهم مرة اخرى، ويبدو قرضاي مدركا للخطر. \r\n على ان مشكلته السياسية اعمق من مجرد الاحتياج إلى استرضاء لوردات الحرب الاصدقاء. فتجارة المخدرات هي عماد الاقتصاد الأفغاني. فوفقا ل (مكتب الأممالمتحدة لشئون المخدرات والجريمة). \r\n فان التجارة السنوية للمخدرات تبلغ الان حوالي 2.8 مليار دولار تقريبا. \r\n وكان تقرير نفس المكتب الصادر في شهر نوفمبر عام 2004 عن تجارة المخدرات قد خلص إلى ان (اقتصاد المخدرات يعادل الان حوالي 60% من اجمالي الناتج القومي لأفغانستان في عام 2003 (أي 4.6 مليار دولار، اذا ما تم فقط قياس النشاط الصريح) \r\n وطبقا للامم المتحدة فان عدد العائلات الافغانية المنخرطة في زراعة المخدرات ارتفع بمقدار 35% في عام 2004. فوصل العدد الى ما يقدر ب 356.000 عائلة. \r\n وبالنسبة لكثير من هؤلاء الناس فان زراعة المواد المخدرة والاتجار فيها هو الفارق بين الرخاء المتوسط والتدهور المعيشي. فهم لن ينظروا نظرة عطف وحنو إلى الجهود الرامية إلى تدمير رزقهم ومعيشتهم. \r\n وقد حاول مسئولو الحكومة الافغانية جعل انصارهم الأميركيين يفهمون الحساسية المفرطة لجعل جهود مكافحة المخدرات موجهة ضد مزارعي الخشخاش او الافيون .. فقد قال حبيب الله قدري الوزير الافغاني لشئون مكافحة المواد المخدرة محذرا: ان اخذ او سلب ارزاق المزارعين يمكن ان يكون امرا خطيرا في بعض الاجزاء من افغانستان. \r\n ان الخطر كبير بشكل خاص فيما يتعلق بمزارعي الباشتون في جنوب وشرق أفغانستان وهي قلب دائرة قرضاي السياسية. فكما أخبر احد الدبلوماسيين الغربيين في افغانستان وكالة (رويترز) للانباء قائلا: اذا قام قرضاي بتدمير محاصيل المواد المخدرة، واذا قام باعتقال ومعاقبة المزارعين، فانهم سيعتقدون دون شك ان (طالبان) معهم الحق عندما يقولون إن الحكومة سيئة. \r\n وبالرغم من تلك العوامل الاقتصادية المثبطة، الا ان الحكومة الاميركية تمارس ضغطا متزايدا على حكومة قرضاي لشن حملة شعواء على تجارة المخدرات. \r\n ويستجيب النظام الافغاني بحذر، محاولا اقناع واشنطن بانه جاد بشأن التعامل مع المشكلة بدون شن حملة شعواء على زراعة او تجارة المخدرات وهو الامر الذي سيغضب قطاعات كبيرة من السكان. كما حاول تحقيق التوازن بالتركيز على الغارات والهجمات البارزة للعيان على معامل معالجة المخدرات ومعظمها تلك التي لا يسيطر عليها لوردات الحرب الاصدقاء للحكومة في كابول بدلا من اتخاذ اجراءات صارمة لإزالة او القضاء على المحاصيل المزروعة بمواد مخدرة. \r\n ان الضغط الاميركي في مسألة المخدرات يخاطر بتقويض حكومة قرضاي. وهذا يصدق بشكل خاص على خطط القضاء على المحاصيل المزروعة خشخاشا او افيونا. فاذا خضعت كابول للضغوط الاميركية ووافقت في نهاية المطاف على حملة رش من الجو (بالطائرات) فسيكون قرضاي في حالة حرب مع جزء كبير ومهم من بني جلدته. وعلى ضوء حالة الهشاشة السياسية لافغانستان، فان ذلك سيكون خطوة غير حكيمة بالمرة. وعلى واشنطن ان توقف مطالبة الرئيس قرضاي بعمل المستحيل.. \r\n \r\n تيد غالين كاربنتر \r\n نائب رئيس معهد (كاتو) لشئون الدفاع ودراسات السياسة الخارجية، ومؤلف ومحرر 16كتابا عن الشئون الدولية.