اليوم.. جامعة الأزهر تستقبل طلابها بالعام الدراسي الجديد    لبنان.. تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    نحو 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت خلال ساعتين    آخر تطورات لبنان.. الاحتلال يشن 21 غارة على بيروت وحزب الله يقصف شمال إسرائيل    «أنا وكيله».. تعليق طريف دونجا على عرض تركي آل الشيخ ل شيكابالا (فيديو)    طعنة نافذة تُنهي حياة شاب وإصابة شقيقه بسبب خلافات الجيرة بالغربية    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    «مرفق الكهرباء» ينشر نصائحًا لترشيد استهلاك الثلاجة والمكواة.. تعرف عليها    بحضور مستشار رئيس الجمهورية.. ختام معسكر عين شمس تبدع باختلاف    درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى بالقاهرة 33    وزير الخارجية: تهجير الفلسطينيين خط أحمر ولن نسمح بحدوثه    مع تغيرات الفصول.. إجراءات تجنب الصغار «نزلات البرد»    تعرف على آخر موعد للتقديم في وظائف الهيئة العامة للكتاب    ضياء الدين داوود: لا يوجد مصلحة لأحد بخروج قانون الإجراءات الجنائية منقوص    المتحف المصري الكبير نموذج لترشيد الاستهلاك وتحقيق الاستدامة    الحكومة تستثمر في «رأس بناس» وأخواتها.. وطرح 4 ل 5 مناطق بساحل البحر الأحمر    حكايات| «سرج».. قصة حب مروة والخيل    إيران تزامنا مع أنباء اغتيال حسن نصر الله: الاغتيالات لن تحل مشكلة إسرائيل    حسام موافي: لا يوجد علاج لتنميل القدمين حتى الآن    عاجل - "الصحة" تشدد على مكافحة العدوى في المدارس لضمان بيئة تعليمية آمنة    وزير الخارجية: الاحتلال يستخدم التجويع والحصار كسلاح ضد الفلسطينيين لتدمير غزة وطرد أهلها    جامعة طنطا تواصل انطلاقتها في أنشطة«مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان»    المثلوثي: ركلة الجزاء كانت اللحظة الأصعب.. ونعد جمهور الزمالك بمزيد من الألقاب    صحة الإسكندرية تشارك في ماراثون الاحتفال باليوم العالمي للصم والبكم    حياة كريمة توزع 3 ألاف كرتونة مواد غذائية للأولى بالرعاية بكفر الشيخ    جوميز: استحقينا التتويج بكأس السوبر الإفريقي.. وكنا الطرف الأفضل أمام الأهلي    عمر جابر: تفاجأنا باحتساب ركلة الجزاء.. والسوبر شهد تفاصيل صغيرة عديدة    مصراوي يكشف تفاصيل إصابة محمد هاني    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    الوكيل: بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة (صور)    الوراق على صفيح ساخن..ودعوات للتظاهر لفك حصارها الأمني    مصرع شاب بطعنة نافذة وإصابة شقيقه بسبب خلافات الجيرة بالغربية    تجديد حبس عاطل سرق عقارًا تحت الإنشاء ب15 مايو    التصريح بدفن جثمان طفل سقط من أعلى سيارة نقل بحلوان    نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة «بداية جديدة» لبناء الإنسان بقرية بخانس.. صور    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 28 سبتمبر 2024    أمريكا تستنفر قواتها في الشرق الأوسط وتؤمن سفارتها بدول المنطقة    أحمد العوضي يكشف حقيقة تعرضه لأزمة صحية    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    «عودة أسياد أفريقيا ولسه».. أشرف زكي يحتفل بفوز الزمالك بالسوبر الإفريقي    فلسطين.. إصابات جراء استهداف الاحتلال خيام النازحين في مواصي برفح الفلسطينية    "الصحة اللبنانية": ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الإسرائيلي على ضاحية بيروت إلى 6 قتلى و91 مصابا    استعد لتغيير ساعتك.. رسميا موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2024 في مصر وانتهاء الصيفي    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    جوميز ثاني مدرب برتغالي يتوج بكأس السوبر الأفريقي عبر التاريخ    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة أعمدة الإنارة بالقطامية    "المشاط" تختتم زيارتها لنيويورك بلقاء وزير التنمية الدولية الكندي ورئيس مرفق السيولة والاستدامة    5 نعوش في جنازة واحدة.. تشييع جثامين ضحايا حادث صحراوي سوهاج - فيديو وصور    الشروع في قتل شاب بمنشأة القناطر    «زى النهارده».. وفاة الزعيم عبدالناصر 28 سبتمبر 1970    حظك اليوم.. توقعات الأبراج الفلكية اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تحرك جديد.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    الأزهر للفتوى: معتقد الأب والأم بضرورة تربية الأبناء مثلما تربوا خلل جسيم في التربية    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا أقدم ماكفي على عملية أوكلاهوما؟، الإعلام الأميركي يسدل الستار على المبررات
نشر في التغيير يوم 11 - 03 - 2005


\r\n
\r\n
مشهد الجمال هذا، ألم يكن هو الوحي الذي ألهمك في كلينغسور؟» غمغم فاغنر شيئاً باللغة الألمانية، وقال مترجم في الجوار، إنه يقول «يا للعجب!». قلت لنفسي، يا للعجب بالفعل، وأنا أتوجّه نحو ركن من هذه الحدائق الأسطورية، حيث كانت محطة تلفزيون (إيه. بي. سي) في برنامجها «صباح الخير يا أميركا» ومحطة تلفزيون (سي. بي. إس) في برنامجها «العرض الصباحي الباكر» قد وضعتا كاميراتهما لكي أظهر في بث «حي ومباشر» للمشاهدين الأميركيين في الوطن. حدث هذا في شهر مايو وبعد أسبوع واحد من ذلك التاريخ، كان سينفذ حكم الإعدام بحقنة سامة تيموثي ماكفي ، مفجّر القنبلة في مدينة . \r\n
\r\n
أوكلاهوما، العسكري الذي أحرز أوسمة الشجاعة في حرب الخليج، والعضو في كشّافة النسور للعالم الطبيعي، بعد إدانته بكونه، كما أصر هو نفسه، الصانع والمفجر الوحيد للقنبلة التي نسفت البناية الفيدرالية، وأدت إلى مقتل (168) شخصاً من الرجال والنساء والأطفال، وكانت هذه هي أكبر مذبحة للأميركيين نفذّها أميركي منذ سنتين قبلها، عندما قررت الحكومة الفيدرالية أن تهاجم مجمع اليوم السابع للطائفة السبتية بالقرب من واكو بولاية تكساس.
\r\n
\r\n
دوافع ماكفي
\r\n
\r\n
وكان الداوديون، كما يسمي أعضاء هذه الطائقة أنفسهم، جماعة مسالمة من الرجال والنساء والأطفال، يصلّون ويتعبدون في انتظار نهاية العالم، وهي النهاية التي داهمتهم بالفعل في 28 فبراير 1993، المكتب الفيدرالي للكحوليات والتبوغ والأسلحة النارية، وفي سياق قيامها بمهمتها في «ضبط وتنظيم» الأسلحة النارية، رفضت جميع الدعوات من زعيم الطائفة ديفيد كوريش الذي طالبها بفحص أسلحته النارية المرخّصة.
\r\n
\r\n
واختار المكتب بدلاً من ذلك أن يستمتع بعمل من نوع آخر. أكثر من مئة مسلح من عملاء المكتب، بدون أية مذكرات قانونية، هاجموا مجمّع الكنيسة، بينما قامت طائرة مروحية تابعة للمكتب كانت تحلق في سماء المنطقة بفتح النار على سقف البناية الرئيسة. وقتل ستة من الداوديين في ذلك اليوم. وسقط ستة من عملاء المكتب قتلى بطلقات نارية، وقيل أنهم أصيبوا بنيران صديقة.
\r\n
\r\n
تلت ذلك فترة من الهدوء، أعقبها حصار دام واحداً وخمسين يوماً، كانت تعزف خلالها موسيقى صاخبة بوتيرة عالية طوال (24) ساعة كل يوم خارج المجمع. ثم قطعت الطاقة الكهربائية، ومنع وصول الطعام إلى الأطفال. وفي الوقت نفسه، كانت أجهزة الإعلام تحاط علماً بانتظام بشرور ديفيد كوريش. ويبدو أنه كان يصنع ويبيع عقار الميثادون المخدّر، عند ذلك، اتخذت المدعية العامة الجديدة (جانيت رينو)، موقفاً متشدداً.
\r\n
\r\n
وفي 19 ابريل أمرت مكتب التحقيقات الفيدرالي أن ينهي ما بدأه مكتب الكحوليات والتبوغ والأسلحة النارية. وفي تحدٍّ لقانون پوسِّة كوميتاتوس (المتراس الأساسي الذي يحمي الحريات الاميركية الهشّة ويمنع استخدام العسكريين ضد المدنيين)، قامت دبابات القوة المشتركة من الجيش وحرس تكساس الوطني بالهجوم على المجمّع، واستخدمت الغازات المميتة للأطفال والمضرة بصحة الكبار، وقصفت البناية بقنابلها التي أحدثت فجوات في الجدران، وهرب بعض الداوديين.
\r\n
\r\n
وقتل آخرون برصاصات أطلقها القناصة التابعون لمكتب التحقيقات الفيدرالي. وفي تحقيق جرى بعد ست سنوات، أنكر مكتب التحقيقات الفيدرالي أنه أطلق أي شيء أكثر من عبوة من الغاز المسيّل للدموع من نوع پيروتكنيك. وأخيراً في هجوم دام ست ساعات، أشعل المهاجمون حريقاً في البناية، ثم قامت المركبات المدرّعة من طراز برادلي بتجريفها. وشاء الله أن لا يصاب بأذى أي رجل من رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي، في حين قتل أكثر من (80) عضواً من أعضاء الطائفة، كان من بينهم (27) طفلاً. وكان ذلك نصراً عظيماً للعم سام، كما أراد مكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي كان قد أطلق على العملية اسم «وقت العرض المسرحي».
\r\n
\r\n
لم تتراجع جانيت رينو عن موقفها إلا في اليوم الرابع عشر من شهر مايو 1995. «رأيت ما حدث. وبعد أن عرفت ما حدث، فإنني لن أفعل ذلك مرة اخرى». من الواضح ان ذلك كان تجربة تعليمية لابنة سيدة من مواطنات فلوريدا، بطلة في إبادة التماسيح. تبث أن ما حدث في 19 ابريل 1993 في واكو، كان أكبر مذبحة للأميركيين ارتكبتها حكومتهم ذاتها منذ سنة 1890، عندما تعرّض للذبح عدد من السكان الأصليين الأميركيين في «وونديد ني بداكوتا» الجنوبية، وهكذا يتزايد الثمن باستمرار.
\r\n
\r\n
على الرغم من أن ماكفى كان سيبيّن بعد فترة قصيرة من الزمن، أنه قد أقدم على فعلته بدافع الانتقام لما حدث في واكو (حتى أنه كان قد اختار الذكرى السنوية الثانية للمذبحة 19 ابريل، لكي يقوم بعمله العقابي)، فإن البوليس السري الحكومي بالتعاون مع حلفائه في أجهزة الإعلام، وضع إذا جاز التعبير قبضته الثقيلة في الميزان، مما أدى إلى ترجيح كفة على أخرى، وكان لا يمكن أن تكون هناك سوى قصة واحدة:
\r\n
\r\n
رجل واحد شرير بطبعه إلى أبعد الحدود، أراد أن يدمّر أرواحاً بريئة لا لشيء ولا لسبب سوى الاستمتاع التلقائي بعمل الشر وكان قد تقرر منذ البداية أن لا يكون لدى ماكفى سبب مفهوم دفعه إلى فعلته غير الخبث، الذي يقوم على أي أساس يمكن فهمه أو تفسيره من النوع الذي أورده شكسبير في مسرحياته. عاد ماكفي الآن إلى المدينة، وبحوزته قنبلة، وليس منديلاً، والأجدر بالإشارة أنه والمدعي العام قد اتفقا بأنه لم يكن لديه شركاء حقيقيون في فعلته. جلست على كرسي غير مريح في مواجهة كاميرا. ارتفع حفيف الموّلدات وسط مزهريات الدلفينيوم. «صباح الخير يا أميركا» كان أول البرامج.
\r\n
\r\n
وكانوا قد أخبروني أن ديانا سُويَر كانت ستوجه لي الأسئلة من نيويورك، ولكن محطة «أي. بي. سي» لديها «خبير» في قضية ماكفى ، رجل يدعى شارلز غيبسون، وأنه سيتولى القيام بالمقابلة معي. وقيل لي أن المقابلة ستدوم ما يقرب من أربع دقائق، نعم، وسيكون الحوار في العمق. وهذا يعني أن كل سؤال لاحق بين سؤال وآخر سيبدأ بالعبارة «الآن، أخبرنا، بإيجاز. . . » أطعت وأخبرتهم بإيجاز، كيف حدث أن ماكفى ، الذي لم أقابله أبداً، دعاني لكي أكون واحداً من خمسة شهود سيحضرون تنفيذ الحكم بإعدامه. بإيجاز، بدأ كل ذلك بعدد مجلة «فانيتي فير» الصادر في نوفمبر 1998.
\r\n
\r\n
وكنت قد كتبت مقالة نشرتها بعنوان «تمزيق لائحة حقوقنا». وضربت أمثلة من قيام مصلحة الضرائب والموارد المالية بمصادرة ممتلكات خلافاً للأصول والقواعد القانونية، وغارات دهم وتفتيش بلا أوامر أو مذكرات قانونية، وارتكاب جرائم قتل ضد أناس أبرياء من قبل وكالات مختلفة لمكافحة المخدرات، وحالات تواطؤ الحكومة مع المتاجرين بالأراضي الزراعية في محاولات ناجحة لطرد صغار المزارعين من مزارعهم، وما إلى ذلك.
\r\n
\r\n
ثم ناقشت، كخاتمة، جرائم القتل غير القانونية في روبي ريدج بأيداهو التي ارتكبها رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي ولم تتم محاسبتهم أو معاقبتهم، وبعد ذلك، في العام التالي، المذبحة التي وقعت في واكو. عندما قرأ ماكفى ما كنت قد كتبته، وكان موقوفاً في سجن بكولورادو وقضيته قيد الاستئناف، كتب لي رسالة.
\r\n
\r\n
لماذا؟
\r\n
\r\n
لكنني كنت قد تركتكم فيما سبق في حديقة رافيلّو بكلينغسور، حيث ظهرت في بث مباشر على شاشة التلفزيون، واستخدمت كلمة يحرَّم استخدامها، وهي كلمة «لماذا»، وأتبعتها بكلمة أخرى تصلح أن تكون زناداً يفجر قنبلة ذرية، وهي كلمة «واكو»، وبدأ شارلز غيبسون يقاطعني منزعجاً من بعيد على مسافة (3500) ميلا. وتدخّل قائلاً: «انتظر لحظة الآن. . . »، ولكنني واصلت الحديث على الرغم من مقاطعته، وفجأة سمعته يقول: «إننا نعاني من مشكلة في الصوت».
\r\n
\r\n
وعند ذاك جذب القابس من المقبس الذي يربطني بمحطة (أي. بي. سي) وقطع الاتصال. هز مهندس الصوت الذي كان جالساً بجانبي رأسه، وقال: «الصوت كان يعمل جيداً، ولكنه هو الذي قطع الاتصال بك». وهكذا بالإضافة إلى قيام الحكومة بتمزيق التعديلات 4 و5 و6 و8 و14، فإن غيبسون قد أغلق مفتاح الاتصال وقطع تيار الكهرباء عن التعديل الأول المقدس لدى الصحافيين.
\r\n
\r\n
لماذا؟ مثل عدد كبير من زملائه العاملين في التلفزيون الذين يتبادلون مواقعهم، فإنه موجود في موقعه لكي يخبر المشاهدين أن العضو السابق في مجلس الشيوخ جون دانفورث، قد أنهى تواً تحقيقاً استغرق أربعة عشر شهراً حول مكتب التحقيقات الفيدرالي، أدى إلى تبرئة المكتب من أي إثم أو اعتداء في واكو. واعترف دانفورث بالفعل «أن الحصول على كل هذه الوثائق من مكتب التحقيقات الفيدرالي كان صعباً ومؤلماً كما لو كنت تخلع أسنانك».
\r\n
\r\n
في مارس 1993، سافر ماكفى من أريزونا قاصداً واكو في ولاية تكساس لكي يشاهد الحصار الفيدرالي مباشرة على الطبيعة. وجنباً إلى جنب مع محتجّين آخرين، قام مكتب التحقيقات الفيدرالي بتصويره فوتوغرافياً في حينه وأثناء الحصار، أقدمت الحكومة على تسلية المحاصَرين بأصوات مرتفعة تصمُّ الآذان، طوال أربع وعشرين ساعة من أغنيات نانسي سيناترا على شرائط مسجّلة، بالإضافة إلى تسجيلات أخرى لصرخات أرانب تلفظ أنفاسها الأخيرة، تعيد إلى الذاكرة ما فعله بوش الأب في حربه غير المعلنة على پَنَاما، عندما أقيمت حفلات موسيقية مماثلة خارج سفارة الفاتيكان.
\r\n
\r\n
أدت إلى إلقاء القبض على المجرم العتيد المتاجر بالمخدرات (والعميل السابق للمخابرات المركزية الأميركية) نورييغا الذي كان قد لجأ إلى تلك السفارة، وكما يحدث في شبكات التلفزيون، فإن الحكومة الاميركية ما أن تحقق نجاحاً مشهوداً في أي عمل، حتى تعود وتكرره مرة بعد أخرى. أوزوالد؟ مؤامرة؟ ضحك مفتعل من ثلة مأجورة محترفة في الأستوديو.
\r\n
\r\n
لا شك أن مشاهدي التلفزيون قد لاحظوا في أحيان كثيرة أنهم لم يعودوا يعون عدد المرات التي ينبري فيها المضيفون المتبدلون في برامج الحوار التلفزيوني، فيقاطعون أي شخص يحاول أن يوضح لماذا حدث أي شي. «هل تريد أن تقول أنه كانت هناك مؤامرة؟»
\r\n
\r\n
ويظهر لمعان في زوج من العدسات اللاصقة الصافية. ومهما كان الجواب، يتلوى الجسد، ويتبع ذلك شخرة تعبيراً عن السخط والدهشة، ونظرة ذات معنى إلى الكاميرا، كأنها تقول ان صحناً طائراً قد حمل الضيف تواً إلى الأستوديو. وهذه هي إحدى الوسائل التي تكفل أن لا يفهم الجمهور أبداً حقيقة ما يفعله المتآمرون الفعليون، سواء كانوا من مكتب التحقيقات الفيدرالي أو المحكمة العليا أو وكالة مكافحة المخدرات.
\r\n
\r\n
وهي أيضاً طريقة مضمونة لإخفاء المعلومات عن الجمهور، وتلك هي للأسف الوظيفة التي تتولاها الشركات الكبرى المسيطرة على أجهزة الإعلام. والواقع، أن العضو السابق في مجلس الشيوخ دانفورث هدّد المدير الحرون لمكتب التحقيقات الفيدرالي لويس فريه، باستصدار مذكرة تفتيش. ومن المؤسف أنه لم يفعل ذلك. وكان يمكنه في سياق تلك العملية لو تحققت، أن يكتشف المزيد من المعلومات عن عضوية فريه في منظمة (أوبوس داي) وهي منظمة كاثوليكية دولية سرية ترمي إلى إيصال أعضائها إلى المناصب العليا السياسية والاقتصادية والدينية في بلدان مختلفة لغايات مختلفة.
\r\n
\r\n
وقد سلطت الأضواء الإعلامية على مضض مؤخراً على تلك المنظمة، عندما ظهر ان روبرت هانسون وهو من عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي كان جاسوساً روسياً طوال (22) عاماً، وعندما ظهر أيضاً أنه ومديره، لويس فريه، على حد قول رفيق طريقهما .
\r\n
\r\n
ويليام رَشر (الواشنطن تايمز، الخامس عشر من مارس 2001)، «لم يكونا معاً عضوين في الكنيسة الكاثوليكية نفسها بضواحي ولاية کرجينيا، بل، كانا ينتميان إلى الفرع المحلي لمنظمة (الأوپوس داي). راشر، الذي كان ينتسب ذات يوم إلى المجلة المتطرفة (الناشينال ريفيو)، وجد ذلك أمراً «جللاً مثيراً». وكان خوزيه ماريا إيسكريف قد أسس منظمة الأوپوس داي في سنة 1928. وكان عرّابها الدنيوي، في سنواتها الأولى، هو الدكتاتور الإسباني فرانسيسكو فرانكو.
\r\n
\r\n
وكان مؤخراً أحد أنصارها البارزين الرئيس البيروفي المتهم بالفساد ألبرتو فوجيمورو الذي لا يزال غائباً مطلوباً للعدالة. وعلى الرغم من ميل الأوبوس داي الفاشي، فإن البابا الحالي قد طوّب إسكريف، متجاهلاً تحذير اللاهوتي الإسباني خوان مارتين فيلاسكو: «إننا لا نستطيع أن نعرض كنموذج للسلوك للسلوك المسيحي، شخصاً خدم سلطة الدولة (الفاشيستي فرانكو) واستخدم تلك السلطة في دعم وترويج منظمته (الأوپوس)، التي أدارها بمعايير غامضة مثل مافيا متلفعة بالبياض رافضاً الانصياع إلى الأحكام البابوية عندما لا تتفق مع طريقته في التفكير».
\r\n
\r\n
حدث ذات يوم، عندما سُئل فريه الغامض عما إذا كان عضواً في (الأوبوس داي)، فإنه رفض أن يجيب، وأرغم عميلاً خاصاً من مكتب التحقيقات الفيدرالي على أن يجيب بالنيابة عنه، وقال العميل الخاص جون. إي. كولينغوود: «في الوقت الذي لا أستطيع فيه أن أجيب عن أسئلتك المحددة، فإنني أشير إلى أن المعلومات التي نقلت إليك لم تكن صحيحة».
\r\n
\r\n
من أشد دواعي القلق أن الولايات المتحدة العلمانية التي يقوم دستورها على أساس الفصل الدائم بين الدين والدولة، فإن منظمة دينية متشددة قد نجحت، ليس فقط في وضع أحد أعضائها على رأس شرطتنا السرية (التي تخضع غالباً إلى الرقابة والمحاسبة)، بل إنها تستطيع الآن أن تعتمد على مساندة عضوين على الأقل من أعضاء المحكمة العليا.
\r\n
\r\n
قراءة في «النيوزويك»
\r\n
\r\n
هذه الفقرات مقتبسة من مجلة «نيوز ويك» في عددها الصادر بتاريخ 9 مارس 2001: من الاهمية بحيث تستحق ادراجها هنا: يعتبر (القاضي أنطونين سكاليا) مثالاً نموذجياً مجسداً للمحافظين الكاثوليك، وفي حين أنه ليس عضواً في (الأوپوس داي)، فإن زوجته مورين قد شاركت في المناسبات الروحية التي أقامتها (الأوپوس داي). بينما ساعد ابنهما، پول سكاليا، في إقناع كلارنس ثوماس بالتحوّل إلى الكثلكة قبل أربع سنوات.
\r\n
\r\n
وفي الشهر المنصرم، ألقى ثوماس خطاباً نارياً في معهد الإنترپرايز الأميركي، وهو مركز محافظ للدراسات والأبحاث، على جمهور يشمل عدداً كبيراً من الموظفين الرسميين العاملين في إدارة بوش. وفي سياق خطابه، امتدح البابا يوحنا بولس الثاني لأنه اتخذ مواقفاً لا تحظى بالشعبية.
\r\n
\r\n
وتصوّر أن توماس جفرسون وجون أدامز كانا في زمنهما، قد عارضا وجود الأخوية الرهبانية الجيزويتية المعتدلة نسبياً في اميركا المتمسكة بالقانون وقد صرح الرئيس بوش أن أنطونين سكاليا وكلارنس ثوماس هما النموذجان المثاليان للقضاة الذين يود أن يعيّنهم في فترة رئاسته.
\r\n
\r\n
وعمد بوش مؤخراً للتكفير عن تودده أثناء الحملة الانتخابية إلى الأصوليين البروتستانت في جامعة بوب جونز، بالتقرّب من أقصى اليمين الكاثوليكي. وتحالفه مع الأصوليين البروتستانت قد أصبح الآن وطيداً وراسخاً، والواقع أن جي. دي. آشكروفت، الذي اختاره ليكون مدعياً عاماً، هو مسيحي من طائقة المنتسبين إلى عيد العنصرة أو الحصار عند اليهود.
\r\n
\r\n
ويعرف عنه أنه يبدأ عمله في الثامنة كل يوم بالمشاركة في صلاة جماعية مع موظفي وزارة العدل التواقين إلى الاغتسال بدم الخروف. وفي سنة 1999، ألقى آشكروفت خطبة على الخريجين في جامعة بوب جونز أخبرهم فيها أن أميركا قد تأسست على المبادئ الدينية (وهذه أنباء جديدة بالنسبة إلى جفرسون وأقرانه من الآباء المؤسسين للولايات المتحدة الأميركية) .
\r\n
\r\n
كنت قد لاحظت بالفعل عدداً من المؤامرات، التي كانت قد بدأت تتوضح مع اقتراب قصة ماكفى التي تعرضت إلى تلاعب شديد من نهايتها التي ستكون في هذه الحالة مجرد مؤشر على بداية جديدة. وتحتل مؤامرة (الأوپوس داي) موقعاً مركزياً في وزارة العدل. وقد تآمر مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف. بي. آي) لإخفاء وحجب الوثائق ليس فقط عن هيئة الدفاع عن ماكفى التي طلبتها، بل أيضاً عن المسئول النهائي الأعلى عن وزارة العدل:
\r\n
\r\n
نحن الشعب الممثل في الكونغرس المنعقد الذي جسّده العضو السابق في مجلس الشيوخ دانفورث. وأخيراً المؤامرة التلقائية المستمرة التي تتولى تنفيذها أجهزة الإعلام، والتي تعرِض ماكفى بوصفه شيطاناً رجيماً، أقدم على فعلته بمفرده وحيداً، على الرغم من القرائن التي تثبت عكس ذلك. ولكن دعونا نعود إلى مؤامرة مكتب التحقيقات الفيدرالي للتستر على جرائمه في واكو. لا شك أن السناتور دانفورث هو إنسان فاضل ورجل مستقيم ونزيه. ولكن كبير القضاة إيرل وارين هو أيضاً كذلك، ويقال أن النتائج التي توصلت إليها اللجنة المرموقة التي شكلها للتحقيق في أحداث دالاس، لم تقنعه كلياً حتى هو نفسه أبداً. وفي الأول من حزيران، أدلى دانفورث بتصريح «للواشنطن بوست» أفاد فيه: «أراهن أن تيموثي ماكفى في لحظة من الزمان ولا أعرف متى بالضبط سينفذ فيه حكم الإعدام. وبعد تنفيذ الحكم سيتم اكتشاف صندوق ما في مكان ما».
\r\n
\r\n
إنك يا عزيزي السناتور، قد حققت سبقاً صحفياً، وفي الأول من يونيو أيضاً، نشرت «النيويورك تايمز» رواية نقلتها وكالة أنباء الأسوشييتدبرس بأن المحامين المتوكلين عن الداوديين، يقولون أن وكلاء (الإف. بي. آي) عندما فتحوا النار على أعضاء الطائفة، استخدموا نوعاً من بندقية هجومية قصيرة الماسورة لم يتم فحصها فيما بعد. ويقول صديقنا جون كولينغوود الناطق الرسمي باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي، أن مراجعة للوثائق في المكتب قد أظهرت «أن البندقية ذات الماسورة القصيرة كانت من بين الأسلحة التي فحصت».
\r\n
\r\n
وكان رد دانفورث على ذلك ما معناه «حسناً، إذا كان هذا هو ما تقولونه». ولكنه لاحظ مرة أخرى أنه حصل على «ما هو أقل من التعاون الكامل» من مكتب التحقيقات. وقد وصف اتش. إل. مينكين ذلك بقوله: «إن وزارة العدل قد أقدمت على ممارسات مشبوهة منذ أيامها الأولى. وهي تبقى اليوم مصدراً خصباً للاضطهاد والفساد. ومن الصعب أن نجد إدارة من الإدارات الرئاسية المتعاقبة لم تكن فيها هذه الوزارة مركزاً لفضيحة صارخة». يبدو أن فريه نفسه مدمن على الممارسات المشبوهة الغبية.
\r\n
\r\n
وفي 1996، طارد بلا هوادة ولا رحمة حارساً أمنياً في أتلانتا يدعى ريتشارد جيويل، بتهمة تفجير وقع في المباريات والألعاب الأولمبية، كان جيويل بريئاً، وبينما أرسل فريه يطلب ثوباً من الشعر (أعضاء «الأوبوس داي» يكبحون الجسد بالتعذيب الذاتي) وأصدر أمراً بصنع مقصلة جديدة، اتضح أن مختبر المكتب قد قام بتشويش وإفساد التحقيقات كما يفعل روتينياً عادةً (راجع الكتاب المعنون «إفساد الأدلة»، من تأليف جي. إف. كيلّي وپي. كي. ويرن).
\r\n
\r\n
وفي وقت لاحق، قاد فريه المعركة الرامية إلى إثبات أن (ون هولي) كان جاسوساً شيوعياً. والاتهامات الجنونية الباطلة التي ألصقها فريه بالعالم النووي البريء، الذي كان يعمل في مختبرات لوس ألاموس، قد صرفها ورفض أن تنظر المحكمة فيها قاضٍ فيدرالي غاضب شعر أن مكتب التحقيقات الفيدرالي «قد أحرج الأمة بأسرها». حسناً، إن عمل الله (الأوبوس داي) ينطوي دائماً على مجازفات.
\r\n
\r\n
مع ذلك، كلما ازدادت معرفة المرء بمكتب التحقيقات الفيدرالي، كلما ازداد إدراكه بأنه مكان خَطِر جداً بالفعل. كيلّي وزميله ويرن، في بحثهما عن العمل المختبري في مكتب التحقيقات وهو عمل ينطوي حرفياً على مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى الذين يتعرضون إلى التحقيق يستشهدان بأقوال خبيرين جنائيين انجليزيين في موضوع الانفجار الذي وقع في مدينة أوكلاهوما. وأفاد البروفسور برايان كادي، بعد أن درس نتائج الفحص المختبري: «إذا كانت هذه هي التقارير التي ستقدم إلى المحكمة كأدلة، فإنني أشعر بالارتياع للأساليب التي اتُبعت في تنظيمها، والمعلومات التي وضعت في مضمونها.
\r\n
\r\n
ويبدو أن التقارير قد نُظّمت بطريقة تؤدي إلى تشويش القاريء بدلاً من مساعدته على الفهم». ولاحظ الدكتور جون لويد: «التقارير هي محض استنتاجية. ومن المستحيل أن تتخذها أساساً لتحديد حلقات سلسلة الحجز القضائي، حول أي عمل قد أنجز بالضبط في كل حلقة». ومن الواضح أن الأوان قد حان لاستبدال هذه الشرطة السحرية الواسعة الانتشار غير الكفؤة وغير المسئولة بمكتب أكثر تواضعاً وأكثر كفاءة يحمل اسم «مكتب الولايات المتحدة للتحقيقات».
\r\n
\r\n
عينان تحدقان في السقف
\r\n
\r\n
نحن الآن في 11 يونيو، والصباح هنا في رافيلّو ضبابي وغائم. وقد شاهدنا توّاً برنامج (صن أُف شو تايم) في تيرة هاوتة، بولاية إنديانا. وأفادت محطة تلفزيون (سي. إن. إن) كما ينبغي أنني لم أستطع أن أكون شاهداً كما طلب ماكفى : لأن المدعي العام لم بخبرني إلا متأخراً، بحيث لم يكن لدي وقت كاف للوصول من هنا إلى هناك. وتحسّن شعوري إلى حد ما عندما أخبروني أنه كان مستلقياً على فراش متحرك في غرفة الإعدام.
\r\n
\r\n
ولم يكن بوسعه أن يرى أيّاً منا من خلال الزجاج الملّون للشبابيك التي تحيطه. ولكن الصحفيين الحاضرين قالوا إنه أجرى بواسطة عينيه اتصالاً بالشهود وبهم. وعلى حد قول كيت مكّولي، التي كانت أحد الشهود، فإنه قد رآهم. وأفادت، «كنت تستطيع أن تعرف أنه قد فارق الحياة بعد أن تلقّى الحقنة الوريدية الأولى». وكانت قد عملت سنة كاملة في قضيته القانونية بوصفها أحد الباحثين في هيئة دفاعه.
\r\n
\r\n
سألت عن ساعاته الأخيرة، كان يبحث عن فيلم في التلفزيون، وكل ما استطاع أن يجده هو فيلم بعنوان «فارغو»، ولم يكن من النوع الذي يتفق مع مزاجه، ومن المؤكد أنه مات بطريقة تتناسب مع شخصيته، أي مسيطراً على نفسه. الحقنة الوريدية الأولى، التي تحتوي على بنتوثال الصوديوم، تفقدك وعيك. ولكنه أبقى عينيه مفتوحتين، والحقنة الوريدية الثانية، التي تحتوي على برومايد البانكورونيوم، أدت إلى انهيار رئتيه، ولأنه كان دائماً ينجح في المحافظة على بقائه..
\r\n
\r\n
فإنه قد ظهر كما لو كان يقتصد في أنفاسه الأخيرة الباقية. وعندما أُعلن رسمياً بأنه قد أصبح ميتاً بعد أربع دقائق، فإن عينيه كانتا لا تزالان مفتوحتين، تحدّقان في الكاميرا المثبتة في السقف التي كانت تنقل صورته مباشرة إلى جمهور المشاهدين في مدينة أوكلاهوما.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.