اليوم.. جامعة الأزهر تستقبل طلابها بالعام الدراسي الجديد    تقارير إعلامية: 21 غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية    آخر تطورات لبنان.. الاحتلال يشن 21 غارة على بيروت وحزب الله يقصف شمال إسرائيل    «أنا وكيله».. تعليق طريف دونجا على عرض تركي آل الشيخ ل شيكابالا (فيديو)    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    وزير الخارجية: تهجير الفلسطينيين خط أحمر ولن نسمح بحدوثه    بحضور مستشار رئيس الجمهورية.. ختام معسكر عين شمس تبدع باختلاف    درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى بالقاهرة 33    «مرفق الكهرباء» ينشر نصائحًا لترشيد استهلاك الثلاجة والمكواة.. تعرف عليها    مع تغيرات الفصول.. إجراءات تجنب الصغار «نزلات البرد»    إيران تزامنا مع أنباء اغتيال حسن نصر الله: الاغتيالات لن تحل مشكلة إسرائيل    الحكومة تستثمر في «رأس بناس» وأخواتها.. وطرح 4 ل 5 مناطق بساحل البحر الأحمر    تعرف على آخر موعد للتقديم في وظائف الهيئة العامة للكتاب    ضياء الدين داوود: لا يوجد مصلحة لأحد بخروج قانون الإجراءات الجنائية منقوص    حكايات| «سرج».. قصة حب مروة والخيل    المتحف المصري الكبير نموذج لترشيد الاستهلاك وتحقيق الاستدامة    حسام موافي: لا يوجد علاج لتنميل القدمين حتى الآن    عاجل - "الصحة" تشدد على مكافحة العدوى في المدارس لضمان بيئة تعليمية آمنة    وزير الخارجية: الاحتلال يستخدم التجويع والحصار كسلاح ضد الفلسطينيين لتدمير غزة وطرد أهلها    المثلوثي: ركلة الجزاء كانت اللحظة الأصعب.. ونعد جمهور الزمالك بمزيد من الألقاب    جامعة طنطا تواصل انطلاقتها في أنشطة«مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان»    صحة الإسكندرية تشارك في ماراثون الاحتفال باليوم العالمي للصم والبكم    حياة كريمة توزع 3 ألاف كرتونة مواد غذائية للأولى بالرعاية بكفر الشيخ    استعد لتغيير ساعتك.. رسميا موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2024 في مصر وانتهاء الصيفي    جوميز ثاني مدرب برتغالي يتوج بكأس السوبر الأفريقي عبر التاريخ    جوميز: استحقينا التتويج بكأس السوبر الإفريقي.. وكنا الطرف الأفضل أمام الأهلي    عمر جابر: تفاجأنا باحتساب ركلة الجزاء.. والسوبر شهد تفاصيل صغيرة عديدة    مصراوي يكشف تفاصيل إصابة محمد هاني    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    مصرع شاب بطعنة نافذة وإصابة شقيقه بسبب خلافات الجيرة بالغربية    تجديد حبس عاطل سرق عقارًا تحت الإنشاء ب15 مايو    التصريح بدفن جثمان طفل سقط من أعلى سيارة نقل بحلوان    الوكيل: بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة (صور)    الوراق على صفيح ساخن..ودعوات للتظاهر لفك حصارها الأمني    نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة «بداية جديدة» لبناء الإنسان بقرية بخانس.. صور    أحمد العوضي يكشف حقيقة تعرضه لأزمة صحية    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    «عودة أسياد أفريقيا ولسه».. أشرف زكي يحتفل بفوز الزمالك بالسوبر الإفريقي    جيش الاحتلال: سنهاجم الضاحية الجنوبية في بيروت بعد قليل    أمريكا تستنفر قواتها في الشرق الأوسط وتؤمن سفارتها بدول المنطقة    فلسطين.. إصابات جراء استهداف الاحتلال خيام النازحين في مواصي برفح الفلسطينية    "الصحة اللبنانية": ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الإسرائيلي على ضاحية بيروت إلى 6 قتلى و91 مصابا    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 28 سبتمبر 2024    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة أعمدة الإنارة بالقطامية    "المشاط" تختتم زيارتها لنيويورك بلقاء وزير التنمية الدولية الكندي ورئيس مرفق السيولة والاستدامة    5 نعوش في جنازة واحدة.. تشييع جثامين ضحايا حادث صحراوي سوهاج - فيديو وصور    تفاصيل إصابة شاب إثر الاعتداء عليه بسبب خلافات في كرداسة    الشروع في قتل شاب بمنشأة القناطر    «زى النهارده».. وفاة الزعيم عبدالناصر 28 سبتمبر 1970    حظك اليوم.. توقعات الأبراج الفلكية اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تحرك جديد.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    الأزهر للفتوى: معتقد الأب والأم بضرورة تربية الأبناء مثلما تربوا خلل جسيم في التربية    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أميركا تتعلم من مختبرات إسرائيل المظلمة، جنرال صهيوني يتهم شارون بجلب أجيال من ا
نشر في التغيير يوم 25 - 09 - 2004


\r\n
ولم يكتف بذلك بل حاول ان يغسل مخي بقول مأثور: «ان العرب الاخيار هم العرب الذين ماتوا، اما الاحياء منهم فلا خير فيهم!» وقلت في سري بعد ان سمعت قوله: ترى هل يعبر هذا الشخص فعلاً كما يدعي عن حيرة اليهود الانسانية التي استمرت ثلاثين قرناً من الزمان؟
\r\n
\r\n
ثم التقيت بالعرب الاحياء منهم ولدهشتي البالغة اكتشفت انهم اخيار واصحاب بشاشة وانهم كريمون، وعقلانيون من طراز رفيع ثم انهم بعد ذلك مضطهدون، ولم يكن ذلك نهاية دهشتي وعجبي، فقد اكتشفت ما هو اعجب، فالعرب موجودون هناك بالارض التي تحتلها اسرائيل، وليسوا موجودين وحدهم.
\r\n
\r\n
وانما كذلك اباؤهم وتراث اجدادهم الذين عاشوا هنا منذ قرون، واسترجعت الشعار المحفوظ «أرض بلا شعب.. الخ» وقضيت عليه بالحقيقة الماثلة: انني ارى شعباً هنا امامي، العرب كانوا موجودين يوم اطلق ذلك الشعار في 1948 ويومها لم يكن هناك شعب من اليهود في هذه الارض.
\r\n
\r\n
وبدأت اكتب تحقيقاتي الصحافية ولم تكن الصورة قد اكتملت في ذهني بعد، وانما بدأت بما امتلكت من التفاصيل وما رأيت من احداث تقع امام عيني، وارسلت تقاريري إلى صحيفتي التي بادرت بنشرها واستقبلت على ذلك شتى انماط الاحتجاج الصارخ من تجمعات اليهود، التي بذلت اقصى جهدها لاخراجي من مهنة الصحافة.
\r\n
\r\n
وامطروا الصحيفة بالمكالمات الغاضبة، احتجاجاً على توظيفي مراسلاً في القدس: ما نوع هذا الكائن عربي الميول الذي بعثتم به إلى هناك؟ أهو يهودي أم عربي هذا الذي يرسل بتقاريره إليكم من القدس؟ ألم تجدوا افضل من هذا اليهودي الذي يكره قومه ليراسلكم من ارض اليهود؟
\r\n
\r\n
ولكن صحيفتي وهذا مما ينبغي ان يسجل لصالحها صمدت عدة سنوات امام هذه التحرشات والاستفزازات ولم تشأ ان تحيطني علما بخبرها، وحسنا فعلت، فربما اثر في ذلك، وجعلني اكره المكان الذي بعثت إليه، وهو مكان احببته جداً لعدة اسباب اولها من يقطنون فيه، وثانيها ما يحكونه من القصص العجيبة، كل منهم له قصة تستحق ان تحكى.
\r\n
\r\n
وهذا اقصى ما يتمنى ان يسمعه صحافي محترف مثلي، وأعجب العجب ان الناس يتكلمون ثماني عشرة ساعة في اليوم ويحكون مآسي اكثرها يقع في الحدود الفاصلة بين الحياة والموت، ومع ذلك فإنهم يستمتعون بالحياة.
\r\n
\r\n
ولكن عندما اقول الحدود الفاصلة بين الحياة والموت، فلا اعني بها ما يراد بها في التعريف الاميركي، فكل شيء هنا يمكن ان يفصل بين الحياة والموت. لقد رأيت مرة بعض النسوة وقد قفزن من سياراتهن بلا مقدمات وتشاجرن شجاراً يشيب لهوله الولدان، وبصقن في وجوه بعضهن البعض، واستمرت تلك المعركة على اشدها لمدة عشرين دقيقة، ثم انفضت بأدنى حد من الخسائر. وكان سبب المعركة من هي صاحبة الحق في ايقاف سيارتها في الموقف العام اولا؟
\r\n
\r\n
ثم شهدت مواطناً يطارد شرطياً وقائد سيارة سحب سيارته ولم يهدأ له بال الا عندما تركوا له سيارته ولم يسحبوها.لابد ان تكون تلك الطاقة الهائلة متولدة من اكل «الحمص» او من مجرد الاحساس الضاغط بالوجود المهين في هذه الحياة المليئة بكل الكروب.
\r\n
\r\n
كلام عن السمك
\r\n
\r\n
دعني اكن منصفا، واذكر امراً آخر. لقد كان لي من الاصدقاء العرب ما يوازي عدد اصدقائي اليهود.
\r\n
\r\n
وبالعرب اعني الفلسطينيين، وكانت لي لقاءات ومحادثات ثرية، ممتعة معهم، واستمتعت بأكلهم كذلك، فهم كرماء، وحصلت منهم على قصص عديدة. اما اليهود فقد استمتعت بصحبتهم كذلك وضحكت من النكات اللاذعة التي يحكونها عن بعضهم البعض، وليس افضل من اليهود من يصطنع تلك النكات عن اليهود.
\r\n
\r\n
واتيح لي ان اسبر غور حياتهم من خلال احتكاكي بهم، كما تسبر الجدة غور حفيدها لترى في اعماقها الخيط الذي يربطها بالاسرة القديمة، التي انبثقت منها وتبين لي ان احساسهم الدائم هو انهم خارج التيار العام لبني الانسان. وهذا النوع من الاحساس لم يتملكني قط في يوم من الايام.
\r\n
\r\n
وما احببته فيهم هو توجههم العملي والتجاري في الحياة، واهتمامهم بالمعرفة العميقة والتخصصات الدقيقة.. حدثني عربي من عرب 1948 هو البروفسير رمزي سليمان وقال انه شاهد على شاشة التلفزيون الاسرائيلي ندوة تذاع باللغة العبرية تحدث فيها ثلاثة اختصاصيين كانوا يناقشون مشكلة غريبة، ولكنهم كانوا مقتنعين غاية الاقتناع بأهميتها، وهي مشكلة الصعوبة التي يجدونها في ترجمة الشعر الياباني إلى اللغة العبرية.
\r\n
\r\n
وقد علق البروفيسور سليمان على ذلك قائلاً: ترى اهناك أمة صغيرة من حيث العدد على وجه الارض كالامة الاسرائيلية يقوم علماؤها بكل الجد بالاهتمام بمثل هذه الامور؟
\r\n
\r\n
وملاحظة البروفسير سليمان سديدة وتعليقه عليها خصيصاً. وهذا سر من اسرار قوة اليهود فهم جادون فوق انهم اذكياء، او انهم اذكياء لانهم جادون، والجد دائماً يشحذ ذكاء الانسان ويدعوه إلى تجويد ما يقوم بأدائه من اعمال وكما يقول الاميركيون فإن «الممارسة تصنع الكمال».. وما ذكره البروفسير سليمان عن اليهود هم يعرفونه.
\r\n
\r\n
كما يعرفون انفسهم، ويذكرونه دائماً بلا استحياء فإن اليهودي لا يتردد في ابداء ذكائه لك ابداً. وكلما استعصى عليك امر بادر اليهودي وشمر عن ساعد الجد، وقال لك وعيناه تتألقان بعزائم الجد: سأريك الآن من اين تبول السمكة. وعندما سمعت ذلك لاول مرة منهم استنكرت ما سمعت وحسبته تحريفا لما نقوله في ادبنا الشعبي الاميركي عن «السمكة الكبيرة».
\r\n
\r\n
او تحريفاً لقول رياضيينا حينما يسددون ضربات الفوز متأخرين فيقولون بابتهاج وهياج: «الكلب الكبير يمشيا لهوينا ويجيء في الاول». ولكن اتضح لي ان الاسرائيليين يعنون فعلاً ما يقولون. فهم فخورون بأنهم يعرفون المكان الذي تبول منه تلك السمكة الصغيرة جداً وهي رأسية في قاع المحيط!
\r\n
\r\n
عسكر اسرائيل
\r\n
\r\n
مما اعجبني في الاسرائيليين سلوك جيشهم، فأصغر جندي فيهم يستطيع ان ينادي الجنرال الاعلى باسمه الاول فقط. ويستطيع ان يرفض امره اذا خالف القيم التي يؤمن بها جميع اليهود، ولا يتعرض بعد ذلك لاي عقاب اذا ابدى الاسباب الصحيحة التي تبرر هذا الرفض. وقد شهدت من هذا الكثير خلال تغطيتي للاحداث. وشهدت كذلك انضباطهم والتزامهم بأوامر القيادة السياسية. ورأيت الجنرال شارون وجنده يسمعون للحكومة ويأمرون بعض متنطعي بني اسرائيل بالجلاء من سيناء بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع السادات.
\r\n
\r\n
وعندما رفض المتطرفون الجلاء قائلين ان لديهم اوامر من الرب بالسدانة هناك، وان تلك الاوامر اسمى من اوامر الحكومة، ما كان من الجند الا ان اسمعوهم اشنع اهانة يمكن ان يفوه بها او يسمعها يهودي: هيا اخرجوا من هنا ايها النازيون يا عملاء البوليس السري الالماني! فعرف المتطرفون حينها ان الامر جد، وفي باطنه الجد كذلك، فانصاعوا للاوامر صاغرين.
\r\n
\r\n
لكن لماذا لا يواصلون تنفيذ تلك التعليمات الآن؟ ربما لان عدد المستوطنين بالضفة الغربية وغزة تكاثر وشارف ربع المليون نسمة، وزاد عنادهم وغرورهم الديني، او لربما شاخ شارون، واخذ ينتمي إلى عصبة هؤلاء.
\r\n
\r\n
ولربما اختلف تكوين الجيش كذلك. وهذا صحيح. يدل عليه ما سمعته وتبينته من ان مصوراً صحافياً قد مات برصاص ذلك الجيش في غزة. وكان رصاص الجيش موجهاً إلى تجمهر مدني هناك صادف ان كان فيه المصور، فمات، ولم يهتم بتغطية قصته احد.
\r\n
\r\n
ان القطر الذي كنت اعرفه جيداً، ما عدت اعرفه جيداً. لربما تلاشى ذلك القطر، او دفن تحت انقاض تلك الامة اليهودية التي ما عدت ايضاً اعرفها جيداً. قبل عشرين عاماً كانت معرفتي عن اسرائيل انها قطر اشتراكي يعيش حياة سهلة ليس فيها سوى مشكلة واحدة هي وجود الفلسطينيين بينهم. والآن استطيع ان اقول ان المشكلة الوحيدة التي كانوا يتحدثون عنها قد اخذت تلتهم بلادهم وتهدد وجودهم في الصميم.
\r\n
\r\n
الارهاب الاسرائيلي
\r\n
\r\n
في احدى رحلاتي إلى اسرائيل التقيت المتحدث اللبق اليسع سبيغلمان مذيع برنامج الاخبار الذي يظهر لمدة ساعتين مساء كل جمعة على القناة التلفزيونية التي تملكها الحكومة. وذلك البرنامج وهو بلا ريب اقوى مؤثر اعلامي على الرأي العام الاسرائيلي وقد ظل صاحبه يعمل في خدمة التلفزيون الاسرائيلي. منذ ان ظهر التلفزيون باسرائيل في اعقاب حرب يونيو 1967.
\r\n
\r\n
وظل سبيغلمان يذكرني بنوع المحررين الصحافيين القدامى الذين اتيح لي ان اعمل معهم باميركا، فهم اذكياء واسعو الافق متسامحون مع الرأي الآخر، يسهل الحديث معهم دائماً، ويصعب على ضمائرهم ان تحيد عن الحق كما تراه.
\r\n
\r\n
قلت له: لابد انك تعرضت لكثير من الضغوط خلال ادائك لعملك.
\r\n
\r\n
حسنا، لقد تعودت على ذلك مع الزمن، وحتى عندما اطرد من الخدمة ما عدت احزن، وابقى متهيئاً حتى يستدعوني من جديد.
\r\n
\r\n
ولماذا يفصلونك هكذا؟ ولماذا يستدعونك بعد ذلك؟!
\r\n
\r\n
حسنا، انها بعض المشكلات التي تتعلق دائماً بهذه القناة الاخبارية.
\r\n
\r\n
ماالذي يسبب تلك المشكلات؟
\r\n
\r\n
صمت سبيغلمان لهنيهة ربما ليضبط مفرداته جيداً، او ربما ليعيد نظره في تقويم محدثه، ثم ابتسم ابتسامة الواثق وقال:
\r\n
\r\n
الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية هو الذي يسبب لنا تلك المشكلات.
\r\n
\r\n
كادت ضحكتي ان تنطلق مدوية، ولكنه ألجمني بحديثه، واردف قائلاً: لقد اخبرونا ان هناك انماطاً من البشر لا يسمح لكم بالحديث معهم في البرنامج هكذا اخبرتنا حكومة حزب العمال اثناء الانتفاضة وحذرونا بخاصة من ان نبث اي حديث مع القادة الفلسطينيين. ولكنا قمنا بالالتفاف على ذلك الامر.
\r\n
\r\n
كنا نلتقي اولئك القادة في الشوارع العامة، ونتعرض لهم ونأخذ تصريحاتهم، ولا نقول انهم زعماء، وانما من جملة الساسة. ثم امرونا الا نتحدث إلى المتطرفين اليهود من امثال مائير كاهانا مع انه كان عضواً بالكنيست، وتومي لبيد مع انه كان رئيساً لحزب شيتي. اتعرفه؟
\r\n
\r\n
نعم اعرفه وقد كان في الثمانينيات على تفاوض مع شارون ليجلب له عون حزبه في الكنيست على ان يعينه وزيراً للعدل.
\r\n
\r\n
هذا الرجل الذي منعنا من الحديث معه كان مديراً لجهاز التلفزيون الاسرائيلي، وكان يأمرنا بأن نكون صهاينة اقحاح والا نتعلل بما يسمى بالموضوعية ومتطلبات الحق ابداً.
\r\n
\r\n
واستطرد سبيلغمان ليقول:
\r\n
\r\n
هناك مقاييس اخرى للاحتلال اصبحت تؤثر تأثيراً فظيعاً على خدمة التلفزيون وعلى القطاع الخاص الاسرائيلي بعامة.
\r\n
\r\n
اتدري ما هي؟ انها مسألة الاجور الرخيصة. ان هؤلاء الفلسطينيين الذين يتدفقون على المصانع الاسرائيلية ليعملوا باي اجر يقدم لهم اغروا المؤسسات الاقتصادية لكي تفرض الاجور الرخيصة على الاسرائيليين ايضاً.
\r\n
\r\n
وهكذا لم يعودوا في قيادة جهاز التلفزيون يقدمون الاجور المناسبة للمحررين، ويريدون ان يخدموهم على اساس «العمل بالقطعة» ومن عينوه بوظيفة دائمة اختاروه بدقة ليمثلهم سياسياً ويطيعهم طاعة عمياء ولذلك بدأنا نتهور، وكلما تدهور اداؤنا وجدت الحكومة فرصة للتدخل في جهاز التلفزيون.
\r\n
\r\n
وصدق ان افضل وسيلة اكتشفها البعض في التلفزيون هي ان يكثفوا الاخبار حول الانفجارات وقضايا الارهاب، فهي رخيصة من حيث التكلفة المادية وثمينة العائد لانها ترضي الحكومة المتحكمة ومن هنا غرق عملنا في المبالغات.
\r\n
\r\n
واستطرد سبيغلمان كثيراً في ذكر تعديات الجيش الاسرائيلي على العرب وعدم قدرته على تغطيتها في التلفزيون واحساسه بالعار ازاء ذلك خاصة وان له ابناً يعمل جنديا بالجيش.
\r\n
\r\n
لقد طال حديثه المؤسف معي ثم ودعني وافرد مظلته لتقيه من المطر خلال سيره إلى مكتبه. واحسست بأسف عظيم لحاله، ولكن لم يطل بي الاسف، اذ ما لبثت الا قليلاً حتى سمعت انه قد فصل من عمله واريح منه.
\r\n
\r\n
ان اليسع سبيلغمان مجرد انموذج لضمير يقظ او استيقظ ومثله انموذج جنرال سلاح الجو الاسرائيلي، دان هالتز الذي ادان عملية قصف مسكن صلاح شحادة قائد حماس، بينما هو مستغرق في نومه وقتلت زوجته وبيته معه، مع خمسة عشر شخصاً آخرين واصابة اكثر من مئة وخمسين شخصاً بجراح.
\r\n
\r\n
نعم لقد انتظر الجنرال لاكثر من عام حتى يدلي بشجبه لتلك الحادثة التي تنتهك ابشع انتهاك مواد القانون الدولي التي تحرم قتل المدنيين لو اندس وسطهم المحاربون. ولكن مجرد الادلاء بتلك الشهادة دليل على التحولات التي تطرأ على بعض الضمائر والافهام هناك، وهي تحولات قوية، والا لكانوا قد فصلوا هذا الجنرال كما كانوا يفعلون قديماً.
\r\n
\r\n
تحولات معاكسة
\r\n
\r\n
ذهبت إلى لقاء جنرال آخر تغير ولكن إلى الاتجاه المعاكس. وهو الجنرال العتيق اسحق بنداك الذي حارب الفلسطينيين والعرب في 1948 وهو يعرف الفلسطينيين على وجه الخصوص معرفة جيدة، ويعرف قطاع غزة على وجه اخص معرفة اجود.
\r\n
\r\n
لانه عمل حاكماً عسكرياً لهذا القطاع خلال عامي 1971 و1972 وعرف ان الفلسطينيين كانوا شعباً متقدماً وكان مواطنو ذلك القطاع على درجة من الجدية في العمل هيأت لهم ان يتمتعوا بوثائق تأمين صحي لاسرهم وتعليم جيد لابنائهم، وانهم تحولوا من حالة القهر والهامشية إلى حالة استقرار طيب. ولكن الجنرال شارون الذي كان يعمل قائداً للقيادة الجنوبية ذلك الحين كان له في الفلسطينيين رأي مختلف. فهو يراهم شعباً همجياً هائجاً.
\r\n
\r\n
ويدعى لنفسه انه طوع بفرق الاغتيال شعب القطاع. هذه الدعاوى تصدى لنفيها بقوة الجنرال بنداك في مذكراته التي نشرت في عام 2000م ووصف فيها شارون بأنه قائد بلا اخلاق كذوب ومخادع وجبان وسفاك دماء وانه جلب الدمار لقطاع غزة بنشر العنف فيه وصنع لاسرائيل اجيالاً مقبلة من الاعداء. ذهبت إلى الجنرال بنداك وسألته: كيف يمكن الغاء السياسات الشارونية واحلال سياسات محلها تجلب للاقليم السلام؟
\r\n
\r\n
انظر اجاب الجنرال ان هذا القطر قد تحول إلى شيء آخر. وذلك من فعل اعدائنا الفلسطينيين ان عرفات كان بامكانه ان ينال 99% من الاراضي الفلسطينيية لو أراد ولكنه رفض العرض الذي قدمه له باراك فلماذا نفعل غير ان نعطي اصواتنا لشارون؟!
\r\n
\r\n
ومن هناك ارتحلت لرؤية سامدار هاران في شاطيء نهاريا والعالم كله يذكر قصة قتل الفلسطينيين لزوجها وبعض ابنائها عندما تسربوا إلى تلك المدينة على قوارب في ليل السبت في 7 ابريل من عام 1979.
\r\n
\r\n
ومن شاهدوا سامدار على التلفزيون الاسرائيلي تتحدث عن الحادثة عجبوا للهجة التي تحدثت بها والمفردات التي استخدمتها لقد سردت تفاصيل الحادثة كما وقعت، وقالت عندما سئلت عن رأيها انها لا تلوم الحكومة الاسرائيلية ولا تلوم البوليس الاسرائيلي الذي تأخر في نجدة الضحايا، ولا تلوم العرب كذلك. وعندما استشاط رئيس الاركان الاسرائيلي غضبا.
\r\n
\r\n
وقال ان حديث هذه المرأة يحط من معنويات شعب اسرائيل، وما اغضب الشعب الاسرائيلي اكثر هو قولها عن شعورها انه يشبه شعور امها عندما كانت في «المحرقة» فهي الآن بعد 35 عاماً من «المحرقة» تدخل فيها من جديد. ان آخر ما يريد الاسرائيليون ان يسمعوه هو انهم على موعد مع محرقة جديدة.
\r\n
\r\n
هذه المرأة رابطة الجأش تزوجت مرة اخرى، وانجبت اطفالاً آخرين، ولكنها تغيرت فاصبحت تكره العرب كرهاً رهيباً، إلى حد انها رفضت ان تصافح عرفات في البيت الابيض مع رابين عندما وقع معه الصلح واجابت رابين. انت السياسي وانت مجبر على مصافحته اما انا فلا، وعندما التقيتها عبرت عن تلك المشاعر قائلة: باراك حاول ان يعطيهم كل شيء فاختاروا ان يستمروا في قتلنا، ولذا فلابد ان نستمر في قتلهم.
\r\n
\r\n
وتدخل زوجها قائلاً: انتم ايضاً سوف تستمرون في قتلهم كما نفعل نحن. وها هي عناصر «السي.آي.إيه» قد ارسلت صواريخها إلى متطرفي القاعدة في اليمن فشوت ستاً في مقاعد السيارة التي كانت تقلهم.
\r\n
\r\n
ان بشارة التوراة ربما صحت اخيراً، ان اسرائيل ستشع نوراً على العالمين، وستهدي الامم جميعها بهديها. وها هم في السي آي إيه يتشاورون مع رصفائهم في اسرائيل كيف ينفذون الاغتيالات باحكام.
\r\n
\r\n
وضباط الامن الداخلي يتعلمون من ضباط الامن الاسرائيلي، وها هي صحيفة (التقدم الاسرائيلي) اليومية تنشر ما مفاده ان ادارة بوش قررت ان ترسل فريقاً قانونياً إلى اسرائيل ليأخذ الخبرة الكافية لكتابة الحيثيات التي تبرر سياسات الاغتيال.وهكذا اخذت اميركا تتعلم من مختبرات صهيون المظلمة. وهذا احد الاسباب وبالتأكيد اشنعها التي تجعلنا نهتم باسرائيل إلى هذا الحد.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.