ومن المتوقع ان تحقق تحالفات الاسلاميين الشيعة من الطائفة التي تشكل الأغلبية في العراق الفوز، وتخشى الحكومات المجاورة أن تثير النتيجة مزيدا من العنف من جانب المسلمين السنة العرب ، وهم أقلية في العراق هيمنت على البلد في عهد صدام حسين وقبله. واذا لم يجر احتواء العنف فان حربا اهلية يمكن أن تندلع مؤدية الى تقسيم البلد على أسس طائفية واثنية وناشرة عدم الاستقرار عبر المنطقة. \r\n ثم ان هناك قلقا بشأن الحكومة المنتخبة نفسها. فالدول المجاورة تخشى قيام حكومة عراقية يهيمن عليها الشيعة الذين يحتفظ كثير منهم بصلات مع ايران، البلد الآخر في المنطقة الذي يضم أغلبية شيعية كبرى. \r\n وتخشى طهران، من ناحيتها، من أن بغداد المؤيدة للأميركيين قد تسمح للجنود الأميركيين بالبقاء لأجل غير محدد. وتشعر سورية وتركيا بالقلق من ان أكراد العراق قد يسعون الى الاستقلال مما يثير مشاعر الانفصاليين من السكان الأكراد في البلدين. وحتى اذا ما أفلحت الانتخابات في اقامة حكومة عراقية تمثيلية فان ذلك قد يكون النتيجة الأكثر تهديدا. \r\n وقال علي شكري، وهو جنرال أردني متقاعد ومستشار لفترة طويلة للملك الراحل الحسين، انه \"اذا كانت انتخابات ناجحة فان الجميع سيخشون منها. واذا ما حاول الجميع اتباع النموذج العراقي فسيكون هناك انقلاب في المنطقة\". \r\n ولكن استمرار التمرد في العراق يمكن، حسبما يقول محللون، ان يفيد كثيرا من الحكام في المنطقة. فمثل هذا السيناريو يمكن أن يشغل الحكومة الأميركية عن الضغط على الحكومات المجاورة، ويمنع حدوث حرب اهلية يمكن أن تنتقل عبر حدود العراق. \r\n وقال دبلوماسي غربي كبير في بغداد \"انهم ليسوا مثل جيران ألمانيا عام 1949 الذين قالوا: لقد جرت انتخابات ديمقراطية وسيكون هناك مستقبل اذن. ان جيران العراق ليسوا كذلك. فهم لا يعرفون كيف ستتطور الأمور\". \r\n ويعتمد الكثير على الكيفية التي تتصرف بها الحكومة العراقية الجديدة التي من المحتمل أن يقودها الشيعة الذين يشكلون ما لا يقل عن 60 في المائة من السكان. \r\n واذا ما حاولت السلطات الجديدة في بغداد ابعاد العرب السنة والأكراد عن الحكومة فمن المحتمل أن يؤدي ذلك الى اشعال المشاعر العامة في الدول المجاورة ذات الأغلبية السنية مثل سورية ناهيكم من مصر ودول أخرى. \r\n وقد اثار العاهل الاردني الملك عبد الله الثانية ضجة أخيرا عندما حذر من ان الانتخابات العراقية ربما تؤدي الى ظهور\"هلال شيعي\" في المنطقة يمتد من ايران الى العراق وسورية ولبنان. \r\n وبالرغم من ان الملك عبد الله قال ان تعليقاته قد اثارت ضجة مبالغ فيها، فإن ما قاله علنا يردده جيران العراق في مجالسهم الخاصة. ويوجد احساس عميق بالقلق من توازن القوى الجديد، وهو ما دفع العاهل الاردني وغيره من القيادات السنية، لاصدار بيان يحثون فيه سنة العراق الذين دعا البعض منهم الى مقاطعة الانتخابات للمشاركة فيها. \r\n وتجدر الاشارة الى ان القانون العراقي المؤقت يضم اجراءات للحد من سيطرة جماعة عرقية او طائفية. فعلى سبيل المثال، يجب ان يحظى أي دستور جديد بموافقة 16 من بين 18 محافظة عراقية وان بمقدور ثلاث محافظات رفضه، وهو اجراء من المتوقع ان يساهم في الحفاظ على التوازن بين الشيعة والسنة والاكراد. ولكن لا يوجد ادنى شك في ان الشيعة سيلعبون الدور الرئيسي في الحكومة المقبلة. \r\n ومنذ الثورة الايرانية في عام 1979 نظر العديد من دول الشرق الاوسط الى الحكومة الشيعية في طهران كخطر يهدد استقرارهم. \r\n ويخشى جيران العراق ايضا من ان تتحول الحكومة الجديدة الى حكم ديني شيعي خاضع لايران. \r\n ويشير دبلوماسيون غربيون خدموا في جنوب العراق انه منذ انهيار حكومة صدام حسين مولت عناصر في النظام الايراني احزابا سياسية عراقية ومرشحين، كما يبدو من الواضح انها سلحت بعض المليشيات الشيعية وقدمت خدمات اجتماعية مثل المستشفيات، لزيادة شعبية ايران ونفوذها في العراق. \r\n وقال وميض عمر نظمي ، استاذ العلاقات الدولية في جامعة بغداد \"يتحدثون عن عدم التدخل، ولكن كل الاشارات تدل على ان نفوذهم يتوسع في العراق\". \r\n ولا يعرف احد مدى النفوذ الايراني عقب الانتخابات. فالعلاقات الدينية ستجعل ايران الحليف السياسي الطبيعي للدولة العراقية الناشئة، وسيرغب العراقيون الشيعة الاستمرار في الحصول على اموال وخدمات من ايران. \r\n ولكن بالرغم من رابطة الدم والدين والرابطة القبلية بين ايران والعراق، فهناك منافسة بينهما وانقسام عميق بسبب التوتر القديم بين الفرس والعرب، كما ان الجانبين يعانيان من اثار الحرب العراقية الايرانية في الفترة بين عامي 1980 الى 1988 التي ادت الى مقتل اكثر من مليون شخص من الجانبين. \r\n واعلنت ايران مرارا انها ملتزمة ازاء بسط الأمن والاستقرار والسلم في العراق، إلا ان المحافظين المتشددين فيها يعتمدون في ما يبدو على استمرار الاضطرابات داخل العراق لصرف الضغوط الغربية على طهران بسبب برنامج ايران النووي. كما يبدو ان التفكير السائد في طهران هو انه طالما ظلت واشنطن منشغلة في العراق فإن احتمال تدخلها عسكريا في ايران سيظل ضعيفا. \r\n ويدرك مسؤولون اميركيون وعراقيون ان حكومات بعض الدول المجاورة للعراق تتمتع بقدر من الحماية نتيجة حالة الاضطراب في العراق، ويتهم مسؤولون في بغداد وواشنطن كلا من سورية وايران بتأجيج التمرد في العراق. فقد علق وكيل وزارة الخارجية العراقية لبيد عباوي قائلا ان هذا الجهات تريد استمرار العنف والمشاكل داخل العراق، وأضاف قائلا انهم يحاولون إقناع جيران العراق بأن محاربة العنف والارهاب ومساعدة العراق سيساعدهم هم ايضا مؤكدا ان العنف لن يستمر قاصرا على العراق فقط ، بل سيمتد الى الخارج. \r\n * خدمة \"لوس انجليس تايمز\" خاص ب\"الشرق الأوسط\"