تمس هزيمة هذا الاقتراح واحدا من اكثر المجالات غموضا في الحرب ضد الارهاب، وتشمل الاعتقالات والتحقيقات السرية التي تقوم بها وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي ايه» لكبار العناصر الارهابية مثل خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر (ايلول)، ونحو ثلاثين آخرين من كبار اعضاء القاعدة وغيرها من الجماعات. وكان مجلس الشيوخ قد اقر القيود الجديدة بأغلبية 96 صوتا ضد صوتين في اطار تشريعات اصلاحات قطاع الاستخبارات. وكان من المفروض ان تمتد هذه التشريعات لتحظر على ضباط الاستخبارات استخدام التعذيب او المعاملة غير الانسانية، وكانت تتطلب من وكالة الاستخبارات والبنتاغون تقديم تقارير الى الكونغرس بخصوص الوسائل المستخدمة في التحقيقات. \r\n ولكن، وخلال مفاوضات مكثفة وراء الابواب، كما اوضح مسؤولون في الكونغرس، قرر 4 من كبار اعضاء مجلسي النواب والشيوخ، شطب القيود من المشروع النهائي بعدما اعرب البيت الابيض عن معارضته. ففي خطاب لاعضاء الكونغرس، ارسل في اكتوبر (تشرين الأول) الماضي وكشف عنه البيت الابيض أول من أمس استجابة لطلبات، عبرت كوندوليزا رايس مستشارة شؤون الامن القومي ووزيرة الخارجية المعينة، عن معارضتها للاجراء من منطلق انه «يقدم حماية قانونية الي سجناء اجانب، لا يتمتعون بها طبقا للقانون والسياسة». \r\n وفي وقت سابق، وفي معارضة لاجراء مماثل في نسخة مجلس الشيوخ لقانون التفويض العسكري، بعثت وزارة الدفاع برسالة للكونغرس توضح ان الوزارة «تحث مجلس الشيوخ بقوة علي عدم اقرار تشريعات جديدة تتعلق بالاعتقالات والتحقيقات في الحرب ضد الارهاب لانها غير ضرورية». ويلاحظ ان القيود التي فرضها مجلس الشيوخ ليست موجودة في نسخة مجلس النواب في مشروعي قانون التفويض العسكري او الاستخبارات. وفي لقاءات صحافية جرت أمس ذكر كل من السناتور سوزن كولينز عن ولاية مين وهي مفاوضة جمهورية والنائب جين هارمان من كاليفورنيا وهي مفاوضة ديمقراطية ان اعضاء المجلسين قرروا في النهاية ان السؤال حول ما اذا كان يمكن تمديد القانون ليشمل فرض قيود على ضباط الاستخبارات، هو في غاية التعقيد لكي تتضمنه التشريعات. وقالت سوزان كولينز «ان المفاوضين وافقوا على شطب هذا الجزء من التشريع، مقابل انذار قانوني ببحث لجنتي الكونغرس لهذه القضية مرة اخرى»، بينما ذكرت جين هارمان انه «اذا كانت هناك ظروف خاصة حول بعض وسائل تحقيقات قطاع الاستخبارات، فيجب ان نفهمها قبل ان نشرع». \r\n واعرب عدد من المسؤولين الديمقراطيين في الكونغرس عن اعتقادهم بان ادارة بوش تحاول الحفاظ على حرية اختيار بالنسبة لوكالة الاستخبارات المركزية لاستخدام اساليب تحقيق اكثر تعقيدا من تلك التي تسمح بها القوات المسلحة. \r\n وفي تقريرها في الشهر الماضي، اوصت الهيئة المستقلة للتحقيق في هجمات 11 سبتمبر بوضع سياسات لضمان معاملة الارهابيين المعتقلين بطريقة انسانية. \r\n وذكر مارتين ليرمان، وهو محام سابق في وزارة العدل، ترك الخدمة في عام 2002 انه تعتقد ان الادارة «ارادت دائما ترك ثغرة تسمح لوكالة الاستخبارات المركزية بممارسة اعمال تصل الى حد التعذيب». \r\n ولم تذكر الادارة أي شيء تقريبا بخصوص عمليات وكالة الاستخبارات المركزية في ما يتعلق بسجن والتحقيق مع ارهابيين مشتبه فيهم ممن يطلق عليهم اسم معتقلين ذوي قيمة عالية، حتى بالرغم من تعبيرها عن اشمئزازها بخصوص الاساءات في سجن ابو غريب في العراق. وقد سعى كبار المسؤولين، في البيانات العلنية الاخيرة لتأكيد ان الحكومة ستستمر في الالتزام بالقوانين الفيدرالية التي تحظر التعذيب. \r\n وقد ذكر البرتو غونزاليز، المستشار القانوني للبيت الابيض، خلال جلسات الاستماع في الكونغرس لتثبيت ترشيحه كوزير للأمن الداخلي، انه يعتبر التعذيب من الامور التي تثير الاشمئزاز. \r\n وتجدر الاشارة الى ان قضية معاملة وكالة الاستخبارات المركزية للمعتقلين اثيرت بعدما سعى المسؤولون في الوكالة لمعرفة المدى الذي يمكن ان يصل فيه المحققون في تحقيقاتهم مع الارهابيين المشتبه فيهم. وعما اذا كان القانون يحظر على الوكالة استخدام وسائل تحقيق صارمة، بما في ذلك الاغراق الوهمي، فيما يتعلق بالتحقيق مع ابو زبيدة، اول قيادات القاعدة الذي تقبض عليه الولاياتالمتحدة والذي كان قد قبض عليه في باكستان في اوائل 2002. \r\n وفي مذكرة قانونية في اغسطس (آب) عام 2002 ذكرت وزارة العدل ان وسائل التحقيقات الاقل من تلك التي تسبب الما موازيا «للفشل العضوي وعرقلة الوظائف الجسدية او حتى الموت» يمكن ان يسمح بها بدون اعتبارها تعذيبا وقد تخلت الادارة عن هذا التعريف في الصيف الماضي بعدما تم الكشف عن هذا التعريف القانوني السري. ورفض رأي جديد أعلن أواخر الشهر الماضي، موقعا من جانب جيمس كومي، مساعد المدعي العام، على نحو صريح، التعذيب وتبنى معايير اكثر تقييدا لتعريفه. \r\n لكن ملاحظة مقتضبة للوثيقة الجديدة حول «معاملة السجناء» أشارت الى ما قال عنه المسؤولون انه أحكام أخرى ما تزال سرية. وقال المسؤولون ان الملاحظة تعني ان أساليب قسرية أقرت من جانب وزارة العدل في اطار التفسير الفضفاض لحالات التعذيب كانت ما تزال مشروعة حتى في اطار التفسير الجديد الأكثر تقييدا. \r\n وقال مسؤولون حكوميون حاليون وسابقون ان طرق استجواب محددة عولجت في سلسلة من الوثائق التي ما تزال سرية، وبينها وثيقة مؤرخة في أغسطس 2002 صادرة عن وزارة العدل وقد فوضت وكالة المخابرات المركزية استخدام ما يقرب 20 من ممارسات الاستجواب. وأرسل الرأي الى وكالة الاستخبارات المركزية عبر مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض. \r\n ومن بين الاجراءات التي أقرتها الوثيقة التغطيس في الماء حيث يرغم المرء على الشعور بأنه ربما يواجه الغرق. \r\n وكان الهدف من الوثيقة ارشاد وكالة الاستخبارات المركزية في استجوابها لأبو زبيدة ومجموعة من السجناء الهامين لكنها، بدلا من ذلك، ادت الى سلسلة من عمليات تبادل الرأي بين وزارة العدل والوكالة الاستخباراتية حيث كانتا تجادلان حول الاجراءات المحددة التي يتعين استخدامها ضد السجناء. وفي بعض الأحيان تضمنت مناقشاتهما تقييما لقضية ما اذا كانت اجراءات محددة تطبق على السجين يمكن أن تسبب ألما يعتبر تعذيبا. \r\n واضافة الى كولينز هارمان شارك في المفاوضات السرية السناتور جوزيف ليبرمان الديمقراطي من كونيتيكت، والنائب بيتر هويكسترا الجمهوري من مشيغان. وكان اجراء مجلس الشيوخ الذي يفرض قيودا جديدة على استخدام أساليب الاستجواب المفرطة قد اقترح من قبل السناتور ريتشارد دوربن الديمقراطي من الينوي، وجاء في تعديل قدمه ليبرمان والسناتور جون ماكين الجمهوري من اريزونا. وفي تعليقات لم يجر الانتباه اليها كثيرا جرت في الكونغرس في ديسمبر (كانون الأول) الماضي اشتكى دوربن من أن الغاء الاجراء كان «مزعجا». واضاف في تلك الملاحظات قائلا «اعتقد أن الأوساط الاستخباراتية يجب ان تخضع للمعايير ذاتها الخاصة بوزارة الدفاع، وان ابعاد هذه اللغة عن مشروع القانون سيجعل من الصعب مراقبة الأمور، وهو ما كنت آمل أن نكون قادرين على القيام به». \r\n وقال أحد الديمقراطيين في الكونغرس ان موقف البيت الأبيض ترك الانطباع بأن «الادارة كانت تريد مخرجا للحفاظ على خيار استخدام التعذيب» ضد السجناء الذين تعتقلهم وكالة الاستخبارات المركزية. وجاء التصريح العلني الوحيد من ادارة بوش حول أنماط القيود التي اقترحها دوربن في يونيو (حزيران) الماضي عندما عبرت وزارة الدفاع عن معارضة شديدة لاجراء في قانون التفويض العسكري. وفرض ذلك الاجراء الذي تبناه مجلس الشيوخ قيودا تمنع التعذيب وكذلك المعاملة المهينة القاسية اللاانسانية الأخرى. \r\n وفي رسالة الى الكونغرس انتقد دانيل ديلورتو مساعد كبير مستشاري وزارة الدفاع التشريع باعتباره غير ضروري، مشيرا الى انه «الحالة الراهنة للقانون حيث هي». كما انتقد ديلورتو الفقرات الأخرى في الاجراء باعتبارها مرهقة وغير ملائمة لأنها تطلب من وزارة الدفاع ان تقدم تقارير سنوية عن مختلف المؤسسات الى الكونغرس بشأن حالة السجناء. واخيرا فان المجلس لم يضمن الاجراء في نسخته من ذلك القانون العسكري، واشتملت النسخة النهائية من التشريع فقط على نصوص غير ملزمة تعبر عن احساس الكونغرس بأن الموظفين الأميركيين يجب ان لا يشاركوا في التعذيب. \r\n \r\n * خدمة: «نيويورك تايمز» خاص ب«الشرق الأوسط»