\r\n هذه بالضبط وصفة الرئيس بوش لفترة رئاسته الثانية‚ انه لا يهتم لأحد أبدا‚ \r\n \r\n \r\n خسارة كولن باول حليف أوروبا الوحيد في الإدارة الأميركية قد ينظر اليها على انها سوء طالع لنحس قادم‚ فخروج باول يعني ان الرئيس لن يسمع وجهات نظر تعارض وجهات نظر «المحافظين الجدد» المحيطين به‚ \r\n \r\n وترقية كوندوليزا رايس لشغل منصب وزير الخارجية وهي أكثر الموالين لبوش حماسا وأكثرهم منه قربا تعني ان الرئيس يخطط ليدير بنفسه السياسة الخارجية دون ان ينغص عليه وجود خلافات تجري بين المحيطين به في أسفل السلم الهرمي للإدارة‚ \r\n \r\n اما ابقاؤه على رامسفيلد وزيرا للدفاع فهو أمر محير للبشر‚ \r\n \r\n ليس مطلوبا من أحد أن يكون من المعترضين على الحرب على العراق ليدرك ان رامسفيلد كارثة بشرية على سجل بوش‚ \r\n \r\n من المؤكد ان غزو العراق أساء الى صورة الولاياتالمتحدة في العالم‚ اضافة الى ما سبق فإن الطريقة التي نفذ بها الغزو وما أسفر عن دمار وخراب للشعب العراقي على أيدي القوات الأميركية الغازية وسياساتها الفاشلة حوّل الكثيرين ممن دعموا الحرب في البداية الى أناس ضدها وضد السياسات الأميركية‚ كل هذا خطأ رامسفيلد‚ وفشل رامسفيلد في إرسال ما يكفي من القوات الى العراق ساهم في دفع ذلك البلد نحو الفوضى‚ \r\n \r\n وقبل أيام وبكل برود أعصاب ولا مبالاة هز وزير الدفاع كتفيه رافضا تحمل مسؤولية ذلك القرار قائلا «ان المناقشات التي تجرى حول عدد القوات تتجاهل موضوعا مهما وهو ان ذلك الموضوع كان حقيقة خارج نطاق سيطرتي»‚ \r\n \r\n مرحى للسيد رامسفيلد! إذا كان الأمر كذلك فقل لي اي منصب وأي مهام تنفذها أيها السيد رامسفيلد؟ \r\n \r\n وزير الدفاع يوجه اللوم الى جنرالاته فلا بد انه دار بمخيلته ان البعض تآمر عليه واقنعه بخوض الحرب وبأعداد أقل مما يجب من الجنود‚ وحسبما يقول القائد السابق للقوات المركزية الأميركية الجنرال انتوني زيني فان الخطط التي وصفت لغزو العراق واحتلاله عندما شغل رامسفيلد منصب وزير الدفاع في 2000‚ اظهرت ان هناك حاجة لحوالي 400 ألف جندي اي ثلاثة أضعاف العدد الموجود الآن‚ \r\n \r\n ان وزير الدفاع هو الذي أصر باستمرار على ان تنفيذ خطط الغزو يتطلب عدد أقل من الجنود مما هو مقترح قبل الغزو بشهر واحد أخبر قائد اركان الجيش اريك شنكي الكونغرس الأميركي ان احتلال العراق يحتاج الى مئات الألوف من الجنود‚ وعلى الفور نهض رامسفيلد وهاجم ذلك المسؤول واصفا اياه بان معلوماته قديمة «ليس لها ثمن حقيقي في السوق»‚ \r\n \r\n وإذا ما كان التخطيط العسكري مريعا الى هذا الحد فإن معاملة السجناء كانت عيبا مطلقا ووصمة عار في جبين العسكرية الأميركية‚ \r\n \r\n المحافظون الجدد من أمثال نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع رامسفيلد صورا الحرب على انها معركة اخلاقية بين الخير «الحرية والديمقراطية» والشر «الطغيان والدكتاتورية» وبمجرد ان بدأت تظهر صور الاساءات للسجناء العراقيين في سجن أبو غريب فإن ادعاءات اميركا بالتفوق الأخلاقي سقطت وتمرغت في الوحل‚ \r\n \r\n ان الطغاة وحدهم هم من يلجأون للتعذيب ويهينون السجناء محاولين حرمانهم من اي ذرة كرامة تكون قد تبقت لديهم بعد كل تلك الأهوال التي مروا بها والممارسات اللاإنسانية واللاأخلاقية التي مورست ضدهم‚ ان محبي الديمقراطية الحقيقيين لا يمكن ان يصدر عنهم تصرفات كهذه يندى لها جبين البشرية خجلا‚ \r\n \r\n جنود الاحتياطي الذين ظهروا في تلك الصور هم من حوكموا ولكن ماذا عن رؤسائهم؟ \r\n \r\n إدارة بوش انبرت وقالت ان ما جرى ليس سوى ممارسات قامت بها قلة معزولة وكدنا نصدق ما قيل‚ ولكن الذي ظهر ان المحاكم الأميركية نفسها كشفت المستور الذي حاولت إدارة بوش اخفاءه وأكدت ان ما جري في سجن أبو غريب ليس مجرد عمل معزول بل له مثيل في أمكنة أخرى مثل معتقل غوانتانامو وفي أفغانستان وفي العراق نفسه‚ \r\n \r\n والأكثر من ذلك ان القيادة العليا في البنتاغون كانت على علم بما يجري من ممارسات همجية‚ \r\n \r\n في هذا الاسبوع تمكن «اتحاد الحريات المدنية الأميركية» بعد معركة قضائية مطولة من ان يطلع على بعض الوثائق بموجب قانون حرية المعلومات وهي تظهر ان السجناء العراقيين لا يزالون يتعرضون للضرب في العراق حتى بعد ان ظهرت فضيحة سجن أبو غريب‚ \r\n \r\n فلقد رأى عاملان في وكالة الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع المحققين الأميركيين وهم يوخزون أحد السجناء العراقيين في وجهه بدبوس الى درجة اصبح معها ذلك السجين بحاجة عاجلة للمساعدة الطبية‚ وسجناء آخرون كان يظهر على اجسادهم بقايا حروق وكدمات تركها المحققون الأميركيون كتذكار‚ وهناك سجناء آخرون يعانون الآن من آلام في الكلى نتيجة للضرب المبرح الذي تعرضوا له خلال التحقيق‚ \r\n \r\n وعندما أخبر هذان العميلان في استخبارات وزارة الدفاع رئيسهما بما رأوا قام على الفور بمصادرة الصور التي التقطاها وصدرت إليهما الأوامر بعدم التكلم حول ما شاهدا ومنعا من مغادرة المجمع وأخذت منهما مفاتيح سيارتيهما‚ \r\n \r\n والمذكرة التي كتباها ارسلت الى مدير استخبارات الدفاع مباشرة ثم ارسلت بدورها الى وكيل وزارة الدفاع وغني عن القول ان وكيل الوزارة يقدم تقارير مباشرة للسيد الوزير ألا وهو رامسفيلد نفسه‚ \r\n \r\n في الاسبوع الماضي اوردت صحيفة «واشنطن بوست» خبرا مفاده ان بعثة لتقصي الحقائق للجنرالات الأميركيين ذكرت في ديسمبر الماضي ان السجناء لا يزالون يتعرضون للضرب في منشآت سرية مقامة في العراق‚ \r\n \r\n واتحاد الحريات المدنية الأميركية قال ان المحققين الذين ارسلتهم «اف‚بي‚آي» الى خليج غوانتانامو انزعجوا كثيرا من الممارسات التي تمارس ضد السجناء هناك‚ \r\n \r\n أحد عملاء «اف‚بي‚آي» نقل عن الجنرال جيوفري ميلر الذي كان يدير معتقل غوانتانامو ان رامسفيلد هو المصدر الوحيد للأوامر التي صدرت لاستخدام التقنيات التي ازعجت عملاء «اف‚بي‚آي» والتي رأوا فيها ممارسات قد لا تكون لها أسس قانونية وغير فعالة في الحصول على معلومات استخبارية ذات قيمة‚ \r\n \r\n الجنرال ميلر زار سجن ابو غريب ليقدم للمسؤولين هناك نصائحه القيمة حول التقنيات التي تستخدم في التعامل مع السجناء‚ \r\n \r\n وعندما نشرت تلك الصور المرعبة لما حدث في سجن أبو غريب وعد رامسفيلد بان يتحمل «كامل المسؤولية»‚ ويبدو انه ليس هناك اي مسؤولية يتحملها رامسفيلد لانه لو كانت هناك فعلا مسؤولية كما يقال لوجد رامسفيلد نفسه خارج وزارة الدفاع منذ وقت طويل‚ \r\n \r\n كان بامكان بوش ان يستبدل رامسفيلد بآخر على أساس ان سنه لم تعد تسمح له بالتحرك بحرية وهو البالغ من العمر (72 عاما) وبدل ذلك قرر بوش تجاهل وصمة العار التي ألحقها رامسفيلد بسمعة الولاياتالمتحدة‚ \r\n \r\n انه لأمر غريب وقرار اغرب ان يحتفظ بوش بوزير مثل رامسفيلد وهو الذي من المفترض انه اعيد انتخابه على أساس «قيمه الأخلاقية»‚ \r\n