\r\n وجوابي عن ذلك هو: نعم, مع الاسف الشديد. وهذا يعني ان المؤتمر الوطني العام للحزب الديمقراطي, الذي سيعقد في بوسطن في وقت لاحق من هذا الشهر, يعتبر امراً حزيناً بالنسبة لمعظم العراقيين, خاصة وان استطلاعات الرأي تشير باستمرار الى ان الغالبية تؤيد الانسحاب المبكر لهذه القوات. \r\n \r\n على ان كيري يتفق مع العراقيين على شيء واحد, وهو انه حتى العاشر من نيسان الماضي كان الغزو الامريكي للعراق ناجحاً, اذ تمت الاطاحة بنظام صدام حسين في غضون ثلاثة اسابيع, وبخسارة في الارواح قليلة نسبياً. ويمكن لهذا التعريف »قليل نسبياً ان يجري الاعتراض عليه, لكنه بوضع عدم شرعية الحرب جانباً, فإن اجمالي الخسائر البشرية كان اقل مما كان يخشاه العراقيون.. \r\n \r\n ومع ذلك, ومنذ ذاك التاريخ, فان دلالات الفشل والاخفاق تفوق النجاحات, ابتداءً من عدم جاهزية قوات الاحتلال للقضاء على موجات النهب المتوقعة, التي ادت الى التفاقم المتعاظم في انعدام الامن. ومنذ اعلان الرئيس بوش عن توقف العمليات القتالية الرئىسية , لقي 755 من القوات الامريكية مصرعهم, كما لاقى ستة الاف عراقي حتفهم, واعتقل عشرات الالوف منهم دون محاكمة شهوراً عديدة. وباستثناء الاكراد, فان الكثيرين من العراقيين, حتى اولئك الذين رحبوا بالغزو, قد غيروا رأيهم الى حد كبير. فهم يرفضون الاحتلال الان, رغم انه انتهى رسمياً, وما دام مشهد القوات الاجنبية ماثلاً في الشوارع, فذلك يؤدي الى استمرار الغضب. \r\n \r\n وسواء أكان قادة المقاومة من القوميين العلمانيين او الاسلاميين العراقيين, فان لحركة المقاومة موجات مد وجزر وما من دليل هناك يوحي بأنها في حالة تراجع وانحدار. والاسلاميون الاجانب, الذين يستخدمون اساليب ارهابية, انما ينفذون اعمالهم في العراق بطريقة لم تكن معهودة في ظل النظام السابق. وهكذا غدا الاحتلال الامريكي رحى الجذب اكثر منه رادعاً.. \r\n \r\n لقد حققت الولاياتالمتحدة بعض النجاح في جعل التعددية السياسية ممكنة في العراق, وفي اعداد الساحة لانتخابات تنافسية حقيقية ستجرى في كانون الثاني المقبل. فالحوار العام على صفحات العديد من الصحف العراقية, وفي برامج الاذاعة لم يسبق له مثيل, غير انه من السابق لاوانه التنبؤ بمدى حرية الحملة الانتخابية, وفيما اذا العنف والرعب والولاء العشائري ستشكل عواملاً قوية في التحكم بخيارات الناس. ومما لا شك فيه انه لم يحن الوقت للتكهن بالنتائج, حتى على اساس القاعدة الخام من العلمانية العريقة او الدينية المتعددة, وايهما سيبلي بلاءً احسن. \r\n \r\n وايا تكون الاحزاب او الشخصيات الفائزة, فانها ستطالب, على الارجح, بانسحاب القوات الامريكية متى ما اكتمل- وهذا هو المتغير الحاسم - بناء القوات العراقية. لكن طالما ان الوجود العسكري الامريكي يستثير المقاومة, كما انه يقمع قسماً منها, فهناك مرونة لا محدودة للتعامل مع اي رئيس امريكي. صحيح ان بامكان الرئيس ان يجادل بأن القوات العراقية ليست مهيأة بعد للاضطلاع بالامور, وانه برفضه الشروع في سحب القوات الامريكية على مراحل انما يبقي على حالة عدم الاستقرار, التي تجعل السياسيين المترددين الجبناء يتشبثون بالوجود الامريكي. وبناءً على هذا التحليل, ماذا سيفعل بوش ان فاز في الانتخابات لفترة ثانية? تجيب عن هذا السوال وجهة النظر التقليدية التي تقول انه واحد من اكثر الرؤساء المحدثين المدفوعين ايديولوجيا, بل وحتى دينياً, وهكذا سيواصل حربه الاستباقية على العراق وغيره. \r\n \r\n غير ان هناك احتمالاً اخر, وهو ان العراق شكل علامة بارزة طوال العام ونصف الماضي, وقد يختار تماما الاعلان عن النصر والانسحاب. ويعتبر اجراء الانتخابات العراقية في كانون الثاني المقبل المنفذ الملائم للهروب. ولعله سيعلن ويقول بأننا نقلنا العراق الى اول اقتراع ديمقراطي في تاريخه, وها نحن ننسحب الان في مدة زمنية من ثلاثة اشهر. وايا تكون الفوضى التي ستنشأ لاحقاًَ, فانه سيسوق الجدال بالقول ان ذلك لم يعد من مسؤولياته. فالولاياتالمتحدة اعطت للعراق حريته, وذلك يعني ان الحرية ترتكب اخطاء وبالمقارنة, يزداد ظهور كيري كمرشح ذي اجندة شمولية بعيدة المدى.. لكن هذه الاجندة لن تكون فجة كالتي دفع بها رسل بوش من المحافظين الجدد من اجل الخصخصة. ومع هذا فستكون اجندة شمولية متدثرة بالزي الكلاسيكي للحزب الديمقراطي, وهو نظرية التدخل المتعدد الاطراف. \r\n \r\n وفي خطاب تلو الاخر, وضع كيري الاسس العملية لتوسيع الوجود الامريكي واطالته في العراق. فقال متبجحاً في خطاب بث له على الراديو, يوم 17 نيسان, »يبدو على المتطرفين اعتدادهم وثقتهم بانفسهم,, وانهم تعهدوا باجلاء قواتنا من البلاد. لكننا لن نسمح لذلك ان يحدث«. ثم جاء في بيان رسالته: »لا يمكن ان يخطر على بالنا ان نتراجع بقواتنا في حال من الفوضى والاضطراب, ونترك وراءنا مجتمعاً غارقاً في الامتثال المر, وتحت هيمنة الراديكاليين«, التي اذيعت على موجات الاثير ذاتها. لكن السؤال الان: وماذا لو انتخب العراقيون راديكاليين في كانون الثاني? ألن يسمح لهم بتسلم السلطة. \r\n \r\n كما طرح كيري, في مدينة فولتون بولاية ميسوري, وحيث القى تشيرتشيل خطابه عن »الستارالحديدي«, رؤيته لارسال المزيد من القوات الامريكية . فقال بتاريخ 30 نيسان: »اذا اعتقد قادتنا العسكريون بانهم بحاجة الى المزيد من القوات الامريكية, فما عليهم الا ان ينطلقوا بذلك, وسينفذ طلبهم... غير ان المزيد من القوات الامريكية ليس هو الحل... وعلى قوات الاحتلال ان تسعى الى تنظيم التوسع في قوات الامن الدولية, ومن المفضل ان تكون من الناتو, شريطة ان تكون تحت القيادة الامريكية«. \r\n \r\n وفي مقالة نشرتها صحيفة الوشنطن بوست, يوم الاحد الماضي, هاجم كيري الرئيس بوش على غياب »خطة واقعية لديه لكسب السلام واعادة قواتنا الى بلادهم«. والسؤال هنا هو : هل لدى كيري خطة خاصة به لذلك? والجواب, لا! بل انه اوضح بأن القوات الاجنبية الموسعة سيستمر بقاؤها لسنوات عديدة. وقال كيري في هذا الصدد, »ان هدفنا يجب ان يتمثل في التزام الحلف بنشر جزء رئيسي من قوة حفظ السلام فيه, وسنكون بحاجة اليها لوقت طويل في المستقبل«. \r\n \r\n ومضى كيري يقول ان بامكان حشد الناتو للمساعدة في تحقيق الاستقرار في العراق. »وفي المنطقة ايضاً«. فهل هذا يعني ان عينه على ايران وسورية ايضا? لقد حذر في خطابه في فولتون من ان ثمن التقاعس عن العمل سيكون باهظاً.. واذ حاول تخويف حلفائه قال, وقد رفع درجة المخاطرة بأعلى مما فعل بوش, »ان الفشل في العراق, بالنسبة للاوروبيين, سيعرض تأمين حاجاتهم من النفط للخطر, وسيزيد من نسبة الراديكاليين بين المسلمين من سكان بلادهم, ويهدد بموجات من المهاجرين المقلقة, ويضع بذور مصدر جديد كبير للارهاب«. \r\n \r\n اما النظرة الى بوش كمنظر, والى كيري كواقعي, فهي في غاية البساطة. فكل منهما ينطوي على عناصر من كلا الجانبين. وقد يكون الحال بأن يعترف بوش, في حالة فوزه بفترة رئاسية ثانية, بثمن اخطاء فترته الاولى. اما كيري, وتحت تأثير الانبهار بالفوز فقد يكون اقل وضوحاً في الرؤية. \r\n \r\n ويؤيد زبيغنيو بروجيزينسكي, احد كبار الخبراء في الحزب الديمقراطي, الموقف الذي يطالب بانسحاب القوات الامريكية من العراق اواسط عام .2005 غير ان معظم المستشارين الملتفين حول كيري الان يعتبرون مبشرين لا يؤمنون بالحرب على الارهاب بقدر ايمانهم بالحرب على اخفاقات الدولة. فالدول الفاشلة, كما يقولون, تولد الارهاب. ولذا علينا معالجة المصدر. \r\n \r\n بيد ان هذه الالماحة اكثر خطورة, طالما ان عدد الدول المستهدفة, للبناء غير المطلوب للدولة القومية, اكبر. ولا تتمثل القضية هنا فيما اذا كان التدخل العسكري من جانب واحد, كما هي حال الرئيس بوش, او تدخل متعدد الاطراف, كما هي الحال عند كيري, بل في الاسباب التي لا تدعو أيا منهما يرى انها تسير بالامور نحو الاسوأ دائماً تقريباً.0 \r\n \r\n عن صحيفة الغارديان البريطانية