أتيحت لي فرصة الإستماع إلى المؤتمر الصحفي لجامعة الدول العربية الذي عقد في القاهرة يوم 12/11/2012 في أعقاب إختتام أجتماع وزراء خارجية الدول العربية. فقد كنت ضيف شبكة التلفزيون "روسيا اليوم" من العاصمة الأمريكية. وبدلا من إجراء المقابلة التي جئت من أجلها، وكانت حول موضوع سورية أيضا، طلب مني الإستماع للمؤتمر الصحفي والتعليق عليه. وتحدث الأمين العام للجامعة، نبيل العربي، فقال أن الجامعة رحبت بتشكيل الأئتلاف الوطني السوري المعارض ومنحته صفة الكيان الشرعي. ولكن الجامعة لم تصل إلى حد الإعتراف به إعترافا كاملا ولهذا سقطت جملة "الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري". السبب أن هناك عدة تيارات من المعارضة السورية رفضت الإنضمام إلى هذا الإئتلاف الجديد. بالإضافة إلى أن بعض الدول العربية رفضت التخلي كليا عن النظام السوري. ورغم أن إجتماع وزراء الخارجية العرب ناقش موضوعين آخرين، وهما فلسطين، وتوجه السلطة الفلسطينية للجمعية العامة للأمم المتحدة للإعتراف بدولة فلسطين عضوا غير كامل في الأممالمتحدة، وموضوع الهجوم الإسرائيلي على مخازن الأسلحة في السودان، إلا أنه كان من الواضح أن الإهتمام الأساسي هو الموضوع السوري. فقد وجد المجتمعون أنه من الضروري أن يذهب رئيس اللجنة الوزارية المعنية بالوضع في سورية والأمين العام لجامعة الدول العربية، إلى مجلس الأمن لطرح الموقف العربي حيال الوضع في سورية والمطالبة بتحرك عاجل للمجلس في هذا الشأن. وماذا طلب المجتمعون العرب من مجلس الأمن: "دعوة مجلس الأمن إلى إصدار قرار بالوقف الفوري لإطلاق النار بموجب البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة حتى يكون القرار ملزما لجميع الأطراف السورية". وهذه سخرية القدر، الأنظمة العربية تطلب تنفيذ البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة، الداعي إلى تدخل عسكري دولي، ضدّ دولة عربية. لقد أعلنت المعارضة الوطنية السورية في أكثر من مرة أنها تعارض أي تدخل أجنبي في الوضع السوري، ثم تأتي دولا عربية وتتوجه بهذا الطلب. ولا يستطيع الإنسان أن يفهم موقف الجامعة العربية، والتي وقفت مكتوفة الأيدي، عندما قامت إسرائيل بشن حرب غاشمة على قطاع غزة مما أثار غضب شعوب العالم، وهي تشاهد إسرائيل تستعمل كل الأسلحة المحرمة ضدّ شعب أعزل، تقتل الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، لقد كانت حرب إبادة. أليس هذا الموقف عار على الجامعة والقيادات العربية؟ فها هي إسرائيل مستمرة في هذه الأيام بقصف قطاع غزة يوميا، ولم يحرك هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم قادة الشعوب العربية، ساكنا. وقرر المجتمعون تزويد المعارضة السورية "بالمواد الغذائية وكل ما يسمح به القانون"، إلا أن رئيس وزراء قطر حمد بن جاسم أضاف قائلا وتزويدهم بمواد للدفاع عن النفس؟ وبماذا يدافع الإنسان عن نفسه؟ وكان هناك تخبط آخر، حيث أكد بيان الجامعة العربية: "دعمه الكامل لمهمة السيد الأخضر الإبراهيمي" وهو مرسل من جانب الأممالمتحدة في محاولة لحل الأزمة السورية. ولكن موقف الجامعة العربية، أي مطالبتها تطبيق البند السابع على الأزمة السورية تتناقض جذريا مع مهمة الأخضر الإبراهيمي. وبيان الجامعة العربية يشير إلى فشل في مواقفها، فبدلا من أن تعمل جاهدة على حل الأزمة السورية حلا سياسيا ودبلوماسيا عن طريق حوار يؤدي للسلام وإدخال إصلاحات، نرى بعض الدول العربية ترش المزيد من الوقود على النار الملتهبة، عن طريق إرسال مرتزقة تقاتل في سوريا وتزويدها بالسلاح والمال، وتحريضها على عدم قبول أي حل سوى إسقاط النظام. ويبدو أن الفشل وصل قمته بمطالبة تنفيذ البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة الشيء الذي يرفضه العالم. كما يرفض معه توسيع رقعة الحرب في منطقة الشرق الأوسط الإستراتيجية عالميا. إن بعض الدول الغربية وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة وفرنسا وإسرائيل تريد أن يستمر النزاع القائم، حتى تتمكن من تنفيذ مخططاتها، وكل من راقب تحركات وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، يستطيع أن يفهم أنها عراب هذه التحركات. ومع ذلك فقد فشلت فكرة إقامة تحالف معارض سوري تسطيع أمريكا وفرنسا الإعتراف به كممثل شرعي ووحيد للشعب السوري. وللأسف الشديد أن الدول الغربية وجدت بين الدول العربية دولا على استعداد للقيام بهذه المهمة المشينة، دولا يعتبرها بعض بأنها منفذة ل "صوت أسيادها" (هز ماستر فويس). ------------------------------------------------------------------------ * كاتب وصحافي فلسطيني يقيم في واشنطن. - [email protected]