أكدت مجلة «الإيكونومست» البريطانية إن هناك مبررات مفهومة كي تحظي جماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبر أقوي وأقدم جماعة إسلامية في مصر بالتعاطف الواسع، فهي قد نبذت العنف في فترة السبعينيات وتعلن الآن عن إيمانها بالحرية والديمقراطية وسيادة القانون. وأكدت المجلة في تقريرها تحت عنوان «سحق الإخوان المسلمين» أن هذا هو السبب في أن قليلاً جداً من المصريين يؤمنون بالموافقة عندما وبخ مبارك مؤخراً الإخوان بالقول بأنهم يختبئون وراء الدين كي يرجعوا عقارب الساعة إلي الوراء مشيراً إلي أن البعض أشاد بالإجراءات القمعية المشددة التي شهدتها الأشهر الأخيرة الماضية ضد الجماعة والتي أسفرت عن اعتقال 600 شخص. ورأت المجلة أن الحملة الحالية ضد الإخوان المسلمين جلبت للجماعة تعاطفاً علي نطاق واسع، مضيفة: «إلي جانب الاعتقالات الجماعية، شملت التدابير القمعية إحالة 40 من قيادات الإخوان للمحاكمة أمام المحاكم العسكرية وحظر السفر لعدد آخر من القيادات ومصادرة الأصول الخاصة والتحرش بالمدارس والمعسكرات والعيادات التابعة للإخوان. وقالت: «مثل هذا العقاب له عدة أسباب، موضحة أن البعض يستشهد في هذا الصدد بتراجع الضغط من أجل الإصلاح الديمقراطي من جانب حليف مصر الرئيسي ممثلاً في الولاياتالمتحدة إلي جانب المخاوف التي ولدها النجاح الانتخابي لجماعات في مناطق أخري مثل حركة حماس» وأشارت إلي عوامل أخري أكثر إلحاحاً مثل المخاوف الداخلية بشأن نية جماعة الإخوان المعلنة في تحدي الحظر الدستوري بإنشاء أحزاب سياسية علي أساس ديني وذلك من خلال إصدار برنامج حزبي متكامل لهم. ولفتت إلي أن النسخة المبدئية من البرنامج توحي بأن الجماعة ترغب في استغلال الغضب العام من اللامبالاة التي تظهرها الحكومة إزاء الأمراض الاجتماعية الكثيرة التي تعاني منها البلاد، وليس فقط في التحفظ الديني القوي والمتنامي في مصر. وأضافت المجلة أن هناك تفسيراً شائعاً للتضييق علي الإخوان المسلمين، والذي يتمثل في رغبة النظام الحاكم في تأمين قبضته علي القيادة حتى رحيل مبارك الذي حكم علي مدي 26 عاماً ماضية من عمره البالغ 79 عاماً. وأضافت أن هناك شائعة انتشرت منذ فترة طويلة بأنه يجري تمهيد الطريق أمام نجله جمال البالغ من العمر 44 عاماً كي يخلفه، في حين أن هناك كلاماً هامساً انتشر موخراً جداً بأن مبارك الأب، الذي قل ظهوره العام بشكل ملحوظ، مريض. وتصدت المجلة لتفسير ما سمته بالمأزق في الروايات المثارة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، قائلة إن هذه الانتهاكات لم يتم ارتكابها ضد الإسلاميين فحسب، ولكن تعرض لها عدد من المواطنين العاديين، مشيرة إلي أن هذا الاحتمال يبدو أقوي من كونه شائعة، ودللت علي ذلك بتقرير أصدرته المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بداية الشهر الماضي الذي رصد 567 حالة تعذيب علي أيدي الشرطة في ال 14 سنة الماضية والتي تعرضت فيها 167 ضحية من بينها للوفاة، منبهة إلي النتيجة التي خلصت إليها المنظمة بأن التعذيب تتم ممارسته في مصر علي نحو منهجي في كل مكان. وأكدت أن الشهر الماضي وحده شهد عدداً من المزاعم الصادمة التي انتشرت، مشيرة إلي أن احدي الأسر بمحافظة من محافظات الدلتا تدعي أن ابنها البالغ من العمر 13 عاماً تم تجويعه وعثر عليه مسجي علي وجهه في الشارع بعد قضائه أسبوعاً في أحد مراكز الشرطة وقد غطت جسده الحروق والجروح والكدمات، وتوفي بعدها بأربعة أيام. مضيفة: «يصر أحد المواطنين في واحة سيوة علي أن رجال الشرطة حاولوا إجباره علي الاعتراف بالسرقة ومن ثم سكبوا عليه الكيروسين وأشعلوا فيه النار في حين أن امرأة في الجيزة حاولت تأكيد اتهامات ضد رجل شرطة بقيامه بسرقة التليفون المحمول من زوجها وأن رفاقه من الضباط انتقموا منه حيث اندفعوا إلي شقته بالطابق الرابع وأوسعوه ضرباً حتي الموت ثم ألقوا به من النافذة، ولكن الشرطة تقول إنه هو الذي قفز». وقالت المجلة إن مصر واحدة من أكثر الدول من حيث الكثافة الأمنية، موضحة أن وزارة الداخلية توظف، حسب بعض التقديرات 1.4 مليون شرطي يعملون في الدوريات بأزيائهم الرسمية إلي جانب الضباط السريين «الأكثر قوة والأقل مسؤولية».