رأت مجلة "إيكونومست" البريطانية أن الاختلافات بين واشنطن والأنظمة العربية الحليفة بشأن الأجندة التي حملتها وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس ضمن جولتها الأخيرة في الشرق الأوسط إنما تخفي ورائها مساحة من الاتفاق. وسلطت المجلة الضوء على تلك المساحة من الاتفاق بالإشارة إلى مطالبة مصر على سبيل المثال لحركة حماس بضرورة الالتزام بشروط عدة مثل قبول تعهدات السلام على الجانب الفلسطيني والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود ونبذ اللجوء إلى العنف، وهذه هي نفسها المطالب الأمريكية. وأكدت المجلة في الوقت نفسه أن النظام المصري الذي فاجأته قوة جماعة الإخوان المسلمين خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة يرغب بشدة في تجميد التقدم السياسي للجماعات الإسلامية المثيلة لحماس. ورأت المجلة في تقرير لها تحت عنوان "مصر والأمريكيون والديمقراطية العربية.. من يعزل من" أن ما يخشاه المسئولون المصريون هو أن يسفر الضغط المبالغ فيه على حماس إلى دفع الحركة إلى مزيد من التطرف. كما أنهم بحسب ما ذكرت المجلة يريدون من الغرب، بدلا من إطلاق التهديدات إزاء حركة حماس، العمل على تقوية المؤسسات الفلسطينية التي لا تسيطر عليها حماس مثل مؤسسة الرئاسة التي يقودها محمود عباس وإعطاء الحركة الوقت لتبني موقفا أكثر واقعية وبعيدا عن أيدلوجية الحركة. وأشارت "إيكونوميست" إلى تصريحات وزير الخارجية أحمد أبو الغيط خلال لقائه الأخير مع كوندوليزا رايس والتي قال فيها: أنا موقن أن حماس سوف تتطور.. لا ينبغي أن علينا إصدار قرارات مسبقة بشأن المسألة. في السياق نفسه، أعربت المجلة البريطانية عن اعتقادها بأن أمريكا بدأت تخفف من حدة مطالبها بشأن الإصلاح الداخلي في مصر؛ مشيرة إلى أن وزيرة الخارجية الأمريكية ناشدت مصر خلال زيارتها في يونيو الماضي قيادة المنطقة إلى الديمقراطية ، فشهدت مصر فيما بعد انتخابات رئاسية وبرلمانية شابهما تزوير واسع النطاق ثم اعتقل المرشح المنافس للرئيس مبارك ، في إشارة للدكتور أيمن نور، كما تم تأجيل الانتخابات المحلية التي كان مقررا إجراؤها في أبريل، وتزايد الضغط على القضاة الذين احتجوا ضد تزوير الانتخابات في ظل قانون الطوارئ. ثم حاولت المجلة إثبات وجهة نظرها بالإشارة إلى أن إدارة بوش ردت على ذلك بتجميد المحادثات بين القاهرةوواشنطن حول اتفاق التجارة الحرة فيما أقنعت كوندوليزا رايس نفسها خلال زيارتها للقاهرة الأسبوع الماضي بالاكتفاء بالتعبير عن خيبة أملها إزاء الانتكاسات التي أصابت الإصلاح في مصر وقالت إن ذلك يأتي في سياق التقدم المتواصل والحوار الودي. واعتبرت "إيكونوميست" تراجع الإدارة الأمريكية عن مطالبها بشأن الإصلاح في مصر إنما يعود لخوف إدارة بوش من التضييق على نظام الرئيس مبارك عبر مغازلة الطرف الصاعد الذي لم يمنح الشرعية بعد، وذلك في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين، في الوقت الذي ترى فيه إدارة بوش أن الموقف في المنطقة خطير جدا في المدى القصير بما قد يضعف أصدقاء نافعين مثل مبارك.