توقعت مصادر مقربة أن جماعة الإخوان المسلمين قد تسعى لفرض مبدأ الأمر الواقع على وضعها التنظيمي الذي تحظره الدولة في ظل رفض الحكومة السماح لها بتأسيس حزب سياسي. وقد عاود عضو مكتب إرشاد الجماعة لاشين أبو شنب تكرار اعترافاته المفاجئة الثلاثاء أمام النيابة، والتي سبق أن أطلقها قبل أيام بأنه عضو بمكتب الإرشاد، وان هناك هيكلا تنظيميا ومكتبَ إرشاد ومجلس شورى للجماعة، وكذلك مكاتب ادارية؛ بما يعد مخالفة قانونية صريحة لقرار حل الجماعة الصادر عام 1954عقب حادث محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بحي المنشية بالإسكندرية. وبدا أن اعترافات لاشين الذي قبض عليه يوم الجمعة الماضي مع 16 من قيادات الجماعة في اجتماع تنظيمي رأسه الأمين العام للجماعة الدكتور محمود عزت لم تكن سقطة منه، وجاءت بشكل عشوائي كما ظن البعض. وقد فجر لاشين في اعترافاته الثانية الأربعاء مفاجأة أخرى، إذ اعترف بوجود التنظيم الدولي للجماعة في 75 دولة، وان كل تنظيم يعمل في بلده بشكل مستقل، غير انه نفى تلقي الجماعة لأية أموال من الخارج، وأكد أن الجماعة في مصر تنفق من جيوب أعضائها. من جانبه، نفى النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان، الدكتور محمد حبيب، أن تكون الجماعة تسعى لفرض أمر واقع على الدولة، وقال في معرض تعليقه على اعترافات أبو شنب، إن الجماعة لا يوجد لها توجه خاص وتعليمات محددة تمليها على من يتم القبض عليهم من أعضاء الجماعة، ولكن يترك الموقف لتقدير كل شخص واجتهاده وحسب ظروفه. وأكد حبيب أن الجماعة لا تريد أن تستفز أحدا أو يتم تصوير أي أمر على انه معركة مع طرف هنا أو هناك، مشيرا إلى أن المعارك القانونية معروفة قنواتها ومساراتها وقد سادت حالة من القلق داخل أوساط جماعة الإخوان المسلمين المحظورة قانونا جراء المفاجأة التي فجرها عضو مكتب إرشاد الجماعة لاشين أبوشنب خلال تحقيقات النيابة معه عندما اعترف رسميا بأنه عضو بمكتب الإرشاد في سابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخ الجماعة التي اعتاد قادتها على نفي أي وضع تنظيمي والتأكيد أنهم يحملون فقط فكر الجماعة من دون أن يكون لذلك ارتباط تنظيمي. وعلى الفور قامت الجماعة بإرسال محاميها عبد المنعم عبد المقصود إلى محافظة كفر الشيخ لحضور التحقيقات مع أبوشنب 80 عاما المصاب بشلل نصفي والذي يخضع لرعاية طبية بمستشفى كفر الشيخ منذ اعتقاله ضمن 17 من قيادات الجماعة، في محاولة من جانب الجماعة لاستيضاح الموقف الذي بدا غريبا على حد وصف احد قيادات الجماعة وتحفظت جماعة الإخوان في إعطاء أية تصريحات حول هذا الموقف الذي يطرح الكثير من التكهنات حول وضع الجماعة وموقف الدولة منها خاصة ان هناك تفسيرات تشير إلى إن هذا الموقف يعرض جميع قيادات الجماعة وعلى رأسهم المرشد العام مهدي عاكف للمساءلة القانونية لان هذا الوضع يوحي بجريمة جنائية، إذ أن الاعتراف بوضع وهيكل تنظيمي يعد مخالفة صريحة لقرار حل الجماعة الذي أصدره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عقب محاولة اغتياله في حي المنشية بالإسكندرية عام 54 والذي اتهمت فيه جماعة الإخوان. وعلى الرغم من أن جميع أعضاء مكتب الإرشاد معروفون للعامة ويمارسون نشاطا سياسيا وللجماعة مقر معروف أيضا بحي الروضة في القاهرة، إلا أن قصة الاعتراف بوضع تنظيمي غير مسبوقة، حيث تتعامل الدولة مع أعضاء الجماعة على أنهم مستقلون بدليل أن أعضاءها خاضوا انتخابات البرلمان على هذا النحو، وترفض الدولة أية صفة لهم بخلاف ذلك. وحول التفسيرات القانونية لهذا الموقف قال أستاذ القانون الدستوري الدكتور عاطف البنا انه لا يوجد حكم قضائي بحل الجماعة وإنما كان هناك قرار صدر من الحكومة بحل الجماعة وتم الطعن عليه من جانب الجماعة أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة وتم رفض الدعوى لعدم وجود قرار إداري حيث لم تستطع هيئة قضايا الدولة ممثلة الحكومة آنذاك تقديم صورة من قرار الحل لافتا إلى أن الموقف كان اعتراضا من الحكومة بوجود الجماعة وان الرئيس الراحل انور السادات اعترف فيما بعد بوجود الجماعة وتعامل معهم على الملأ. وعلى العكس من ذلك يرى أستاذ القانون بجامعة عين شمس الدكتور إبراهيم نايل أن اعتراف عضو مكتب إرشاد الجماعة يعد تأكيدا على وجودها بالشكل التنظيمي بما يخالف قرار الحل ويجيز القبض على كل من وردت أسماؤهم خلال تحقيقات النيابة. من جانبه قال خبير الجماعات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ضياء رشوان إن هذا الموقف يحيط به الكثير من التفسيرات منها غير المتوقع أيضا بأن الجماعة قد تكون قصدت حدوث ذلك وان حدوث هذا الموقف قد يكون جزءا من تحرك عام تسعى الجماعة عبره لفرض أمر واقع . وقد تقدم النائبان السيد عسكر وعلي لبن عضوا الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بمجلس الشعب بسؤالين إلى كل من وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي ووزير الصحة حاتم الجبلي، والدكتور أحمد فتحي سرور رئيس البرلمان حول دواعي اعتقال لاشين أبو شنب عضو البرلمان السابق وعضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين خاصةً مع تخطيه الثمانين من عمره وتدهور حالته الصحية بسبب إصابته بشللٍ نصفي. واعتبر النائب الأول للمرشد العام للجماعة الدكتور محمد حبيب أن الحكومة تسعي لإرباك الإخوان وتحجيم تحركهم وإثنائهم عن عزمهم المطالبة بالإصلاح بتوجيه ضربة موجعة للجماعة بالقبض على عناصر مفصلية لدفعها لتقليص تحركاتها وخفض صوتها كما تعهدت جماعة الإخوان المسلمين في بيان لها بمواصلة تحركاتها الرامية إلى الإصلاح رغم المرارات على حد قول البيان مشيرة في أول رد فعل من جانبها على توقيف أمينها العام أول ، إلى أنه إذا كان المقصود هو ثني نوابها في البرلمان عن القيام بواجبهم فإنهم سيستمرون في أداء مهامهم النيابية باعتبارها واجبا شرعيا فيما بدأت نيابة أمن الدولة العليا تحقيقاتها مع 17 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين على رأسهم أمين عام الجماعة الدكتور محمود عزت وعضو مكتب الإرشاد لاشين أبو شنب بعد يوم واحد من القبض عليهم في اجتماع تنظيمي عقد بمنزل القيادي الاخواني أسامة الحسيني بإحدى قرى مركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ. وقالت جماعة الإخوان إن سلطات الأمن حاصرت المنزل الذي كان يجتمع فيه قيادات الجماعة ثم داهمت منازل باقي أعضاء المجموعة المقبوض عليهم كل على حدة وتحفظت على أجهزة الكمبيوتر وبعض الأوراق الشخصية والتنظيمية. وفيما أبدت الجماعة تخوفها على حياة القيادي لاشين أبو شنب بسبب حالته الصحية لإصابته بشلل نصفي فضلا عن كبر سنه حيث أنه في الثمانين من عمره اتهم بيان الجماعة الحكومة بإجهاض آمال المصريين في الإصلاح والتغيير ومحاولة التغطية على الفسادِ الذي كان آخره كارثة قطار قليوب التي راح ضحيتها عشرات القتلى ومئات الجرحى من الفقراء والكادحين، على حد قول البيان. مشيرة إلى أن اعتقال ما يزيد على عشرين ألفاً من أفراد الجماعة في السنوات العشر الماضية لم يؤد إلى انصراف المواطنين عن دعم وتأييد الإخوان المسلمين. وأكد البيان استمرار تحرك الجماعة قائلا رغم الجراح والمرارة فإننا لن نمل ولن نتوقف عن دعوة الحكام لإعادة حساباتهم واتقاء ربهم والعودة إلى أحضانِ شعوبهم وانتهاجِ منهج الإصلاح والتغيير والحرية والاستقلال، والإقلاع عن الظلم. في غضون ذلك قررت محكمة جنايات شمال الجيزة الإفراج عن 11 من قيادات الإخوان المسلمين اعتقلوا منذ أكثر من خمسة أشهر، من بينهم الدكتور حلمي الجزار مسئول الإخوان بمحافظة الجيزة.