اعتبر الكاتب الصحفي البريطاني روبرت فيسك أن الحملة الدموية التي يشنها النظام السوري حاليا على المتظاهرين تشبه أحداث حماة في عام 1982 ضد الإخوان المسلمين والتي قتل فيها نحو عشرة آلاف شخص. وقال فيسك - في سياق تقرير بثته صحيفة "الإندبندنت" اليوم "الأربعاء" على موقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت - إنه بالعودة إلى شهر فبراير من عام 1982 نتذكر اجتياح جيش الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد للمدن القديمة لإنهاء انتفاضة إسلامية حيث قتل عشرة آلاف شخص مابين رجال ونساء وأطفال حتى وصل عدد القتلى في بعض التقديرات إلى 20 ألف شخص، مشيرا إلى أن معظم ضحايا هذه الحملة كانوا من جماعة الإخوان المسلمين.
وأشار الكاتب البريطاني إلى أن كل القتلى تقريبا كانوا من المسلمين السنة على الرغم من أن أعضاء كبار في حزب البعث ممن كانوا يحملون بطاقات هوية تدل على أنهم من مواطني حماة كان يتم إعدامهم..وهي المذبحة التي قال بشأنها الرئيس السوري الراحل " الموت ألف مرة للاخوان المسلمين المأجورين الذي ربطوا أنفسهم بأعداء سوريا".
ورأى فيسك أن هذا الموقف مشابه لما حدث يوم أمس عندما اجتاح 500 فرد من القوات المدنية مما أسفر عن جرح عشرين شخصا على الأقل بعد أن أطلقت القوات النيران، إلا أنه أشار إلى أن هذه المرة ليست انتفاضة إسلامية ففي عام 1982 كان المتمردون يقتلون عائلات أعضاء حزب البعث بيد أنه يبدو أن اسم المدينة ارتبط بجرس حصيلة القتلى في تاريخ حكم عائلة الأسد.
وفي مقارنة للوضع حاليا بتلك الأيام قال فيسك: "إن حافظ الأسد كان يترك الصحافة تدخل إلى دمشق حيث تمكنت من قيادة سيارتي لمشاهدة الأصدقاء في حلب والعودة عن طريق حماة إلا أن هذه المرة النظام أغلق ببساطة الحدود في أوجه كل الصحفيين تقريبا".
وأوضح فيسك أنه في عام 1982 لم يكن هناك مواقع التواصل الاجتماعي "يوتيوب" أو "تويتر" ولا حتى الهواتف الخلوية، فلم يتم نشر صورة واحدة للقتلى.
واعتبر الكاتب البريطاني أنه على الرغم من أن النظام السوري يستخدم حاليا دبابات تبدو على أنها جديدة مستوردة من روسيا، فإن المشكلة هي أن تكنولوجيا الشعب جديدة أيضا.
جرائم بشعة بسوريا إلى ذلك، أصدرت منظمة العفو الدولية اليوم تقرير جديد لها أن الأساليب الوحشية التي استخدمت خلال العملية الأمنية التي نفذتها القوات السورية في مدينة تلكلخ الواقعة في غرب سوريا ربما تشكل جرائم ضد الإنسانية.
تقرير يوثِّق حالات الوفاة في الحجز وعمليات التعذيب والاعتقالات التعسفيه التي وقعت في مايو عندما شنَ الجيش السوري وقوات الأمن فى اوسع انتشار أمنى استمر ما يقرب من أسبوع ضد سكان البلدة الواقعة بالقرب من الحدود اللبنانية مما أثار الرعب فى تلكلخ .حيث قُتل في اليوم الأول شخص واحد على الأقل، وهو علي الباشا، البالغ من العمر 24 عاماً، على أيدي القناصة على ما يبدو، وتعرضت سيارة الإسعاف التي نقلته لإطلاق النار، وعندما حاول العديد من السكان مغادرة البلدة، أطلقت القوات السورية النار على العائلات الفارَّة.
وشهدت الأيام التالية تجميع واعتقال لعشرات الأشخاص من الذكور، بينهم رجال يناهزون الستين من العمر، وصبيان دون سن الثامنة عشرة، وقالت كل عائلة من عائلات تلكلخ التي قابلها مندوبو منظمة العفو الدولية إن واحداً على الأقل من أبنائها قيد الاعتقال.
وذكرت أنباء أن معظم المعتقلين خضعوا للتعذيب، بينهم أشخاص تعرضوا للتعذيب عند إلقاء القبض عليهم. ففي إحدى الحالات، قام الجنود بإحصاء عدد المعتقلين الذين ينقلونهم بغرز لفافات التبغ المشتعلة في أعناقهم من الخلف .
وكشف معتقلون ل "منظمة العفو الدولية" إن الأمن العسكري، وهو أحد قوات الأمن التي قامت باعتقال أشخاص، استخدم أسلوب " الشبْح"، حيث يُرغم المعتقل على اتخاذ وضع جسدي قاس لفترات طويلة ويتعرض للضرب، وفي هذه الحالة بتقييدهم من الرسغين بقضيب مرتفع عن الأرض بمقدار يُجبر المعتقل على الوقوف على رؤوس أصابع قدميه.
فقد قال " محمود"، البالغ من العمر 20 عاماً، والذي قُبض عليه في 16 مايو وأُطلق سراحه بعد قضاء حوالي شهر رهن الاعتقال، إنه احتُجز لمدة خمسة أيام تقريباً في معتقل الأمن العسكري بحمص، ووصف ما تعرض له هناك في كل يوم تتكرر القصة نفسها.قائلا :" يقيَّدوني في وضعية "الشبْح" وصعقونى بالكهرباء على جسدى وخصيتى ، وكنت أصرخ بصوت عال جداً في بعض الأحيان وأتوسل إلى المحقق أن يتوقف، ولكنه لم يهتموا.
وهناك ما لا يقل عن تسعة أشخاص قضوا نحبهم في الحجز بعد القبض عليهم أثناء العملية الأمنية في "تلكلخ"، بحسب شهود عيان وقد أُطلقت النار على ثمانية من أولئك الرجال الذين كان بعضهم من الناشطين فى المظاهرات وأصيبوا بجروح عندما أمروا بالخروج من المنازل ثم إقتادهم الجنود بعيدا .وبعد نحو أسبوعين فقط، طُلب من أقربائهم الذهاب إلى مستشفى عسكري للتعرف على جثث الرجال الثمانية، وقال شهود عيان إنهم رأوا على أجسادهم أثاراً تدلُّ على تعرضهم للتعذيب، ومنها جروح في صدورهم، وشقوق عمودية طويلة في أفخاذهم، وإصابات في أرجلهم من الخلف، ناجمة عن إطلاق الرصاص عليهم على ما يبدو.
وقام طبيب شرعي عمل مع منظمة العفو الدولية، بتحليل صورة لأحد الرجال، وهو عبدالرحمن أبو لبدة، وتوصل إلى نتيجة مفادها أن الرجل تعرض لإصابات شديدة العنف والقسوة في الوجه والكتفين والعنق عندما كان على قيد الحياة.
وقال بعض أفراد العائلات الذين ذهبوا للتعرف على جثث أبنائهم إنهم أُرغموا على توقيع وثيقة تقول إن أبناءهم قُتلوا على أيدي العصابات المسلحة.