أعرب الكاتب العالمي الأشهر روبرت فيسك عن صدمته إزاء الطريقة التي تعامل بها مبارك مع ثورة الشباب في مصر، والتي انتهت بخلعه في ظروف مأساوية لحاكم في مثل سنه. وفي تحليل نشره فيسك في صحيفة »اندبندنت« كبري الصحف البريطانية قال فيسك إن سر صدمته هي أن مبارك ببساطة لم يتعلم الدرس من سقوط ديكتاتور آخر هو الرئيس التونسي زين العابدين بن علي.وأوضح فيسك أنه ومن خلال معايشته، وعلي مدي ثلاثة أسابيع، للثورة المصرية كان يشعر باستغراب بالغ لا يثير الحيرة، بل الصدمة لاستخدام مبارك نفس تكتيكات التونسي المخلوع بن علي، أو بمعني آخر أكثر دقة أساليبه الوحشية في قمع المتظاهرين، والتي كانت سببا في الاطاحة به. وقال فيسك إن مبارك ليس وحده الذي لم يتعلم الدرس، ودفع الثمن غاليا، وإنما وكما أري الآن الرؤساء والزعماء العرب الذين خرجت شعوبهم بعد الثورة المصرية للمطالبة بالتغيير، حيث يكررون أخطاء مبارك من خلال اتباعهم نفس تكتيكاته »أساليبه الوحشية«، ويبدو أنهم لم يفهموا الرسالة بعد! وأوضح الكاتب البريطاني الكبير انه من خلال نيلي شرف الوقوف مع الشباب المصري الذي يحارب الدولة البوليسية بالقاهرة كان بمقدوري أن أكون شاهد عيان علي تكتيكات مبارك التي انتهت بسقوطه. فقد دفع نظامه في البداية بقوات الشرطة بزيها الرسمي لقمع وانهاء ثورة المتظاهرين، ثم جرت عملية سحب هذه القوات والسماح للبلطجية ورجال بوليس سابقين ومدمني مخدرات وسجناء ومجرمين لمهاجمة المتظاهرين وضربهم، ثم تتدخل الشرطة بزيها الرسمي لسحب هؤلاء البلطجية الذين دفعت بهم، وبدء إطلاق آلاف القنابل المسيلة للدموع علي المتظاهرين. ورغم ضراوة ما تعرض له المتظاهرون المصريون إلا أنهم استطاعوا في النهاية اجتياح الدولة البوليسية واسقاط نظامها ومعه المافيا التي استعان بها! ويقول فيسك انه بمجرد سقوط النظام في مصر، عاد ليتابع علي شاشات التليفزيون النظام العربي الذي حان عليه الدور بعد مصر، فوجد المظاهرات تجتاح شوارع اليمن، ثم الجزائر ثم البحرين. ويعرب فيسك عن دهشته للجوء الأنظمة في هذه الدول من جديد لنفس تكتيكات مبارك ومن قبله بن علي في تونس. وقال فيسك إن الأنظمة العربية كانت فيما مضي تعتمد علي اجهزة مخابراتها في استكشاف الجماعات المناوئة لها ثم الدفع بقوات مدججة بالسلاح للقضاء عليها في عمليات وحشية كانت تصل أحيانا لدرجة تنفيذ مجزرة دموية كما فعل الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد مع انتفاضة الجماعات الإسلامية في »حماة« عام 2891. وكان هذا التكتيك القديم يعتمد علي ارهاب الشعوب حيث كان يعتمد علي سيناريو يقرأ: أدخل المكان.. نفذ المذبحة.. دمر المدينة.. أترك الجثث الأبرياء حتي يراها الأحياء، حتي لا يفكروا في السير علي دربهم، ومناوئة للنظام. وقال فيسك إن العالم العربي قد تحول علي مدي عقود إلي جامعة مفتوحة للتعذيب، ومؤتمرات استجواب واحتجاز في حالة انعقاد دائم! وأنهي فيسك مقاله بقوله: »لقد اعتقد مبارك ليلة خلعه ان شعبه لايزال أمامه خمسة أشهر من المعاناة تحت حكمه، ومن الواضح أن بن علي كان لديه نفس هذا الاعتقاد«!!